المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية


Untitled Document
أبحث عن شيء أخر المرجع الالكتروني للمعلوماتية



الإسلام وبناء المجتمع  
  
667   02:50 صباحاً   التاريخ: 2024-10-29
المؤلف : الشيخ خليل رزق
الكتاب أو المصدر : نظام العلاقات الاجتماعية في نهج البلاغة
الجزء والصفحة : ص11ــ13
القسم : الاسرة و المجتمع / التنمية البشرية /


أقرأ أيضاً
التاريخ: 5-1-2022 2084
التاريخ: 2024-02-11 1475
التاريخ: 1-10-2021 2650
التاريخ: 2-9-2016 2690

أولى الإسلام قضية العلاقات الاجتماعية بين أفراد البشر الرعاية التامة، وأوجد نظاماً اجتماعياً يمكن للبشرية من خلال إتباعه أن تصِل إلى درجة عالية من الرقي والحضارة والسمو على المستوى الاجتماعي والتربوي.

فمن الضرورات الملحة والأكيـدة للحياة الإنسانية والمجتمعات البشرية وجود نظام يحكم العلاقات الاجتماعية فيما بينها لتستقيم أمورها وتستقر أحوالها، ولعل هذا ما يميز الإنسان عن الحيوان الذي لا يملك إلا الغرائز التي يسير عليها من الإحساس

بالجوع والعطش وقضايا الجنس وما شابه ذلك.

وكان من لطف الله تعالى ورحمته وفيضه على عباده أن بعث إليهم أنبياءه العظام، لإصلاح شؤونهم، وتدبير أمورهم، وإخراجهم من ظلمات الجهل إلى واحات المعرفة والنور، فأقاموا لهم المناهج السليمة، لتنظيم حياتهم، وأناروا لهم الطريق، بعدما كانوا يتلبدون في متاهات سحيقة مظلمة في مجاهل هذه الحياة.

والإسلام من هذه الناحية وكما في جميع القضايا المهمة شرّع أنظمة وقوانين من كل الجوانب سواء من ناحية النظام الذي يجب أن يحكم علاقات الناس مع خالقهم ومع بعضهم البعض، أو من ناحية الحق العام للمجتمع وأفراده على كل فرد، أو حق الإنسان على نفسه أو على زوجته وعياله وأرحامه وغيرها من القضايا. واعتنى الإسلام إعتناءً بالغاً بالروابط الاجتماعية التي تجعل من المجتمع الإسلامي مجتمعاً نموذجياً تحكمه مبادئ المحبة والوئام والتآلف..

قال الله تعالى:

{إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ فَأَصْلِحُوا بَيْنَ أَخَوَيْكُمْ وَاتَّقُوا اللَّهَ} [الحجرات: 10] فالإسلام دين كامل وشامل لكل جوانب الحياة، فهو ليس ديناً عبادياً فقط، أو ديناً أخلاقياً واجتماعياً أو سياسياً فحسب بل هو دين ونظام كامل وشامل لكل جوانب الحياة:

((فكما أن الإسلام اعتنى بالجانب الروحي في الحياة الإنسانية كذلك اعتنى بالجانب المادي بنفس المستوى انطلاقاً من أهدافه السامية والعالية.

وإذا رجعنا إلى المبادئ الإسلامية وجدنا أن الإسلام قد أولى كلتا الناحيتين إهتمامه، فهو لا يحدد للإنسان الوظائف المتعلقة بما وراء الطبيعة فحسب وإنّما يأخذ على عاتقه أيضاً تنظيم الصلات بين الفرد والمجتمع. ويوضح العلاقات الاجتماعية من أبسطها إلى أشدها تعقيداً فيضع الحلول لما يعتريها من مشكلات وذلك لأن الاهتمام بهذين الاتجاهين هو الأساس المتين للحياة العامة))(1).

ووضع الإسلام أرفع الآراء بالنسبة إلى التعاليم الاجتماعية والتربوية حيث جاء في الكتاب العزيز:

{لَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلَنَا بِالْبَيِّنَاتِ وَأَنْزَلْنَا مَعَهُمُ الْكِتَابَ وَالْمِيزَانَ لِيَقُومَ النَّاسُ بِالْقِسْطِ} [الحديد: 25].

