أقرأ أيضاً
التاريخ: 24-3-2016
2331
التاريخ: 23-3-2016
12877
التاريخ: 30-6-2019
2241
التاريخ: 17-4-2017
3395
|
يختلف الركن المعنوي في الجرائم المخلة بالشرف الواقعة على الأشخاص بحس طبيعة، لذلك سوف نتناول دراسة هذا الركن في كل جريمة على حدا وفقاً للآتي:
النبذة الأولى: الركن المعنوي في جريمة الضرب المفضي إلى الموت
خلافاً للمبدأ العام في قانون العقوبات الذي يسمح بمعاقبة أفعال كونها مقرونة بنية جرمية، هذه النية التي تكون عنصراً هاماً من عناصر الجريمة الجزائية، جاء قانون العقوبات يعاقب البعض من التصرف المجرد من أية نية جرمية، واقتصرها على تعديات تطال شخصاً معيناً في جسده أو حياته، أي إيذاء أو قتل غير قصدي ضد أشخاص. (1) وفي سياق جريمة الاعتداء المفضي إلى الموت لا يتصور على أنهـا جريمة غير قصدية، لهذا فالمسؤولية الجزائية في إطار هذه الجريمة تقوم على أساس قصد الإيذاء، أي أنها تتطلب توافر ذات القصد الجرمي في جريمة الإيذاء والمتمثل بشكل عام بالعلم بماديات الجريمة وإرادة تلك الماديات أو قبولها . (2)
تأسيساً على ما تقدم يشترط في جريمة الاعتداء المفضي إلى الموت أن يقع الفعل الجرمي عن علم الجاني وإرادة بأن فعله يترتب عليه المساس بسلامة جسم المجني عليه. (3) لهذا سوف نتناول علم الجاني بأن فعله يترتب عليه نتائج ضارة، وإرادته نحو أتمام النتيجة الجرمية.
أولاً: علم الجاني بما يترتب على فعله من نتائج
لا يتحقق الركن المعنوي في الجريمة الا إذا كان الجاني على علم بنتائج فعله، وفي جريمة الضرب المفضي إلى الموت يجب أن يعلم الجاني بأن فعله ينصب على جسم إنسان حي. (4) وعليه أذا اعتقد أن فعله موجه إلى جثة إنسان وأدى الى إصابة المجني عليه بجروح ثم تبين أن المجني عليه كان حياً، فهنا القصد ينتفي ومن ثم لا يسأل الجاني عن الجريمة حتى لو حصلت الوفاة، وإنما قد يسأل عن جريمة القتل الخطأ إذا توافرت متطلباتها.
علم الجاني بأن فعله ذا خطورة على سلامة جسم المجني عليه، أي أنه يشكل اعتداء على سلامة الجسم، وعليه ينتفي القصد الجرمي بانتفاء هذا العلم، أي إذا كان الجاني يعتقد بعدم خطورة فعله، أو جملة بخطورة فعله على جسم المجني عليه، فلا يسأل الجاني عن جريمة الاعتداء المفضي إلى الموت إذا ما تحققت الوفاة بسبب انتقاء قصد الإيذاء لديه وإنما قيد يسأل عن القتل الخطأ إذا توافرت متطلباتها (5).
ثانياً: إرادة الجاني نحو تحقيق النتيجة الجرمية
تعد الإرادة أحد مكونات الركن المعنوي في الجريم، وهي جوهر القصد الجرمي، لذلك لا يتوافر هذا القصد إلا إذا ثبت اتجاه الجاني إلى ارتكاب الفعل الذي يعلم أنه يمس جسم سلامة المجني عليه، في الوقت ذاته اتجاهها إلى أحداث الأذى الذي توقع حلوله بجسم الضحية (6) ففي جريمة الضرب المفضي إلى الموت يجب أن نتجه إرادة الفاعل إلى ضرب المجنى عليه وتحقيق النتيجة الجرمية المتمثلة بإزهاق الروح.
أ- إرادة الفعل: لا بد من إثبات أن إرادة الجاني قد اتجهت إلى ارتكاب الفعل المتمثل بالضرب أو الجرح أو العنف أو إعطاء مادة ضارة أو الفعل المخالف للقانون بحسب ما نص عليه قانون العقوبات العراقي. أو كما نص عليه المشرع اللبناني أن يستخدم الجاني أعمال الشراسة أو التعذيب ضد المجني عليه.
