أقرأ أيضاً
التاريخ: 5-10-2014
1775
التاريخ: 5-10-2014
1744
التاريخ: 13-11-2014
1564
التاريخ: 22-04-2015
1762
|
لاشك ان السلطات الثلاث في الاسلام تستمد قوتها التشريعية وطاقتها الابداعية من الله سبحانه وتعالى باعتباره مصدر التشريع ، ومن الافراد باعتبارهم أهلاً للتكليف والطاعة والتنفيذ.
ولكن ، اختلط على عدد من المفكرين الاعلام مفهومي الشورى والولاية الشرعية . حيث بذل البعض منهم جهداً استثنائياً في استقصاء الفكرتين والبحث عن جذريهما . وانقسم علماء المسلمين الى طرفين : طرف يؤيد اتجاه الشورى في الحكم ، والآخر يؤيد الولاية الشرعية للفقيه الجامع للشرائط زمن الغيبة . واتخذ فقهاء أهل البيت (عليهم السلام) موقفاً سلبياً من الاتجاه الاول ، لأن فكرة الشورى تؤمن بأن الولاية قد اعطيت بالأصل للمسلمين على انفسهم ، وان لهم الحق بمنحها الى أي فرد من ابناء الاسلام ضمن شروط وضوابط يتفق عليها . بينما اعتقد الاتجاه الثاني بان الولاية تتحقق اما بالنص من قبل الله سبحانه وتعالى ، او الرسول (صلى الله عليه واله وسلم) ، أو بالنيابة العامة عن الولي.
ونظرة دقيقة لمباحث الشورى والولاية تكشف لنا ان الاختلاف المزعوم الذي تبارت الاقلام لتجسيده وكأنه مشكلة اساسية في نظرية الحكم الاسلامي لا وجود له بالمرة بسبب اختلاف الموضوع . فالولاية الشرعية التي يختص بها الفقيه ـ اضافة الى القضاء والفتوى ـ المرجعية في " الحوادث الواقعة " ، وهو ما عبر عنها بالعناصر المتحركة في التشريع . أو بمعنى آخر : القضايا الاجتهادية التي تحتاج الى جهد وتفريغ سعة في البحث ومنها ـ بالتأكيد ـ ادارة شؤون المجتمع الاسلامي عن طريق مؤسسات الدولة الاسلامية . اما الشورى فهي شأن من شؤون أهل الاختصاص في المعارف الاخرى غير المعارف الدينية . فتخطيط الشوارع ، وتنظيم المرور ، وتصميم المدن ، وتنظيم الجهاز الصحي والتعليمي والدفاعي للدولة مثلاً ليست من اختصاصات الفقيه المباشرة ، بل للفقيه تعيين أهل الاختصاص في ذلك . وانما تنحصر مهمته في الاشراف على مؤسسات الدولة ككل ، والتأكيد من التزامها بالمنهج الاسلامي . وكانت الشورى التي مارسها الرسول (صلى الله عليه واله وسلم) تجسد عمق هذا الاتجاه ، فهو وان شاورهم في حفر الخندق ، والخروج من المدينة الى احد ، والمسير الى آبار بدر ، الا انه (صلى الله عليه واله وسلم) لم يشاورهم قط بخصوص الاحكام الشرعية اصالة أو نيابة . وكذلك فعل أمير المؤمنين (عليه السلام) فشاورهم قبل خروجه الى معركة صفين ، ولكنه لم يستشرهم في شيء من الاحكام الشرعية . بمعنى ان الولاية قضية حكمية شرعية ، والاستشارة قضية موضوعية.
وقوله تعالى : {وَشَاوِرْهُمْ فِي الْأَمْرِ فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ} [آل عمران : 159]، لا تعني ان سلطة الرسول (صلى الله عليه واله وسلم) الشرعية مقيدة برأي الامة ، لأن المولى عز وجل لم يوجب عليه ـ بصفته الرسالية ـ الأخذ بما يشار عليه من صحابته أو من غيرهم . واذا ورد النص التشريعي من قبل الله أو الرسول ، فليس لأحد الاجتهاد ، بل عليهم الأخذ به حتماً : {وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ } [الأحزاب : 36] {وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ } [الأحزاب : 36] ، {وَلَا تَقُولُوا لِمَا تَصِفُ أَلْسِنَتُكُمُ الْكَذِبَ هَذَا حَلَالٌ وَهَذَا حَرَامٌ} [النحل : 116] . فالمشاورة التي أمر الله سبحانه رسوله (صلى الله عليه واله وسلم) الأخذ بها كانت منحصرة في الامور العرفية . ولكن اطلاق النص في الآية الشريفة جعل القوم ينحون مناحي شتى في تفسيرها وتأويلها.
