المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية


Untitled Document
أبحث عن شيء أخر المرجع الالكتروني للمعلوماتية
{افان مات او قتل انقلبتم على اعقابكم}
2024-11-24
العبرة من السابقين
2024-11-24
تدارك الذنوب
2024-11-24
الإصرار على الذنب
2024-11-24
معنى قوله تعالى زين للناس حب الشهوات من النساء
2024-11-24
مسألتان في طلب المغفرة من الله
2024-11-24

مـفهـوم المـشـروع وخـصائصـه
2024-07-16
Sigma-Algebra
3-6-2021
الآيات والرّوايات التي يستدل بها على إمكانيّة تغيّر الأخلاق
2024-09-22
الركوع واحكامه
2024-10-26
المخرج
14-11-2021
السيد عز الدين حسين بن السيد المرتضى
2-7-2017


مبادئ القياس في الاستنباط القضائي  
  
954   01:13 صباحاً   التاريخ: 2024-05-01
المؤلف : طارق عبد الرزاق شهيد الحمامي
الكتاب أو المصدر : الاستنباط القضائي في الدعوى المدنية
الجزء والصفحة : ص 80-90
القسم : القانون / القانون الخاص / قانون المرافعات و الاثبات / قانون المرافعات /

إن لمقدمات القياس مضموناً فكرياً يتمثل في الوقائع كما تقدم في مادة القياس ، وهي المقدمات الصغرى للقياس القضائي. وهذه الوقائع وما أحاط بها من ظروف يتخذها القاضي مصدرا لاستنباطه القضائي عندما يتبنى الطريقة القياسية في الاستدلال، وذلك بتطبيق المبادئ العامة عليها، وهذا يعني أن الاستدلال القياسي يفتقر إلى المبادئ بل هي الأمر الأساسي في عملية الاستنباط بهذه الطريقة ؛ لأنها تشكل المقدمات الكبرى، ولابد من ضم الكبريات إلى الصغريات حتى نصل إلى النتائج المطلوبة .
وقد يتصور بعضهم أن مبادئ القياس القضائي تقتصر على المبادئ القانونية الوضعية فقط ولكن في الواقع أن المبادئ التي يتخذها القاضي قد تكون مبادئ عقلية يفرضها المنطق القانوني والمنطق القضائي اتساقا مع المنطق العام، بالإضافة إلى المبادئ القانونية .
والمبادئ العقلية هي تلك القضايا المستغنية عن الاستدلال بل هي التي يستند إليها الاستدلال القياسي، فهي تلك القضايا البديهية التي يستخدمها ذهن القاضي بوصفها قواعد عامة مسلم بصحتها لأجل الأنتقال فيما يُراد الاستدلال عليه واستنباط النتيجة منه (1).
وأما المبادئ القانونية فإن لكل نظام قانوني ثوابت تكون بمثابة الأساس الذي يستند إليه ، التي ينطلق منها في إيجاد الحلول للإشكاليات التي يُعنى بها ، فالقاضي في عمله الاستنباطي يستند إلى المبادي التي استقرت في نظامه القانوني حتى تلك التي لم تكن مكتوبة ، وتمثل مجموعة القواعد العليا التي تهيمن على القانون التي أفرزها الاستقراء لتشريعاته ، وهي قواعد أساسية لا يمكن أن يخلو منها أي نظام قانوني(2).
وبناء على ما تقدم سنقسم هذا الموضوع على فرعين ، نتطرق في الفرع الأول الى المبادئ العقلية ، ثم نتعرض في الفرع الثاني الى المبادئ القانونية .
الفرع الأول
المبادئ العقلية
عندما ينظر القاضي الدعوى قد يستند في استنباطه للدلالات التي تثبت الواقعة المجهولة إلى مبادئ عقلية يتخذ منها مقدمة لأستدلاله القياسي ، وهي مبادئ تطابق الواقع ومرتكزة في أعماق العقل والنفس ، بمعنى إن العقل يصدقها دون كسب ونظر؛ لأنها من الأمور البديهية ، والبديهي لا يحتاج في صيرورته إلى معلوم لإعمال الفكر ، فهي واضحة بينة بنفسها يُدركها العقل إدراكاً مباشرا ويذعن إليها بمجرد تصورها ، فبمجرد التفات القاضي إليها كافٍ لأن يتخذ منها مقدمة كلية في عمله الاستدلالي ، ومنها مثلا قاعدة ( لكل شيء سبب ) وقاعدة ( الجزء اصغر من (الكل) وقاعدة ( ما يصدق على القضية الكلية يصدق على الجزئية المتداخلة معها ، فهذه القواعد والمبادئ صارت من المسائل الأولية التي يصدق بها العقل لذاتها، أو قد تكون هذه المبادئ مصدقة بالحس ، سواء أكان ظاهريا كالحواس الخمسة أم وجدانيا كالإحساسات الباطنية، أو أن التجربة أثبتت صدقها إذا كانت تلك التجربة تجربة علمية لا التجربة التي يقوم بها عامة الناس فإنها كثيراً ما تكون عُرضة للخطأ فيحسبون ما ليس بعلـة علـة أو ما كان علة ناقصة علة تامة ، وذلك لافتقارهم إلى الملاحظة الدقيقة ، أو قد يؤيد صدق المبدأ النقل المتواتر له الذي يحدث في النفس اطمئنانا بصحته أو قد يكون من الأمور الفطرية التي تحمل صدقها معها (3).
