أقرأ أيضاً
التاريخ: 2024-05-26
![]()
التاريخ: 2-06-2015
![]()
التاريخ: 2024-05-26
![]()
التاريخ: 10-10-2014
![]() |
من قصة النبي موسى وفرعون
قال تعالى : {وَإِذْ نادى رَبُّكَ مُوسى أَنِ ائْتِ الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ ( 10 ) قَوْمَ فِرْعَوْنَ أَ لا يَتَّقُونَ ( 11 ) قالَ رَبِّ إِنِّي أَخافُ أَنْ يُكَذِّبُونِ ( 12 ) وَيَضِيقُ صَدْرِي وَلا يَنْطَلِقُ لِسانِي فَأَرْسِلْ إِلى هارُونَ ( 13 ) وَلَهُمْ عَلَيَّ ذَنْبٌ فَأَخافُ أَنْ يَقْتُلُونِ ( 14 )قالَ كَلاَّ فَاذْهَبا بِآياتِنا إِنَّا مَعَكُمْ مُسْتَمِعُونَ ( 15 ) فَأْتِيا فِرْعَوْنَ فَقُولا إِنَّا رَسُولُ رَبِّ الْعالَمِينَ ( 16 ) أَنْ أَرْسِلْ مَعَنا بَنِي إِسْرائِيلَ ( 17 ) قالَ أَ لَمْ نُرَبِّكَ فِينا وَلِيداً وَلَبِثْتَ فِينا مِنْ عُمُرِكَ سِنِينَ ( 18 ) وَفَعَلْتَ فَعْلَتَكَ الَّتِي فَعَلْتَ وَأَنْتَ مِنَ الْكافِرِينَ ( 19 )قالَ فَعَلْتُها إِذاً وَأَنَا مِنَ الضَّالِّينَ ( 20 ) فَفَرَرْتُ مِنْكُمْ لَمَّا خِفْتُكُمْ فَوَهَبَ لِي رَبِّي حُكْماً وَجَعَلَنِي مِنَ الْمُرْسَلِينَ ( 21 ) وَتِلْكَ نِعْمَةٌ تَمُنُّها عَلَيَّ أَنْ عَبَّدْتَ بَنِي إِسْرائِيلَ ( 22 ) قالَ فِرْعَوْنُ وَما رَبُّ الْعالَمِينَ ( 23 ) قالَ رَبُّ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَما بَيْنَهُمَا إِنْ كُنْتُمْ مُوقِنِينَ ( 24 )قالَ لِمَنْ حَوْلَهُ أَ لا تَسْتَمِعُونَ ( 25 ) قالَ رَبُّكُمْ وَرَبُّ آبائِكُمُ الْأَوَّلِينَ ( 26 ) قالَ إِنَّ رَسُولَكُمُ الَّذِي أُرْسِلَ إِلَيْكُمْ لَمَجْنُونٌ ( 27 ) قالَ رَبُّ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ وَما بَيْنَهُما إِنْ كُنْتُمْ تَعْقِلُونَ ( 28 ) قالَ لَئِنِ اتَّخَذْتَ إِلهَاً غَيْرِي لَأَجْعَلَنَّكَ مِنَ الْمَسْجُونِينَ ( 29 )
قالَ أَ وَلَوْ جِئْتُكَ بِشَيْءٍ مُبِينٍ ( 30 ) قالَ فَأْتِ بِهِ إِنْ كُنْتَ مِنَ الصَّادِقِينَ ( 31 ) فَأَلْقى عَصاهُ فَإِذا هِيَ ثُعْبانٌ مُبِينٌ ( 32 ) وَنَزَعَ يَدَهُ فَإِذا هِيَ بَيْضاءُ لِلنَّاظِرِينَ ( 33 ) قالَ لِلْمَلَإِ حَوْلَهُ إِنَّ هذا لَساحِرٌ عَلِيمٌ ( 34 ) يُرِيدُ أَنْ يُخْرِجَكُمْ مِنْ أَرْضِكُمْ بِسِحْرِهِ فَما ذا تَأْمُرُونَ ( 35 ) قالُوا أَرْجِهْ وَأَخاهُ وَابْعَثْ فِي الْمَدائِنِ حاشِرِينَ ( 36 ) يَأْتُوكَ بِكُلِّ سَحَّارٍ عَلِيمٍ ( 37 ) فَجُمِعَ السَّحَرَةُ لِمِيقاتِ يَوْمٍ مَعْلُومٍ ( 38 ) وَقِيلَ لِلنَّاسِ هَلْ أَنْتُمْ مُجْتَمِعُونَ ( 39 ) لَعَلَّنا نَتَّبِعُ السَّحَرَةَ إِنْ كانُوا هُمُ الْغالِبِينَ ( 40 ) فَلَمَّا جاءَ السَّحَرَةُ قالُوا لِفِرْعَوْنَ أَ إِنَّ لَنا لَأَجْراً إِنْ كُنَّا نَحْنُ الْغالِبِينَ ( 41 ) قالَ نَعَمْ وَإِنَّكُمْ إِذاً لَمِنَ الْمُقَرَّبِينَ ( 42 ) قالَ لَهُمْ مُوسى أَلْقُوا ما أَنْتُمْ مُلْقُونَ ( 43 ) فَأَلْقَوْا حِبالَهُمْ وَعِصِيَّهُمْ وَقالُوا بِعِزَّةِ فِرْعَوْنَ إِنَّا لَنَحْنُ الْغالِبُونَ ( 44 ) فَأَلْقى مُوسى عَصاهُ فَإِذا هِيَ تَلْقَفُ ما يَأْفِكُونَ ( 45 ) فَأُلْقِيَ السَّحَرَةُ ساجِدِينَ ( 46 ) قالُوا آمَنَّا بِرَبِّ الْعالَمِينَ ( 47 ) رَبِّ مُوسى وَهارُونَ ( 48 ) قالَ آمَنْتُمْ لَهُ قَبْلَ أَنْ آذَنَ لَكُمْ إِنَّهُ لَكَبِيرُكُمُ الَّذِي عَلَّمَكُمُ السِّحْرَ فَلَسَوْفَ تَعْلَمُونَ لَأُقَطِّعَنَّ أَيْدِيَكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ مِنْ خِلافٍ وَلَأُصَلِّبَنَّكُمْ أَجْمَعِينَ ( 49 )
قالُوا لا ضَيْرَ إِنَّا إِلى رَبِّنا مُنْقَلِبُونَ ( 50 ) إِنَّا نَطْمَعُ أَنْ يَغْفِرَ لَنا رَبُّنا خَطايانا أَنْ كُنَّا أَوَّلَ الْمُؤْمِنِينَ ( 51 ) وَأَوْحَيْنا إِلى مُوسى أَنْ أَسْرِ بِعِبادِي إِنَّكُمْ مُتَّبَعُونَ ( 52 ) فَأَرْسَلَ فِرْعَوْنُ فِي الْمَدائِنِ حاشِرِينَ ( 53 ) إِنَّ هؤُلاءِ لَشِرْذِمَةٌ قَلِيلُونَ ( 54 ) وَإِنَّهُمْ لَنا لَغائِظُونَ ( 55 ) وَإِنَّا لَجَمِيعٌ حاذِرُونَ ( 56 ) فَأَخْرَجْناهُمْ مِنْ جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ ( 57 ) وَكُنُوزٍ وَمَقامٍ كَرِيمٍ ( 58 ) كَذلِكَ وَأَوْرَثْناها بَنِي إِسْرائِيلَ ( 59 ) فَأَتْبَعُوهُمْ مُشْرِقِينَ ( 60 ) فَلَمَّا تَراءَا الْجَمْعانِ قالَ أَصْحابُ مُوسى إِنَّا لَمُدْرَكُونَ ( 61 ) قالَ كَلاَّ إِنَّ مَعِي رَبِّي سَيَهْدِينِ ( 62 ) فَأَوْحَيْنا إِلى مُوسى أَنِ اضْرِبْ بِعَصاكَ الْبَحْرَ فَانْفَلَقَ فَكانَ كُلُّ فِرْقٍ كَالطَّوْدِ الْعَظِيمِ }[ سورة الشعراء : 10 - 63 ] ؟ !
