أقرأ أيضاً
التاريخ: 18-10-2016
763
التاريخ: 17-1-2023
2968
التاريخ: 2023-06-25
791
التاريخ: 18-10-2016
1085
|
ويصف الإمام هؤلاء الصالحين الذين يسأل الله تعالىٰ أن يلتحق بهم بهذا الوصف الجليل الذي يستحق الكثير من التفكير والتأمّل : « الذين صفّيت لهم المشارب ، وبلّغتهم الرغائب ... وملأت لهم ضمائرهم من حبك ، وروّيتهم من صافي شربك ».
فما هو هذا الشراب الصافي الطهور الذي يسقيهم ربهم في الدنيا ؟ وأيّ إناء هذا الإناء الذي يملأه الله من حبه ؟
إن هذا الشراب الصافي هو شراب « الحب » و « اليقين » و « الإخلاص » و « المعرفة ». والإناء هو « القلب ».
وقد رزق الله تعالىٰ الإنسان اوعية كثيرة للمعرفة واليقين والحب ، ولكن « القلب » هو أعظم هذه الأواني جميعاً وأوعاها.
فإذا صفّیٰ الله تعالىٰ لعبده شرب قلبه ، وسقاه شراباً صافياً طهوراً ، كان عمله وكلامه وعطاؤه أيضاً صافياً ونقياً مثل شرابه.
فإنّ بين واردات القلب وصادراته تشابهاً ومسانحة. فإذا كانت واردات القلب نقية صافية ، من نمير نقي عذاب ، كانت صادرات القلب تشبهها ، فيكون فعل العبد ، وكلامه ، ورأيه ، وأخلاقه ، وموقفه ، وعطاؤه صافياً عذباً. وإذا كانت واردات القلب قذرة أو مشوبة بالقذارة مما يوحيه الشياطين إلىٰ أوليائهم ، كانت صادرات القلب لا محالة تشبهها من كذب ونفاق وشحّ وإعراض عن الله ورسوله.
عن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) : « إنّ في القلب لمتين : لمّة من الملك ، وإيعاد بالخير وتصديق بالحق ، ولمّة من العدو : إيعاد بالشر وتكذيب للحق. فمن وجد ذلك فليعلم أنه من الله ، ومن وجد الآخر فليتعوّذ بالله من الشيطان ثم قرأ « الشّيطانُ يعِدُكم الفقرَ ، ويأمُركم بالفحشاءِ واللهُ يعِدكُم مغفرةً مِنهُ وفضلاً » ([1]).
ولمّة الملك هي الواردات الربّانية إلىٰ القلب. ولمّة الشيطان هي الواردات الشيطانية إلىٰ القلب.
أرأيت « النحل » إذا أخذ من رحيق الأزهار أعطىٰ الناس عسلاً حلواً شهياً ، فيه شفاء للناس ، وإذا أخذ طعامه من موارد غير صافية وغير نقية كان عطاؤه كذلك ، بطبيعة الحال.
يقول تعالىٰ عن خليله ونبيه إبراهيم واسحاق ويعقوب (عليهما السلام) : ( وَاذْكُرْ عِبَادَنَا إِبْرَاهِيمَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ أُولِي الْأَيْدِي وَالْأَبْصَارِ õ إِنَّا أَخْلَصْنَاهُم بِخَالِصَةٍ ذِكْرَى الدَّارِ õ وَإِنَّهُمْ عِندَنَا لَمِنَ الْمُصْطَفَيْنَ الْأَخْيَارِ ) ([2]).
وإنّ هذا الوصف الجليل الذي يصف الله تعالىٰ به عطاء هؤلاء الأنبياء الكبار ، وهو القوة والبصيرة : « الأيدي والأبصار » هو نتيجة هذا الشرب الخالص الذي آتاهم الله تعالىٰ : ( إِنَّا أَخْلَصْنَاهُم بِخَالِصَةٍ ذِكْرَى الدَّارِ ).
ولولا أن الله تعالىٰ أخلصهم بهذه الخالصة من ذكرىٰ الدار ، لم تكن لهم قوة ولا بصيرة ([3]).
إذن لكي يصفو عمل الإنسان لابدّ من ان يصفو شربه ، والقلب يعطي ما يأخذ.
[1] تفسير الميزان 2 : 404.
[2] ص : 45 ـ 47.
[3] هناك علاقة تبادلية (جدلية) بين واردات القلب وصادراته، فإذا حسنت واردات القلب حسنت صادراته ... والعكس أيضاً صحيح، فإن الإنسان إذا حسنت أفعاله أحسن الله إليه بخالصة ذكرىٰ الدار، وإذا ساءت أفعاله حجب الله تعالىٰ عنه صافي الشرب، وأوكل أمره إلىٰ نفسه، يشرب من حيث يوحي إليه الشيطان والهوىٰ، ومما يشرب الناس علىٰ مائدة الشيطان والهوىٰ.
|
|
هذا ما يفعله فيروس كورونا بجذع الدماغ الذي "يتحكم في الحياة"
|
|
|
|
|
تسارع نمو قدرة طاقة الرياح في العالم.. وهذه أكبر 6 دول
|
|
|
|
|
العتبة العلوية المقدسة تقيم ندوة علمية في محافظة البصرة حول مكانة النبي محمد (ص) في القرآن الكريم
|
|
|