موقف الفقه الإسلامي من مبدأ المساواة في حق الدم في نطاق الاساس العائلي |
343
03:08 مساءً
التاريخ: 2024-08-07
|
أقرأ أيضاً
التاريخ: 14-2-2022
3223
التاريخ: 6-12-2021
3992
التاريخ: 19-12-2021
2205
التاريخ: 4-4-2016
2378
|
يُعدُّ مبدأ المساواة من المبادئ التي قررها الاسلام ونادى بها لارتباطه بمبدأ الكرامة الإنسانية التي تقتضي تحرير الإنسان من أي نوع من أنواع التفرقة البشرية سواء أكانت بسبب الجنس أم اللون أم العرق أم المذهب ونحو ذلك فقال تعالى في كتابه الكريم ((وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ)) (1) ، وكان اعلان الإسلام لوحدة الأصل وهدر التفرقة الجنسية هو السبيل لتقرير مبدأ المساواة في القيم الانسانية المشتركة والمساواة أمام القانون والقضاء وفي تكافؤ الفرص وكذلك المساواة في جزاء العمل ولا يؤمن بالحرية والمساواة من لا يؤمن بمبدأ كرامة الانسان التي تعتبر من أهم الأصول التي تستند إليها القوانين والتشريعات .
ومن مظاهر الكرامة الإنسانية التي أقرها الإسلام للإنسان من حيث إنّه انسان لا من حيثية أخرى هو وحدة السلالة البشرية فلا ينبغي أن يترفع انسان على آخر أو يفضل الرجل على المرأة، فأقر الإسلام مبدأ المساواة لأجل حفظ حقوق الانسان فيجد الإنسان حقوقه جميعها بهذا المبدأ ، وأنّ هذه القاعدة تبني عليها كل القوانين والأنظمة والتشريعات ، فكرامة الانسان تتحقق بمساواته مع أقرانه وأي قانون او تشريع يتعارض مع هذا الأصل أو يتنافى معه يجب أن يلغى أو يعدل (2) .
فالإسلام هو الدين الوحيد الذي جاء مؤكدا على مبدأ المساواة بين الرجل والمرأة في الحقوق القانونية والسياسية والاجتماعية ، و بعث في الأذهان فكرة إعطاء حقوق المرأة وحفظ كرامتها (3) ، حيث إنّه ساوى بين الرجل والمرأة في الحقوق التي تتصل مباشرة بالكيان البشري المشترك بين الجميع (4) سواء أكانت ثقافية أم سياسية أم اجتماعية أم اقتصادية (5) على شرط الا تشكل هذه المساواة خرقا لبعض أحكام الشريعة الأسلامية حيث إن المساواة التي جاء بها الإسلام لم تكن مطلقة بين الجنسين والقول بذلك سوف يؤدي إلى الغاء جميع الحقوق التي تختص فيها المرأة دون الرجل بمقتضى أحكام الشريعة الإسلامية (6).
ومع أن الاسلام أقر بالمساواة بين الجنسين في الخلق وفي الثواب والعقاب في الدنيا والآخرة وفي الحياة الزوجية إلّا أنّه لا ينكر في ذات الوقت أن الشريعة الإسلامية قــد خصت الرجل بحقوق دون المرأة وخصت المرأة بحقوق دون الرجل (7) .
