أقرأ أيضاً
التاريخ: 2024-06-12
626
التاريخ: 2023-09-29
1102
التاريخ: 2024-09-28
199
التاريخ: 8-8-2022
1281
|
أوصت الروايات الإسلامية بتغيير الأساليب الأخلاقية الصحيحة في مواقف خاصة وظروف معينة وتجنب القيام ببعض المحاسن ومكارم الاخلاق حيال أُناس معينين وفي حالات خاصة، يصب في مصلحة وسعادة الفرد والمجتمع. وفي الحقيقة أن أولياء الإسلام سلام الله عليهم قد عرفوا مكارم ومحاسن الأخلاق للناس بأنها نسبية، وذلك بأن بعض الأخلاق الحميدة والصفات الطيبة مطلوبة في الشريعة المقدسة بصورة عامة، إلا أنها في ظروف معينة تصبح مرفوضة، نشير إلى بعضها فيما يلي:
قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): (يا علي إن الله عز وجل أحب الكذب في الصلاح وأبغض الصدق في الفساد) (1).
وقال علي (عليه السلام): (الوفاء لأهل الغدر غدر عند الله سبحانه، والغدر لأهل الغدر وفاء عند الله سبحانه) (2).
وقال علي بن الحسين (عليه السلام): (وحق من ساءك أن تعفو عنه وإن علمت أن العفو يضر انتصرت) (3).
وقال علي (عليه السلام): (التكبر على المتكبرين هو التواضع بعينه) (4).
وعن أبي الحسن الهادي (عليه السلام): إنه قال: (إذا كان زمان العدل فيه أغلب من الجور، فحرامٌ أن يظن بأحد سوء حتى يعلم ذلك منه، وإذا كان زمان الجور أغلب فيه من العدل فليس لأحدٍ أن يظن بأحد خيراً ما لم يعلم ذلك منه) (5).
الأخلاق النسبية على أساس المصلحة:
يستفاد من هذه الروايات أن نسبية الأخلاق، بمعناها الصحيح والتي تجلب السعادة، كما وردت في الإسلام شاملة لمصلحة الفرد والمجتمع، فالصدق من الخصال الحميدة والمحبوبة لدى الله تبارك وتعالى، ولكن ليس في كل مكان وزمان، لأنه إذا كان باعثاً على الفساد فإنه مرفوض عند الله عز وجل ومبغوض، كما أن الوفاء من الأخلاق المقبولة والصفات الحميدة، ولكن ليس بصورة مطلقة، لأن ترك الوفاء لأهل الغدر مقبول وللصالح العام. والعفو والتغاضي من مكارم الأخلاق، لكن عندما يكون العفو سبباً لتجرؤ الخاطئ ويؤدي إلى الأضرار، فمن الأفضل معاقبته. والتكبر من الصفات المذمومة، ولكن ليس في جميع الحالات، لأن بعض المتكبرين ربما كان تكبرهم له معنى التواضع وجعل المتكبر يبتعد عن الأعمال غير المقبولة.
الظن من الصفات الذميمة أيضاً، حينما يطغى الظلم والفساد على العدل والصلاح في مجتمع ما، فإن هذه الصفة تكون حميدة.
والقرآن الكريم أوضح بعبارة واحدة الأخلاق النسبية لأتباع الرسول الأكرم (صلى الله عليه وآله): {مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ} [الفتح: 29].
الاسلام ومعيار الحسن والسيء:
إن النقطة التي تجلب الإنتباه هي الفارق بين الموقف الإسلامي وموقف العالم المعاصر من الأخلاق النسبية، حيث إن المعيار للأخلاق الحسنة والأخلاق السيئة في الإسلام، هو الصلاح والفساد الفردي والاجتماعي وسمو وانحطاط البشر، ولكن عالم اليوم يقيس الحسن والسيئ بمقياس قبول ورفض الناس، دون الإهتمام بالصلاح والفساد والخير والشر للفرد والمجتمع.
