أقرأ أيضاً
التاريخ: 5-05-2015
7736
التاريخ: 18-11-2014
2740
التاريخ: 9-10-2014
3368
التاريخ: 9-10-2014
1685
|
هجرة النبي إبراهيم من العراق لبيت المقدس
قال تعالى : {وَقَالَ إِنِّي ذَاهِبٌ إِلَى رَبِّي سَيَهْدِينِ} [الصافات: 99].
قال إبراهيم بن أبي زياد الكرخي : سمعت أبا عبد اللّه عليه السّلام يقول : « إن إبراهيم عليه السّلام كان مولده بكوثى ربى « 1 » ، وكان أبوه من أهلها ، وكانت أم إبراهيم وأم لوط « 2 » - سارة ورقية - أختين ، وهما ابنتا لاحج ، وكان لاحج نبيا منذرا ولم يكن رسولا.
وكان إبراهيم عليه السّلام في شبيبته على الفطرة التي فطر اللّه عزّ وجلّ الخلق عليها حتى هداه اللّه عزّ وجلّ إلى دينه واجتباه ، وأنه تزوج بسارة ابنة لاحج « 3 » ، وهي ابنة خالته ، وكانت سارة صاحبة ماشية كثيرة ، وأرض واسعة ، وحال حسنة ، وكانت قد ملكت إبراهيم عليه السّلام جميع ما كانت تملكه ، فقام فيه فأصلحه ، وكثرت الماشية والزرع حتى لم يكن بأرض كوثى ربى رجل أحسن حالا منه.
وإن إبراهيم عليه السّلام لما كسر أصنام نمرود ، أمر به نمرود فأوثق ، وعمل له حيرا « 4 » ، وجمع له فيه الحطب ، وألهب فيه النار ، ثم قذف إبراهيم عليه السّلام في النار لتحرقه ، ثم اعتزلوها حتى خمدت النار ، ثم أشرفوا على الحير ؛ فإذا هم بإبراهيم عليه السّلام سالما مطلقا من وثاقه ، فأخبر نمرود خبره ، فأمرهم أن ينفوا إبراهيم عليه السّلام من بلاده ، وأن يمنعوه من الخروج بماشيته وماله ، فحاجّهم إبراهيم عليه السّلام عند ذلك ، فقال : إن أخذتم ماشيتي ومالي ، فإن حقي عليكم أن تردّوا عليّ ما ذهب من عمري في بلادكم . واختصموا إلى قاضي نمرود ، فقضى على إبراهيم عليه السّلام أن يسلم إليهم جميع ما أصاب في بلادهم ، وقضى على أصحاب نمرود أن يردوا على إبراهيم عليه السّلام جميع ما ذهب من عمره في بلادهم . فأخبر بذلك نمرود ، فأمرهم أن يخلوا سبيله ، وسبيل ماشيته وماله ، وأن يخرجوه ، وقال : إنه إن بقي في بلادكم أفسد دينكم وأضر بآلهتكم.
فأخرجوا إبراهيم ولوط ( صلوات اللّه عليهما ) معه من بلادهم إلى الشام فخرج ومعه لوط لا يفارقه ، وسارة ، وقال لهم : {إِنِّي ذاهِبٌ إِلى رَبِّي سَيَهْدِينِ} يعن بيت المقدس ، فتحمل إبراهيم عليه السّلام بماشيته وماله ، وعمل تابوتا ، وجعل فيه سارة ، وشد عليها الأغلاق غيرة منه عليها ، ومضى حتى خرج من سلطان نمرود ، وصار إلى سلطان رجل من القبط ، يقال له عرارة ، فمر بعاشر « 5 » له ، فاعترضه العاشر ليعشر ما معه ، فلما انتهى إلى العاشر ومعه التابوت ، قال العاشر لإبراهيم عليه السّلام : افتح هذا التابوت حتى نعشر ما فيه.