فهناك أدوار محددة تساوى فيها الرجل والمرأة كما في الخلق فقال تعالى ((يَأَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْتُكُم مِّن ذَكَرٍ وَأُنثَىٰ وَجَعَلْتُكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَلَكُم إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ 13))(8) وقوله تعالى ((يَأَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُواْ رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً))(9) وكذلك ساوى الاسلام بين الرجل والمرأة في التكريم والاجلال فقال تعالى (( وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي عَادَمَ وَحَمَلْتُهُمْ في الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَرَزَقْنُهُم مِّنَ الطَّيِّبَتِ وَفَضَّلْتُهُمْ عَلَىٰ كَثِيرٍ مِّمَّنْ خَلَقْنَا تَفضِيلا )) (10) وكذلك في النهوض بمهمة الاستخلاف في الارض فقال تعالى ((وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلَئِكَةِ إِنِّي جَاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةٌ قَالُوا أَتَجْعَلْ فِيهَا مَن يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدِّمَاءَ وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَ قَالَ إِنِّي أَعْلَمُ مَا لا تَعْلَمُونَ 30))(11) وكذلك في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر فقال تعالى ((وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنُتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَيُقِيمُونَ الصَّلَوَةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَيُطِيعُونَ اللَّهَ وَرَسُولَةً أَوْلَئِكَ سَيَرْحَمُهُمُ اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمُ 71)) (12)وكذلك ساوى الإسلام بين الرجل والمرأة بأن جعل كل منهما في الزواج يمثل سكنا ومصدراً للمــودة والرحمة بالنسبة للأخر فقال تعالى ((وَمِنْ ءايَتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوجًا لِّتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُم مَّوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَت لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ 21))(13) وكذلك ساوى بينهما في تصرفهما في الدنيا فقال تعالى ((وَمَن يَعْمَلْ مِنَ الصَّلِحَتِ مِن ذَكَرٍ أَوْ أُنثَى وَهُوَ مُؤْمِنَ فَأُولئِكَ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ وَلَا يُظْلَمُونَ نَقِيرًا 124))(14) وكذلك ساوى الإسلام بينهم في الجزاء في العمل الفردي سواء أكان طاعة أم معصية فقال تعالى ((اسْتَجَابَ لَهُمْ رَبُّهُمْ أَنِّي لَا أُضِيعُ عَمَلَ عَمِلٍ مِّنكُم مِّن ذَكَرٍ أَوْ أُنثَىٰ)) (15).
وهناك مواقع تم تقديم المرأة فيها على الرجل إذ خفف الإسلام على المرأة أعباء القيادة العليا ومسؤولياتها وتبعاتها في تصريف شؤون الحياة وجعل ذلك من مسؤوليات الرجل وكذلك خفف الإسلام على المرأة واجبات فريضة الحرب والقتال ، زيادة على أنه أعطى الأم منزلة في الطاعة أكثر من الأب فقد سئل رسول الله (ص) (يا رسول الله من اولى الناس بحسن صحبتي ؟ فقال أمك ، قال ثم من ؟ قال أمك ، قال ثم من؟ قال أمك قال ثم من؟ قال ابوك ) وقال (ص) ايضا (( الجنة تحت اقدام الامهات)) (16).
وهناك وظائف خص فيها الإسلام الرجل دون المرأة وهي القوامة فقال تعالى ((الرِّجَالُ قَوَّمُونَ عَلَى النِّسَاءِ بِمَا فَضَّلَ اللَّهُ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ وَبِمَا أَنفَقُوا مِنْ أَمْوَلِهِمْ))(17) وكذلك في الإرث فقال تعالى ((يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أُولدِكُم لِلذَّكَرِ مِثْل حَظِّ الْأُنثَيَيْن)) (18) وكذلك شهادة اثنتان من النساء تعادل شهادة رجل واحد فقال تعالى ((وَاسْتَشْهِدُوا شهِيدَيْنِ مِن رِّجَالِكُمْ ۖ فَإِن لَّمْ يَكُونَا رَجُلَيْنِ فَرَجُلٌ وَامْرَأَتَانِ مِمَّن تَرْضَوْنَ مِنَ الشُّهَدَاء)) (19)
وفي نطاق حق الدم نجد أن الفقه الإسلامي عرّف فكرة الجنسية باصطلاح (الرعوية) الذي يفيد الإنتماء إلى الدولة الإسلامية وهو مصطلح مرادفا لمصطلح الجنسية بمفهومها القانوني الحديث ، وهذا يعني أن فكرة الجنسية وليس لفظها ليس بفكرة حديثة بل يرجع تاريخها منذ قيام الدولة الاسلامية ولا يوجد اختلاف في وظيفتها إنّما الإختلاف يكمن في أساس منحها حيث كان الدين الإسلامي هو الأساس الوحيد لمنح الجنسية الاسلامية ، وعليه لا يتمتع بالجنسية الإسلامية سوى المسلمين (20)أما في الوقت الحاضر فإنّ الدول التي انسلخت من الدولة الاسلامية بعد انحلالها لم تنظر إلى الدين الإسلامي كأساس لثبوت جنسية الدولة وإنّما أضحت الجنسية تبنى على معيارين اساسين هما معيار الأساس العائلي ومعيار الأساس الاقليمي، وبالتالي يتمتع بحق الجنسية كل فرد تتوافر فيه شروط منحها مسلما كان أم غير مسلم .