وقد استشار رسول الله(صلى الله عليه واله وسلم) اصحابه في غزوة بدر الكبرى (1) ، وفي غزوة أحد (2) ، وفي غزوة الخندق (3) . ولكنه (صلى الله عليه واله وسلم) لم يشاورهم في كل القضايا المصيرية التي كانت تهم الدولة الفتية . فقد عقد (صلى الله عليه واله وسلم) معاهدته مع اليهود دون استشارة أحد من المسلمين ، وعقد صلح الحديبية رغم معارضة بعض الصحابة لذلك ، وأعلن الحرب على قريش بإرسال السرايا دون استشارتهم . والمدار في كل ذلك انه (صلى الله عليه واله وسلم) كان يعلم المصلحة العليا للاسلام في قرارته لأنه كان قريباً من منبع الوحي ومهبط التنزيل . وحتى في بدر فإنه استشارهم في المكان الذي نزل فيه ، ولم يستشرهم في أصل لزوم القتال أو عدمه . فيكون مقتضى قوله : {وَشَاوِرْهُمْ فِي الْأَمْرِ} [آل عمران : 159]المشاورة الاختصاصية ، لأن الأصل في المشاورة العلم والاختصاص.
وعلى ضوء ذلك يمكننا الآن ترتيب النقاط التالية في مسألة السلطات الثلاث :
أولاً : ان لله سبحانه وتعالى الحاكمية المطلقة : {وَلِلَّهِ يَسْجُدُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ طَوْعًا وَكَرْهًا} [الرعد : 15] ، وهو مصدر السلطات الشرعية التي يستند عليها اساس الدولة ؛ بمعنى الغاء كل اشكال عبودية الانسان للانسان ، واثبات العبودية الحقيقية لله تعالى من قبل جميع الافراد على اختلاف الوانهم وطبقاتهم وانتماء اتهم العائلية والنسبية.
ثانياً : النيابة العامة في هذا العصر للمجتهد المطلق الجامع للشرائط عن الامام ، وفقاً للنص الشريف : {فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ } [النحل : 43] ، والرواية المروية عن الامام صاحب العصر (عليه السلام) : ( واما الحوادث الواقعة فارجعوا فيها الى رواة حديثنا فانهم حجتي عليكم وأنا حجة الله ) (4).
ولاريب ان اطاعة ولي الامر الفقيه الاعلم الزامية على جميع الافراد . فلابد لهم من الانقياد له والتسليم لحكمه ، وهو حكم الله ـ حكماً ظاهرياً كان ام حكماً واقعياً ـ : {فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لَا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجًا مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا} [النساء : 65]
. ولاشك ان عمق فهم الامة لرسالة الاسلام ، وادراك مبانيها الاجتماعية سيجعل أمر الطاعة وتطبيق القوانين امراً ميسورا ، على عكس الامم الاخرى التي لا تملك فهماً ولا ادراكاً لرسالاتها.
