أقرأ أيضاً
التاريخ: 25-9-2016
2371
التاريخ: 2024-08-07
488
التاريخ: 2024-07-03
589
التاريخ: 25-9-2016
1831
|
ولقد أدَّى موت «سمنخكارع» أن يعتلي «توت عنخ آمون» عرش الملك، ومعه زوجه «عنخس-ن-با آتون» بنت «إخناتون» و«نفرتيتي «. وقد ظل كثير من الحقائق التاريخية التي تتعلق «بسمنخكارع» و«توت عنخ آمون» غامضًا إلى أن كُشفت مقبرة الأخير وفُحصت كنوزها فحصًا علميًّا دقيقًا، فاتضح أن كثيرًا من الحلي والجواهر التي وُجدت مع «توت عنخ آمون» كانت في الأصل قد صُنعت للملك «سمنخكارع» وحُليت باسمه، ثم نرى أثر التغيير باديًا عليها؛ فمُحي اسم «سمنخكارع» ونُقش مكانه اسم «توت عنخ آمون». وقد أرتنا هذه الكشوف أن النقوش الدينية التي كانت في الأصل «لسمنخكارع» لا تمت بصلة إلى ديانة «آتون»، بل كانت الأناشيد الدينية فيها تتجه إلى الإله «رع»، كما وُجدت أشكال آلهة لها رءوس حيوان وجسوم إنسان، وهذه بداهة لم تُصنع في «إختاتون» مقر عبادة القوة الشمسية الواحدة، بل إنها من صنع «طيبة» التي اتخذها «سمنخكارع» مقرًّا له بعد أن غادر عاصمة أخيه. وهذه الدلائل كلها تثبت لنا أن «سمنخكارع» قد عاد إلى الشعائر الجنازية القديمة الخاصة بالدفن. والظاهر أن «سمنخكارع» قد حمل مقدارًا عظيمًا من سبائك الذهب التي كانت توجد بكثرة في «إختاتون»، وأن دالته على أخيه وسلطانه عليه كانا كفيلين بإجابته إلى كل ما يرنو إليه، وهذا يعلل لنا السر في إسراع «توت عنخ آمون» ورائديه، وبخاصة «نفرتيتي» والكاهن «آي» بالعودة إلى «طيبة»، فقد رموا من وراء ذلك الاستيلاء على ذلك النضار الذي حمله معه «سمنخكارع» من «إختاتون» أولًا والقضاء على التأثير الذي تركه «سمنخكارع» على كهنة «آمون» مدة إقامته ملكًا في «طيبة» ثانيًا بنشر فضائحه وعلاقته المشينة بأخيه كما يدعي البعض، وقد تم لهم ما أرادوا؛ فتملكوا أثاث «سمنخكارع» وجواهره، واستولوا على النضار الذي جلبه من «تل العمارنة»، واستلبوا كل الهدايا التي أغدقها عليه «إخناتون»؛ وبذلك حرموا «سمنخكارع» إقامة شعائر دينية تليق بملك مثله، كما حرموه أثاثه الجنازي. وليس بخافٍ أن «توت عنخ آمون» ذلك الصبي الساذج الذي لم يتجاوز الحادية عشرة من عمره يقصر عقله وتفكيره عن تدبير مثل هذه المكايد لأخيه. أما الرأس المفكر والعقل المدبر فهو ذلكم الداهية الكاهن «آي» الذي كانت له أطماع واسعة، وأهداف بعيدة يسعى إلى تحقيقها، ولكنه كان يتستر ويتخفى في كل خطوة يخطوها؛ لأنه ربما كان يخشى شخصية قوية هي شخصية القائد «حور محب» الذي كان يسيطر على جيش البلاد في تلك الآونة، وإن كانا في الظاهر يعملان معًا؛ إذ إنهما من رجال الجيش كما سنرى بعد. بدا على المسرح الآن أمامنا بطلان، كلاهما طاعن في السن، وكلاهما طامع في العرش، ولكل منهما طريقته التي يراها توصله إلى مطمحه؛ «فآي» يتخذ السياسة والدهاء ونفوذه في بيت الملك ونقضه للدين الجديد، وعودته لعبادة «آمون» والقوة أيضًا وسائله لتحقيق ما تصبو إليه نفسه، و«حور محب» يرى أن القوة هي كل شيء، وأنه ما دام يأخذ بزمام الجيش فإنه لا بد واصل إلى ما يريد، واحتدمت الغيرة الشديدة بين الرجلين، واشتعلت نار الحقد بين القلبين، وأخذ كل منهما يعمل سرًّا في هدم صاحبه بدعوى الإخلاص للملك، وما الملك في أيديهما إلا ألعوبة يحركانها فتتحرك، ويقفانها فتقف، وليس لأحد منهما في خدمة الملك رغبة، وإنما لكل منهما في ذلك غاية، هي اغتصاب ملكه والوثوب على عرش آبائه. عاد «توت عنخ» إلى «طيبة» كما