المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية


Untitled Document
أبحث عن شيء أخر



تبرير المعصية  
  
368   01:17 صباحاً   التاريخ: 2024-08-05
المؤلف : الأستاذ مظاهري
الكتاب أو المصدر : الأخلاق البيتية
الجزء والصفحة : ص115ــ117
القسم : الاسرة و المجتمع / الحياة الاسرية / مشاكل و حلول /


أقرأ أيضاً
التاريخ: 12-7-2018 2083
التاريخ: 2023-07-06 1060
التاريخ: 4-11-2017 2313
التاريخ: 15-12-2020 2158

قد يرتكب أحدهم معصية ثم يعترف بذلك، وقد يرتكب فرد معصية ثم يبرّر معصيته، وهو ما يعدّ أكبر الأخطار، كأن يقول على سبيل المثال أنه متمدن أو متحضر ولذا يراه الناس يمزح كثيراً مع النساء، ويسعى كلما سنحت له الفرصة للتحدث إليهن، أو أن بعض الفتيات يبدين زينتهن، وأعناقهن ويرتدين لباس الشهرة مبررات ذلك على أنه تمدّن، أو قد تتحدث إحداهن إلى بعض الشباب وتمزح مع هذا، وتضحك مع ذاك معتبرةً ذلك ثقافةً وحضارةً ـ والعياذ بالله ـ.

وقد يغتاب البعض عدّة من الأفراد ويبرر ذلك على أنه غيبة ثورية، أو غيبة حزب إلهيه، ويتهم فلاناً من الناس تحت طائلة الثورية لا تحت طائلة المعصية، بل قد يقول إن ما أفعلّه عين الصواب وإن فيه الأجر والثواب.

إن البعض من الجهلة يشيعون الكثير من الافتراءات تحت عنوان السياسة، ونسمع بين الفينة والأخرى أحدهم يقول: ينبغي أن يكون سياسياً، لذا يجب أن أشيع بعض المسائل التي تسهم في دخولي إلى ساحة الأوضاع السياسية، وإذا ما قيل له بأن ما يفعله حرام، وغير جائز؟ يجيب وبكل صلافة: بأن ذلك من ضمن السياسة، فهو يغتاب، ويتّهم ويكذب، ويرّوج الإشاعات تحت طائلة السياسة، أو بعنوان الثورية.

إن أمثال هذا الذي ذكرنا خطرٌ جدّي على المجتمع، وأخطر من كلّ شيءٍ سواه، لذا أطلب منكم الامتناع عن ممارسة المعاصي الكبيرة والصغيرة كونها تبعث على السقوط والانحطاط، ولي طلب آخر أكبر من الأول قليلاً وهو: أن تحذروا خروج جلال المعصية من قلوبكم، والذي يتأتى من المداومة على ممارسة المعاصي، فإذا ما ذهب الجلال من القلب بدأ صاحبه بتبرير معاصيه وآثامه، وهذا هو عين الانحطاط، وفيه يكمن الخطر لأنه يمنع الإنسان من التوبة، ويمنعه أيضاً من نيل شفاعة الرسول الأكرم (صلى الله عليه وآله) وأهل بيته الأطهار سلام الله عليهم.

إن الذي يجب أن أذكره هنا ـ للأسف ـ والذي هو موجود في جميع البيوت: المعصية، بل المعاصي التي ذهب جلالها من قلوب أصحابها فأصبحوا يبررون ما يفعلون على هواهم، وهذا لا يقتصر على شريحة معينة من الشعب بل يشمل التاجر، الموظف، العالم، الفاسد، الثوري، وغير الثوري.

إن هذه القضية يمكن أن نعتبرها مصيبةً وبليّةً، ولو نزفت عيوننا دماً عليها لكان قليلاً، والجدير بالذكر أن تلك المعاصي كثيرة ومتنوعة فمنها الغيبة والنميمة، ومنها التهمة، والشائعة، وما إلى ذلك من المعاصي الكبيرة والصغيرة التي هي أساس تأخر المجتمع الإسلامي.

إن البعض من البيوت تحتوي على مسائل متدنيّة ووضيعة تسهم كثيراً في إتلاف نفسية الطفل الذي يعيش في ذلك البيت من قبيل أشرطة الموسيقى المبتذلة، والأغاني ناهيك عن اقتناء البعض لأجهزة الفيديو التي يستخدمها الكثير في عرض الأفلام المثيرة للشهوة.

إن بحثنا الحالي لا يرتبط بهذه المسائل، ولا نريد التعرض لها، لكننا نقول مثلما قال الإمام الصادق جعفر بن محمد (عليه السلام) لمثل هؤلاء إذ قال لهم: (يا لله).

قال أحدهم للإمام الصادق جعفر بن محمد (عليه السلام): (إن لي جيراناً لهم جَوارٍ يتغنين ويضربن بالعود، فربّما دخلت المخرج فأطيل الجلوس استماعاً مني لهنّ، فقال الإمام الصادق عليه السلام: لا تفعل، فقال: والله ما هو شيء آتية برجلي، إنّما هو سماعٌ أسمعه بأذني؟ فقال عليه السلام: يا الله! أنت أما سمعت الله عز وجل يقول: (إن السمع والبصر والفؤاد كلّ أولئك كان عنه مسؤولا؟!) فقال الرجل: كأنني لم أسمع هذه الآية من كتاب الله عز وجل من عربيّ ولا عجميّ! لا جرم أني قد تركتها وأنا أستغفر الله تعالى...(1).

