أقرأ أيضاً
التاريخ: 2023-03-30
929
التاريخ: 7-11-2020
1414
التاريخ: 10-10-2020
1038
التاريخ: 2024-01-13
965
|
ما من اكتشاف توصلنا إليه في تلك السنوات أروع في رأيي من اكتشافنا المذهل أن بعض مصادر الأشعة السينية تخرج منها ألسنة لهب مذهلة مع كمية الأشعة السينية المنبعثة منها. كانت فكرة تباين شدة الأشعة السينية المنبعثة من بعض المصادر حاضرةً في المشهد منذ منتصف ستينيات القرن العشرين وقد قارن فيليب فيشر وفريقه من شركة لوكهيد میسایلز آند سبیس کومباني شدة الأشعة السينية لسبعة مصادر للأشعة السينية رُصدت خلال الرحلة الصاروخية التي أطلقوها في الأول من أكتوبر من عام 1964، بنتائج رحلة فريق فريدمان الصاروخية في السادس عشر من يونيو من عام 1964. وقد وجدوا أن شدة الأشعة السينية (التي نطلق عليها دفق الأشعة السينية) المنبعثة من المصدر 1–Cyg XR (الذي يُطلق عليها 1–Cyg X) كانت أدنى خمس مرات في الأول من أكتوبر منها في الرابع عشر من يونيو لكن لم يكن من الواضح ما إذا كانت هذه الملاحظة تدل على تباين حقيقي أم لا. وقد أشار فريق فيشر إلى أن الكواشف التي استخدمها فريق فريدمان أكثر حساسية بكثير للأشعة السينية منخفضة الطاقة من الكواشف التي استخدموها، وأن هذا قد يفسر الاختلاف.
إلا أن المسألة قد حُلَّتْ في عام 1967، حين قارن فريق فريدمان دفق الأشعة السينية المنبعث من ثلاثين مصدرًا على مدار العامين السابقين، وقطع بأن شدة الأشعة السينية قد تتباين في كثير من المصادر. وكان تباين شدة الأشعة السينية في المصدر 1–Cyg X هو الأعجب. في عام 1967، أطلق فريق كين ماكراكن في أستراليا صاروحًا، واكتشف مصدرًا للأشعة السينية يضاهي 1–Sco X سطوعًا (أكثر مصادر الأشعة السينية سطوعًا على الإطلاق)، والذي لم يظهر للكواشف التي راقبت المنطقة ذاتها قبل عام ونصف من ذلك الوقت. وبعد عامين من الإعلان عن اكتشاف مستعر الأشعة السينية هذا (أو X–ray nova) كما أُطلق عليه خلال اجتماع الربيع للجمعية الفيزيائية الأمريكية في واشنطن العاصمة، كنت في مكالمة هاتفية مع أحد أبرز رواد علم فلك الأشعة السينية، وقال لي: «هل تصدق هذا الهراء؟».
لقد انخفضت شدة الأشعة السينية المنبعثة منه في غضون أسابيع قليلة بمعامل 3، وبعد خمسة أشهر انخفضت شدته مرة أخرى بمعامل 50. واليوم، نطلق على هذه المصادر الاسم الشائع «مصادر الأشعة السينية العابرة». وقد حدد فريق ماكراكن موقع ذلك المصدر في كوكبة الصليب الجنوبي. لقد كانوا في حالة من الإثارة البالغة إزاء ذلك حتى إن الأمر اتخذ طابعا عاطفيًا لديهم؛ وذلك لأن تلك الكوكبة مصورة على العلم الأسترالي. وحين اتضح أن موقع المصدر لم يكن كوكبة الصليب الجنوبي، وإنما في كوكبة قنطورس، وتغير الاسم من 1–X Crux إلى 2–Cen X، أصيب الأستراليون بخيبة أمل بالغة. إننا معشر العلماء يمكن أن نستشعر عاطفةً كبيرة قوية إزاء اكتشافاتنا.
وفي الخامس عشر من أكتوبر من عام 1967، راقبنا أنا وجورج كلارك 1– Sco Xفي رحلة منطاد انطلقت من ميلدورا في أستراليا، وقد توصلنا إلى اكتشاف مهم. لم يكن الاكتشاف كأي شيء يمكن أن تراه في صور مركز ناسا الفضائي في هيوستن، التي يهلل فيها العاملون هناك ويحتضن بعضهم بعضًا حين يحققون نجاحًا. إنهم يرون الأشياء في وقت حدوثها. فخلال وقت المراقبة لا يكون لدينا وسيلة للاطلاع على البيانات؛ كنا فقط نأمل في أن يظل المنطاد محلقًا وأن تعمل معداتنا على ما يرام. وبالطبع، لم نكن نكف عن القلق حيال الكيفية التي سنستعيد بها التلسكوب والبيانات. لقد كان ذلك محور توتراتنا وإثارتنا.