قلنا، وبقي محتفظًا باسمه المركب مع كلمة «آتون» مدة ما، فصار يُدعى فيها «توت عنخ آتون»، ويعتقد بعض المؤرخين أنه غيَّر اسمه على إثر انتقاله إلى العاصمة القديمة «طيبة»؛ فصار يُدعى «توت عنخ آمون» اقتداء بالكاهن «آي» الذي عاد وقتها إلى عبادة «آمون» ثانية، وليس هناك ما يبرر هذا الإسراع في تغيير الاسم؛ فإن اسم «آتون» لم يكن ممقوتًا في «طيبة» أو في غيرها؛ لأنه يدل على عبادة «رع» الذي يؤمن به الجميع، وأكبر دليل على عدم مقتهم لهذا الاسم أن أعداء مذهب «إخناتون» لما أرادوا تشويه مقابر «إختاتون» (تل العمارنة) ومعابدها قصروا هذا التشويه على محو اسم «إخناتون» نفسه، ولم يتعرضوا لرمز الشمس «آتون» بالمحو أو التشويه، والظاهر أن «توت عنخ آمون» قد غيَّر اسمه بعد تركه «إختاتون» واستقراره في «طيبة»، فإن أثاثه الجنازي عدا أساس قصره الذي حمله معه في قبره يحمل اسم «توت عنخ آمون»، وأهم ما يسترعي النظر من التناقض في نقش اسم هذا الملك ما شوهد على كرسي عرشه وكرسي آخر له نموذجي، فقد نُقش على الأول صورة الفرعون وزوجه باسميهما مركبين مع لفظة «آمون»، ومع هذا نرى فوقهما «آتون» مرسلًا أشعته التي ينتهي كل شعاع منها بيد إنسان، فضلًا عن أن قرص الشمس هذا يكتنفه طغراء «آتون» من جانبيه، ونرى نفس الظاهرة بادية على ظهر الكرسي عينه، فإننا نجد اسم الملك مركبًا مع لفظة «آتون» كذلك. أما الكرسي الثاني وهو النموذجي فنرى أن الاسم المنقوش عليه هو «توت عنخ آتون» أيضًا أينما وُجد الاسم. ولعل هذين الكرسيين قد صُنعا في «طيبة» قبل أن يغير الملك اسمه، ولا داعي لأن نفترض أنهما صُنعا في «إختاتون» ثم أُرسلا إلى «طيبة»؛ لأنه لم يكن ثم كما قلنا من قبل كفر وجحود في النطق بلفظة «آتون» فيها، ومن الجائز أن يكون «توت عنخ آتون» قد غيَّر اسمه على ظهر كرسي عرشه، وهو الجزء البادي من الكرسي عند جلوسه عليه لأسباب سياسية خاصة، وترك اسمه الأصلي على الكرسي المثالي ليُدفن معه، وهذا دليل على أن عبادة آتون لم تُمحَ بسرعة جارفة بعد موت «إخناتون» كما سنشير إلى ذلك فيما بعد. وعندنا من آثار «توت عنخ آتون» لوحة صغيرة من الحجر الجيري الأبيض محفوظة الآن بمتحف «برلين»، وهي تمثل «توت عنخ آتون» بلباس فضفاض يقدم القربان للإله «آمون رع» والإلهة «موت» زوجه، وهي لذلك ذات قيمة تاريخية عظيمة؛ لأنها تصور بصفة قاطعة رجوع الملك إلى عبادة آلهة طيبة مع احتفاظه باسمه الأصلي «توت عنخ آتون». ولا يمكننا أن نحدد بالدقة التاريخ الذي غيَّر فيه هذا الملك اسمه، وكل ما نعرفه أنه كان قبل السنة الرابعة من حكمه لا يحمل اسمه الأصلي المركب مع لفظه «آتون»؛ إذ وجدنا في قبره زجاجة نبيذ مختومة، وقد نُقش على الختم السنة الرابعة من حكم «توت عنخ آمون «. مكثت «طيبة» طيلة مدة حكمه مسرحًا للحكم بعد انتقاله إليها من «إخناتون»، وعلى الرغم مما بين «حور محب» و«آي» من تشاحن على الملك إلا أنهما أخذا يعملان معًا في الظاهر وكل منهما طامع في أن يتولى العرش بعد «توت عنخ آمون»، وسنرى فيما بعد أن الذي تولى عرش الملك بعد «توت عنخ آمون» هو الكاهن «آي» ومن بعده «حور محب»، ثم استولى مكانه «رعمسيس الأول»، وكلهم من رجال الجيش، كما سنأتي على كل ذلك بالتفصيل.
|
|
"عادة ليلية" قد تكون المفتاح للوقاية من الخرف
|
|
|
|
|
ممتص الصدمات: طريقة عمله وأهميته وأبرز علامات تلفه
|
|
|
|
|
ضمن أسبوع الإرشاد النفسي.. جامعة العميد تُقيم أنشطةً ثقافية وتطويرية لطلبتها
|
|
|