وعليه إذا لم يثبت أن إرادة الجاني كانت متجهه نحو ارتكاب الفعل وتبين أن الفعـل قـد وقع خطأ من قبل الجاني فأن القصد الجرمي ينتفي، ومن ثم تنتفي مسؤولية الجاني عن الجريمة العمدية أو عن الاعتداء المفضي الى الموت إذا حصلت الوفاة، ولكـن قـد يسأل عن الجريمة غير المقصودة والقتل الخطأ اذا حصلت الوفاة. (7)
ب- إرادة النتيجة: لكي يسأل الجاني عن فعله يجب أن تتجه إرادة الجاني إلى أحداث الأذى بجسم المجني عليه، إذ لا يكفي العلم بالفعل وبخطورته. فلا بد من توافر الاتجاه الإرادي نحو الأذى وتحقق النتيجة الجرمية، لأنه قد يأتي الجاني فعله أملاً عدم حدوث الأذى الذي توقعه، فهذا لا يدل على وجود قصد القتل، ومن ثم لا يُسأل عن جرمية الإيذاء المتعمد وإنما قد يسأل عن الإيذاء الخطأ. (8)
وفي جريمة الضرب المفضي إلى الموت تتحقق النتيجة بإزهاق روح المجنى عليه سواء كانت إرادة الجاني بلوغ نتيجة الوفاة أم لم تكن، فهو مسؤول عن النتيجة إلا أن قواعد وأحكام المسؤولية قد تتغير بين إذا كانت الجاني يريد أزهاق الروح أم لا يريد ذلك.
النبذة الثانية: الركن المعنوي في جريمة الاعتداء على الأعراض
يختلف الركن المعنوي في جريمة الاعتداء على الأعراض بحسب طبيعة الجريمة، وهذا ما سوف نبينه تباعاً:
أولاً: الركن المعنوي في جريمة الاغتصاب
الركن المعنوي في جريمة الاغتصاب يتطلب قصداً عاماً وقصداً خاصاً، فالقصد العام يجب أن يعلم الجاني بأن فعله يشكل جريمة معاقب عليه قانوناً، وإن فعله مناف للقيم والأخلاق العامة ويمس بشرف الأخرين بالإضافة يجب أن تكون إرادته حرة من كل تأثير.
أما القصد الخاص يجب أن تتجه إرادة الجاني إلى تحقيق النتيجة بالرغم من علمة أن فعله يشكل جريمة معاقب عليها قانوناً.
ثانياً: الركن المعنوي في جريمة هتك العرض
إن جريمة هتك العرض من الجرائم العمدية التي يتطلب المشرع بها توفر القصد الجنائي لدى الجاني، ويكفي فيها القصد الجنائي العام بعنصرية العلم والإرادة، ولم يتطلب المشرع توفر النية الخاصة لدى الجاني.
ويتحقق القصد الجنائي في جريمة هتك العرض متى كان الجاني على علم بحقيقة فعله وأنه يقوم به بغرض الإخلال بالحياء العرضي للمجني عليه بدون رضاه وبذلك تنصرف إرادته إلى الفعل وإحداث النتيجة (9) .
فلا تتحقق جريمة هتك العرض إذا تواجد كثيرون بسيارة عامة ويتزاحمون للنزول منها وأثناء ذلك يمزق أحدهم ملابس أخر نتيجة لهذا التزاحم فيكشف عورة من عوراته وحتى يتحقق الركن المعنوي لهذه الجريمة يجب أن يعلم الجاني بأنه يخل بالحياء العرضي للمجني عليه، وأن تتجه إرادته إلى هذا الفعل، فهذان العنصران كافيان لتحقق الركن المعنوي لهذه الجريمة (10) .
ثالثاً: الركن المعنوي في جريمة الزنا
الركن المعنوي في جريمة الزنا يتطلب توافر القصد العام والقصد الخاص، فالقصـ العام يتكون من العلم والإرادة فالعلم في جريمة الزنا يجب أن يعلم الفاعلين بأن فعلهم يشكل جريمة زنا. أما الإرادة يجب أن تكون إرادة الفاعلين حرة من كل تأثير.