ثالثاً : الولايات الشرعية الثلاث المتمثلة بالولاية القضائية ، وولاية الشورى ، والتنفيذية مستمدة من الشريعة الاسلامية ويشرف عليها الفقيه الجامع للشرائط . وينفرد الفقيه بالأشراف المباشر على الجهاز القضائي بخصوص الحكم على الخصومات بين الأفراد أنفسهم أو بين الأفراد والدولة : {فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ} [النساء : 59] ، والفتاوى المتعلقة بالأحكام العبادية الفردية والجماعية : {لِيَتَفَقَّهُوا فِي الدِّينِ وَلِيُنْذِرُوا قَوْمَهُمْ إِذَا رَجَعُوا إِلَيْهِمْ } [التوبة : 122] ، والاشراف الاجمالي على الولايتين الاخريين . فولاية الشورى ، والولاية التنفيذية تسندان للامة لسببين ؛ الاول : ان اعضاء مجلس الشورى يمكن اعتبارهم وكلاء عن الامة في ادارة شؤونها اليومية ، فإطلاق أدلة الوكالة ، كما ورد في قوله تعالى : {فَإِنْ يَكْفُرْ بِهَا هَؤُلَاءِ فَقَدْ وَكَّلْنَا بِهَا قَوْمًا لَيْسُوا بِهَا بِكَافِرِينَ} [الأنعام : 89] ، { قُلْ يَتَوَفَّاكُمْ مَلَكُ الْمَوْتِ الَّذِي وُكِّلَ بِكُمْ ثُمَّ إِلَى رَبِّكُمْ تُرْجَعُونَ} [السجدة : 11]. والثاني : ان الجهاز التنفيذي المتمثل بالرئيس والوزراء يمثلون التخصص ، وهنا تلعب الشورى التخصصية دوراً خطيراً في ادارة الدولة على الاصعدة الصناعية والزراعية والاجتماعية والاقتصادية والعسكرية.
وللامة دور اساسي في المشاركة في النظام السياسي لقوله (صلى الله عليه واله وسلم) : ( كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته ) (5) ، فهي التي تشخص قيادة ولي الامر الفقيه الاعلم عن طريق سعيها الحثيث في الكشف عن الاعلم عن طريق اهل الخبرة والاختصاص من المجتهدين . وهي التي تحدد موضوعات الاحكام الشرعية ، وهي التي تشخص الحرج والعسر وموارد الضرر والضرورة . وهي التي تقوم بتوكيل اعضاء مجلس الشورى او الحل والعقد عن طريق الانتخاب ، لتنظيم الاجهزة الادارية للدولة.
ولابد ان تكون الامة واعية في انتخاب ولي الامر الفقيه الاعلم ، فالقيمة لرأي الجمهور العالم بالحق ، كما قال عز من قائل : {وَيَرَى الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ الَّذِي أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ هُوَ الْحَقَّ} [سبأ : 6] ، فمعيار التشخيص هو رأي العلماء ، وليس رأي من لا يملك ادراكاً واضحاً لدور النظام الاجتماعي في الحياة الاسلامية . ولابد من ملاحظة مسألة مهمة ، وهي ان الشريعة ترجع الموضوعات الخارجية للعرف ، وتبقي الاحكام الشرعية تحت اشرافها المباشر . بمعنى ان الامة من خلال التوكيل والاختصاص تساهم بشكل فعال في ادارة الدولة من النواحي المالية والثقافية والصحية والعسكرية.
وتسند الولايتان للامة ايضاً باعتبارها المسؤولة عن حمل الامانة الجماعية في تنظيم شؤون النظام الاجتماعي لقوله تعالى : {إِنَّا عَرَضْنَا الْأَمَانَةَ عَلَى السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَالْجِبَالِ فَأَبَيْنَ أَنْ يَحْمِلْنَهَا وَأَشْفَقْنَ مِنْهَا وَحَمَلَهَا الْإِنْسَانُ } [الأحزاب : 72] .
واعراض السموات والارض والجبال عن حمل الامة والمسؤولية الاجتماعية يعبر عن عدم صلاحيتها للتكليف الشرعي الذي اختص به الانسان كأفراد وكجماعة . ولكن تحمل الامة مسؤولية تسيير دفة الحكم وتنظيم شؤون الدولة لا يعني تخلي الفقيه في عصر الغيبة عن مسؤوليته الشرعية في الاشراف على مسيرة الدولة بالشكل الاجمالي المعهود . بل تعني ان الفقيه الاعلم ، والامة بكافة افرادها واختصاصاتها يعملان جنباً الى جنب من اجل تكامل النظام الاجتماعي بمؤسساته الحيوية ، واقامة العدل ، وتحقيق الامن لكل الافراد ، واطلاق حرية عبادة الخالق عز وجل وحمايتها.