فالعقل يُسلّم بالقواعد والمبادئ المصدقة دون شك أو تردد ، ومن ثم يتخذ القاضي من هذه البديهيات العقلية سواء كانت مسائل أولية أو غيرها - كما تقدم أعلاه - مقدمة كبرى لأستدلاله القياسي، ينتهي منها بعد تطبيقها على الوقائع الجزئية والأمور الثابتة في الدعوى المنظورة إلى نتيجة أو دلالة تثبت الواقعة المجهولة موضوع النزاع.
ويعتمد القاضي المبادئ والقواعد المسلّم بها عقلا حتى يصل إلى نتائج يقينية صحيحة . ولا يُقصد باليقين في العمل القضائي اليقين المطلق ، وإنما يُراد به اليقين النسبي أي البعيد عن الشك المعقول وإلا فأن اليقين المطلق مثل أعلى لا يمكن الوصول إليه في محكمة قضاتها بشر (4).
وبما إن القاضي وهو يقوم بالاستدلال والاستنباط من وقائع وظروف الدعوى إنما يريد بذلك إثبات الحقيقة (5) ، ولكن لابد لإثبات هذه الحقيقة من مراعاة المبادئ الفكرية ناهيك عن القوانين الوضعية ؛ لأن القاضي وهو يقوم بالاستدلال القياسي لابد أن تكون مقدمات قياسه هذا مما يطمئن إليها للوصول إلى نتائج صحيحة . وقلنا إن المقدمة الكبرى قد تكون أحدى البديهيات العقلية ، وللقياس البرهاني مبادئ أولية يُعبّر عنها ( بقوانين الفكر (الأساسية) أو (ببديهيات البرهان الأساسية وهي قواعد لازمة وضرورية للتفكير الإنساني ، فعلى القاضي أن يُراعيها وهو يضع المبادئ العقلية مقدمات لقياسه ، فكل برهنة أو استدلال لابد أن يهتدي بهذه المبادئ
1 - مبدأ الحقيقة ثابتة لا تتغير
قد يطلق على هذا المبدأ (مبدأ هو هو ) أو قانون الذاتية (الهوية)، فحقيقة الشيء لا تتغير ولا تتبدل ، فإن لكل شيء صفة ثابتة يبقى فيها الكائن على ذاته ، فالحقيقة ثابتة ومستقرة ،ثبوتا، ولو حدث اختلاف إنما يكون في الأمور الظاهرة، أي الذاتية تفترض ثبات الجوهر وتغير الأعراض ، فهذا المبدأ يُعبر عن ثبات الحقيقة ، فالحق والباطل مستقلان عن كل شيء وهما ثابتان على الدوام، فالحق حق دائما ، والباطل باطل دائماً (6)
2 - مبدأ النقيضان لا يجتمعان ولا يرتفعان
ويُراد به استحالة أن يوجد الشي هو ونقيضه في آن واحد ، فلا يمكن أن تكون واقعة ما ونقيضها صادقين معا أو كاذبين معا ، وهذا المبدأ من البداهة بمكان ؛ فيستحيل عقلا إذا كان هناك تناقض بين واقعتين أن يجتمعا في آن واحد ، وان مجرد تصور القاضي والخصوم لهذا المبدأ كافٍ بصدقه ، وهذا المبدأ يُكمل المبدأ المتقدم، وينسجم معه ، فيتقرر أن ( الحقيقة لا تتناقض)(7).
3- مبدأ الوسط الممتنع
وقد يطلق عليه الوسط المرفوع أو الثالث المرفوع ويراد به لا وسط بين النقيضين ، لا وسط بين النفي والإثبات ، لا وسط بين الصدق والكذب ، لا وسط بين الحق والباطل ، فالواقعة والقضية والحكم أما صادق وأما كاذب ولا يمكن أن يكون خلاف هذا وذاك ، ويترتب على هذا المبدأ إن للأمر حدين ، أحدهما إيجابي مقتضاه ثبوت وتأكيد واقعة معينة ، والآخر سلبي مقتضاه نفي كل ما هو عكس هذه الواقعة(8). وهذه المبادئ الثلاثة مترابطة فيما بينها بعضها يُكمل الآخر، فمبدأ الحقيقة ثابتة لا تتغير المعبر عنه بقانون الذاتية يقضي أنه إذا كانت الواقعة أو القضية صادقة فهي صادقة أبدا ، ومبدأ عدم التناقض ) يقضي أنه لا تكون الواقعة أو القضية صادقة وغير صادقة معا ، و (مبدأ الوسط الممتنع ) يقضي أن الواقعة أو القضية أما ان تكون صادقة (حق ) وأما تكون غير صادقة (باطل)(9).
هذه المبادئ الثلاثة محورها الحقيقة ، ولها سيطرة على ضبط فكر القاضي ، وهي عوامل فعالة مؤثرة على تفكيره ، ولا يستطيع عقله أن يستدل أو يستنبط دون أن يُسلّم بها.
