المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية


Untitled Document
أبحث عن شيء أخر



خداع المدنية الغربية  
  
190   08:26 صباحاً   التاريخ: 2024-09-08
المؤلف : جماعة من العُلماء
الكتاب أو المصدر : نحو حياة أفضل
الجزء والصفحة : ص 53 ــ 58
القسم : الاسرة و المجتمع / الحياة الاسرية / مشاكل و حلول /


أقرأ أيضاً
التاريخ: 27-3-2019 2166
التاريخ: 15/10/2022 1359
التاريخ: 21-4-2016 2342
التاريخ: 23-4-2022 1903

يتصور أكثر الناس عندما يواجهون المدنية الغربية - وتحت تأثير منها - أن الإنسان الذي يتطلب التقدم والتطور، عليه ان يضرب صفحاً عن قيمه الأخلاقية والدينية ليعود مثل الجيل الغربي الجديد، إباحياً، يتطلب اللذة أينما وجدت، لا منتمياً إلى أية رابطة، وذلك لكي يستطيع ان يساير قافلة المدنية، وينجو من التخلف، ويعيش الحياة السعيدة!!

ولكن المجتمعات الغربية - من وجهة نظر العالم الإجتماعي - تظل مثل سفينة بلا ربان قطعت كل الحبال التي تشدها إلى المرسى فهي طعمة الأمواج تميل بها إلى كل جانب.

ان ما نراه في الغرب أو ما أهداه الغرب إلينا نحن الشرقيين هو مدنية بلا عاطفة بعيدة عن الاحساسات البشرية النزيهة الأصيلة. فهذا هو - اللورد لوتين - العالم الإنكليزي ورئيس تحرير مجلة (روند تيبل) في حفلة تخرج طلاب جامعة (عليكَره) في الهند يقول: (ان المدنية الحديثة جرتنا إلى شفا جرف الهاوية، وسوف تقودكم إليه شئتم أم أبيتم).

اننا نحتاج إلى دواء خالص، وأظن ان دواء دائنا عندكم أما أنتم فكونوا أذكياء فطنين حتى لا تتركوا دواءكم طعمة للرياح وكونوا دقيقين حتى لا تقعوا في لذاتنا المعجونة المسمومة) (1).

نعم هذا هو مظهر الغرب حيث يمكن ان نقول ان السعادة هناك وصلت إلى طريق مسدودة، وان جذور هذا الضياع يجب ان يبحث عنها في حذف الجانب المعنوي من الحياة وعدم التوجه للجوانب الأخلاقية والنفسية والعقائدية.

والنظر إلى كل شيء بالمنظار المادي ليس فقط لا يحل المشاكل وانما هو يوقع الإنسان - في النهاية - في حبائله ويخنقه كما تخنق دودة القز نفسها في شرنقتها.

وكل هذه المدارس والفلسفات المتلونة التي تنمو في الأذهان الغربية كما ينمو الفطر على الأشجار والمستنقعات والتي تشغل أذهان مجموعة من الشباب إلى فترة من الزمن، كل هذه مظاهر من ضياع الجيل الغربي الحاضر وعلائم على ضعف الغرب وفشله عن الإجابة على التساؤلات الواقعية البناءة للوجود الإنساني وظهور (الهيبية) يؤيد هذا المعنى.

ولسنا الآن بصدد ان نتحدث عن الأيدي الخفية التي تقوي أمثال هذه المبادىء وتجعلها جسراً للوصول إلى أهدافها الاستعمارية ولكن الذي يظهر عند الحديث مع هذا الشباب المتمرد الميت القلب من الحياة الميكانيكية في الغرب - والذي يتجه نحو الشرق أفواجاً، الذي يظهر هو ان: الحضارة الغربية الخيالية لم تستطع بكل مظاهرها الخداعة ان تمنحهم الطمأنينة حتى ان هؤلاء يوصون الشرقيين كي لا يرفعوا أيديهم في مقابل لا شيء عن الراحة النفسية التي يعيشونها.

نتائج التقليد الأعمى:

ان الإتباع غير المشروط للمجتمعات المتحضرة كان عاملاً في تأخر أكثر الأمم المتأخرة (أو على الأصح الأمم التي أبقيت على تأخرها) حتى ان الأفراد في المجتمعات النامية لا يمتلكون استقلالاً وابتكاراً خاصاً بهم وانما هم أذناب دائماً قد ركزوا عيونهم وخاطوها بالبوابات الغربية لكي لا يفوتهم التسابق في (موضة اللباس) أو الحذاء والقبعة والشعر والشارب وغير ذلك وعادوا لا يمتلكون أي اختيار أو قدرة أمام الغرب مما يذكرنا - دون اختيار أيضاً - بتلك الحيرة التي يقال انها تصيب بعض الطيور لمجرد رؤيتها لبعض الحيات السامة ... فتفقد السيطرة على نفسها تماماً.

