قدّم أستاذ الحوزة العلميّة العلّامة السيّد أحمد الصافي، المحاضرة العلميّة الرمضانيّة الحادية عشرة في شرح دعاء أبي حمزة الثمالي، بحضور مسؤولي العتبة العبّاسيّة المقدّسة وخَدَمتها. المحاضرة الحادية عشرة تأتي ضمن سلسلة المحاضرات التي قدّمها قبل أكثر من أربع سنوات في شرح دعاء أبي حمزة الثمالي للإمام السجّاد(عليه السلام)، وانطلقت في هذا الشهر الفضيل مجدّدًا لشرح ما يتعلّق بهذا الشهر ومضامينه. في مستهلّ المحاضرة استعرض السيّد الصافي ما ذكره في المحاضرة العاشرة من فقرات الدعاء، التي تدور حول إمهال الله تبارك وتعالى للعبد حين معصيته، وتركه وعدم مجازاته فورًا حتّى وإن عمل عملًا آخر، وهذا الإمهال يستدعي من العبد التمسّك بهذه الفرصة وعدم تركها تمرّ مرور السحاب، فقد لا تتكرّر. وتحدّث السيّد الصافي عن مصادر القوّة عند الداعي، التي ترجع إلى الله تعالى، ففي بعض موارد الدعاء يستمدّ الداعي قوّته من الله تعالى، مبيّناً الثوابت التي سجّلها الإمام (عليه السلام) وجرى تناولها فيما سبق. وتطرّق السيّد الصافي إلى ما جاء في الدعاء حول انجراف العاصي أمام الخطيئة، وإدراك الإنسان قبل ارتكاب المعصية وهو بكامل وعيه وبعد المعصية وتعامله مع الموضوع معاملة التائب، وأثناء المعصية، وهذه قضيّة مهمّة تثبت بعض النقاط. ولفت إلى أن النقطة الأولى هي الاعتراف رغم المعصية، بعدم الجحود بالربوبية أو الانسلاخ من الاعتقاد والإيمان بالله تعالى، وهي نقطة مهمّة يستفيد منها الداعي، وعدم الاستخفاف بالأوامر وإطاعتها، أمّا النقطة الأخرى فهي تأكيده على عدم الاعتراض على العقوبة عند المعصية، والاعتراف بالخوف من الله تعالى أثناء المعصية وعدم نكران وحدانيته وربوبيته وعدم التنازل عن بعض الثوابت. وذكر السيد الصافي أن الموجبات إلى المعصية مجموعة أشياء، بعضها عدم الاستفادة من ستر الله على الإنسان، واتّخاذ الستر وسيلة إلى اقتراف الذنب بدل أخذه وسيلة إلى التوبة. وتناول في المحاضرة مسبّبات المعصية، فالإنسان بطبيعته يحبّ المال والبنين وزينة الحياة الدنيا، وهناك نفس تزيّن له هذه المعصية، والأخيرة فيها نظر ظاهريّ ودقيق، والظاهريّ أنّ الإنسان يرتكب المعصية وقد يشعر ببعض الالتذاذات الظاهريّة، أمّا النظر الدقيق لحقيقة المعصية أن هذه المعاصي لها روائح مقزّزة.

وبيّن سماحته معنى مفردة (الشِقوة) الواردة في الدعاء، فالشقوة خلاف السعادة وعمليّة استعداد للمخالفة وقيادة الإنسان إلى المعصية، فيما ذكر بعض الآيات القرآنية والأحاديث الشريفة والأمثلة التي تناولت هذه المفردة.