فقال له إبراهيم عليه السّلام : قل ما شئت فيه من ذهب وفضة حتى نعطي عشرة ، ولا نفتحه . قال : فأبى العاشر إلا فتحه . قال : وغضب إبراهيم عليه السّلام : على
فتحه ، فلما بدت له سارة - وكانت موصوفة بالحسن والجمال - قال له العاشر : ما هذه المرأة منك ؟ قال إبراهيم عليه السّلام : هي حرمتي وابنة خالتي ، فقال له العاشر : فما دعاك إلى أن خبيتها في هذا التابوت ؟ فقال إبراهيم عليه السّلام : الغيرة عليها أن يراها أحد . فقال له العاشر : لست أدعك تبرح حتى أعلم الملك حالها وحالك .
قال : فبعث إلى الملك رسولا ، فبعث الملك رسلا من قبله ليأتوه بالتابوت ، فأتوا ليذهبوا به ، فقال لهم إبراهيم عليه السّلام : إني لست أفارق التابوت حتى تفارق روحي جسدي . فأخبروا الملك بذلك ، فأرسل الملك أن احملوه والتابوت معه ، فحملوا إبراهيم عليه السّلام والتابوت ، وجميع ما كان معه ، حتى أدخل على الملك ، فقال له الملك : افتح التابوت . فقال له إبراهيم صلّى اللّه عليه وآله وسلّم : أيها الملك ، إن فيه حرمتي وابنة خالتي ، وأنا مفتد فتحه بجميع ما معي . قال :
فغصب الملك إبراهيم عليه السّلام على فتحه ، فلما رأى سارة لم يملك حلمه سفهه أن مدّ يده إليها ، فأعرض إبراهيم عليه السّلام بوجهه عنها وعنه غيرة منه ، وقال :
اللهم احبس يده عن حرمتي وابنة خالتي . فلم تصل يده إليها ، ولم ترجع إليه . فقال له الملك : إن إلهك هو الذي فعل بي هذا ؟ فقال : نعم ، إن إلهي غيور يكره الحرام ، وهو الذي حال بينك وبين ما أردت من الحرام . فقال له الملك : فادع إلهك يرد علي يدي ، فإن أجابك لم أعرض لها . فقال إبراهيم عليه السّلام : إلهي ردّ عليه يده ليكفّ عن حرمتي .
قال : فردّ اللّه عزّ وجلّ عليه يده ، فأقل الملك نحوها ببصره ، ثم عاد بيده نحوها ، فأعرض إبراهيم عليه السّلام عنه بوجهه غيرة منه ، وقال : اللهم احبس يده عنها . قال : فيبست يده ، ولم تصل إليها . فقال الملك لإبراهيم عليه السّلام :
إن إلهك لغيور ، وإنك لغيور ، فادع إلهك يرد عليّ يدي ، فإنه إن فعل لم أعد . فقال له إبراهيم عليه السّلام : إسأله ذلك على أنك إن عدت لم تسألني أن أسأله . فقال له الملك : نعم . فقال إبراهيم عليه السّلام : اللهم ، إن كان صادقا فرد عليه يده . فرجعت إليه يده .
فلما رأى ذلك الملك من الغيرة ما رأى ، ورأى الآية في يده عظّم إبراهيم عليه السّلام وهابه ، وأكرمه واتّقاه ، وقال له : قد أمنت من أن أعرض لها ، أو لشيء مما معك ، فانطلق حيث شئت ، ولكن لي إليك حاجة ؟ فقال إبراهيم عليه السّلام : ما هي ؟ قال له : أحب أن تأذن لي أن أخدمها قبطية عندي ، جميلة عاقلة تكون لها خادمة قال : فأذن له إبراهيم عليه السّلام ، فدعا بها فوهبها لسارة ، وهي هاجر أم إسماعيل عليه السّلام .