وأما تشريعيا ، فقد حوّل المشرع العراقي المبادئ العقلية المتقدمة إلى مبادئ قانونية كما نعتقد مجسدا ذلك بما أورده من تطبيقات تشريعية لمسألة التناقض ، منها ما ذكره المشرع في قانون المرافعات المدنية في الفقرة ( 4 ، 5 ) من المادة (203) منه وهي بصدد بيان أحوال الطعن تمييزا، فجعلت من هذه الأحوال صدور حكمين متناقضين في الدعوى نفسها أو التناقض الواقع في منطوق الحكم ، وورد ذكر مصطلح التناقض أيضاً في قانون الإثبات في المادة (64- ثانيا - (أ) منه وهي بصدد صدور إقرارين متناقضين وكون هذا التناقض من مبطلات الإقرار من الناحية القانونية (10).
ونص المشرع المصري على مسألة التناقض أيضاً في قانون المرافعات المدنية في المادة (6/241) (11). ولم يرد في قانون الإثبات المصري نظير المادة أعلاه الوارد في قانون الإثبات العراقي . وبرغم أن التطبيقات المتقدمة في غير مورد البحث إلا أن هذا المبدأ - أعني مبدأ عدم التناقض يبقى مبدأ عقليا وقانونيا يجب ان يُراعيه القاضي عند نظره الدعوى ، وفي كل مورد سواء في أستدلاله القياسي وفي مختلف جهده الاستنباطي أو في موارد أخرى ، فالنقيضان لا يجتمعان ، فلا يجتمع النفي والإثبات في آن واحد ، سواء في نطاق الوقائع أو في نطاق الأحكام .
وأما قضائيا ، فإن المحاكم العليا ، لاسيما محكمة التمييز ومحكمة النقض ، تراقب بدقة مسألة التناقض في الوقائع والقضايا والأحكام ، وقد لاحظت محكمة التمييز هذه المسألة إذ جاء ذلك في أحد قرارتها أن ( المحكمة لم تتبع قرار النقض التمييزي. واعتمدت على تحقيقات غير صحيحة إذ إن قول وكيل ..
الشخص الثالث بأن الأرض أعيدت إلى أصحابها بعد استصلاحها بتاريخ 11/ 11/ 1992 لا يمكن قبوله مع أن حقيقة وضع اليد جرى على الأرض 1999 فكيف يتم الاستصلاح قبل وضع اليد فكان المقتضى بالمحكمة التوسع بالتحقيق لإزالة التناقض المشار إليه)(3). ويؤدي هذا التناقض في وقائع الدعوى وظروفها بوصفها مُقدمات الاستدلال القياسي إلى أنفصال الرابطة المنطقية السليمة بينها وبين النتائج بوصفها دلائل على الواقعة المجهولة ؛ لأن المقدمات إذا كانت متناقضة في الدعوى ستأتي النتائج غير سليمة بناءً على القاعدة المنطقية النتائج تتبع المقدمات) ، فينبغي على القاضي ، والحال هذه، أن يجري استدلالا قياسيا يحل به مسألة التناقض أولاً متخذاً من مبدأ النقيضان لا يجتمعان مقدمة كبرى لهذا القياس .
ومن المعلوم لدى القضاة وذوي الاختصاص أن كثيراً من الدعاوى تأتي معقدة متشابكة في وقائعها مما قد تستلزم أجراء أكثر من استدلال قياسي أو أجراء استدلال قياسي مركب.
الفرع الثاني
المبادئ القانونية
البرهنة التي يقوم بها القاضي في الاستدلال القياسي حتى يصل إلى نتائج صحيحة ترتكز إلى تطبيق المبادئ القانونية العامة على الوقائع الثابتة في الدعوى ، والقاضي الحاذق هو من يجمع في تحصيله بين مختلف المبادئ ، سواء العقلية أو القانونية والقدرة على تطبيقها في المنازعات المعروضة عليه .
و يُعرف المبدأ القانوني إنه كل حكم يندرج تحته مجموعة من التطبيقات القانونية بحيث إذا نظرنا إلى أحدى هذه التطبيقات وجدناها فرعاً من الأصل الذي يتضمنه المبدأ . وعُرفت المبادئ القانونية كذلك بأنها مجموعة من الوقائع العامة التي تتغير ببطء ويكون لها جمود نسبي عند تطورها مع بقية الوقائع . وتجد هذه المبادئ أساسها في الطبيعة الإنسانية ، وأنها تجسد العقلانية . وتبعا لذلك يفترض أنها تشكل أساس القانون لاستنادها إلى المنطق والعقل وطبيعة الأشياء وضرورات الحياة (13).
ومن هذه المبادئ (مبدأ البيئة على من ادعى واليمين على من أنكر)، و(مبدأ العقد شريعة المتعاقدين ) ، و(مبدأ الأصل براءة الذمة) ، و (مبدأ الحيازة في المنقول سند الملكية) ، وغير ذلك من المبادئ المُسلَّم بها في فقه القانون .