وبطبيعة الحال ، فان النظام الاجتماعي بجميع افراده مكلف بتنفيذ الاحكام الشرعية ؛ فالفرد في الجماعة المسلمة مسؤول عن تطبيق الحكم الشرعي الخاص به بدافع تقوى الله والالزام الاخلاقي والتكليف الشرعي . وهذه العوامل مجتمعة تساعد الدولة على تثبيت اساس الحكم السياسي بعيداً عن الاساليب المتبعة في انظمة الحكم الاخرى من حيث الترغيب والترهيب . فالكل راع والكل مسؤول عن رعيته . والى ذلك يشير النص القرآني المجيد باستخلاف الامة الاسلامية : {وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ} [النور : 55] ، {وَلَقَدْ مَكَّنَّاكُمْ فِي الْأَرْضِ وَجَعَلْنَا لَكُمْ فِيهَا مَعَايِشَ} [الأعراف : 10]؛ بمعنى اننا جعلنا لكم فيها السلطان والقوة و« الإقدار عليها بالعلم » (6) ، والقدرة على ادارة النظام الاجتماعي في توزيع الخيرات على الافراد بشكل عادل . وهذا هو اصل فكرة النظام السياسي.
رابعاً : وتعكس قاعدة الشورى مبدأ الخلافة العامة للامة التي يحق لها ممارسة هذا الاسلوب من العمل الجماعي في الجهاز التنفيذي وجهاز الحل والعقد . ويكون من مهامها التشريع القانوني في المساحة التي تخرج عن اختصاص الفقيه ، كتخطيط الجهاز الصحي في البلاد من حيث عدالة توزيع الاطباء والممرضين حسب الاختصاصات التي تحتاجها المناطق المبتلاة بتعدد الامراض او كثرتها ؛ وتخطيط النظم التعليمي ، بتوزيع الجامعات والمعاهد العلمية حسب الكثافة السكانية ، وحسب تواجد الموارد الطبيعية والزراعية مما يسهل على الطلبة الاستفادة من العينات الارضية في تجاربهم وبحوثهم ؛ وتخطيط النظام الدفاعي من حيث تعيين عدد الجنود وكمية الوسائل الدفاعية ونوعيتها . فالأمة اذن ـ ممثلة بمجلسها الذي يعكس هو الآخر خلاصة تفكير وعقلية الافراد في النظام الاجتماعي الاسلامي ـ هي التي تتحمل المسؤولية الشرعية الجماعية امام الله سبحانه وتعالى ؛ لان الدولة لا تبنى ولا يمكن حمايتها الا عن طريق الجماعة.
والمقياس في وضع القوانين الخاصة بإدارة الدولة من قبل مجلس الشورى او الحل والعقد هو اتباع الحق وتحديد المصلحة الاجتماعية ، بغض النظر عن آراء الاغلبية البسيطة او الاغلبية التمثيلية ، لقوله تعالى : {لَقَدْ جِئْنَاكُمْ بِالْحَقِّ وَلَكِنَّ أَكْثَرَكُمْ لِلْحَقِّ كَارِهُونَ } [الزخرف : 78] ، {أَفَمَنْ يَهْدِي إِلَى الْحَقِّ أَحَقُّ أَنْ يُتَّبَعَ أَمَّنْ لَا يَهِدِّي إِلَّا أَنْ يُهْدَى} [يونس : 35] ، {فَمَاذَا بَعْدَ الْحَقِّ إِلَّا الضَّلَالُ} [يونس : 32]، فالاسلام لا يجعل كثرة العدد ميزاناً للحق او الباطل : {قُلْ لَا يَسْتَوِي الْخَبِيثُ وَالطَّيِّبُ وَلَوْ أَعْجَبَكَ كَثْرَةُ الْخَبِيثِ } [المائدة : 100]. وعلى ضوء ذلك ، فان المجلس لابد وان يناقش المواضيع والمشاكل المطروحة حتى يصل الى حل يرتضيه الجميع عن طريق الاقناع والتحليل العقلائي ، وليس على اساس الاغلبية البسيطة.
