المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية


Untitled Document
أبحث عن شيء أخر



التطور الصناعي والأخلاق النسبية  
  
455   11:21 صباحاً   التاريخ: 2024-07-12
المؤلف : محمد تقي فلسفي
الكتاب أو المصدر : الأفكار والرغبات بين الشيوخ والشباب
الجزء والصفحة : ص 248 ــ 249
القسم : الاسرة و المجتمع / معلومات عامة /

تقدم الصناعة وتحولات الحياة:

في الماضي، كانت الأخلاق والآداب العامة لها وضع ثابت تقريباً، ولا يدخل عليها أي تغيير إلا ببطء وربما خلال جيل كامل، وأما في عالم اليوم، ومع التقدم الصناعي المطرد، فإن حياة الناس تتعرض للتغير بسرعة، وبموازاة تغير ظروف الحياة فإن الأخلاق العامة والتقاليد الإجتماعية تتغير أيضاً لدرجة أن بعض التقاليد تتبدل عدة مرات خلال حياة جيل واحد.

كانت القوانين والقرارات الخاصة بالأخلاق والسنن والتقاليد والعادات الإجتماعية قوية كالبنيان بإمكانها أن تبقى لسنوات طويلة في المجتمع حتى تندثر بالتدريج وبمرور الزمن، ومن تلقاء نفسها، ولكن التقدم الصناعي جعل المجتمعات البشرية كمناطق الزلازل، حيث تنهار أعمدة القانون والأخلاق الواحدة تلو الأخرى أمام العيون الحائرة للناس ولتقوم مكانها ضوابط جديدة، ولا يمضي وقت طويل حتى يزعزع التقدم الصناعي والتحولات الجديدة تلك الضوابط ويدمرها بسرعة.

نتيجة الثورة الصناعية أصبحت الكرة الأرضية بمثابة بيت كبير، واطلعت المجتمعات البشرية على أوضاع وأحوال بعضها البعض، كما قامت الإذاعات والتلفزيونات، والصحف والمجلات، والأفلام السينمائية، والوسائل الإعلامية الأخرى بعرض أخلاق وعادات كل الشعوب البشرية أمام أنظار الآخرين، وعن هذا الطريق انتقل قسم من العادات الحسنة والسيئة، والأخلاق المقبولة وغير المقبولة إلى الشعوب الأخرى. 




احدى اهم الغرائز التي جعلها الله في الانسان بل الكائنات كلها هي غريزة الابوة في الرجل والامومة في المرأة ، وتتجلى في حبهم ورعايتهم وادارة شؤونهم المختلفة ، وهذه الغريزة واحدة في الجميع ، لكنها تختلف قوة وضعفاً من شخص لآخر تبعاً لعوامل عدة اهمها وعي الاباء والامهات وثقافتهم التربوية ودرجة حبهم وحنانهم الذي يكتسبونه من اشياء كثيرة إضافة للغريزة نفسها، فالابوة والامومة هدية مفاضة من الله عز وجل يشعر بها كل اب وام ، ولولا هذه الغريزة لما رأينا الانسجام والحب والرعاية من قبل الوالدين ، وتعتبر نقطة انطلاق مهمة لتربية الاولاد والاهتمام بهم.




يمر الانسان بثلاث مراحل اولها الطفولة وتعتبر من اعقد المراحل في التربية حيث الطفل لا يتمتع بالإدراك العالي الذي يؤهله لاستلام التوجيهات والنصائح، فهو كالنبتة الصغيرة يراقبها الراعي لها منذ اول يوم ظهورها حتى بلوغها القوة، اذ ان تربية الطفل ضرورة يقرها العقل والشرع.
(أن الإمام زين العابدين عليه السلام يصرّح بمسؤولية الأبوين في تربية الطفل ، ويعتبر التنشئة الروحية والتنمية الخلقية لمواهب الأطفال واجباً دينياً يستوجب أجراً وثواباً من الله تعالى ، وأن التقصير في ذلك يعرّض الآباء إلى العقاب ، يقول الإمام الصادق عليه السلام : « وتجب للولد على والده ثلاث خصال : اختياره لوالدته ، وتحسين اسمه ، والمبالغة في تأديبه » من هذا يفهم أن تأديب الولد حق واجب في عاتق أبيه، وموقف رائع يبيّن فيه الإمام زين العابدين عليه السلام أهمية تأديب الأولاد ، استمداده من الله عز وجلّ في قيامه بذلك : « وأعني على تربيتهم وتأديبهم وبرهم »)
فالمسؤولية على الاباء تكون اكبر في هذه المرحلة الهامة، لذلك عليهم ان يجدوا طرقاً تربوية يتعلموها لتربية ابنائهم فكل يوم يمر من عمر الطفل على الاب ان يملؤه بالشيء المناسب، ويصرف معه وقتاً ليدربه ويعلمه الاشياء النافعة.





مفهوم واسع وكبير يعطي دلالات عدة ، وشهرته بين البشر واهل العلم تغني عن وضع معنى دقيق له، الا ان التربية عُرفت بتعريفات عدة ، تعود كلها لمعنى الاهتمام والتنشئة برعاية الاعلى خبرة او سناً فيقال لله رب العالمين فهو المربي للمخلوقات وهاديهم الى الطريق القويم ، وقد اهتمت المدارس البشرية بالتربية اهتماماً بليغاً، منذ العهود القديمة في ايام الفلسفة اليونانية التي تتكئ على التربية والاخلاق والآداب ، حتى العصر الاسلامي فانه اعطى للتربية والخلق مكانة مرموقة جداً، ويسمى هذا المفهوم في الاسلام بالأخلاق والآداب ، وتختلف القيم التربوية من مدرسة الى اخرى ، فمنهم من يرى ان التربية عامل اساسي لرفد المجتمع الانساني بالفضيلة والخلق الحسن، ومنهم من يرى التربية عاملاً مؤثراً في الفرد وسلوكه، وهذه جنبة مادية، بينما دعا الاسلام لتربية الفرد تربية اسلامية صحيحة.