فبدلاً من اقتباس النتائج التجربية المفيدة للآخرين نجد هؤلاء قد تعلقوا بالجوانب السلبية فرأوا أن شرب المشروبات الكحولية واللاتقيد واللامبالاة والتحلل، والسهرات الماجنة الحمراء المفسدة هي فقط مظاهر التمدن والتحضر.

ومثل هذا التقليد في هذه الحقول - من وجهة نظر علماء النفس والاجتماع يعبر عن مرض خطير ويحكي عن عقد للحقارة النفسية الفردية والإجتماعية بحيث تجدهم يعملون على تقليد الأمم المتقدمة دائماً للتعويض عن تأخرهم عن الركب.

ان شيوع هذا الوباء الإجتماعي في بعض الأجواء قد يصل إلى حد يكون فيه الأمر كما وصفه أحد الكتاب حيث قال: (اننا في وطننا أشبه ما نكون بأناس غرباء عن أنفسهم هم: في لباسنا، وبيوتنا، طعامنا، أدبنا، مطبوعاتنا، والأخطر من الكل في ثقافتنا نربي جيلا متفرنجاً، ونفكر تفكيراً متفرنجاً، ونحاول ان نحل كل المشاكل بالطريقة الافرنجية).

وأعظم خطر تجره مثل هذه الأنماط من التقليد هو الركود الفكري واضمحلال الشخصية الفردية والإجتماعية فالأمة المقلدة تتكي وتعتمد دائماً على الآخرين وليس لها استقلالها ولا تستطيع ان تقف على قدميها، بعد ان تموت فيها روح الإعتماد على النفس وتحكم على نفسها بنوع من العبودية المقيتة.

علاج داء التقليد:

ولأجل علاج المرض يجب في البدء ان تحيا في الأفراد روح الإعتماد على النفس، ومن ثم العود وإلقاء نظرة عميقة وخلق انقلاب أخلاقي ثقافي، يمحو كل مظاهر التسليم للأجانب ويشتمل هذا الانقلاب كل شيء من اللباس والطعام حتى الاقتصاد والثقافة والأخلاق.

يقول الإمام الصادق (عليه السلام) سادس أئمة المسلمين: انه أوحى الله إلى نبي من أنبيائه: (قل للمؤمنين لا تلبسوا لباس أعدائي ولا تطعموا مطاعم أعدائي، ولا تسلكوا مسالك أعدائي فتكونوا أعدائي كما هم أعدائي) (2).

ذلك ان اتباع سنة أعداء الدين وسلوكهم يقود الإنسان بشكل لاشعوري لكي يكون مثلهم في كل شيء.

وهذا القرآن الكريم يمنع النبي الأكرم (صلى الله عليه وآله) عن اتباع متطلبات الكفار الأجانب - لكي يعرف الناس وظائفهم فيقول: {وَلَا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَهُمْ وَاحْذَرْهُمْ أَنْ يَفْتِنُوكَ عَنْ بَعْضِ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ إِلَيْكَ} [المائدة: 49].

وللصراع مع التقليد يجب إيجاد انقلاب فكري وثقافي يحرك الطاقات الخلاقة في الناس وينمي استعداداتهم الذاتية.

كما يجب احياء التاريخ الإسلامي الوضاء في أذهان الأمة وتهيئة وسائل التحقيق والبحث العلمي للشباب وترويج الصناعات والإختراعات الداخلية.

ألم يكن المجتمع الإسلامي مشعلاً وضاءً لدنيا العرب التي كانت تعيش مراحل الظلام والتخلف؟

ألم يكن علم المسلمين السبب الأصلي للأسلوب العلمي في أوروبا؟

فلماذا لا نعتمد ـ الآن - على أنفسنا واستعداداتنا الذاتية؟ وماذا نفقد مما لدى الآخرين؟

يقول (جورج سارتن) (ان شمس الحضارة والعلم أيضاً أشرقت من الشرق ولقد قدم الشرقيون معونة كبرى لحضارتنا) (3).

ترى ألم تكن منا نحن المسلمين نجوم الآفاق العلمية الإنسانية من أمثال: أبي علي بن سينا، وأبي زكريا الرازي، والفارابي والخوارزمي، أبي ريحان البيروني، والخواجة نصير الدين الطوسي وجابر بن حيان، يعقوب بن اسحاق الكندي، وابن رشد، وابن الهيثم، والاستخري وغيرهم؟ وكل من هؤلاء يعد مؤسساً في مختلف الحقول الفلسفية منها والتاريخية والجغرافية والرياضية والطبيعية والفلكية الفيزيائية والكيمياوية.

فلماذا نحن اليوم مقلّدون، متبعون بشكل وآخر نعيش على هامش الغرب ونقتات أطعمته الفاسدة ونفتح أسواقنا لتصريف بضاعته الفكرية والإجتماعية الكاسدة؟!

