أقرأ أيضاً
التاريخ: 2023-05-27
930
التاريخ: 17/10/2022
1513
التاريخ: 2024-02-28
667
التاريخ: 2024-07-08
467
|
اختلاف المرويّ عن كتاب الحسين بن سعيد (1):
روى الكليني والصدوق (2) بإسنادهما عن عبد الله بن سنان عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: ((لو عطّل الناس الحج لوجب على الإمام أن يجبرهم على الحج إن شاؤوا وإن أبوا، فإنّ هذا البيت إنّما وضع للحج)).
وروى الكليني (3) أيضاً بإسناده عن عبد الله بن سنان قال لي أبو عبد الله (عليه السلام): قال لي إبراهيم بن ميمون كنت جالساً عند أبي حنيفة فجاءه رجل فسأله فقال: ما ترى في رجل قد حج حجة الإسلام الحج أفضل أم يعتق رقبة؟ فقال: لا، بل عتق رقبة. فقال أبو عبد الله (عليه السلام): ((كذب والله وأثم، الحجة أفضل من عتق رقبة ورقبة ورقبة حتّى عد عشرًا، ثم قال: ويحه في أيّ رقبة طواف بالبيت وسعي بين الصفا والمروة والوقوف بعرفة وحلق الرأس ورمي الجمار، لو كان كما قال لعطّل الناس الحج، ولو فعلوا كان ينبغي للإمام أن يجبرهم على الحج إن شاؤوا وإن أبوا، فإنّ هذا البيت إنّما وضع للحج)). وقد أورده الشيخ (4) أيضاً بإسناده عن عبد الله بن سنان ولكن مع بعض الاختلافات الطفيفة.
والرواية باللفظ الأول لا تدل على وجوب الحج كفاية، وأمّا باللفظ الثاني فيمكن دعوى دلالتها على ذلك كما أوضحته في محلّه.
والسؤال المطروح هنا هو أنّ أيّ اللفظين ينبغي الاعتماد عليه؟ يمكن أن يُقال في بادئ النظر: إنّ اللفظ الأول استنساخ للجزء الأخير من اللفظ الثاني، ولعلّ ذلك من صنع الكليني (قده)، فإنّه أورد اللفظ الثاني أولاً في باب ثواب الحج والعمرة ولتعلّق المقطع الأخير منه بـ(باب إجبار الناس على الحج) استنسخه وأورده منه، وعلى ذلك فالعبرة باللفظ الثاني الأصلي.
ومنه يظهر: كيف أنّ التقطيع في الرواية يؤدّي إلى تغيّر المعنى وفساده في بعض الحالات.
أقول: لا تصح نسبة التقطيع إلى الكليني (قده) لوجهين:
أولاً: اختلاف اللفظين من حيث ورود التعبير بـ(وجب) في الأول و(ينبغي) في الثاني كما مرّ، ولو كان الثاني ممّا اقتطعه من الأول لما أحدث فيه هذا التغيير، إذ لا مبرّر له.
وثانياً: أنّ الشيخ الصدوق (قده) قد أورد المتن الأول في العلل بإسناد مغاير لما في الكافي، فيعلم أنّه كان موجوداً في مصدر آخر غيره، فتأمّل (5).
وكيف كان فالظاهر أنّ هذه الرواية الشريفة هي من مرويّات كتاب الحسين بن سعيد الذي حكى النجاشي عن أستاذه ابن نوح أنّ كتبه كانت مختلفة بحسب اختلاف الرواة عنه، قال النجاشي (6): (أخبرنا بهذه الكتب غير واحد من أصحابنا من طرق مختلفة كثيرة. فمنها ما كتب إليّ به أبو العباس أحمد بن علي بن نوح السيرافيّ في جواب كتابي إليه والذي سألت تعريفه من الطرق إلى كتب الحسين بن سعيد الأهوازي (رضوان الله عليه) فقد روى عنه أبو جعفر أحمد بن محمد بن عيسى الأشعري القمي وأبو جعفر أحمد بن محمد بن خالد البرقي والحسين بن الحسن بن أبان وأحمد بن محمد بن الحسن بن السكن القرشي البردعي وأبو العباس أحمد بن محمد الدينوري.
فأمّا ما عليه أصحابنا والمعوّل عليه ما رواه عنهما أحمد بن محمد بن عيسى.. فيجب أن تروي عن كل نسخة من هذا بما رواه صاحبها فقط، ولا تحمل رواية على رواية ولا نسخة على نسخة، لئلا يقع فيه اختلاف).