ولم يعرف الفقه الاسلامي حق الدم وإنّما جاء بتعريف الحق بصورة عامة وجعلوه شاملا في كل ما يثبت للإنسان من ميزات سواء أكانت مادية أم معنوية حيث عُرَّف بأنه ( كل مصلحة تثبت للإنسان باعتبار الشارع ) وعرف ايضا (مصلحة شرعية تخول صاحبها الاختصاص او ترتب التكليف ) والاختصاص علاقة يقررها الشرع بين المختص والمختص به ولا يجوز التعرض للمختص في حدود ما اختص بــه (21) وعـرف كذلك ما يثبت بإقرار الشارع واضف عليه حمايته)(22) ، ونرى أن التعريف الأول هو الأقرب لحق الدم حيث ركز على موضوع الحق وهي المصلحة وما يترتب عليهـا مـن علاقة وهذا ما يتحقق في حق الدم حيث إنّه ثابت شرعا وقانونا وترتبط به مصلحة مادية ومعنوية وتتوفر فيه ميزه الإختصاص بصاحبه ويعطيه ولاية على النفس ، إضافة إلى أن صاحبه شخصا حقيقيا .
وقد حصل خلافا فقهيا بشأن مدى تحقق المساواة بين الأبوين فـي حـق نـقـل الجنسية للأبناء، فذهب إتجاه الى أن حق نقل الجنسية يعد من الحقوق التي لم تساو فيها الشريعة الاسلامية بين الأبوين فجعلوا هذا الحق مقصور على الأب المسلم دون الأم فيحصل المولود سواء أكان ذكرا أم انثى على جنسية الدولة الاسلامية استنادا إلى الأب وحده دون الأم لأن المساواة القانونية التي وردت في اتفاقية (سي داو) يمكن أن تثير مشكلة في مخالفة أحكام الشريعة الاسلامية (23) واستشهدوا بقوله تعالى ((ادْعُوهُمْ لِآبَائِهِمْ هُوَ أَقْسَطُ عِندَ اللهِ )) (24) بينما نادا اتجاه آخر بالمساواة القانونية المطلقة في حق الدم وهم الراغبين في مسايرة المعايير الدولية بشأنها ، فصرحوا على أن النساء اليوم يجب أن يحصلن على نفس حقوق الرجل وذلك بسبب تغير السيادة وهيكل الاسرة (25) ، وذهبوا إلى أكثر من ذلك بشأن مسايرة المعايير الدولية المنادية بالمساواة المطلقة بين الجنسين (26) وانطلقوا من أنّه يجب التمييز بين الدين والشرع فالأول عام وخـالـد أمـا الـثـانـي فمرتبط بالزمان والمكان لذلك فهو عرضة للاجتهاد والتغيير لاسيما ما يتعلق بالإحكام الإجتماعية للشرع (27) وبناء على ذلك يحق للأب المسلم أم الأم المسلمة علــى حــد سـواء نقل الجنسية للأبناء ، سواء أكان ابويه مسلمين منذ لحظة الميلاد أم اسلما بعد ذلك ، وسواء تمت واقعة الميلاد داخل الدولة الاسلامية أم خارجها لطالما استقر المولود فيما بعد في الدولة الاسلامية (28)
فإذا كان ابويه مسلمين فيتمتع المولود بجنسية الدولة الإسلامية بالتبعية لوالديه وفي حال ارتداد الأب عن الإسلام مع بقاء الأم مسلمة يبقى المولود متمتعا بجنسية الدولة الاسلامية تبعا لامه المسلمة (29) حيث أنّ المرأة في الاسلام تتمتع بجنسية أسوة بالرجل واذا كان من حق الرجل (الأب) نقل جنسيته لأبنائه فإنّ هذا الحق لا يجوز إنكاره على المرأة (الأم) لعدم وجود ما يمنع ذلك شرعا وقد نضجت هذه الفكرة تمام النضج وتكونت تمام التكوين حيث استمدها القانون الوضعي من التشريع الاسلامي التي وضعها منذ 14 قرنا (30) .