أما القصد الخاص يجب أن نتجه إرادة الفاعلين إلى تحقيق النتيجة الجرمية وهي إتمام عملية الزنا.
النبذة الثالثة: الركن المعنوي في جريمة الابتزاز
يقصد به إدراك الجاني وقت اقترافه للفعل المادي المكون للجريمة أن قوله أو كتابته من شأن أي من هما أن يسبب انزعاج الضحية، وقد ترجمه على انه تهديد مصحوباً بطلب او تكليف بالقيام بأمر ما. ولا يشترط أن يكون هدف المبتز تحقيق الشيء المهدد لأن مجرد التهديد هو جريمة قائمة بذاتها ويعاقب عليها القانون لما يحدثه في انزعاج في نفس المجني عليه ويؤثر على نفسيته والركن المعنوي مسلك ذهني ونفسي للجاني، كونه يوفر مقومات قيام مسؤولية انية مع الأخذ بنظر الاعتبار حق للدولة في العقاب الذي يبني بالأساس على هذه المقومات (11).
فيجب أن يكون التهديد جدي بدرجة كافية تجعل الشخص المقصود به، يعتقد بتحققه بحيث يكون من شأن هذا التهديد التأثير في نفس المجني عليه، كما يلاحظ ان الركن المعنوي لجريمة الابتزاز يلزم أن تتجه فيها إرادة الجاني الى ارتكاب الفعل المكون للركن المادي للجريمة مع علمه إلى ارتكابه جريمة يعاقب عليها القانون. وأن تكون إرادة الجاني معتبرة معنى ذلك أن تكون حرة ومميزة وبعبارة أخرى، إن الركن المعنوي للجريمة يتحقق في قيام القصد الجنائي لدى المبتز، أي تكون إرادته وعلمه قد اتجها إلى وتهديد الضحية بالمعلومات أو الصور التي يمتلكها وابتزازها او استغلالها وهو ما يمثل اعتداء على حرمة الحياة الخاصة لها .
____________
1- فيلومين يواكيم نصر، قانون العقوبات الخاص جرائم وعقوبات دراسة مقارنة، الطبعة الأولى، المؤسسة الحديثة للكتاب طرابلس 2013، ص 409
2- ماهر عبد شويش الدرة، شرح قانون العقوبات العراقي القسم الخاص المكتبة القانونية، بغداد، دون تاريخ نشر ، ص -265
3- محمد سعيد نمور، شرح قانون العقوبات القسم الخاص، ج 1، كلية القانون، جامعة مؤتة، دار الثقافة للنشر والتوزيع عمان 2004، ص 153
4- حسني محمد سليمان، قانون العقوبات القسم الخاص، الطبعة الأولى، منشورات زين الحقوقية، بيروت، 2020 ، ص 276.
5- جمال ابراهيم الحيدري، القسم الخاص من قانون العقوبات، مكتبة السنهوري، بغداد، 2013 ، ص 265
6- جمال إبراهيم الحيدري، شرح أحكام القسم الخاص من قانون العقوبات، المرجع السابق، ص 266
7- جمال إبراهيم الحيدري، شرح أحكام القسم الخاص من قانون العقوبات، المرجع السابق، ص 266
8- جمال إبراهيم الحيدري، شرح أحكام القسم الخاص من قانون العقوبات، مرجع سابق، ص .266
9- شادي عبد الله، جناية هتك العرض 19 تشرين الثاني 2009، بحث منشور على شبكة الإنترنت http://shady80.yoo7.com/montada-f3/topic-t151.htm تاريخ الزيارة .2021/10/1
10- طارق سرور، قانون العقوبات القسم الخاص (جرائم الإعتداء على الأشخاص والأموال)، الطبعة الأولى، دار النهضة العربية، القاهرة، 2003، ص 235
11- علي جبار صالح الحسـيناوي جرائم الحاسوب والانترنت دار اليازوري العلمية للنشـر والتوزيع عمان 2018، ص 31
|
|
"عادة ليلية" قد تكون المفتاح للوقاية من الخرف
|
|
|
|
|
ممتص الصدمات: طريقة عمله وأهميته وأبرز علامات تلفه
|
|
|
|
|
المجمع العلمي للقرآن الكريم يقيم جلسة حوارية لطلبة جامعة الكوفة
|
|
|