قال أبو عبد اللّه عليه السّلام : « لما بعث اللّه موسى عليه السّلام إلى فرعون أتى بابه ، فاستأذن عليه ، فلم يأذن له ، فضرب بعصاه الباب ، فاصطكّت الأبواب ففتحت ، ثم دخل على فرعون ، فأخبره أنه رسول اللّه ، وسأله أن يرسل معه بني إسرائيل . فقال له فرعون ، كما حكى اللّه : أَ لَمْ نُرَبِّكَ فِينا وَلِيداً وَلَبِثْتَ فِينا مِنْ عُمُرِكَ سِنِينَ وَفَعَلْتَ فَعْلَتَكَ الَّتِي فَعَلْتَ أي قتلت الرجل وَأَنْتَ مِنَ الْكافِرِينَ يعني كفرت نعمتي . قال موسى ، كما حكى اللّه :{فَعَلْتُها إِذاً وَأَنَا مِنَ الضَّالِّينَ }.
- قال علي بن محمد بن الجهم : حضرت مجلس المأمون ، وذكر الحديث في عصمة الأنبياء ، من سؤال المأمون للرضا عليه السّلام ، فكان فيما سأله : فما معنى قول موسى لفرعون : فَعَلْتُها إِذاً وَأَنَا مِنَ الضَّالِّينَ ؟ .
قال الرضا عليه السّلام : « إنّ فرعون قال لموسى عليه السّلام لمّا أتاه : وَفَعَلْتَ فَعْلَتَكَ الَّتِي فَعَلْتَ وَأَنْتَ مِنَ الْكافِرِينَ بي قال موسى : فَعَلْتُها إِذاً وَأَنَا مِنَ الضَّالِّينَ عن الطريق ، بوقوعي إلى مدينة من مدائنك فَفَرَرْتُ مِنْكُمْ لَمَّا خِفْتُكُمْ فَوَهَبَ لِي رَبِّي حُكْماً وَجَعَلَنِي مِنَ الْمُرْسَلِينَ وقد قال اللّه تعالى لنبيّه محمد صلّى اللّه عليه وآله وسلّم : {أَلَمْ يَجِدْكَ يَتِيمًا فَآوَى} [الضحى : 6] .
يقول ألم يجدك وحيدا فأوى إليك الناس ؟ {وَوَجَدَكَ ضَالًّا } [الضحى : 7] يعني عند قومك فَهَدى {فَهَدَى} [الضحى: 7] أي هداهم إلى معرفتك . {وَوَجَدَكَ عَائِلًا فَأَغْنَى} [الضحى: 8] يقول : أغناك بأن جعل دعاءك مستجابا » .
فقال المأمون : بارك اللّه فيك ، يا بن رسول اللّه « 1 » .
فَفَرَرْتُ مِنْكُمْ لَمَّا خِفْتُكُمْ إلى قوله تعالى : أَنْ عَبَّدْتَ بَنِي إِسْرائِيلَ فقالَ فِرْعَوْنُ وَما رَبُّ الْعالَمِينَ ؟ وإنّما سأله عن كيفيّة اللّه ، فقال موسى : رَبُّ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَما بَيْنَهُمَا إِنْ كُنْتُمْ مُوقِنِينَ ، فقال فرعون - متعجّبا - لأصحابه : أَلا تَسْتَمِعُونَ أسأله عن الكيفيّة ، فيجيبني عن الصّفات ؟ !
فقال موسى : رَبُّكُمْ وَرَبُّ آبائِكُمُ الْأَوَّلِينَ قال فرعون لأصحابه : اسمعوا ، قال : ربّكم وربّ آبائكم الأولين !
ثم قال لموسى : لَئِنِ اتَّخَذْتَ إِلهَاً غَيْرِي لَأَجْعَلَنَّكَ مِنَ الْمَسْجُونِينَ
قال موسى : أَوَلَوْ جِئْتُكَ بِشَيْءٍ مُبِينٍ .
قال فرعون : فَأْتِ بِهِ إِنْ كُنْتَ مِنَ الصَّادِقِينَ فَأَلْقى عَصاهُ فَإِذا هِيَ ثُعْبانٌ مُبِينٌ فلم يبق أحد من جلساء فرعون إلا هرب ، ودخل فرعون من الرّعب ما لم يملك به نفسه ، فقال فرعون : نشدتك باللّه ، وبالرّضاع ، إلا ما كففتها عنّي ، فكفّها ، ثم نَزَعَ يَدَهُ ، فَإِذا هِيَ بَيْضاءُ لِلنَّاظِرِينَ ، فلمّا أخذ موسى العصا رجعت إلى فرعون نفسه ، وهمّ بتصديقه ، فقام إليه هامان ، فقال له : بينما أنت إله تعبد ، إذ صرت تابعا لعبد !
