أقرأ أيضاً
التاريخ: 2025-03-01
![]()
التاريخ: 2024-04-15
![]()
التاريخ: 2024-07-03
![]()
التاريخ: 2024-09-29
![]() |
من الأمور التي امتاز بها الموظف المصري في كل عصور تاريخه تأليفه جملًا خاصة تنطوي كل ألفاظها على عقود مدح وثناء على نفسه وما قام به من أعمال عظيمة سواء أكانت أعمالًا مادية أم خلقية، فنجد هنا مثلًا أن «أخآمون رو» يقول «إني شريف (سعح) طيب مُحَلًّى بمدائحه ومراتب شرفه»، ويلفت النظر هنا أن الكلمة الدالة على لفظة «الشريف» لها معنى مزدوج فقد تعني أحد أشراف البلاط أو تعني «روحًا منعمة» وهذان المعنيان تجدهما في عهد الدولة الوسطى ولكنهما يوجدان أكثر في عهد الدولة الحديثة ثم تطورتا أكثر في العهد المتأخر.
وقد يشير هذا اللفظ للحياة الدنيا أو للحياة الآخرة. ولدينا كذلك التعبيرات: «الذي يدخل أولًا ويخرج آخرًا» و«الموظف الذي على رأس قومه»، و«العظيم في وظائفه» و«الكبير في مرتبته» فنجد كلًّا من هذه العبارات الثلاث في المتون والتراجم الخاصة بالدولة الوسطى وكلها قد استُعْمِلَتْ في الدولة الحديثة والعصر المتأخر.
ولدينا تعابير أخرى مثل «ملجأ اليائس» و«عوامة الغريق» و«سلم من في الهاوية». وهذه التعابير نجدها في نقوش كل من «حاروا» و«أخآمون رو» ويلحظ أنها استعارات غير عادية تسترعي الأنظار حتى إنها تكاد تكون خاصة بهذا العصر إذ لم يسبق لها مثيل في العصور السالفة غير أنها تنم عما كان عليه أهل هذا العهد من بؤس وشقاء.
هذا وقد نقل «أخآمون رو» بعض تعابير تقليدية عن الدولة الوسطى مثال ذلك: «إن سيدتي قد جعلتني عظيمًا عندما كنت ولدًا صغيرًا ورفعت درجتي عندما كنت فطيمًا» وهذه عبارات تقليدية نجد أمثالها في نقوش الكاتب الملكي «خنومحتب» في نقوش «بني حسن» وفي نقوش «تف إبي» «بأسيوط» (1).
ومن التعابير التي نُقِلَتْ إلى العهد الذي نحن بصدده أن «حور سيد القصر ميزني» وهذه العبارة لها نظائر في الدولة الوسطى (2) والمقصود بكلمة «حور» هنا الملك.
وكذلك نجد التعبير «وكل بعث أرسلني فيه جلالته قد نفذته تمامًا». وقد كان من أحب الأمور عند الموظفين العظام أن يُوصَفُوا بأنهم قد نفذوا كل بعث أرسلهم فيه الملك (3).
وهذا قليل من كثير من الملحوظات التي يمكن الإدلاء بها عن محتويات هذه المتون والتماثيل التي نُقِشَتْ عليها، غير أن كل هذا لا يغير من النتيجة التي نستخلصها من درس الجمل الرئيسية التي وردت في هذه النقوش إذ الواقع أن متون «أخآمون رو» تحتوي على مادة تقليدية من التي كانت تُسْتَعْمَلُ في عهد الدولة الوسطى والدولة الحديثة ونجد كثيرًا منها قد أخذ شكله النهائي في عهد الدولة الحديثة؛ ومن ثَمَّ نفهم أن وظيفة الدولة الحديثة كانت مزدوجة فقد حملت للقرون التالية مادة أخذتها عن الدولة الوسطى وكذلك نقلت صيغًا من صنعها، وقد كان نشاط كتاب العصور المتأخرة ينحصر كثيرًا في الاختيار من هذه المواد واستعمالها بطريقة منظمة ملائمة. هذا مع إضافة بعض العبارات الجديدة أو صيغ مبتدعة أُلِّفَتْ من القديم والحديث معًا.
