أقرأ أيضاً
التاريخ: 27-12-2021
1942
التاريخ: 16-9-2019
1965
التاريخ: 25-9-2019
2261
التاريخ: 26-2-2021
2206
|
التقصير في الشكر ينشأ من عدم معرفة الإنسان بالمنعم بصورة كاملة ، وأساساً فانّه لا يتحرك في طريق التدبّر في النعم الإلهية ، فمثلاً عند ما ننظر إلى بدننا وما فيه من عجائب ودقائق وتفاصيل على مستوى الخلقة فسنتوجه إلى أهمية تلك النعم ويتحرك فينا حسّ الشكر لله تعالى.
وعلى سبيل المثال إذا استطاع البشر أن يصنع مثل الأجهزة الموجودة في الإنسان (مثل القلب والكبد والكلية والرئتين) فستكون قطعاً أقل كيفية من صنع خالقها ، وستكلفه الكثير جدّاً ، وعلى هذا فإذا أردنا حساب قيمة ما يوجد لدينا من أعضاء وجوارح بدنية فسيتبين أنّ لدينا وبحوزتنا ثروة كبيرة جدّاً.
أمّا النعم الخارجية ، فيمكن أن تكون جرعة ماء تساوي الدنيا بما فيها ، وقد نقل عن بعض العلماء أنّه دخل على أحد الملوك وكان بيد الملك قدح ماء فأراد أن يشرب فتوجه للعالم الكبير وقال له عِظني ، فقال له العالم : إذا كنت في يوم من الأيّام عطشاناً لدرجة الموت وجاءوك بالماء بشرط أن تتنازل عن الملك ، فهل ستتنازل؟ فقال نعم ، فلا حيلة في ذلك.
فقال له : كيف تتعلق بُملك وحكومة تساوي شربة ماء؟
ويرى الإنسان حيناً آخر مريضاً يصرخ من شدّة الألم بحيث يتمنى الموت على هذا الألم ، فلو اعطيت للإنسان الدنيا بأسرها وهو على ذلك المرض ، فلن يقبل بذلك ، بل يرضى أن يأخذوا منه كلّ شيء إلّا العافية.
هناك نعمٌ ظاهرها غير مهم لكنّها إن فقدت فستتعرض حياة الإنسان للخطر ، مثل غدد اللّعاب التي ترطب الشفاه والفم وتلين الأكل وتسهل عملية البلع ، فإذا توقفت هذه الغدد في يوم ما فسيجف الفم ويعسر عليه الأكل ويتوقف عن الكلام وتصبح الحياة مستحيلة ، فذلك الجزء الصغير من بدن الإنسان أهم بكثير من ثروات الدنيا أجمع.
وكذلك في نعمة الشمس والهواء والنباتات والمواهب الاخرى العظيمة وعلى حدّ تعبير القرآن الكريم : (وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَةَ اللهِ لا تُحْصُوها)([1]).
ويجب التنبه أنّ كثيراً من النعم الإلهية لا يتسنى للإنسان معرفتها ، لأنّها لن تُسلب منه ، فبعض النعم والمواهب تعيش مع الإنسان فاذا سلبت منه عرفها وأقرّ بعظمتها ، وبعضها سيبقى في الكتمان وهي كثيرة جدّاً.
مثلاً مسألة الجاذبية فلم يكن أحد يعرف قبل السفر إلى الفضاء وفقدان الجاذبية هناك ، كم هي مهمّة هنا على الأرض ، إذ لولاها لما استطاع الإنسان أن يفعل شيئاً لا زراعة ولا صناعة ولا حركة ، فأقل حركة من الإنسان سيرتطم بالسقف والجدار وستتناثر الأطعمة والأشربة من المائدة ولن يستطيع الإنسان أن يأكل أو يشرب شيئاً ، فحركة الأرض تؤدي إلى قدف كل شيء في الفضاء لو لا الجاذبية وستتحول الأرض إلى صحراء قاحلة محرقة ، فتفكروا إننا لو قضينا العمر في شكر هذه النعمة فهل سنؤدّي شكرها؟
وإذا أضفنا إليها النعم المعنوية وهداية الأنبياء وكلام المعصومين (عليهم السلام) ونزول الكتب الإلهية ، والتي هي أعلى وأهم من النعم الماديّة ، فسنعرف مدى عظمة وقيمة مواهب الرحمن وسنعرف قدرتنا على الشكر كم هي ضعيفة وضئيلة.
فالتوجه لهذه الامور تقلع جذور الكفران وتحيي فيه روح الشكر.
ومنها نعرف طريقة العلاج ، ولذلك قالوا : إنّ أول طريق للشكر هو المعرفة والتفكير بالمواهب والصنائع الإلهية وأنواع نعمه الظاهرة والباطنة ([2]).
الطريقة الاخرى : هي النظر في دائرة النعم والمواهب المادية إلى المستويات الدنيا للناس ، فكلما فكّر الإنسان فيها فستبعث فيه روح الشكر ، ولكن إذا نظر إلى من هو أعلى منه من حيث الثروة والنعمة فسوف تستولي عليه الوساوس الشيطانية وتؤذيه.
ومن جهة ثالثة إذا ابتلي بمصائب الدنيا ، فليعلم أنّه يوجد مصائب أكبر من التي اصابته وليشكر الله أنّه لم يتورط بالأكبر والأشد منها.
وقد نقل عن شخص أنّه اشتكى عند أحد العظماء أنّ السارق قد أتى وسرق كل شيء ، فقال له : اذهب واشكر الله تعالى إذ لم يأت الشيطان الى بيتك بدلاً من السارق ، فلو أخذ منك إيمانك فما كنت تفعل؟ ([3])
وقد ذكر الإمام الصادق (عليه السلام) في كتاب «التوحيد» المعروف بتوحيد المفضل حقائق توحيدية هامة من موقع تحليل ماهية النعم الإلهية في تفاصيلها الدقيقة ومن خلالها ينفتح الإنسان على المنعم الحقيقي.
ومن جملتها نعمة الكلام والكتابة وقد اعتبرها الإمام الصادق (عليه السلام) عمود الحضارة الإنسانية : وبعد شرح طويل لها قال : «فَإنّه لَو لَم يَكُن لَهُ لِسان مُهيأ للكَلامِ وَذِهن يَهتَدِي بِهِ للأمور لَم يَكُن لِيتَكَلَّمَ أَبَداً ، وَلَو لَم يَكُن لَهُ مُهيأةً وَأَصابِعَ للِكِتابَةِ لِيَكتُبَ أَبداً ، واعتَبر ذَلِكَ مِنَ البَهائِمِ الّتي لا كَلامَ لَها ولا كِتابَةَ ، فَأصلِ ذَلِكَ فَطرَةِ الباري عَزَّ وجَلَّ وما تَفضل بِهِ عَلَى خَلقِهِ ، فَمن شَكَرَ اثِيبَ ، وَمَنْ كَفَرَ فإنَّ اللهَ غَنِيٌ عَنِ العالَمِينَ» ([4]).
|
|
لصحة القلب والأمعاء.. 8 أطعمة لا غنى عنها
|
|
|
|
|
حل سحري لخلايا البيروفسكايت الشمسية.. يرفع كفاءتها إلى 26%
|
|
|
|
|
جامعة الكفيل تحتفي بذكرى ولادة الإمام محمد الجواد (عليه السلام)
|
|
|