ثم قال فرعون للملأ الذين حوله : إِنَّ هذا لَساحِرٌ عَلِيمٌ يُرِيدُ أَنْ يُخْرِجَكُمْ مِنْ أَرْضِكُمْ بِسِحْرِهِ فَما ذا تَأْمُرُونَ إلى قوله : لِمِيقاتِ يَوْمٍ مَعْلُومٍ . وكان فرعون وهامان قد تعلّما السّحر ، وإنما غلبا الناس بالسحر ، وادّعى فرعون الربوبيّة بالسّحر ، فلما أصبح بعث فِي الْمَدائِنِ حاشِرِينَ ، مدائن مصر كلّها ، وجمعوا ألف ساحر ، واختاروا من الألف مائة ، ومن المائة ثمانين ، فقال السحرة لفرعون : قد علمت أنّه ليس في الدنيا أسحر منا ، فإن غلبنا موسى فما يكون لنا عندك ؟ قال : إِنَّكُمْ إِذاً لَمِنَ الْمُقَرَّبِينَ عندي ، أشارككم في ملكي . قالوا : فإن غلبنا موسى ، وأبطل سحرنا ، علمنا أن ما جاء به ليس من قبل السحر ، ولا من قبل الحيلة ، وآمنّا به ، وصدّقناه . فقال فرعون : إن غلبكم موسى ، صدّقته أنا أيضا معكم ، ولكن أجمعوا كيدكم ، أي حيلتكم » .
قال : « وكان موعدهم يوم عيد لهم ، فلمّا ارتفع النهار من ذلك اليوم ، جمع فرعون الخلق ، والسحرة ، وكانت له قبة طولها في السّماء ثمانون ذراعا ، وقد كانت كسيت بالحديد والفولاذ المصقول ، فكانت إذا وقعت الشمس عليها ، لم يقدر أحد أن ينظر إليها ، من لمع الحديد ، ووهج الشمس ، وجاء فرعون وهامان ، وقعدا عليها ينظران ، وأقبل موسى ينظر إلى السّماء ، فقالت السحرة لفرعون : إنا نرى رجلا ينظر إلى السماء ، ولن يبلغ سحرنا إلى السماء ، وضمنت السحرة من في الأرض .
فقالوا لموسى : {إِمَّا أَنْ تُلْقِيَ وَإِمَّا أَنْ نَكُونَ نَحْنُ الْمُلْقِينَ} [الأعراف : 115] قال لهم موسى : أَلْقُوا ما أَنْتُمْ مُلْقُونَ فَأَلْقَوْا حِبالَهُمْ وَعِصِيَّهُمْ فأقبلت تضطرب ، وصالت « 2 » مثل الحيّات ، وهاجت ، فقالوا : بِعِزَّةِ فِرْعَوْنَ إِنَّا لَنَحْنُ الْغالِبُونَ . فهال الناس ذلك ، فأوجس في نفسه خيفة موسى ، فنودي : {قُلْنَا لَا تَخَفْ إِنَّكَ أَنْتَ الْأَعْلَى (68) وَأَلْقِ مَا فِي يَمِينِكَ تَلْقَفْ مَا صَنَعُوا إِنَّمَا صَنَعُوا كَيْدُ سَاحِرٍ وَلَا يُفْلِحُ السَّاحِرُ حَيْثُ أَتَى} [طه: 68، 69] .
فَأَلْقى مُوسى عَصاهُ ، فذابت في الأرض مثل الرّصاص ، ثم طلع رأسها ، وفتحت فاها ، ووضعت شدقها الأعلى على رأس قبّة فرعون ، ثم دارت ، وأرخت شفتها السّفلى ، والتقمت عصيّ السحرة ، وحبالهم ، وغلب كلّهم ، وانهزم الناس حين رأوها ، وعظمها ، وهولها ، مما لم تر العين ، ولا وصف الواصفون مثله قبل ، فقتل في الهزيمة ، من وطء الناس بعضهم بعضا ، عشرة آلاف رجل وامرأة وصبيّ ، ودارت على قبّة فرعون - قال - فأحدث فرعون وهامان في ثيابهما ، وشاب رأسهما ، وغشي عليهما من الفزع .