وفي ضوء هذا يحتمل أن يكون الاختلاف بين متنَي رواية ابن سنان من جهة الاختلاف بين نسخ كتاب الحسين بن سعيد، كأن يكون المتن الأول المختصر من مرويّات الحسين بن الحسن بن أبان عنه ـ كما ورد كذلك في علل الشرائع (7) ـ والمتن الثاني المفصّل من مرويّات أحمد بن محمد بن عيسى أو أحمد بن محمد بن خالد، فقد أورده الكليني عن عدة من أصحابنا عن أحمد بن محمد عن الحسين بن سعيد.
و(أحمد بن محمد) هذا يحتمل أن يكون أحد الشخصين، فقد روى عن العدّة أحمد عن بن محمد بن عيسى عن الحسين بن سعيد في العديد من الموارد (8) كما روى عن العدة عن أحمد بن محمد بن خالد في بعض الموارد (9).
ولكن مع ذلك، فالأقرب في النظر أنّ المراد به هو أحمد بن محمد بن عيسى حيث يظهر بالتتبّع أنّ الكليني لا يعبّر بـ(أحمد بن محمد) إلا عن ابن عيسى، وأمّا ابن خالد فيذكره بعنوان أحمد بن محمد بن خالد أو أحمد بن أبي عبد الله، فتدبّر.
وكيف كان فالأقرب أنّ المتن الثاني المفصّل مرويّ في الكافي عن طريق أحمد بن محمد بن عيسى الذي قال ابن نوح: إنّ ما رواه من كتب الحسين بن سعيد هو المعوّل عليه عند أصحابنا. وأمّا في التهذيب فقد ابتدأ الشيخ فيه باسم الحسين بن سعيد، ومن المؤكّد أنّه لم يأخذه من الكافي للاختلاف بينهما في بعض الكلمات، ويظهر من المشيخة أنّ بعض ما كان في التهذيبين مبدوءًا باسم الحسين بن سعيد قد أخذه من كتبه برواية أحمد بن محمد بن عيسى والحسين بن الحسن بن أبان (10)، وبعض آخر برواية محمد بن علي بن محبوب عن أحمد بن محمد عنه، وبعض آخر برواية سعد الله عبد بن عن أحمد بن محمد عنه.
فالنتيجة: أنّه لا يعلم بالضبط مصدر الشيخ (قده) في نقل المتن الثاني لرواية ابن سنان.
وأمّا المتن الأول المختصر المذكور في الكافي فالسند إليه لا يختلف عن السند إلى المتن المفصّل، وبذلك يظهر كونهما معًا من مرويّات النسخة المعتمدة من كتب ابن سعيد وهي نسخة أحمد بن محمد بن عيسى ولا غرابة في أن يروي الحسين بن سعيد رواية ابن سنان هذه مختصرة مرّة ومفصّلة مرّة أخرى.
وعلى ذلك فلا مانع من الاعتماد على المفصلة دليلاً على وجوب الحج كفاية.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) بحوث في شرح مناسك الحج ج:1 ص 183.
(2) الكافي ج 4 ص : 272 . علل الشرائع ج 2 ص: 396.
(3) الكافي ج: 4 ص: 259.
(4) تهذيب الأحكام ج 5 ص: 22.
(5) مرَّ وجهه في ج 2 ص: 580 فليراجع.
(6) رجال النجاشي ص: 59.
(7) هذا مبني على ألا يكون الصدوق قد أخذ الرواية من الكافي واستبدل سنده إلى الحسين بن سعيد بطريقه إليه وهو محتمل.
(8) لاحظ الكافي ج 2 ص: 528، ج 3 ص: 266، ج: 4 ص: 259، ج: 5 ص: 77، ج:1 ص: 187 وغير ذلك.
(9) لاحظ الكافي ج: 6 ص: 354.
(10) يلاحظ أنّ الشيخ (قده) لم يفرّق بين ما رواه الرجلان من كتب ابن سعيد مع تنصيص ابن نوح على اختلافها باختلاف الرواة.
|
|
5 علامات تحذيرية قد تدل على "مشكل خطير" في الكبد
|
|
|
|
|
لحماية التراث الوطني.. العتبة العباسية تعلن عن ترميم أكثر من 200 وثيقة خلال عام 2024
|
|
|