غير أن ما تكشفت لنا عنه متون «أخآمون رو» يمكن معرفة أصولها عند قرنها بأية مجموعة من المجاميع التي يمكن قرنها بها من النقوش الهيروغليفية المتأخرة. والواقع أن هذه المتون في حقيقتها — إذا استثنينا بعض مقتبسات من متون الأهرام وبعض مصطلحات قديمة أخرى — لا تخرج عن كونها تقليدًا للغة الدولة الوسطى والدولة الحديثة وقد ظهر ذلك منذ الأسرة الحادية والعشرين حتى السادسة والعشرين وبعبارة أخرى نجد أنه عندما كانت تستعمل متون الأهرام في هذا العصر كانت تنقل حرفيًّا دون أي تغيير يذكر؛ ولكن نجد من جهة أخرى أن كلًّا من متون الدولتين الوسطى والحديثة كانت تقتبس مع بعض تعديل ثم تستعمل في كتابات القوم. ومما تجدر ملاحظته أن المصادر اللغوية من الدولة الحديثة هي في الواقع مأخوذة عن تعابير الدولة الوسطى بعد تحوير فيها وبخاصة في تراجم عظماء الرجال الذين نُقِشَتْ على تماثيلهم وفي مقابرهم في كل من العهد اللوبي والعهد الكوشي ثم في العهد الساوي. وقد كانت اللغة الفصحى مستعملة دائمًا ولم تشب باللغة المتأخرة، وذلك أنه بعد القرون التي سادها الاضطراب في عهد تمزق الدولة كانت المواضيع الإنشائية والأدبية سائرة سيرها الطبيعي كالعادة آخذة في النمو دون توقف ولم يكن ذلك قاصرًا على اللغة العامية التي كانت ذات نضارة وقوة لا توجد في النقوش الهيروغليفية التقليدية بل كذلك في اللغة الرسمية.
حقًّا إن هذه اللغة الرسمية كانت قد أصبحت مُصْطَنَعَةً إلى أقصى حد، إذ كان ينقصها التجديد والسهولة عند معالجتها للمواضيع كما كنا نجد ذلك عند معالجة الكتاب للغة الدولة الحديثة والاقتباس منها، فنجد أن التعابير قد زاد حصرها وتكرارها بل كذلك زاد الميل إلى نقلها حرفيًّا من المتون السابقة لعصرها. غير أن منشآت الكتاب على وجه عام كانت حكيمة ومناسبة فلم تكن مجرد نقل عبارات قديمة بل على العكس نلحظ فيها حسن الاختيار الذي كان يؤدي إلى غرض خاص.
ومن المفهوم أنه منذ زمن بعيد كانت المدنية الساوية أو عصر النهضة غير مقصود منه الرجوع إلى الدولة القديمة ومدنيتها، غير أن هذا الفهم غالبًا ما غطت عليه الميول البارزة الدالة على الرجوع للقديم في عهد الأسرة الخامسة والعشرين كما أشرنا إلى ذلك من قبل، ثم أصبح ذلك الميل أكثر وضوحًا وانتشارًا في عهد الأسرة السادسة والعشرين ولكن نريد أن نوضح هنا دون الدخول في مناقشة المقتبسات القديمة في العهد الساوي وهي ظاهرة يجب أن تُفْحَصَ تمامًا وتُعْطَى عناية أكثر مما أُعْطِيَتْ من قبل، ففي تراجم حياة رجال هذا العصر تكاد تكون العلاقات والتأثيرات التي يُقَالُ إنها صُبِغَتْ بها عن الدولة القديمة، لا تُذْكَرُ في حين نجد أن اعتماد كتاب العهد الساوي على أساليب مدنية عهدي الدولة الوسطى والحديثة كان عظيمًا، وأنه كان تيارًا لم ينقطع مَعِينُهُ دون الرجوع إلى الزمن العتيق وتقليده تقليدًا أعمى كما ظن البعض حتى زمن قريب جدًّا.
وسنتناول الكلام إن شاء الله عن فن النحت في عهد الأسرة الخامسة والعشرين وما بعدها في الجزء التالي من تاريخ العهد الكوشي الذي يبتدئ بالملك «بيعنخي».
.............................................
1-راجع: Newberry, Beni Hassan, I, PI. XLI, e (Tomb 13); Griffith, Siut PI. XI, 13; Br., A.R., I, p. 395 note
2-راجع: Hierog. Insc, Berlin I, 146 No. 8808; Urk. VII, 62 Siut.
3-راجع: Urk., I, 134.
|
|
رمضان بنشاط.. أسرار الاستعداد ببروتين صحي ومتوازن
|
|
|
|
|
العلماء يتوقعون زيادة نشاط الشمس في مارس
|
|
|
|
|
بمشاركة أكثر من (130) طالبا وطالبة.. جامعة السبطين (ع) التابعة للعتبة الحسينية تختتم امتحان العلوم الأساسية لكلية الطب بنجاح
|
|
|