وقضى بمفاهيمه وقيمه التي جاء بها على الروح القبلية والجاهلية التي كانت تستولي على نفوس الناس في ذاك الوقت.

_______________________________

(1) نظام الحكم والإدارة في الإسلام: الشيخ شمس الدين ص 28. 




احدى اهم الغرائز التي جعلها الله في الانسان بل الكائنات كلها هي غريزة الابوة في الرجل والامومة في المرأة ، وتتجلى في حبهم ورعايتهم وادارة شؤونهم المختلفة ، وهذه الغريزة واحدة في الجميع ، لكنها تختلف قوة وضعفاً من شخص لآخر تبعاً لعوامل عدة اهمها وعي الاباء والامهات وثقافتهم التربوية ودرجة حبهم وحنانهم الذي يكتسبونه من اشياء كثيرة إضافة للغريزة نفسها، فالابوة والامومة هدية مفاضة من الله عز وجل يشعر بها كل اب وام ، ولولا هذه الغريزة لما رأينا الانسجام والحب والرعاية من قبل الوالدين ، وتعتبر نقطة انطلاق مهمة لتربية الاولاد والاهتمام بهم.




يمر الانسان بثلاث مراحل اولها الطفولة وتعتبر من اعقد المراحل في التربية حيث الطفل لا يتمتع بالإدراك العالي الذي يؤهله لاستلام التوجيهات والنصائح، فهو كالنبتة الصغيرة يراقبها الراعي لها منذ اول يوم ظهورها حتى بلوغها القوة، اذ ان تربية الطفل ضرورة يقرها العقل والشرع.
(أن الإمام زين العابدين عليه السلام يصرّح بمسؤولية الأبوين في تربية الطفل ، ويعتبر التنشئة الروحية والتنمية الخلقية لمواهب الأطفال واجباً دينياً يستوجب أجراً وثواباً من الله تعالى ، وأن التقصير في ذلك يعرّض الآباء إلى العقاب ، يقول الإمام الصادق عليه السلام : « وتجب للولد على والده ثلاث خصال : اختياره لوالدته ، وتحسين اسمه ، والمبالغة في تأديبه » من هذا يفهم أن تأديب الولد حق واجب في عاتق أبيه، وموقف رائع يبيّن فيه الإمام زين العابدين عليه السلام أهمية تأديب الأولاد ، استمداده من الله عز وجلّ في قيامه بذلك : « وأعني على تربيتهم وتأديبهم وبرهم »)
فالمسؤولية على الاباء تكون اكبر في هذه المرحلة الهامة، لذلك عليهم ان يجدوا طرقاً تربوية يتعلموها لتربية ابنائهم فكل يوم يمر من عمر الطفل على الاب ان يملؤه بالشيء المناسب، ويصرف معه وقتاً ليدربه ويعلمه الاشياء النافعة.





مفهوم واسع وكبير يعطي دلالات عدة ، وشهرته بين البشر واهل العلم تغني عن وضع معنى دقيق له، الا ان التربية عُرفت بتعريفات عدة ، تعود كلها لمعنى الاهتمام والتنشئة برعاية الاعلى خبرة او سناً فيقال لله رب العالمين فهو المربي للمخلوقات وهاديهم الى الطريق القويم ، وقد اهتمت المدارس البشرية بالتربية اهتماماً بليغاً، منذ العهود القديمة في ايام الفلسفة اليونانية التي تتكئ على التربية والاخلاق والآداب ، حتى العصر الاسلامي فانه اعطى للتربية والخلق مكانة مرموقة جداً، ويسمى هذا المفهوم في الاسلام بالأخلاق والآداب ، وتختلف القيم التربوية من مدرسة الى اخرى ، فمنهم من يرى ان التربية عامل اساسي لرفد المجتمع الانساني بالفضيلة والخلق الحسن، ومنهم من يرى التربية عاملاً مؤثراً في الفرد وسلوكه، وهذه جنبة مادية، بينما دعا الاسلام لتربية الفرد تربية اسلامية صحيحة.