الإقتباس الصحيح:

اننا لا ننكر مطلقاً صحة الإقتباس الواعي من النتائج العلمية والفكرية للآخرين، كما لا ننكر أبداً الإستفادة من أنظار المتخصصين إذ ان الإستفادة من هذه الإرشادات في أي فن كان أمر لازم والا وجب على كل إنسان ان يختار منذ الطفولة تجرباته وسلوكه الخاص به. وحينذاك فمن الواضح، ان الحياة في المجتمع ستكون أمراً صعباً وقد لا تطاق وعليه فيجب اتباع المظاهر الحسنة المفيدة والنتائج التجريبية الصحيحة وتكون نظرة صحيحة واعية من خلال المعطيات الفكرية والتجريبية للأمم أو الحضارات وأخذها بعين الإعتبار عند تحديد المركز الفكري من الأشياء.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

1ـ الإسلام والمدنيّة الغربية، ص 146.

2ـ وسائل الشيعة، ج 3، ص 279.

3ـ تاريخ العلم، تأليف جورج سارتن، ص 181. 




احدى اهم الغرائز التي جعلها الله في الانسان بل الكائنات كلها هي غريزة الابوة في الرجل والامومة في المرأة ، وتتجلى في حبهم ورعايتهم وادارة شؤونهم المختلفة ، وهذه الغريزة واحدة في الجميع ، لكنها تختلف قوة وضعفاً من شخص لآخر تبعاً لعوامل عدة اهمها وعي الاباء والامهات وثقافتهم التربوية ودرجة حبهم وحنانهم الذي يكتسبونه من اشياء كثيرة إضافة للغريزة نفسها، فالابوة والامومة هدية مفاضة من الله عز وجل يشعر بها كل اب وام ، ولولا هذه الغريزة لما رأينا الانسجام والحب والرعاية من قبل الوالدين ، وتعتبر نقطة انطلاق مهمة لتربية الاولاد والاهتمام بهم.




يمر الانسان بثلاث مراحل اولها الطفولة وتعتبر من اعقد المراحل في التربية حيث الطفل لا يتمتع بالإدراك العالي الذي يؤهله لاستلام التوجيهات والنصائح، فهو كالنبتة الصغيرة يراقبها الراعي لها منذ اول يوم ظهورها حتى بلوغها القوة، اذ ان تربية الطفل ضرورة يقرها العقل والشرع.
(أن الإمام زين العابدين عليه السلام يصرّح بمسؤولية الأبوين في تربية الطفل ، ويعتبر التنشئة الروحية والتنمية الخلقية لمواهب الأطفال واجباً دينياً يستوجب أجراً وثواباً من الله تعالى ، وأن التقصير في ذلك يعرّض الآباء إلى العقاب ، يقول الإمام الصادق عليه السلام : « وتجب للولد على والده ثلاث خصال : اختياره لوالدته ، وتحسين اسمه ، والمبالغة في تأديبه » من هذا يفهم أن تأديب الولد حق واجب في عاتق أبيه، وموقف رائع يبيّن فيه الإمام زين العابدين عليه السلام أهمية تأديب الأولاد ، استمداده من الله عز وجلّ في قيامه بذلك : « وأعني على تربيتهم وتأديبهم وبرهم »)
فالمسؤولية على الاباء تكون اكبر في هذه المرحلة الهامة، لذلك عليهم ان يجدوا طرقاً تربوية يتعلموها لتربية ابنائهم فكل يوم يمر من عمر الطفل على الاب ان يملؤه بالشيء المناسب، ويصرف معه وقتاً ليدربه ويعلمه الاشياء النافعة.





مفهوم واسع وكبير يعطي دلالات عدة ، وشهرته بين البشر واهل العلم تغني عن وضع معنى دقيق له، الا ان التربية عُرفت بتعريفات عدة ، تعود كلها لمعنى الاهتمام والتنشئة برعاية الاعلى خبرة او سناً فيقال لله رب العالمين فهو المربي للمخلوقات وهاديهم الى الطريق القويم ، وقد اهتمت المدارس البشرية بالتربية اهتماماً بليغاً، منذ العهود القديمة في ايام الفلسفة اليونانية التي تتكئ على التربية والاخلاق والآداب ، حتى العصر الاسلامي فانه اعطى للتربية والخلق مكانة مرموقة جداً، ويسمى هذا المفهوم في الاسلام بالأخلاق والآداب ، وتختلف القيم التربوية من مدرسة الى اخرى ، فمنهم من يرى ان التربية عامل اساسي لرفد المجتمع الانساني بالفضيلة والخلق الحسن، ومنهم من يرى التربية عاملاً مؤثراً في الفرد وسلوكه، وهذه جنبة مادية، بينما دعا الاسلام لتربية الفرد تربية اسلامية صحيحة.