المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية


Untitled Document
أبحث عن شيء أخر المرجع الالكتروني للمعلوماتية



النفس القوية والكلام الحازم  
  
263   09:59 صباحاً   التاريخ: 2024-09-19
المؤلف : محمد تقي فلسفي
الكتاب أو المصدر : الأفكار والرغبات بين الشيوخ والشباب
الجزء والصفحة : ص 121 ــ 124
القسم : الاسرة و المجتمع / المراهقة والشباب /

قال الإمام علي (عليه السلام): (بيان الرجل ينبىء عن قوة جنانه) (1).

إن بعض الشبان رغم أنهم درسوا جيداً، ولكنهم لا يجرأون على سؤال المعلم في الصف، أو أنهم يرتبكون في الامتحان الشفهي وينسون ما حفظوه. أو حتى لدى مواجهتهم للناس يسيطر عليهم الخوف والخجل بحيث لا يستطيعون توضيح المسائل العادية، وبيان ما يريدون بصورة صحيحة، وكأنهم يتصورون أنفسهم أصغر من أن يتحدثوا إلى الناس أو يسألوا المعلم سؤالاً.

سوء التربية والشعور بالانفعال:

إن أكثر هؤلاء الشبان يصابون بهذه الحالة من ضعف النفس والانفعال النفسي إثر سوء التربية في فترة الطفولة، وإذا لم يعالجوا أنفسهم، ويمحوا الذكريات المرة لعهد الطفولة من أذهانهم، وينسوها، فإنهم لن يستطيعوا الانسجام والتفاهم مع الناس بصورة حسنة، بل يبقون إلى آخر العمر معذبين من الشعور بالخجل والحقارة.

بعض الآباء والامهات يحترمون طفلهم ويصغون إلى حديثه ويهتمون به، ولكنهم يفرطون في هذا العمل عما تقتضيه الحال، ويطلبون من الطفل أن يتحدث أمام الكبار، بكلام جميل يبعث السرور في قلوب الجميع، فيصفقون له كلما تحدث، ويشجعونه في ما يقوم به.

إن الوالدين ومن حولهم بأعمالهم المفرطة الجاهلة هذه يضلون الطفل، ويوحون إليه أنه كلما تحدث أكثر اكتسب حبا واحتراما. فعندما يتحدث يسكت الجميع ويصغون إليه باشتياق، فيجعلونه يتصور أنه عندما يتحدث يجب أن يصمت عالم الكبار وعلى الجميع أن يصغوا إليه، وأنه إذا طلب أثناء حديثه شيئاً يجب ان يسرع الجميع لتلبية طلبه.

عادة الثرثرة

ونتيجة هذه التربية الخاطئة، فإن الطفل يعتاد على الثرثرة، معتقداً أن هذا العمل هو أحد عوامل جلب محبة الآخرين ومتصوراً أنهم عندما يلبون طلباته من واجبهم أن يطيعوه فوراً ويحققوا له ما يطلب.

إن أمثال هؤلاء الآباء والأمهات، هم أعداء بلباس أصدقاء لأبنائهم، وبالاحترام غير المدروس لهم يجلبون الإهانة وفقدان الإحترام من غيرهم. إن هؤلاء الآباء الجهلاء قال عنهم الإمام الباقر (عليه السلام): (شر الآباء من دعاه البر إلى الإفراط).

الطفل يكبر تدريجياً، وتنتهي فترة كلامه الحلو وجاذبيته، ولكن تبقى لديه علة الثرثرة، وتوقع الإطاعة، راسخة في أعماقه، فهو يرغب، كالماضي، بالثرثرة، وينتظر أن ينال التشجيع والإحترام كل مرة. ولكنه لم يعد ذلك الطفل العزيز المحبوب، وأعضاء العائلة غير مستعدين للإصغاء إلى حديثه، وتلبية طلباته، ولهذا السبب (أي عدم الإهتمام) يشعر بالضيق والغضب. فتظهر لديه ردود فعل، يغتاظ، يشتم، يصرخ، الخلاصة أنه يقوم بالأعمال غير العادية.

نتائج غير منتظرة:

المصيبة هي عندما يصل الطفل إلى سن الشباب ويدخل إلى المجتمع ويريد طبقاً لتربيته في فترة الطفولة، أن يجلب محبة الآخرين بالثرثرة، وينال تشجيعهم ويلبون فوراً طلباته، ولكنه خلافاً لتوقعه يشاهد أن ثرثرته ليس فقط لا تجعله محبوباً ومطاعاً، بل مطروداً والناس غير مستعدين لرؤيته لئلا يبتلوا بثرثرته.

إن مثل هذا الشاب إذا وعى لحالته وعالج (حب الذات) لديه، وكذلك عالج ثرثرته بسرعة، يستطيع عندها أن ينسجم مع المجتمع، ويستمر في حياته بهدوء، وإن لم يعالج نفسه، وبقيت لديه عادة الثرثرة وحب الذات فإنه سيواجه كره الناس وزجرهم له وإلى نهاية عمره يعيش في عذاب ولا يستطيع مخالطة الناس أو الانسجام معهم.

التربية الجيدة وحسن التفاهم:

نستنتج من مجموع البحث أن التربية الصحيحة لفترة الطفولة هي أحد عوامل حسن التفاهم الإجتماعي وأن التربية السيئة تبعث على الإختلاف وهي أحد عوامل الفشل وسبب من أسباب الهزيمة.