والقوانين التي يصدرها مجلس الشورى بشأن توزيع ثروات البلاد واستثمارها لمصلحة الافراد ، او مجلس ادارة الدولة ( مجلس الوزراء ) بخصوص تنفيذ خطط اشباع حاجات الناس الغذائية والتعليمية والصحية ينبغي ان تخضع للشورى ايضاً ، لقوله تعالى : {وَشَاوِرْهُمْ فِي الْأَمْرِ فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ } [آل عمران : 159] ، وان يكون هدفها بالأصل المصلحة الاسلامية العليا.
ولاشك ان فكرة مجلس الشورى او الحل والعقد نابعة من مفهوم ان للامة الحق في توكيل من تشاء للتعبير عن رأيها في ادارة شؤون الدولة ؛ فيكون للوكلاء نفس الحقوق التي يملكها موكلوهم . ولما كان التوكيل عملاً شرعياً في المعاملات التجارية والاقتصادية والعقود والايقاعات ، كما ذكرنا ذلك سابقاً ، فانه يصح في المعاملات السياسية ايضاً لأطلاق ادلة الوكالة وعدم تقييدها بحقل معين من التوكيل . وقد ورد في سيرة الرسول (صلى الله عليه واله وسلم) انه قال للمسلمين في بيعة العقبة الثانية : ( اخرجوا لي منكم اثنى عشر نقيباً ) فاختار القوم تسعة من الخزرج وثلاثة من الاوس . فكان هؤلاء النقباء وكلاء وممثلي اقوامهم عند الرسول (صلى الله عليه واله وسلم)ودولته الفتية . وقد ورد من مصادر علماء اهل الحديث ان الرسول (صلى الله عليه واله وسلم) خصص في المدينة اربعة عشر رجلاً ، سبعة عن الانصار وسبعة عن المهاجرين كانوا نقباء اقوامهم وجماعاتهم ، فكان يرجع اليهم في الامور الاستشارية التخصصية العرفية . ولو صح ذلك ، لتبين ان رسول الله (صلى الله عليه واله وسلم)كان يدرب الامة على فكرة ( اهل الحل والعقد ) التي لا تعبر الاعن التوكيل والشورى في الامور التخصصية .
خامساً : ان الامة هي التي تقوم بانتخاب رئيس الجهاز التنفيذي الذي ينبغي ان يكون مؤهلاً وجامعاً للشرائط الدينية التي تساعده على اداء دوره الخطير في تنفيذ سياسة الدولة ضمن اطار القواعد الشرعية . فقد ورد في كتب السيرة ان النساء بايعنه (صلى الله عليه واله وسلم)بعد بيعة الرضوان في الحديبية ، كما يشير النص الشريف الى ذلك : {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذَا جَاءَكَ الْمُؤْمِنَاتُ يُبَايِعْنَكَ عَلَى أَنْ لَا يُشْرِكْنَ بِاللَّهِ شَيْئًا وَلَا يَسْرِقْنَ وَلَا يَزْنِينَ وَلَا يَقْتُلْنَ أَوْلَادَهُنَّ وَلَا يَأْتِينَ بِبُهْتَانٍ يَفْتَرِينَهُ بَيْنَ أَيْدِيهِنَّ وَأَرْجُلِهِنَّ وَلَا يَعْصِينَكَ فِي مَعْرُوفٍ فَبَايِعْهُنَّ وَاسْتَغْفِرْ لَهُنَّ اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ} [الممتحنة : 12] . والاصل في الدولة ورئيسها التنفيذي حماية اموال الناس وانفسهم واعراضهم ، وتحقيق عدالة توزيع الثروات بين الافراد ، وحماية حرية عبادة الافراد للخالق عز وجل.
________________________
(1) سيرة ابن هشام ج 1 ص 447.
(2) تاريخ الطبري ج 2 ص 500.
(3) تاريخ الطبري ج 2 ص 573.
(4) الغيبة للشيخ الطوسي ص 198.
(5) صحيح البخاري ج 2 ص 6.
(6) مجمع البيان ج 4 ص 245.
|
|
دراسة يابانية لتقليل مخاطر أمراض المواليد منخفضي الوزن
|
|
|
|
|
اكتشاف أكبر مرجان في العالم قبالة سواحل جزر سليمان
|
|
|
|
|
اتحاد كليات الطب الملكية البريطانية يشيد بالمستوى العلمي لطلبة جامعة العميد وبيئتها التعليمية
|
|
|