موقف قانون الاحوال الشخصية العراقي من فسخ عقد الزواج بسبب العيوب الزوجية |
350
01:33 صباحاً
التاريخ: 2025-01-06
|
أقرأ أيضاً
التاريخ: 2025-01-07
122
التاريخ: 7-2-2016
11889
التاريخ: 2024-12-25
223
التاريخ: 2023-04-04
994
|
لم يتناول قانون الاحوال الشخصية العراقي فسخ عقد الزواج للعيوب الزوجية إلا أنــه عد تضرر احد الزوجين من الآخر سببًا لطلب التفريق القضائي حيث جاء في المادة (43 / اولا/4 - 6) ما نصه للزوجة طلب التفريق عند توفر أحد الأسباب الآتية:- 4" - إذا وجدت الزوجة زوجها عنينا أو مبتليا بما لا يستطيع معه القيام بالواجبات الزوجية سواء كان ذلك لأسباب عضوية أو نفسية، أو إذا أصيب بذلك بعد الدخول بها وثبت عدم إمكانية شفائه منها بتقرير صادر من لجنة طبية رسمية مختصة على أنه إذا وجدت المحكمة أن سبب ذلك نفسي فتؤجل التفريق لمدة سنة واحدة شريطة أن تمكن زوجها من نفسها خلالها. 5- اذا كان الزوج عقيما، أو ابتلى بالعقم بعد الزواج ولم يكن لها ولد منه على قيد الحياة. 6- إذا وجدت بعد العقد أن زوجها مبتلى بعلة لا يمكن معها معاشرته بلا ضرر كالجذام أو البرص أو السل او الزهري أو الجنون، أو أنه قد أصيب بعد ذلك بعلة من هذه العلل أو ما يماثلها، علـى أنـه إذا وجدت المحكمة بعد الكشف الطبي، أن العلة يؤمل زوالها، فتؤجل التفريق حتى زوال تلك العلة، وللزوجة أن تمتنع عن الاجتماع بالزوج طيلة مدة التأجيل، أما إذا وجدت المحكمة أن العلة لا يؤمل زوالها خلال مدة مناسبة وامتنع الزوج عن الطلاق واصرت الزوجة على طلبها، فيحكم القاضي بالتفريق".
ومن خلال هذه الفقرة نجد أن المشرع العراقي قد أعطى الحق للزوجة فقط بالتفريق القضائي وليس الفسخ؛ كما أن هذه العيوب وردت على سبيل المثال وليس الحصر مما يجعل أي مرض يظهر في أي زمان من قبيل هذه العيوب يكون للمرأة فقط حق طلب التفريق دون الرجل، وأما الرجل في حال تضرره ليس أمامه غير الطلاق دون طلب التفريق القضائي والحقيقة أن المشرع لم يعط الحق للرجل التفريق القضائي لأن آثار التفريق القضائي هي آثار طلاق وبما أن الرجل له حق الطلاق فلا داعي لمنحه حق التفريق.
وعليه بإمكان الزوجة طلب الفسخ إذا وجدت أن زوجها كان مصاب بواحدة من العلل الآتية:
1- العنة سواء كانت لأسباب عضوية أم نفسية، وأن أصيب الزوج بها بعد الدخول بالزوجة.
2- العقم بشرط أن لا يكون للزوجة ولد من هذا الزوج على قيد الحياة.
3- إذا كان الزوج مبتليا بعلة لا يمكن معها معاشرته دون ضرر كالجذام أو السل أو الزهري .. الخ، وسواء أكانت هذه العلة سابقة على العقد أم لاحقا عليه أم لاحقة على الدخول (1).
من ذلك يمكن القول أن المشرع العراقي أجاز امكان طلب التفريق القضائي للعيوب الزوجية للزوجة وحدها دون الزوج.. بناء على أنه يملك الطلاق على ما نعتقد. وبذلك يكون المشرع وقع في اشكالين أولهما أن الفسخ غير التفريق على ما بينا سابقاً وثانيهمـا أنـه قصـر هذا الحق على المرأة دون الرجل ومن ثم ما الحكم أن دلست المرأة عيباً فيها على الرجـل فــلا يكون له إلا طلاقها وعندئذ يتحمل حقوقها كاملة دون تقصير منه ومن ثم فأن موقف المشرع العراقي في هذا الصدد محل نظر وندعوه الى مراجعته.