إلا أنه ومع معقولية الحجة التي ذهب إليها جانب من فقهاء الإسلام إلا أنه لا يمكن التسليم بها إلا بوجود حاجة اجتماعية ملحة وملموسة تبرر هذا التغيير في أحكام الشرع ، اضافة إلى ذلك أنّ فكرة حقوق النساء في الاسلام قائمة على أساس عدالة الإستحقاق إي إن استحقاقهم للحقوق يكون وفقا لمقدراتهم وقدرتهم وهي بهذا المعنى تؤدي إلى المساواة النسبية لا المطلقة (31).وفي نطاق حق الدم فإنّ الأصل أن نسب الإبن لأبيه لوضوح الآية الكريمة ((ادْعُوهُمْ لآبَائِهِمْ هُوَ أَقْسَطُ عِندَ اللَّهِ )) فهي لا تثير لبسا ولا غموض من أن نسب الإبن يرجع لأبيه حصرا ما دام بسبب وطء حلال اي بسبب شرعي من نكاح أو ملك يمين وكذلك ولد وطء الشبهة فهو يلحق بجنسية ابيه، أما الإستثناء فهو التعويل إلى جنسية الأم بناء على حق الدم المنحدر منها في الحالات التي يتعطل فيها حق الدم الأبوي، ولا يقتصر ذلك على حالة جهالة الأب (المولود غير الشرعي )، وإنّما يشمل انعدام جنسية الأب أو جهالة جنسيته أو انتمائه إلى دولة لا يبني قانونها الجنسية على اساس عائلي أو يأخذ بحق الدم إلا أنّه يضع شروطا في حق نقل جنسية الأب لا تتوفر في المولود فيتفعـل فـي جميع الحالات اعلاه حق الدم المنحدر من الأم لحماية الصغير من أن يبقـــى عـــديم الجنسية، ولأن القاعدة في الاسلام ( لا ضرر ولا ضرار ) التي وضعها النبي الأكرم محمد (ص) والأئمة الأطهار وهي كمبدأ عام تسري على جميع ابواب الفقه(32) ومع ذلك فقد اختلف الفقهاء بشأن جنسية اللقيط وجنسية المولود غير الشرعي ففي حالة اللقيط وهو الذي الطفل المنبوذ لأن أهله تركوه ونبذوه خوفا من الفقر والعار فذهب الإمامية إلى أن اللقيط هو انسان ضائع لا كافل له ولا يستقل بنفسه ، فيلتقط الصبي والصبية وأنْ مُيَّز لعدم استقلالهما بأنفسهما مالم يبلغـا وأخذ اللقيط واجب على الكفاية ، فإذا عُلِمَ الأب أو الجد وإنْ عَلا والأم وإن صعدت سُلَّم اليهم لسبق تعلق الحق به فيجبرون على أخذه ونقل نسبهم إليه ، أما الشافعية فقالوا إن اللقيط هو الطفل المنبوذ والتقاطه واجــب لقوله تعالى ((وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى)) فإذا إدعى حـر مسلم نسـبـه لـحـق بـه وتبعـه في الإسلام لأنة يقر له بحق لا ضرر فيه على أحد ومتى ما ظهر والده فيحق له أخذه ونقل نسبه إليه لأنة أحق بكفالته من الملتقط ، وإن التقطه كافر فإن كان اللقيط محكوما بإسلامه فلم يقر في يده لأنة الكفالة ولاية ولا ولايـة للكافر على المسلم ، أما إذا كان اللقيط محكوما بكفره أقر في يده لأنه على دينه ، أما إذا التقطه فاسق فلم يقر في يده لأن الكفالة ولاية والفاسق ليس من أهل الولاية (33).
أما المذهب الحنفي فذهبوا إلى أنّ اللقيط هو المولود الذي طرحه أهله خوفا من العيلة أو فرارا من تهمة الزنا أو لغير ذلك فهو الصغير الضائع الذي لم يُعلـم لـه كـافـل وقــد كرمت الشريعة الاسلامية اللقيط ومنحته جنسية الاسلام إن وجد في دار الإسلام إلا إذا وُجِدَ في محل أهل الذمة فإنة ينتسب اليهما ويكون على دين الذمي وإذا وُجد على زي اليهود فهو يهودي ، وقد ذهب الفقه الحنفي إلى أكثر من ذلك بالقول إذا عُثر على اللقيط في قرية لم يكن فيها سوى مسلما واحدا قضى للقيط بالإسلام أي يمنح الجنسية الإسلامية تغليبا لحكم الاسلام الذي يعلو ولا يعلى عليه، أما المذهب الحنبلي فذهبوا إلى أن اللقيط هو الطفل المنبوذ فإن وُجد في دار الإسلام فيمنح الجنسية الإسلامية حتى وإن لم يكن في دار الإسلام سوى مسلما واحدا ، أما اذا لم يوجد فيها مسلما كمدائن الشام التي فتحها المسلمون فلا تمنح له جنسية الإسلام ويحكم بكفره، أما المذهب المالكي فذهب إلى وجوب كفاية لقط صغير لا قدره له على القيام بمصالح نفسه ، واللقيط حر ويمنح جنسية الاسلام ، ولا يلحق بملتقط إلا ببينة تشهد أنّه أبوه أو بقرينة تدل على ذلك لينتقل نسبه إليه ويمنح جنسية الملتقط ، وذهب الفقه الزيدي والأباضي إلى ما ذهب إليه بقية الفقهاء في أحكام جنسية اللقيط (34).