والمبادئ القانونية قد تكون مكتوبة أو غير مكتوبة تستقر في ضمير الجماعة تمليها قواعد العدالة ، وكثير من مبادئ القانون العامة قد تحولت إلى قواعد قانونية مكتوبة تبناها المشرع هذا من جهة ، ومن جهة أخرى إن هذه المبادئ تتفاوت من حيث سعة شمولها ، فمنها ما ينبسط على أبواب ومجالات مختلفة في القانون ، وقد ينص عليها المشرعون في أبواب تمهيدية مخصصة لبيان المبادئ العامة المعتمدة في القانون ، ومنها ما يكون أقل شمولا أي تنحصر في مواضيع معينة ، وقد نجدها بشكل أحكاما عامة مطلع قانون معين أو ضمن موضوعات معينة في ثنايا القانون(14).
وينطوي تحت المبادئ القانونية تلك المبادئ التي يقررها القضاء وهي مجموعة من الوقائع العامة التي تحكم القاضي في عمله وترشده إلى الحل الصحيح ، ومن هذه المبادئ (مبدأ الغش يُفسد كل شيء) و ( مبدأ ما بني على باطل باطل ) ، فهي مبادئ قانونية مستخلصة من استقرار المحاكم على إتباعها والحكم بمقتضاها (15).
وقد تتحول الحلول التي تعطيها المحاكم العليا كالنقض والتمييز إلى مبادئ تلتزم المحاكم الأدنى على إتباعها فيما يعرض عليها من قضايا ومنازعات ، بحيث يمكن أن يُستخلص من ذلك اتجاه عام موحد للقضاء وقواعد ثابتة مستقر عليها (16).
وعند إرادة تطبيق المبادئ يقوم القاضي بنفسه بالبحث عنها ويتخذ منها مقدمة كبرى في قياسه لكي يصلها بالواقع ، فهو يحدد المبدأ العام الذي تخضع له الواقعة ثم يقوم بتطبيقه عليها ليستنبط نتيجة أو دلالة ثثبت القضية موضوع النزاع (17)
ويستلزم تطبيق المبدأ على الواقعة أن لا يكون هناك مانع من تطبيقه عليها ، فالمبدأ ، وإن كان حاكما على ما يدخل تحته ، إلا أنه قد تكون هناك خصوصية مانعة من تطبيقه على الواقعة ، و أن لا يكون هناك ما يعارضه ، فالمبدأ دليل والدليل إذا عُورض بمثله أو بما هو أقوى منه بطل الاحتجاج به إلا إذا وجد ما يرجح دليل على آخر كما لو كان هناك نص خاص يعارض المبدأ فالقاعدة أن يُقدم الخاص على العام (18).
وتعد النظريات القانونية والقضائية من أهم المبادئ الأساسية التي يعتمدها القاضي في عمله خاصة ، ولقد بنيت على أسس علمية منهجية ، وبواسطتها يصل إلى استنباط الحلول ، وتطبيقها على المنازعة المنظورة ، مثل نظرية التعسف في استعمال الحق ، ونظرية الصورية ، ونظرية الظروف الطارئة . . وهناك أيضاً نظريات قضائية تتعلق بوظيفة القاضي وتطبيق القانون ومشكلات الخصومة مثل نظرية الاختصاص (18).
فالنظرية هي مجموعة من الأفكار العلمية ذات محمول تشريعي عام ولها طابع شمولي موحد (19).
ويُلاحظ أن القواعد القانونية العامة حالها حال المبادئ القانونية تُعدُّ من مبادئ الاستدلال القياسي في عمل القاضي إلا أنها أضيق شمولا من المبدأ ؛ لأنها تقتصر على حالات معينة (20) ، وفي العمل القضائي ولأجل اختيار المقدمة الكبرى للاستدلال القياسي لا يفرق بين المبدأ والنظرية والقاعدة فكلها بمثابة مبادئ للقياس القضائي، فمبادئ القياس تلك القواعد الكلية والعامة التي يندرج تحتها القضايا والوقائع الجزئية ، وإن كان تتفاوت فيما بينها ضيقا وسعة من حيث دلالتها الشمولية
وفي نطاق التشريع ، فقد تناولت التشريعات المبادئ القانونية ذات المدلول الشمولي الواسع ناهيك عن القواعد القانونية العامة ، وعبرت مجلة الأحكام العدلية عنها بالقواعد الكلية ، فقد استهلت هذه المجلة بمئة مادة ضمت مجموعة كبيرة من القواعد الكلية، وهي عبارة عن مبادئ قانونية عامة يمكن أن تصلح لأي زمان ومكان (21) .
وقد تأثر المشرع العراقي بتلك القواعد والمبادئ التي ذكرتها المجلة فأورد بعضها في القانون المدني في تفسير العقد بثلاث عشر مادة من مادة 155 إلى مادة (167 ضمت تسعة عشر قاعدة (22) . منها على سبيل المثال : 1 - العبرة في العقود للمقاصد والمعاني لا للألفاظ والمباني 2- لا عبرة بالدلالة مقابل التصريح - ذكر بعض ما لا يتجزأ كذكر كله -4 - السؤال المصدق معاد في الجواب المصدق 5- يُفسر الشك في مصلحة المدين (23) . وتناول المشرع العراقي بعض المبادئ المهمة في قانون الإثبات في موضوع القرائن القانونية يلجأ اليها القاضي وهي -1- يُضاف الحادث إلى أقرب أوقاته -2- الأصل بقاء ما كان على ما كان ، والأصل بالصفات العارضة العدم - ما ثبت بزمان يُحكم ببقائه ما لم يوجد دليل على خلافه (24).
