أقرأ أيضاً
التاريخ: 25-10-2014
2543
التاريخ: 2024-07-16
434
التاريخ: 2024-07-09
509
التاريخ: 2023-05-25
931
|
دعوى اليهود التي لا دليل عليها
يكون العهد أحياناً على شكل ميثاق بين طرفين وهو ما يسمى ب «المعاهدة»، وأحياناً أخرى على هيئة وعد من جانب واحد وهو ما يدعى بـ«التعهد» الذي هو في مقابل «التعاهد». فالعهد الذي بمعنى المعاهدة هو ملزم طبقاً لمباني العقلاء؛ فالوفاء به والعمل وفقاً له حسن، ونقضه وعدم العمل به قبيح وهو ـ ناهيك عن طابعه الأخلاقي – يتمتع بصبغة حقوقية أيضاً. أما العهد الذي بمعنى الوعد فهو وإن كان الوفاء به حسناً، بيد أنه غير ملزم وإن طابعه الأخلاقي لن يستلزم صبغته الحقوقية؛ هذا وإن اشتملت بعض الأحاديث على ضرورة مراعاته، كما أفتى بعض الفقهاء بوجوب الوفاء به.
ومن حيث أن الله عز وجل هو كمال محض وليس لأي شكل من أشكال النقص أو العيب سبيل إلى حريم أمنه، فهو تعالى يفي بكلا قسمي العهد ولا ينقض أياً منهما بتاتاً، بل ليس ثمة من هو أوفى من الله سبحانه بعهده: {وَمَنْ أَوْفَى بِعَهْدِهِ مِنَ اللَّهِ فَاسْتَبْشِرُوا بِبَيْعِكُمُ الَّذِي بَايَعْتُمْ بِهِ وَذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ} [التوبة: 111]؛ فعندما تكون رسالة القرآن الكريم إلى البشر هي: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَوْفُوا بِالْعُقُودِ أُحِلَّتْ لَكُمْ بَهِيمَةُ الْأَنْعَامِ إِلَّا مَا يُتْلَى عَلَيْكُمْ غَيْرَ مُحِلِّي الصَّيْدِ وَأَنْتُمْ حُرُمٌ إِنَّ اللَّهَ يَحْكُمُ مَا يُرِيدُ} [المائدة: 1]، ويكون الأمر الذي يوجهه الوحي الإلهي إلى المتعاهدين مع الله هو: {وَأَوْفُوا بِعَهْدِ اللَّهِ إِذَا عَاهَدْتُمْ وَلَا تَنْقُضُوا الْأَيْمَانَ بَعْدَ تَوْكِيدِهَا وَقَدْ جَعَلْتُمُ اللَّهَ عَلَيْكُمْ كَفِيلًا إِنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا تَفْعَلُونَ} [النحل: 91] وعندما يكون توبيخ القرآن الكريم بالنسبة إلى ناكثي العهد بهذه الكيفية: {الَّذِينَ يَنْقُضُونَ عَهْدَ اللَّهِ مِنْ بَعْدِ مِيثَاقِهِ وَيَقْطَعُونَ مَا أَمَرَ اللَّهُ بِهِ أَنْ يُوصَلَ وَيُفْسِدُونَ فِي الْأَرْضِ أُولَئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ} [البقرة: 27]، وإعلانه الرسمي بوفاء الله تعالى في مقابل عهد الآخرين؛ أي المعاهدة الثنائية، هو: {يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ اذْكُرُوا نِعْمَتِيَ الَّتِي أَنْعَمْتُ عَلَيْكُمْ وَأَوْفُوا بِعَهْدِي أُوفِ بِعَهْدِكُمْ وَإِيَّايَ فَارْهَبُونِ} [البقرة: 40]، فإن فرض نقض الله للعهد وعدم وفائه بالمعاهدة لن يكون صحيحاً على الإطلاق. هذا المبحث وإن كان مقولاً بالتشكيك بحيث إن تحققه في العهد الذي بمعنى المعاهدة أكثر منه في العهد الذي هو بمعنى الوعد؛ لكن نصابه اللازم متحقق أيضاً في العهد الذي هو بمعنى الوعد؛ وسيتم تسليط الضوء على جميع زوايا البحث المظلمة عند تبيين الخطوط العامة له في بحث اللطائف والإشارات.
والمطروح في هذا القسم هو أن الله جلت آلاؤه لم يمنح اليهود أي شكل من أشكال العهد سواء كان بمعنى المعاهدة أو بمعنى العهد من طرف واحد والوعد الابتدائي، وإنهم لم يتلقوا من جانب الله عز وجل أي عهد أو وعد؛ وذلك أنه لا يوجد دليل عقلي على هذا المدعى ولا حجة نقلية شاهدة عليه، وإلا فأنى الله الذي لا يرضى للمسلمين أن ينقضوا معاهدتهم مع عبدة الأصنام والمشركين ويأمر المسلمين بأن يحترموا عهدهم مع الوثنيين ولا ينكثوه: {إِلَّا الَّذِينَ عَاهَدْتُمْ مِنَ الْمُشْرِكِينَ ثُمَّ لَمْ يَنْقُصُوكُمْ شَيْئًا وَلَمْ يُظَاهِرُوا عَلَيْكُمْ أَحَدًا فَأَتِمُّوا إِلَيْهِمْ عَهْدَهُمْ إِلَى مُدَّتِهِمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَّقِينَ} [التوبة: 4]، {كَيْفَ يَكُونُ لِلْمُشْرِكِينَ عَهْدٌ عِنْدَ اللَّهِ وَعِنْدَ رَسُولِهِ إِلَّا الَّذِينَ عَاهَدْتُمْ عِنْدَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ فَمَا اسْتَقَامُوا لَكُمْ فَاسْتَقِيمُوا لَهُمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَّقِينَ} [التوبة: 7] أنى له تعالى أن ينقض العهد مع غير المشركين أي أهل الكتاب؟ فلو كان في يد اليهود أدنى دليل في هذا الصدد، سواء بصورة المعاهدة أو بصورة العهد والوعد الابتدائي لبينوه في احتجاجهم مع رسول اللہ (صلى الله عليه واله وسلم) ؛ وبناء على ذلك فإن ادعاء التماس المؤقت والمساس المحدود والمعدود لنار القيامة بأبدانهم ثم نجاتهم من بعده عار عن أي بينة وبرهان ولا يتمتع بأي قيمة علمية.
تنويه: إن التصريح باسم الجلالة الظاهر «الله» في جملة: {فَلَنْ يُخْلِفَ اللَّهُ عَهْدَهُ} [البقرة: 80] مع إمكان الاكتفاء بالضمير هو من أجل التعليل؛ أي إن مقتضى الألوهية هو الوفاء بالعهد وعدم خلفه [1].
|
|
علامات بسيطة في جسدك قد تنذر بمرض "قاتل"
|
|
|
|
|
أول صور ثلاثية الأبعاد للغدة الزعترية البشرية
|
|
|
|
|
مكتبة أمّ البنين النسويّة تصدر العدد 212 من مجلّة رياض الزهراء (عليها السلام)
|
|
|