ومرّ موسى في الهزيمة مع الناس ، فناداه اللّه : {خُذْهَا وَلَا تَخَفْ سَنُعِيدُهَا سِيرَتَهَا الْأُولَى} [طه: 21] ، فرجع موسى ، ولفّ على يده عباءة كانت عليه ، ثمّ أدخل يده في فيها ، فإذا هي عصا كما كانت ، فكان كما قال اللّه : فَأُلْقِيَ السَّحَرَةُ ساجِدِينَ لمّا رأوا ذلك ، و قالُوا آمَنَّا بِرَبِّ الْعالَمِينَ رَبِّ مُوسى وَهارُونَ ، فغضب فرعون عند ذلك غضبا شديدا ، وقال : آمَنْتُمْ لَهُ قَبْلَ أَنْ آذَنَ لَكُمْ إِنَّهُ لَكَبِيرُكُمُ يعني موسى الَّذِي عَلَّمَكُمُ السِّحْرَ فَلَسَوْفَ تَعْلَمُونَ لَأُقَطِّعَنَّ أَيْدِيَكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ مِنْ خِلافٍ وَلَأُصَلِّبَنَّكُمْ أَجْمَعِينَ فقالوا ، كما حكى اللّه : لا ضَيْرَ إِنَّا إِلى رَبِّنا مُنْقَلِبُونَ إِنَّا نَطْمَعُ أَنْ يَغْفِرَ لَنا رَبُّنا خَطايانا أَنْ كُنَّا أَوَّلَ الْمُؤْمِنِينَ .
فحبس فرعون من آمن بموسى في السجن ، حتى أنزل اللّه عليهم الطوفان ، والجراد ، والقمّل ، والضفادع ، والدم ، فأطلق فرعون عنهم فأوحى اللّه إلى موسى : أَنْ أَسْرِ بِعِبادِي إِنَّكُمْ مُتَّبَعُونَ ، فخرج موسى ببني إسرائيل ، ليقطع بهم البحر ، وجمع فرعون أصحابه ، وبعث في المدائن حاشرين ، وحشر الناس ، وقدم مقدّمته في ست مائة ألف ، وركب هو في ألف ألف ، وخرج كما حكى اللّه عزّ وجلّ : فَأَخْرَجْناهُمْ مِنْ جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ وَكُنُوزٍ وَمَقامٍ كَرِيمٍ كَذلِكَ وَأَوْرَثْناها بَنِي إِسْرائِيلَ فَأَتْبَعُوهُمْ مُشْرِقِينَ .
قال أبو جعفر عليه السّلام ، في قوله : لَشِرْذِمَةٌ قَلِيلُونَ يقول : عصبة قليلة وَإِنَّا لَجَمِيعٌ حاذِرُونَ يقول : مؤدّون في الأداة ، وهو الشاكي في السّلاح وأمّا قوله : وَمَقامٍ كَرِيمٍ يقول : مساكن حسنة . وأمّا قوله : فَأَتْبَعُوهُمْ مُشْرِقِينَ يعني عند طلوع الشمس . وأمّا قوله : إِنَّ مَعِي رَبِّي سَيَهْدِينِ يقول : سيكفين » « 3 » .
فلمّا قرب موسى من البحر ، وقرب فرعون من موسى ، قال أصحاب موسى : إِنَّا لَمُدْرَكُونَ ، قال موسى : كَلَّا إِنَّ مَعِي رَبِّي سَيَهْدِينِ أي سينجيني : فدنا موسى عليه السّلام من البحر ، فقال له : انفلق ، فقال البحر له :
استكبرت - يا موسى - أن تقول لي أنفلق « 4 » لك ، ولم أعص اللّه طرفة عين ، وقد كان فيكم المعاصي ؟ فقال له موسى : فاحذر أن تعصي اللّه وقد علمت أن آدم أخرج من الجنّة بمعصيته ، وإنّما إبليس لعن بمعصيته ، فقال البحر : ربّي عظيم ، مطاع أمره ، ولا ينبغي لشيء أن يعصيه .