إن الأشخاص الذين تربوا تربية سيئة في الطفولة يجب أن لا ييأسوا من إصلاح أنفسهم، لأن سيئات الأخلاق كالأمراض الجسمية يمكن علاجها.

علاج الأمراض الأخلاقية:

فهؤلاء إذا شخصوا، في مرحلة الشباب والرجولة، أمراضهم الأخلاقية جيداً، وعرفوا طريقة العلاج، وصمموا على المعالجة، بالتأكيد سوف ينجحون في ذلك، ولكن، في هذا الصدد، يجب ملاحظة نقطتين:

الأولى: إن الإنسان أسير (حب الذات) ولا يستطيع أن يشخص نقائصه بسهولة، ومن الأفضل، لتشخيص أمراضه، أن يضع نفسه تحت إشراف معلم أخلاق، ليقف بالدراسة والبحث على نقائصه وعيوبه.

الثانية: على المرء الذي تلقى تربية خاطئة أن يسرع في معالجة نفسه، لأن الأمراض الأخلاقية كالأمراض الجسمية تتأصل مع مرور الزمن وتصبح بالتدريج مزمنة، وعند ذاك يصبح العلاج صعباً، وأحياناً غير ممكن.

قال الإمام علي (عليه السلام): (من لم يتدارك نفسه بإصلاحها أعضل داؤه، وأعيى شفاؤه، وعدم الطبيب) (2).

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

1ـ غرر الحكم، ص 343.

2ـ مستدرك الوسائل، ج 2، ص 310. 




احدى اهم الغرائز التي جعلها الله في الانسان بل الكائنات كلها هي غريزة الابوة في الرجل والامومة في المرأة ، وتتجلى في حبهم ورعايتهم وادارة شؤونهم المختلفة ، وهذه الغريزة واحدة في الجميع ، لكنها تختلف قوة وضعفاً من شخص لآخر تبعاً لعوامل عدة اهمها وعي الاباء والامهات وثقافتهم التربوية ودرجة حبهم وحنانهم الذي يكتسبونه من اشياء كثيرة إضافة للغريزة نفسها، فالابوة والامومة هدية مفاضة من الله عز وجل يشعر بها كل اب وام ، ولولا هذه الغريزة لما رأينا الانسجام والحب والرعاية من قبل الوالدين ، وتعتبر نقطة انطلاق مهمة لتربية الاولاد والاهتمام بهم.




يمر الانسان بثلاث مراحل اولها الطفولة وتعتبر من اعقد المراحل في التربية حيث الطفل لا يتمتع بالإدراك العالي الذي يؤهله لاستلام التوجيهات والنصائح، فهو كالنبتة الصغيرة يراقبها الراعي لها منذ اول يوم ظهورها حتى بلوغها القوة، اذ ان تربية الطفل ضرورة يقرها العقل والشرع.
(أن الإمام زين العابدين عليه السلام يصرّح بمسؤولية الأبوين في تربية الطفل ، ويعتبر التنشئة الروحية والتنمية الخلقية لمواهب الأطفال واجباً دينياً يستوجب أجراً وثواباً من الله تعالى ، وأن التقصير في ذلك يعرّض الآباء إلى العقاب ، يقول الإمام الصادق عليه السلام : « وتجب للولد على والده ثلاث خصال : اختياره لوالدته ، وتحسين اسمه ، والمبالغة في تأديبه » من هذا يفهم أن تأديب الولد حق واجب في عاتق أبيه، وموقف رائع يبيّن فيه الإمام زين العابدين عليه السلام أهمية تأديب الأولاد ، استمداده من الله عز وجلّ في قيامه بذلك : « وأعني على تربيتهم وتأديبهم وبرهم »)
فالمسؤولية على الاباء تكون اكبر في هذه المرحلة الهامة، لذلك عليهم ان يجدوا طرقاً تربوية يتعلموها لتربية ابنائهم فكل يوم يمر من عمر الطفل على الاب ان يملؤه بالشيء المناسب، ويصرف معه وقتاً ليدربه ويعلمه الاشياء النافعة.





مفهوم واسع وكبير يعطي دلالات عدة ، وشهرته بين البشر واهل العلم تغني عن وضع معنى دقيق له، الا ان التربية عُرفت بتعريفات عدة ، تعود كلها لمعنى الاهتمام والتنشئة برعاية الاعلى خبرة او سناً فيقال لله رب العالمين فهو المربي للمخلوقات وهاديهم الى الطريق القويم ، وقد اهتمت المدارس البشرية بالتربية اهتماماً بليغاً، منذ العهود القديمة في ايام الفلسفة اليونانية التي تتكئ على التربية والاخلاق والآداب ، حتى العصر الاسلامي فانه اعطى للتربية والخلق مكانة مرموقة جداً، ويسمى هذا المفهوم في الاسلام بالأخلاق والآداب ، وتختلف القيم التربوية من مدرسة الى اخرى ، فمنهم من يرى ان التربية عامل اساسي لرفد المجتمع الانساني بالفضيلة والخلق الحسن، ومنهم من يرى التربية عاملاً مؤثراً في الفرد وسلوكه، وهذه جنبة مادية، بينما دعا الاسلام لتربية الفرد تربية اسلامية صحيحة.