بعبارة أخرى، إن أية صفة تكون حقاً لصالح الإنسان وتؤدي إلى سعادته، فهي خير وحسن، وأية صفة تكون في خلافِ مصلحة الإنسان وتجلب الفساد والتعاسة، فهي سيئة. وعليه فإن الصدق، رغم أنه من الصفات الحسنة، إذا كان باعثاً على الفساد، يكون مبغوضاً عند الله عز وجل، والكذب رغم أنه من الصفات الذميمة إذا كان باعثاً على الخير فهو محبوب لدى الله تعالى. ولكن، في عالم اليوم، إن الحسن والخير والصلاح في الأمر الذي يقبله الناس، وإذا رفض الناس والمجتمع أمراً فهو سيء. ولهذا فإن جميع الأمثلة التي ترد في الكتب عن الأخلاق النسبية فهي مبنية على أساس قبول ورفض الناس لها ماضياً وحاضراً.
أمثلة على نسبية الأخلاق:
(يقول ويل ديورانت: ونأتي الآن ببعض الأمثلة عن الأخلاق النسبية يقول (سمنر) كانوا في جزيرة بريطانيا يبيعون لحم الإنسان، كما يبيع قصابونا الآن اللحم، على الأقل في بعض جزر (سولومون) أهالي المنطقة يسمنون الوطنيين من البشر كالخنازير وخاصة النساء إعداداً لجعلهم وليمة تقدم للضيوف الكبار.
يمكن بسهولة ذكر أمثلة كثيرة لبيان أن أموراً غير مقبولة في زمننا ومكاننا تكون مقبولة في زمن ومكان آخرين) (6).
(في جزر (موري) - مضيق تورس - كان الأهالي يرون أن من المستحسن أن يكون عدد الذكور والإناث متساوياً في العائلة وإن تجاوز عدد الذكور والإناث هذا الحد فإنه سيتم قتل الزائدين. وفي (هبريد) الجديدة، كان عمل النساء كثيراً بحيث لم يكن يقدرن على إنجاب طفلين أو ثلاثة، ولهذا فإذا زاد العدد عن ذلك فإنهم كانوا يدفنونهم أحياء فور ولادتهم) (7).
استخدام كلمة حسن
في عالم اليوم ونتيجة أن الأخلاق الحسنة والسيئة وبقية الأعمال تتبع قبول ورفض الناس فإنهم يطلقون كلمة (حسن)، تحت عنوان الأخلاق النسبية حول بيع لحم الإنسان وقتل الأطفال. ولكن الإسلام الذي يقرن الأخلاق النسبية بمعيار مصلحة وسعادة الناس ولا يستخدم كلمة (الحسن) للأعمال الشريرة، حتى ولو كانت هذه الأعمال مقبولة لدى مجموعة أو شعب، أو جميع الناس على سبيل الفرض.
وكما كان إنسان الأمس يعتبر بعض الأعمال السيئة (حسنة) ويقبلها، ويعتبرها عالم اليوم اموراً منكرة، كذلك يوجد في عالم اليوم، وحالياً، قبائح كثيرة من أمثال الفحشاء وشرب الخمر والقمار، وأمثالها من الخطايا تكون مقبولة لدى الناس، سيعتبرها عالم الغد المتكامل اعمالاً سيئة وقبيحة.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1ـ بحار الأنوار، ج 17، ص 14.
2ـ غرر الحكم، ص 289.
3ـ مكارم الاخلاق، ص 234.
4ـ شرح ابن أبي الحديد، ج 20، كلمة 410، ص 298.
5ـ بحار الأنوار، ج 17، ص 216.
6ـ مباهج الفلسفة، ص 85.
7ـ علم النفس الاجتماعي، ج 1، ص 83.
|
|
تفوقت في الاختبار على الجميع.. فاكهة "خارقة" في عالم التغذية
|
|
|
|
|
أمين عام أوبك: النفط الخام والغاز الطبيعي "هبة من الله"
|
|
|
|
|
خدمات متعددة يقدمها قسم الشؤون الخدمية للزائرين
|
|
|