والواقع أن هذه المبادئ لا تخص القرائن القانونية فحسب وإنما تشمل العمل القضائي عموما وممكن أن يستنبط منها القاضي الدلالات والحلول في مختلف القضايا بوصفها مقدمات كبرى في استدلاله القياسي، فلهذه المبادئ الثلاث دور مهم في عملية الاستنباط في نطاق الوقائع .
على سبيل المثال لو أقر شخص بدين لأحد ورثته عند موت المورث ، وادعى باقي الورثة أن الإقرار كان في مرض الموت ، وأدعى المقر له أنه كان في حال الصحة ، وتعذر عليه تحديد زمن الإقرار، فالقاضي يستنبط الحل حينئذ بجعل المقدمة الكبرى مبدأ يضاف الحادث إلى اقرب أوقاته والمقدمة الصغرى واقعة الإقرار حال مرض الموت أقرب من واقعة الإقرار حال الصحة ، حتى يصل نتيجة ذلك إلى أن الإقرار حال مرض الموت هو المعتبر ، فتوصل القاضي في ضوء المبدأ الأول إلى أن الإقرار يُضاف إلى مرض الموت ؛ لأنه الحادث الأقرب وقنا من حادث الإقرار حال الصحة مالم تثبت نسبته إلى زمن بعيد أي زمن الصحة.
ومثال آخر لو أن شخصين اختلفا في مسيل فادعى أحدهما أنه قديم وأدعى الثاني أنه حادث وكان المسيل جاريا قبل الدعوى (25)، فالمقدمة الكبرى في هذه الواقعة : ( الاصل بقاء ما كان على ما كان )، والمقدمة الصغرى: كون المسيل جاريا قبل الدعوى فيستنتج القاضي المعروض عليه هذا النزاع أن المسيل حادث كما هو الحال التي وجد عليها ، ففي هذه الواقعة استصحب القاضي الأمر المحقق وهو الجريان فحكم ببقائه ما لم يتحقق عدمه.
أما المبدأ الثالث فما ثبت بزمان يحكم ببقائه ما لم يوجد دليل على خلافه هو متمم للمبدأ الثاني من أن الأصل بقاء ما كان على ما كان .
ولم يتعرض المشرع المصري لما تعرض له المشرع العراقي في القانون المدني من ذكره لقواعد ومبادئ كلية في تفسير العقد، وذكر فقط في آثار العقد (مبدأ العقد شريعة المتعاقدين) فنص على أن ( العقد شريعة المتعاقدين فلا يجوز نقضه وتعديله ألا باتفاق الطرفين وللأسباب التي يقررها القانون)(26)، وذكر أيضاً مبدأ يفسر الشك لمصلحة المدين ... ) (27).
وأيضاً لم يتطرق المشرع المصري في قانون الإثبات إلى تلك المبادئ العامة الثلاثة المتقدمة التي نص عليها المشرع العراقي سوى أنه افتتح القانون المذكور في المادة الأولى منه بأن (على الدائن إثبات الالتزام وعلى المدين إثبات التخلص منه ) (28) ، والذي عبر عنه المشرّع العراقي بأن البينة على من أدعى واليمين على من أنكر)(29).
وأما المشرّع الفرنسي فلم يتطرق أيضاً لما تعرض له المشرع العراقي في القانون المدني كما تقدم ، ويُلاحظ عليه أنه نص على مسألة تحديد مبدأ حرية التعاقد ولم ينص على المبدأ نفسه أي (العقد شريعة المتعاقدين) ، ولكن هذا لا يحول دون اعتماد مبدأ حرية التعاقد بوصفه مبدأ عاماً في القانون الفرنسي (30) .