إنهم ليسوا من أهل الغناء، ولا من أهل الموسيقي، ولا من أهل أجهزة الفيديو، والمناظر المثيرة للشهوات، لأنهم يعلمون جيداً بأن هذه المسائل تذهب ببركة المنزل، وأنها محرّمة، وأن الطفل الذي يكبر في مثل هذه البيوت لا يؤمل منه خيراً أبداً.

إن علماء النفس يؤكدون على أن الطفل الذي ينشأ في مثل هذه المجتمعات لا يمكن أن يكون إلا وضعياً، ضعيف النفس، وإن الإسلام العظيم ينظر إلى هذه البيوت على أنها أوكار الشياطين التي خلت ـ على حدّ قول الرسول (صلى الله عليه وآله) ـ من البركة والرحمة الإلهية، وأن الملائكة لا تمرّ على تلك البيوت الفاسدة.

____________________________________

(1) من لا يحضره الفقيه/ ج1، ص45. 




احدى اهم الغرائز التي جعلها الله في الانسان بل الكائنات كلها هي غريزة الابوة في الرجل والامومة في المرأة ، وتتجلى في حبهم ورعايتهم وادارة شؤونهم المختلفة ، وهذه الغريزة واحدة في الجميع ، لكنها تختلف قوة وضعفاً من شخص لآخر تبعاً لعوامل عدة اهمها وعي الاباء والامهات وثقافتهم التربوية ودرجة حبهم وحنانهم الذي يكتسبونه من اشياء كثيرة إضافة للغريزة نفسها، فالابوة والامومة هدية مفاضة من الله عز وجل يشعر بها كل اب وام ، ولولا هذه الغريزة لما رأينا الانسجام والحب والرعاية من قبل الوالدين ، وتعتبر نقطة انطلاق مهمة لتربية الاولاد والاهتمام بهم.




يمر الانسان بثلاث مراحل اولها الطفولة وتعتبر من اعقد المراحل في التربية حيث الطفل لا يتمتع بالإدراك العالي الذي يؤهله لاستلام التوجيهات والنصائح، فهو كالنبتة الصغيرة يراقبها الراعي لها منذ اول يوم ظهورها حتى بلوغها القوة، اذ ان تربية الطفل ضرورة يقرها العقل والشرع.
(أن الإمام زين العابدين عليه السلام يصرّح بمسؤولية الأبوين في تربية الطفل ، ويعتبر التنشئة الروحية والتنمية الخلقية لمواهب الأطفال واجباً دينياً يستوجب أجراً وثواباً من الله تعالى ، وأن التقصير في ذلك يعرّض الآباء إلى العقاب ، يقول الإمام الصادق عليه السلام : « وتجب للولد على والده ثلاث خصال : اختياره لوالدته ، وتحسين اسمه ، والمبالغة في تأديبه » من هذا يفهم أن تأديب الولد حق واجب في عاتق أبيه، وموقف رائع يبيّن فيه الإمام زين العابدين عليه السلام أهمية تأديب الأولاد ، استمداده من الله عز وجلّ في قيامه بذلك : « وأعني على تربيتهم وتأديبهم وبرهم »)
فالمسؤولية على الاباء تكون اكبر في هذه المرحلة الهامة، لذلك عليهم ان يجدوا طرقاً تربوية يتعلموها لتربية ابنائهم فكل يوم يمر من عمر الطفل على الاب ان يملؤه بالشيء المناسب، ويصرف معه وقتاً ليدربه ويعلمه الاشياء النافعة.





مفهوم واسع وكبير يعطي دلالات عدة ، وشهرته بين البشر واهل العلم تغني عن وضع معنى دقيق له، الا ان التربية عُرفت بتعريفات عدة ، تعود كلها لمعنى الاهتمام والتنشئة برعاية الاعلى خبرة او سناً فيقال لله رب العالمين فهو المربي للمخلوقات وهاديهم الى الطريق القويم ، وقد اهتمت المدارس البشرية بالتربية اهتماماً بليغاً، منذ العهود القديمة في ايام الفلسفة اليونانية التي تتكئ على التربية والاخلاق والآداب ، حتى العصر الاسلامي فانه اعطى للتربية والخلق مكانة مرموقة جداً، ويسمى هذا المفهوم في الاسلام بالأخلاق والآداب ، وتختلف القيم التربوية من مدرسة الى اخرى ، فمنهم من يرى ان التربية عامل اساسي لرفد المجتمع الانساني بالفضيلة والخلق الحسن، ومنهم من يرى التربية عاملاً مؤثراً في الفرد وسلوكه، وهذه جنبة مادية، بينما دعا الاسلام لتربية الفرد تربية اسلامية صحيحة.