وأن الحالات التي تجيز فسخ عقد الزواج عند فقهاء المسلمين، ولم يرد بها نص في قانون الاحوال الشخصية، يمكن الرجوع بها إلى الفقه الإسلامي الأكثر ملائمة لنصوص هذا القانون وفقا لنص المادة (1/2) من قانون الاحوال الشخصية. وعلى ذلك صدرت عدة قرارات من محكمة التمييز الاتحادية بذلك فقد جاء في احد قراراتها : إن مرض الصرع وعلى فرض إصابة الزوجة به لا يصلح أن يكون سببا للتفريق القضائي (2).
وجاء بقرار اخر لها – " اليس للزوج طلب التفريق إذا وجد زوجته مصابة بمرض عقلي" (3)، وبما أن فسخ عقد الزواج من جانب الرجل قد سكت عنه المشرع العراقي لا بإقراره ولا بمنعه فيمكن الرجوع الى المادة (1/2) من هذا القانون والتي تعالج الحالات التي لا يوجد فيها نص تشريعي، وبالرجوع إلى أحكام الفقه الإسلامي ويمكن طلب فسخ عقد الزواج من قبل الرجل في حالة وجود العيوب الزوجية لدى المرأة وقد صدرت عدة قرارات من محكمة التمييز الاتحادية بهذا الخصوص ومن ذلك على سبيل المثال:-
1- قرارها المتضمن : "... ولدى عطف النظر على الحكم المميز وجد أنه صحيح وموافق لأحكام الشرع والقانون ذلك لأن قانون الاحوال الشخصية رقم 188 لسنة (1959) لــم يــورد أحكاما للفسخ من جهة الزوج مما يتطلب استنادا لأحكام المادة الأولى منه الرجوع الى أحكام الشريعة الإسلامية ولدى الرجوع إلى أقوال الفقهاء المسلمين نجد أنهم حددوا حالات الفسخ حصرا وليس من بينها موضوع الدعوى وحيث أن محكمة الموضوع في حكمهـا بـرد الدعوى التزمت وجهة النظر القانونية والشرعية التي تحكم هذه اللائحة التميزية (4).
2- وفي قرار آخر: "... فقد استبان أن محكمة الاحوال الشخصية قد أصدرت حكمها المميز القاضي برد دعوى المدعي بحجة أن عقد الزواج لا يلحقه الفسخ أو الابطال... وترى الهيئة الموسعة أن هذا النظر من محكمة الاحوال الشخصية غير مقبول شرعا وقانونا ... ذلك أن الأصل في كافة العقود الصحيحة الملزمة للجانبين قابلة للفسخ عند تحقق موجبه الشرعي والقانوني ... مالم يرد نص خاص استثنائي في القانون يمنع فسخ العقد . وحيث أن قانون الاحوال الشخصية قد جاء خاليا من نص يمنع فسخ عقد الزواج وانما اقر بمبدأ الفسخ واورد بعض حالته في الفقرة (4) من المادة السادسة منه ... لذلك فيكون عقد الزواج وهو من العقود الملزمة للجانبين مشمولا بالأصل العام وقابلا للفسخ عند تحقق موجبه ... فكان على المحكمة الحكم بفسخ العقد فإصدار حكمها برد الدعوى بحجة أن عقد الزواج لا يلحقه الفسخ أو الابطال لا سند له من الشرع والقانون ... لذا قرر نقض الحكم المميز" (5).
إلا أنه يلاحظ على هذا القرار أن محكمة التمييز أقرت امكانية فسخ عقد الزواج على العقود الصحيحة الملزمة للجانبين، وهذا هو الفسخ في العقود المالية، أم في إطار عقد الزواج فأن الفسخ يرد على العقود الصحيحة وغير الصحيحة، وقياسها عقد الزواج على العقود المالية محل نظر.
3- وقضت ايضاً: "... لذلك يكون عقد الزواج وهو من العقود الملزمة للجانبين بشمولها بالأصل العام وقابلا للفسخ عند تحقق موجبه الشرعي ... والقول بخلاف ذلك لا سند له من القانون ومجانب للعدالة وبناء عليه وحيث أن الزواج شرعا هو عقد يفيد حل الاستمتاع للرجل بالمرأة لم يمنع من معاشرتها مانع لان الغاية من الزواج والهدف منه تكوين رابطة للحياة المشتركة وحل استمتاع الرجل بزوجته للتناسل ... وحيث ان عقد الزواج شرع للمصلحة لذلك ينبغي أن تكون الزوجة المعقود عليها صالحة لحكم الزواج خالية من العيوب المانعة بصورة دائمة من المعاشرة الزوجية ... مما كان المقتضى على المحكمة احالة المطلوب التصحيح ضدها على اللجنة الطبية المختصة لبيان الرأي بشأن ذلك... وحيث إن محكمة الاحوال الشخصية في كركوك لم تلاحظ ذلك مما أخل بصحة حكمها المميز" (6)
4- وجاء بقرار آخر لها :- .... أن عدم الطمث وعدم الانجاب في المرأة لا يستوجبان الفسخ... لأنهما ليسا من العيوب الشرعية الموجبة لفسخ عقد النكاح ... لأن عيوب المرأة الموجبة للفسخ وردت على سبيل الحصر كما جاء في اللمعة الدمشقية ... ولم تكن من بين العيوب المذكورة عدم الطمث وعدم الانجاب ... فضلا على أن العلماء قد اشترطوا الفورية في استعمال خيار الفسخ فلو علم أحدهما بالعيب ولم يبادر بالفسخ لزمه العقد (7)."