أما بشأن جنسية المولود غير الشرعي وهو الذي جاءت به أمه من سفاح، أما ولد الملاعنة فهو الذي حكم بنفي نسبه من أبيه بعد ملاعنة جرت بين أبيه وأمه بالصفة المبينة في سورة النور (35) فذهب الفقه الامامي الى أن ولد الزنا مجهول النسب ، فيعامل معاملة اللقيط ، أما ولد اللعان فيلحق بجنسية أمه ، أما بقية المذاهب فقالوا إن ابن الزنا يلحق بجنسية أمه وكذلك الحال ولد اللعان لانتفاء النسب بين الملاعن والمولود (36).
خلاصة القول: إنّ الأصل في نسب الطفل في الفقه الاسلامي يكون للأب وفقا لأحكــام الشريعة الاسلامية الواردة في الآية الكريمة ((ادْعُوهُمْ لِآبَائِهِمْ هُوَ أَقْسَطُ عِندَ اللَّهِ ))والاستثناء يكون في الحالات التي يتعطل فيها حق الدم الأبوي، وهذا تأكيدا للأخذ بالمساواة النسبية في حق الدم إلا أن بعض الفقه الاسلامي اختلـف بين مؤيد متمسك بتلك الاحكام وبين معارض لها بحجة أنّ الاحكام الواردة في القرآن الكريم بشأن الجنسية أحكاما قابلة للتغيير مع الزمان، وعليه فحق نقل الجنسية يثبت للأم كما يثبت للأب تماما، وهذا ما يدل على أنّ هناك تعارض واضح بين أحكام الشريعة الإسلامية وأحكام الفقه الإسلامي.
_______________
1- سورة الاسراء، الآية 70
2- السيد حيدر الموسوي تاصيلات في الفقه الاجتماعي، مركز الصادق (ع) للدراسات والبحوث الاسلامية الشخصية ، ط 1، 1442 - 2021م، ص 352-354.
3- ساجد شريف عطيه ، المرأة في القرآن والسنة ، ط1، دار المجتبى للنشر والتوزيع ، ایران ،1437هـ - 2016م ، ص 16.
4- الشيخ عباس امين حرب العاملي ، المرأة في رحاب الاسلام ، دار الكاتب العربي للطباعة والنشر والتوزيع بيروت ، 51428 - 2007م ، ص 47 . '
5- د. نعيمة شومان ، المرأة منذ العصر الحجري والمرأة في الاسلام كإنسان 1 ،دار الفارابي ،بيروت ،2011، ص 36.
6- ذيبا مير حسيني ، كاري فوغت، لينا لارسن ، كريستيان ،موي قانون الاسرة المسلمة ومعضلة المساواة، ط1، دار الكتاب اللبناني بيروت ، 2017، ص 140 .
7- د. علي عبد الواحد وافي ، المساواة في الاسلام ، ط6 ، دار المعارف ، مصر ، بلا سنة طبع، ص123.
8 - سورة الحجرات ، الآية 13.
9- سورة النساء ، الآية 1.
10 - سورة الاسراء ، الآية 70
11- سورة البقرة، الآية 30
12- سورة التوبة الآية 71
13- سورة الروم، الآية 21
14- سورة النساء ، الآية 124
15- سورة ال عمران ، الآية 195.
16- د. هناء علي الهور ، مدى تحقق مبدأ المساواة بين الرجل والمرأة من منظور النوع الاجتماعي الجندر "دراسة مقارنة"، ط1 ، دار وائل للنشر والتوزيع ، عمان، 2020، ص 47.
17- سورة النساء ، الآية 34
18- سورة النساء ، الآية 11.
19- سورة البقرة، الآية 282
20- هاني عبد الله درويش ، آثار اكتساب الجنسية، دار الجامعة الجديدة ، الاسكندرية، 2014، ص 183.