وفي نطاق القضاء ، السؤال الذي يُثار هل أن المحاكم تُطبق المبادئ القانونية ولو لم يكن منصوص عليها ؟
قضت محكمة النقض المصرية بأن ( قاعدة الغش تبطل التصرفات وهي قاعدة سليمة، ولم يجر بها نص خاص في القانون، وتقوم على اعتبارات خُلقية واجتماعية في محاربة الغش والخديعة والاحتيال وعدم الأنحراف عن جادة حسن النية الواجب توافره في التصرفات والإجراءات عموما صيانة لمصلحة الفرد والمجتمع) (31). وطبقت هذه القاعدة على وكيل عن شريك عندما قام الوكيل بموجب التوكيل الصادر له من الشريك بالتنازل عن حصته لآخر وتم ذلك بالتواطؤ بينهما ، وخلصت إلى بطلان التنازل في حق الموكل (32)
وأما محكمة النقض الفرنسية فإنها ترفض اعتماد المبدأ بوصفه سببا للنقض إلا إذا كان هناك نص وضعي قد استوحي من هذا المبدأ ؛ لأن المبدأ إذا لم يكن منصوصا عليه وليس له تطبيقات خاصة تكون قيمته نظرية حينئذ ، ومن ثم لا يمكن الاستناد إليه للقول بمخالفة القانون ، وأنه لا يمكن الأخذ بهذه المبادئ إلا بقدر ما يتضح للمحكمة العليا أنها مكرسة صراحة أو ضمنا بالنص الوضعي الذي يعود لها أمر تفسيره ، وعندما كانت المحكمة العليا في فرنسا تنقض قرارا لسبب مخالفة أحد المبادئ القانونية العامة إنما كانت تفعل ذلك على أساس من أن المخالفة هي مخالفة للنصوص الوضعية التي كرست ذلك المبدأ العام بنصوص تطبيقية له ، فمبدأ لا يمكن لأحد ان يُثري على حساب غيره )، على سبيل المثال ، تجد له تطبيقات في نصوص القانون المدني الفرنسي المواد (1375-1381) وبرغم أن هذه النصوص تتعلق بحالات خاصة إلا أن الاجتهاد القضائي استطاع عن طريق هذه النصوص أن يُطبق المبدأ العام الذي تُعد هذه النصوص من مصاديقه(33).
____________
1- الشيخ محمد رضا المظفر، المنطق ، مطبعة النعمان النجف الاشرف ، بلا سنة نشر ، ص 227 - 228
2- د. عبدالحي حجازي ، مصدر سابق، ص 494. فارس حامد عبد الكريم ، دور المبادئ العامة للقانون في تطوير النظام القانوني والقضائي ، متاح على الأنترنت
http://www non..net/ 14/52537
3- د. فهمي محمود زيدان، الاستقراء والمنهج العلمي، دار الجامعات المصرية ، الإسكندرية ، 1977 ، ص190-191. د. أحميدوس مدني ، الوجيز في منهجية البحث القانوني ، ط ، بلا ناشر ،2015 ، ص 52. الشيخ محمد رضا المظفر ، مصدر سابق، ص 314-319 . السيد محمد باقر الصدر ، الأسس المنطقية للاستقراء ، ط5، دار التعارف للمطبوعات ، بيروت ، 1986، ص 466.
4- د. علي محمود علي، الأصول المنطقية لفهم الواقع والقانون في الدعوى الجنائية ، بلا ناشر ، 2003، ص72-73
5- الحقيقة المطلوبة عند نظر الدعوى هي الحقيقة القضائية لا الحقيقة الواقعية ، والأولى يتوصل إليها القاضي بما ثبت لديه من أدلة في الدعوى، وهي نسبية لا مطلقة ؛ لإنها قد لا تتطابق مع الحقيقة الواقعية ، وذلك عندما يكون الحق موجودا في الواقع إلا أنه ليس هناك دليل قضائي مقبول على وجوده مما يؤدي إلى عدم الحكم به عند الإنكار. أنظر: د. ياسر باسم ذنون و د. مصطفى إبراهيم الزلمي، الحقيقة القضائية والحقيقة الواقعية بين النسبية والإطلاق ، بحث منشور في مجلة بحوث مستقبلية الصادرة من كلية الحدباء الجامعة ، عدد 14 لسنة 2006، ص 130.
6- د. محمد علي الكيك ، أصول تسبيب الأحكام الجنائية ، مطبعة الإشعاع ، بلا ناشر ، ص 289-290. د. علي سامي النشار، المنطق الصوري ، طه ، دار المعرفة الجامعية ، مصر ، 2000، ص 83-84 .
7- د. ياسر باسم ذنون و د. مصطفى إبراهيم الزلمي ، دور قواعد المنطق في عملية الأثبات المدني ، بحث منشور في مجلة بحوث مستقبلية ، الصادرة من مركز الدراسات المستقبلية ، كلية الحدباء الجامعة ، العدد الثاني عشر ، 2005 ، ص111. د. فهمي محمود زيدان، الاستقراء والمنهج العلمي، دار الجامعات المصرية ، الإسكندرية ، 1977، ، ص190-191. د. علي سامي النشار، المنطق الصوري ، طه ، دار المعرفة الجامعية ، مصر ، 2000 ، ص 85 . مروان علي حسين، التصور والتصديق في المنطق الإسلامي، بحث منشور في مجلة آداب الكوفة ، الصادرة من كلية الآداب، جامعة الكوفة ، العدد 27 ، المجلد 1، 2016، ص 525
8- د. إبراهيم مصطفى إبراهيم منطق الاستقراء ، منشأة المعارف ، الإسكندرية ، 1999 ، ص 15. د. علي سامي النشار ، المصدر نفسه ، ص86 .
9- د. علي سامي النشار، المصدر نفسه، ص79-81 .