ومن خلال ما تقدم يتضح لنا أن قانون الاحوال الشخصية العراقي لم يُعد العيوب في المرأة موجبة لطلب التفريق القضائي كما جاء في المادة (43 / اولا/4،5،6) ولكن أعطى الحق للمرأة فقط عند تحقق ثبوت العنة والعلل والأمراض المعدية والمنفرة بتقرير طبي صادر من جهة طبية رسمية وبالاستناد إلى المادة (1/2) من هذا القانون والتي تقضي الرجوع إلى أحكام الشريعة الإسلامية فيما لم يرد به نص، ولما تقدم من آراء جانب من الفقهاء المسلمين الذين يرون بأن العيوب الزوجية في المرأة تعطي الخيار للزوج بفسخ عقد الزواج ولاتجاه محكمة التمييز الاتحادية بهذا الاتجاه نجد بأن فسخ عقد الزواج من قبل الرجل لوجود العيوب الزوجية جائز شرعا وقانونا بعد الاطلاع على بعض قراراتها والتي تم استعراض جزءا منها وان كنا نعتقد أن الاصح أن ينظم ذلك قانوناً قطعاً للاجتهاد ولاختلاف وتباين الاحكام القضائية للوقائع المتشابهة.
______________
1- د. علي عبد العالي الاسدي، المبسوط في الاحوال الشخصية في الزواج والطلاق واثارهما ونفقة الاصول والفروع والحواشي، المكتبة القانونية، بغداد، 2022م ، ص 418.
2- قرار محكمة التمييز الاتحادية بالعدد 404/ش/ 2006 في 2007/12/14 ، اورده القاضي احمد محمود عبد، التفريق بسبب العيوب اللاإرادية في الفقه الإسلامي والقانون العراقي دراسة فقهيه وقانونية معززة بقرارات محكمة التمييز الاتحادية، مكتبة صباح، بغداد، 2016، ص68.
3- قرار محكمة التمييز ذي العدد (839/ش/ 1981) في 1981/12/8 اورده القاضي احمد محمود عبد، التفريق بسبب العيوب اللاإرادية في الفقه الإسلامي والقانون العراقي دراسة فقهيه وقانونية معززة بقرارات محكمة التمييز الاتحادية، مكتبة صباح، بغداد، 2016 ، ص 68.
4- قرار مكمة التمييز الاتحادية بالعدد 2301/ شخصية اولى / 2008 في 2008/7/23 آورده القاضي طالب فارس السورجي، انحلال عقد الزواج والاثار المترتبة عليه " دراسة مقارنة بين الشريعة الإسلامية والقانون العراقي معززا بقرارات حديثة لمحكمة التمييز الاتحادية، دار السنهوري، بيروت، 2019، ، ص 75
5- قرار محكمة التمييز بالعدد (2840/ش في 1984/7/30) ، أورده القاضي ربيع محمد الزهاوي، التفريق القضائي للعنة والعقم والعلل والعيوب ، دار السنهوري بغداد 2016 م ص56-59.
6- قرار محكمة التمييز الاتحادية بالعدد (3565/ هيئة الاحوال الشخصية الاولى / 2008 في 2008/2/31 ) آورده القاضي ربيع محمد الزهاوي، التفريق القضائي، مصدر سابق، ص 59-60.
7- قرار محكمة التمييز بالعدد (131 شخصية اولى في 1976/8/2) اورده القاضي القاضي ربيع محمد الزهاوي، التفريق القضائي للعنة والعقم والعلل والعيوب ، دار السنهوري بغداد 2016 م ، ص 61.
|
|
لصحة القلب والأمعاء.. 8 أطعمة لا غنى عنها
|
|
|
|
|
حل سحري لخلايا البيروفسكايت الشمسية.. يرفع كفاءتها إلى 26%
|
|
|
|
|
جامعة الكفيل: شراكتنا مع المؤسّسات الرائدة تفتح آفاقًا جديدة للارتقاء بجودة التعليم الطبّي في العراق
|
|
|