فقام يوشع بن نون ، فقال لموسى : يا رسول اللّه ، ما أمرك ربّك ؟ قال :
بعبور البحر . فاقتحم يوشع فرسه في الماء ، فأوحى اللّه إلى موسى : أَنِ اضْرِبْ بِعَصاكَ الْبَحْرَ ، فضربه فَانْفَلَقَ فَكانَ كُلُّ فِرْقٍ كَالطَّوْدِ الْعَظِيمِ ، أي كالجبل العظيم ، فضرب له في البحر اثني عشر طريقا ، فأخذ كل سبط منهم في طريق ،فكان الماء قد ارتفع ، وبقيت الأرض يابسة ، طلعت فيها الشمس ، فيبست ، كما حكى اللّه : {فَاضْرِبْ لَهُمْ طَرِيقًا فِي الْبَحْرِ يَبَسًا لَا تَخَافُ دَرَكًا وَلَا تَخْشَى } [طه: 77] .
ودخل موسى وأصحابه البحر ، وكان أصحابه اثني عشر سبطا ، فضرب اللّه لهم في البحر اثني عشر طريقا ، فأخذ كلّ سبط في طريق ، وكان الماء قد ارتفع على رؤوسهم مثل الجبال ، فجزعت الفرقة التي كانت مع موسى عليه السّلام في طريقه ، فقالوا : يا موسى أين إخواننا ؟ فقال لهم : معكم في البحر . فلم يصدّقوه ، فأمر اللّه البحر ، فصارت طاقات ، حتى كان ينظر بعضهم إلى بعض ، ويتحدّثون .
وأقبل فرعون وجنوده ، فلمّا انتهى إلى البحر ، قال لأصحابه : ألا تعلمون أنّي ربّكم الأعلى ؟ قد فرج لي البحر . فلم يجسر أحد أن يدخل البحر ، وامتنعت الخيل منه لهول الماء ، فتقدّم فرعون ، حتى جاء إلى ساحل البحر ، فقال له منجّمه : لا تدخل البحر . وعارضه فلم يقبل منه ، وأقبل على فرس حصان ، فامتنع الحصان أن يدخل الماء ، فعطف عليه جبرئيل ، وهو على ماديانة « 5» ، فتقدّمه ودخل ، فنظر الفرس إلى الرمكة « 6 » فطلبها ، ودخل البحر ، واقتحم أصحابه خلفه . فلمّا دخلوا كلّهم ، حتى كان آخر من دخل من أصحابه ، وآخر من خرج من أصحاب موسى ، أمر اللّه الرياح ، فضربت البحر بعضه ببعض ، فأقبل الماء يقع عليهم مثل الجبال ، فقال فرعون عند ذلك :
{آمَنْتُ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا الَّذِي آمَنَتْ بِهِ بَنُو إِسْرَائِيلَ وَأَنَا مِنَ الْمُسْلِمِينَ} [يونس : 90] فأخذ جبرئيل كفّا من حمأ ، فدسّها في فيه ، ثم قال : {آلْآنَ وَقَدْ عَصَيْتَ قَبْلُ وَكُنْتَ مِنَ الْمُفْسِدِينَ} [يونس: 91]« 7».
_______________
( 1 ) عيون أخبار الرضا عليه السّلام : ج 1 ، ص 199 ، ح 1 .
( 2) صال عليه : إذا استطال ووثب . « الصحاح - صول - ج 5 ، ص 1746 » .
( 3) تفسير القمي : ج 2 ، ص 122 .
( 4 ) في « ط » : أنفرق انفرق ، وفي « ي » افترق افترق .
( 5 ) الماديانة : المراد بها الرمكة ، كما في ظاهر الحديث .
( 6 ) الرّمكة : الفرس التي تتّخذ للنسل . « لسان العرب - رمك - ج 10 ، ص 434 » .
( 7 ) تفسير القمي : ج 2 ، ص 118 .
|
|
هل يمكن أن تكون الطماطم مفتاح الوقاية من السرطان؟
|
|
|
|
|
اكتشاف عرائس"غريبة" عمرها 2400 عام على قمة هرم بالسلفادور
|
|
|
|
|
رئيس هيأة التربية والتعليم يطَّلع على سير الأعمال في المبنى الجديد لجامعة العميد
|
|
|