فسار إبراهيم عليه السّلام بجميع ما معه ، وخرج الملك معه يمشي خلف إبراهيم عليه السّلام ، إعظاما لإبراهيم عليه السّلام وهيبة له ، فأوحى اللّه تبارك وتعالى إلى إبراهيم : أن قف ، ولا تمش قدام الجبار المتسلط ويمشي هو خلفك ، ولكن اجعله أمامك وامش خلفه ، وعظّمه ، وهبه ، فإنه مسلط ، ولا بد من إمرة في الأرض برّة أو فاجرة . فوقف إبراهيم عليه السّلام ، وقال للملك : امض ، فإن إلهي أوحى إلي الساعة أن أعظّمك وأهابك ، وأن أقدمك أمامي وأمشي خلفك ، إجلالا لك . فقال له الملك : أوحى إليك بهذا ؟ فقال له إبراهيم عليه السّلام : نعم .
فقال الملك : اشهد أن إلهك لرفيق ، حليم ، كريم ، وأنك ترغبني في دينك .
قال : وودّعه الملك ، وسار إبراهيم عليه السّلام حتى نزل بأعلى الشامات ، وخلف لوطا عليه السّلام في أدنى الشامات ، ثم إن إبراهيم عليه السّلام لما أبطأ عليه الولد ، قال لسارة : لو شئت لبعتني هاجر ، لعل اللّه أن يرزقنا منها ولدا ، فيكون لنا خلفا . فابتاع إبراهيم عليه السّلام هاجر من سارة ، فوقع عليها ، فولدت إسماعيل عليه السّلام » « 6 ».
وقال الطبرسي في ( الاحتجاج ) : عن أمير المؤمنين عليه السّلام - في حديث له في سؤال زنديق عن آيات من القرآن - قال له عليه السّلام : « ومن كتاب اللّه عزّ وجلّ يكون تأويله على غير تنزيله ، ولا يشبّه تأويله بكلام البشر « 7 » ، ولا فعل البشر ، وسأنبئك بمثال لذلك تكتفي به إن شاء اللّه تعالى ، وهو حكاية اللّه عزّ وجلّ عن إبراهيم عليه السّلام ، حيث قال : إِنِّي ذاهِبٌ إِلى رَبِّي توجهه إليه في عبادته ، واجتهاده ، ألا ترى أن تأويله غير تنزيله ؟ » « 8 » .
_____________
( 1 ) كوثى ربّى : موضع في العراق وبها مشهد إبراهيم الخليل عليه السّلام . « معجم البلدان : ج 4 ، ص 487 » .
( 2 ) قال المجلسي ( رحمه اللّه ) : وفي بعض النسخ : امرأة إبراهيم وامرأة لوط ، وهو أظهر .
« مرآة العقول : ج 26 ، ص 556 » .
( 3 ) قوله عليه السّلام : ابنة لاحج ، الظاهر أنه كان : ابنة ابنة لاحج ، فتوهم النساخ التكرار فأسقطوا إحداهما ، وعلى ما في النسخ المراد ابنة الابنة مجازا ، وسارة ولاحج هنا غير المتقدمين ، وإنما الاشتراك في الاسم وعلى نسخة « الامرأة » لا يتحاج إلى التكلّف . « مرآة العقول : ج 26 ، ص 556 ».
( 4 ) الحير : الحظيرة أو الحمى . « الصحاح - حير - ج 2 ، ص 641 » .
( 5 ) العاشر والعشّار : قابض العشر . « لسان العرب - عشر - ج 4 ، ص 570 » .
( 6 ) الكافي : ج 8 ، ص 370 ، ح 560 .
( 7 ) في « ط » : يشبه تأويل الكلام البشر .
( 8 ) الاحتجاج : 250 .
|
|
دون أهمية غذائية.. هذا ما تفعله المشروبات السكرية بالصحة
|
|
|
|
|
المنظمة العربية للطاقة تحذر من خطر.. وهذه الدولة تتميز بجودة نفطها
|
|
|
|
|
وفد أكاديمي يشيد بجهود مؤسسة الوافي في مجال التوثيق وحفظ التراث
|
|
|