21- عدنان برهان محمود الجحيشي حق الانتفاع وتطبيقاته المعاصرة دراسة مقارنة بين الفقه الاسلامي والقانون العراقي ، ط دار الكتب والوثائق العراقية، بغداد، 2015 ،ص27.
22- نفس المصدر ،ص30.
23- ذيبا مير حسيني ، كاري فوغت، لينا لارسن ، كريستيان ،موي قانون الاسرة المسلمة ومعضلة المساواة، ط1، دار الكتاب اللبناني بيروت ، 2017، ، ص139.
24- سورة الاعراف ، الآية 5
25- ذيبا مير حسيني ، كاري فوغت، لينا لارسن ، كريستيان ،موي قانون الاسرة المسلمة ومعضلة المساواة، ط1، دار الكتاب اللبناني بيروت ، 2017، ، ص 332.
26- فقد صرح بعض فقهاء الاسلام الى عدم السماح بتعدد الزوجات واشار بعضهم الى ما حدث حين اراد الامام علي عليه السلام ابن عم النبي محمد (ص) اتخاذ اخرى زوجة مع فاطمة ، ابنة النبي محمد (ص) ومنعه النبي من فعل ذلك مثيرا الى ان أي شيء يؤذي فاطمة يؤذيه هو شخصيا، انظر ذيبا مير حسيني ، كاري فوغت، لينا لارسن ، كريستيان ،موي قانون الاسرة المسلمة ومعضلة المساواة، ط1، دار الكتاب اللبناني بيروت ، 2017، ،ص145
27- ذيبا مير حسيني ، كاري فوغت، لينا لارسن ، كريستيان ،موي قانون الاسرة المسلمة ومعضلة المساواة، ط1، دار الكتاب اللبناني بيروت ، 2017، ، ص 388 وما بعدها.
28- د. بدر الدين عبد المنعم شوقي، العلاقات الخاصة الدولية ، مطبعة، العشري ، بلا مكان نشر 20060،ص139.
29- د. محمد كمال فهمي اصول القانون الدولي الخاص، دار الثقافة الجامعية، الاسكندرية، 1985 ، ص 117
30- العلامة السيد عبد المحسن فضل الله، الاسلام واسس التشريع بحث مقارن ، ط 2 ، دار الاضواء للطباعة والنشر والتوزيع ، بيروت ، 1407 - 1987م ، ص 221.
31- ذيبا مير حسيني ، كاري فوغت، لينا لارسن ، كريستيان ،موي قانون الاسرة المسلمة ومعضلة المساواة، ط1، دار الكتاب اللبناني بيروت ، 2017، ،ص 27
32- هاشم معروف الحسني، المبادئ العامة للفقه الجعفري، دار القلم ، بيروت ، 1978 ، ص 27.
33- السيد مرتضى الميلاني ، احكام المرأة في الاسلام على ضوء اراء المراجع العظام ، ط2، 2004، ص 212وما بعدها.
34- د. الشيخ علي الخطيب ، فقه الطفل "دراسة مقارنة في ضوء المذاهب الفقهية السبعة الامامية والحنفية والشافعية والمالكية والحنبلية والاباضية ، ط 1 ، مؤسسة العراف للمطبوعات ، بيروت، 2002، ص 472-478 .
35- د. محمد طه ابو العلا خليفة ، احكام المواريث 1400 مسألة ميراثية ، ط4 ، دار السلام للطباعة والنشر والتوزيع والترجمة، القاهرة ، 2008، ص 556.
36- د. الشيخ الشيخ علي الخطيب ، فقه الطفل "دراسة مقارنة في ضوء المذاهب الفقهية السبعة الامامية والحنفية والشافعية والمالكية والحنبلية والاباضية ، ط 1 ، مؤسسة العراف للمطبوعات ، بيروت، 2002 ، ص 393 وما بعدها ، وكذلك ينظر: عمر عبد الله ، احكام المواريث في الشريعة الاسلامية ، ط4 ، دار المعارف، الاسكندرية ، 1966 ،ص395.
|
|
علامات بسيطة في جسدك قد تنذر بمرض "قاتل"
|
|
|
|
|
أول صور ثلاثية الأبعاد للغدة الزعترية البشرية
|
|
|
|
|
العتبة الحسينية تطلق فعاليات المخيم القرآني الثالث في جامعة البصرة
|
|
|