10- نصت المادة (5/4/203) من قانون المرافعات المدنية على ان ( للخصوم ان يطعنوا بطريق التمييز في الأحكام الصادرة من محاكم الاستئناف أو محاكم البداءة ومحاكم الأحوال الشخصية في الأحوال الآتية ... اذا صدر حكم يتناقض حكما سابقا صدر في الدعوى نفسها بين الخصوم انفسهم أو من قام مقامهم وحاز درجة البنات . اذا وقع في الحكم خطا جوهري . ويعتبر الخطأ جوهريا اذا اخطأ الحكم في فهم الوقائع أو اغفل الفصل في جهة من جهات الدعوى أو فصل في شيء لم يدع به الخصوم أو قضى بأكثر مما طلبوه أو قضى على خلاف ما هو ثابت في محضر الدعوى أو على خلاف دلالة الأوراق والسندات المقدمة من الخصوم أو كان منطوق الحكم مناقضا بعضه لبعض أو كان الحكم غير جامع لشروطه القانونية )، ونصت المادة (64. ثانيا. أ) من قانون الأثبات على انه اذا ناقض الإقرار ما كان قد اقر به سابقا ، كان هذا التناقض مانعا من سماع دعواه أو دفعه) . و أنظر د، ياسر باسم ذنون و جياد ثامر نايف ، الحكم المدني وحالات التناقض فيه، بحث منشور في مجلة جامعة تكريت للعلوم الإنسانية الصادرة عن كلية التربية ، جامعة تكريت ، المجلد 17، العدد 9 لسنة 2010 ، ص 652 - 653
11- نصت المادة (6/241 ) من قانون المرافعات المدنية والتجارية المصري على أن ( للخصوم أن يلتمسوا إعادة النظر في الأحكام الصادرة بصفة انتهائية في الأحوال الآتية ... إذا كان منطوق الحكم مناقضاً بعضه البعض) وأنظر ياسر باسم ذنون وجياد ثامر نايف ، المصدر نفسه ، ص654.
12- قرار محكمة التمييز رقم 113/م 2/ 2001، نقلا عن د. ياسر باسم ذنون و جياد ثامر نايف ، الحكم المدني وحالات التناقض فيه، بحث منشور في مجلة جامعة تكريت للعلوم الإنسانية الصادرة عن كلية التربية ، جامعة تكريت ، المجلد 17، العدد 9 لسنة 2010 ، ص 661.
13- د. حلمي محمد الحجار وراني حلمي الحجار، المنهجية في حل النزاعات ووضع الدراسات القانونية ، منشورات الحلبي الحقوقية، بيروت ، 2010، ص 104. د. حسن السيد بسيوني ، دور القضاء في المنازعة الأدارية ، القسم الثاني ، عالم الكتب، القاهرة ، بلا سنة نشر ، ص 148-149
14- د. حلمي محمد الحجار و راني حلمي الحجار ، مصدر سابق ، ص108- 109.
15- محمد فهيم درويش، فن القضاء بين النظرية والتطبيق ، مطابع الزهراء للإعلام العربي ، مصر ، 2007 ، ص 40. الأستاذ عبد الباقي البكري و زهير البشير ، المدخل لدراسة القانون ، المكتبة القانونية ، بغداد ، بلا سنة نشر ، ص 154.
16- د. حسن كيرة ، المدخل إلى القانون ، ط5 ، منشأة المعارف، الإسكندرية ، 1974، ص 217.
17- د. حسن السيد بسيوني ، دور القضاء في المنازعة الأدارية ، القسم الثاني ، عالم الكتب، القاهرة ، بلا سنة نشر ، ص159 ، الطيب السنوسي أحمد ، الاستقراء واثره في القواعد الفقهية والأصولية ، ط3 ، دار التدميرية ، داربان حزم، الرياض ، 2009 ، ص 300 - 307 .
18- محمد فهيم درویش، مصدر سابق، ص 601 و ص 609 .
19- د. حسن السيد بسيوني ، مصدر سابق ، ص 149 .
20- در حلمي محمد الحجار و راني حلمي الحجار ، مصدر سابق ، ص 104.
21- أنظر من المادة (2) إلى المادة (100) مجلة الأحكام العدلية ، المطبعة الأدبية ، بيروت ، 1302ھ ، ص 25-34 د حلمي محمد الحجار و راني حلمي الحجار ، المصدر نفسه، ص 105
22- د. عبد المجيد الحكيم والأستاذ عبد الباقي البكري والأستاذ محمد طه البشير ، الوجيز في نظرية الالتزام ، ج 1، المكتبة القانونية ، بغداد ، 1980 ، ص 153 . د. حسن علي الذنون ، النظرية العامة للالتزامات ، الجامعة المستنصرية ، 1976 ، ص 175.
23- أنظر المواد: ( 155) و (157 ) و ( 159) و ( 162) و (166) من القانون المدني العراقي .
24- أنظر : المادة ( 99) من قانون الإثبات العراقي . ويُلاحظ أن المبادئ التي تضمنتها نقلها المشرع عن المادتين (446 و 447) الملغاتين من القانون المدني العراقي ، وتطابق المواد (5 و 9 و 10 و 11 ) من مجلة الأحكام العدلية ، وعلق الشيخ محمد حسين كاشف الغطاء على مواد المجلة فقال هذه القواعد كلها ترجع إلى أصل واحد ، وهو الاستصحاب ووجوب إبقاء ما كان على ما كان المأخوذ من أحاديث لا تنقض اليقين بالشك، وبناء العقلاء على عدم رفع اليد عن الأمر الذي كان متيقنا بعروض الشك فيه، وإن الأصل) إضافة الحادث إلى اقرب أوقاته هي القاعدة المعروفة عندنا بأصالة تأخر الحادث، مثلا : إذا شككنا أن زيداً مات في هذه السنة فيرث أباه الذي قد مات في السنة التي قبلها ، أو مات قبل سنتين فلا يرث ، نحكم باستحقاقه الإرث لإصالة الحادث . أنظر مؤلفه: تحرير المجلة ، ج 1، ط 1 ، المجمع العالمي للتقريب بين المذاهب الإسلامية ، بلا مكان نشر ، 1422هـ ، ص 131 - 133 . و أنظر أيضاً : علي حيدر، درر الحكام شرح مجلة الأحكام ، المجلد 1 ، دار عالم الكتب، الرياض ، ص 23-25
25- أنظر بالنسبة للمثالين أعلاه .د عصمت عبد المجيد ، شرح قانون الإثبات ، المكتبة القانونية بغداد 2007 ص218 . محمد علي الصوري ، التعليق المقارن على مواد قانون الاثبات ، ج 2، المكتبة القانونية ، بغداد ، 2011، ص 902-904. و أنظر للمزيد حول هذه القواعد الثلاثة المذكورة الشيخ أحمد محمد الزرقاء ، شرح القواعد الفقهية، دار القلم ، دمشق ، 1989، ص 87 و ص 117 و ص 125
26- انظر : مادة ( 1/147) القانون المدني المصري.
27- أنظر : مادة (151) القانون المدني المصري .
28- انظر : مادة (1) قانون الأثبات المصري.
29- :أنظر المادة ( 7 / أولا ) قانون الأثبات العراقي.
30- د. حلمي محمد الحجار و راني حلمي الحجار ، مصدر سابق، ص112. يُلاحظ نص المشرع الفرنسي في المادة (6) من القانون المدني ( لا يمكن بموجب اتفاقات خاصة مخالفة القوانين المتعلقة بالنظام العام والآداب) .
31- نقض 21 / 5 / 1979 ، ص 30 ، ج 2، ص 399 ، نقلا من : د. محمد حسين منصور ، المدخل إلى القانون ، ط1، منشورات الحلبي الحقوقية، بيروت ، 2010، ص233.
32- محمد فهيم درويش ، مصدر سابق ، الهامش (1) ص 40 .
33- د. حلمي محمد الحجار و راني حلمي الحجار، مصدر سابق ، ص 113-115.




هو قانون متميز يطبق على الاشخاص الخاصة التي ترتبط بينهما علاقات ذات طابع دولي فالقانون الدولي الخاص هو قانون متميز ،وتميزه ينبع من أنه لا يعالج سوى المشاكل المترتبة على الطابع الدولي لتلك العلاقة تاركا تنظيمها الموضوعي لأحد الدول التي ترتبط بها وهو قانون يطبق على الاشخاص الخاصة ،وهذا ما يميزه عن القانون الدولي العام الذي يطبق على الدول والمنظمات الدولية. وهؤلاء الاشخاص يرتبطون فيما بينهم بعلاقة ذات طابع دولي . والعلاقة ذات الطابع الدولي هي العلاقة التي ترتبط من خلال عناصرها بأكثر من دولة ،وبالتالي بأكثر من نظام قانوني .فعلى سبيل المثال عقد الزواج المبرم بين عراقي وفرنسية هو علاقة ذات طابع دولي لأنها ترتبط بالعراق عن طريق جنسية الزوج، وبدولة فرنسا عن طريق جنسية الزوجة.





هو مجموعة القواعد القانونية التي تنظم كيفية مباشرة السلطة التنفيذية في الدولة لوظيفتها الادارية وهو ينظم العديد من المسائل كتشكيل الجهاز الاداري للدولة (الوزارات والمصالح الحكومية) وينظم علاقة الحكومة المركزية بالإدارات والهيآت الاقليمية (كالمحافظات والمجالس البلدية) كما انه يبين كيفية الفصل في المنازعات التي تنشأ بين الدولة وبين الافراد وجهة القضاء التي تختص بها .



وهو مجموعة القواعد القانونية التي تتضمن تعريف الأفعال المجرّمة وتقسيمها لمخالفات وجنح وجرائم ووضع العقوبات المفروضة على الأفراد في حال مخالفتهم للقوانين والأنظمة والأخلاق والآداب العامة. ويتبع هذا القانون قانون الإجراءات الجزائية الذي ينظم كيفية البدء بالدعوى العامة وطرق التحقيق الشُرطي والقضائي لمعرفة الجناة واتهامهم وضمان حقوق الدفاع عن المتهمين بكل مراحل التحقيق والحكم , وينقسم الى قسمين عام وخاص .
القسم العام يتناول تحديد الاركان العامة للجريمة وتقسيماتها الى جنايات وجنح ومخالفات وكما يتناول العقوبة وكيفية توقيعها وحالات تعددها وسقوطها والتخفيف او الاعفاء منها . القسم الخاص يتناول كل جريمة على حدة مبيناً العقاب المقرر لها .