حللنا بياناتنا بعد شهور، في معهد ماساتشوستس كنتُ في غرفة الحاسب ذات ليلة، وكان تيري ثورسوس يساعدني. وفي تلك الأيام، كانت أجهزة الحاسب في معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا عملاقة وكان لا بد أن تكون الغرف مكيفة الهواء؛ لأن أجهزة الكمبيوتر تولد حرارة عالية. وأذكر أن الساعة كانت حوالي الحادية عشرة؛ ذلك لأنك إذا أردت تشغيل بعض البرمجيات على الحاسب فإن المساء هو أفضل وقت للعمل بهدوء وسرية في بعض الوظائف وفي تلك الأيام، كنا دائما في حاجة إلى مسؤول تشغيل الحاسوب لتشغيل البرامج فأخذتُ دوري في الصف وانتظرتُ بصبر.
وهنا كنتُ أنظر إلى البيانات التي جمعناها من رحلة المنطاد، حين رأيتُ فجأةً زيادة ضخمة في دفق الأشعة السينية المنبعثة من 1–Sco X. فهناك على النسخة المطبوعة زاد تدفق الأشعة السينية بمُعامل أربعة في غضون عشر دقائق تقريبا، وثبت عند ذلك الارتفاع لحوالي ثلاثين دقيقة، ثم راح ينخفض. لقد رصدنا توهج أشعة سينية من المصدر 1–Sco X وكان توهجا مهولا وهذا الأمر لم يكن رصد من قبل. في الأوقات العادية، كنت ستقول لنفسك شيئًا من قبيل: «هل هذا التوهج شيء يمكن تفسيره بطريقة مختلفة؟ هل يمكن أن يكون ناتجا عن عطب في أحد الكواشف؟». في تلك الحالة، لم يراودني أي شك؛ فقد كنتُ ملما تمامًا بحالة الأدوات، وكنتُ واثقًا في كل تجهيزاتنا واختباراتنا، كما أننا كنا نتفحص الكاشف باستمرار طوال الرحلة، ونقيس طيف الأشعة السينية من مصدر مشع كل عشرين دقيقة بهدف الضبط – وكانت الأداة تعمل جيدا. كنتُ واثقا في البيانات تمام الثقة. وبالنظر إلى النسخة المطبوعة، كان بإمكاني أن أرى أن تدفق الأشعة السينية قد ارتفع وانخفض؛ ومن بين كل المصادر التي راقبناها في تلك الرحلة التي استغرقت عشر ساعات، لم يحدث هذا الارتفاع والانخفاض في تدفق الأشعة السينية إلا في مصدر واحد، وهذا المصدر هو 1–Sco X. فهل كان ذلك حقيقيا!
في الصباح التالي، عرضتُ النتائج على جورج كلارك، فصدم من هول المفاجأة. فكلانا كان ملما جيدًا بذلك المجال؛ وكلانا كان في سعادة غامرة؛ إذ لم يسبق لأحدٍ أن لاحظ تغيرًا في تدفق الأشعة السينية في مقياس زمني يُقدر بعشر دقائق. فتدفق الأشعة السينية المنبعثة من 2–Cen X قلَّ بمُعامل ثلاثة في غضون أسابيع قليلة بعد عملية الرصد الأولى، أما هنا فقد كنا أمام تباين في دفق الأشعة السينية بمعامل أربعة خلال عشر دقائق – أي أسرع حوالي ثلاثة آلاف مرة.
كنا نعلم أن 1–Sco X يُطلق 9.99 % من طاقته في صورة أشعة سينية، وأن شدة لمعانها تبلغ حوالي 10,000 مرة من إجمالي لمعان الشمس، وحوالي 10 مليارات مرة من إجمالي لمعان الأشعة السينية المنبعثة من الشمس. ببساطة لم يكن من أساس فيزيائي يمكنه تفسير تغير لمعان 1–Sco X بمعامل أربعة في مقياس زمني يُقدر بعشر دقائق. فكيف يمكنك مثلا تفسير زيادة توهج الشمس أربعة أمثال توهجها العادي في غضون عشر دقائق؟ إن حدثا كهذا مخيف جدا.
إن اكتشاف تباين وهج الأشعة السينية خلال هذا الزمن ربما يكون أهم اكتشاف تتوصل إليه رحلات المناطيد في تاريخ علم الفيزياء الفلكية. اكتشفنا أيضًا مصادر للأشعة السينية لم ترصدها الصواريخ، وقد كانت اكتشافات بالغة الأهمية أيضًا. إلا أن كل الاكتشافات الأخرى لم يضاهي تأثيرها تأثير اكتشاف تباين شدة الأشعة السينية المنبعثة من 1–Sco X في غضون عشر دقائق.
كانت صدمة كبيرة في ذلك الوقت ألا يصدق علماء كثيرون هذا الاكتشاف. فحتى العلماء لديهم تكهنات راسخة يصعب تغييرها. وقد أرسل إس تشاندرسكهار، المحرر الفذ في دورية «أستروفيزيكال جورنال ليترز» مقالنا. عن 1–Sco X لمحكم علمي، فلم يصدق المُحكّم النتائج التي توصلنا إليها على الإطلاق. ما زلتُ أذكر ذلك رغم مرور أكثر من أربعين عامًا. وقد كتب يقول: «هذا هراء لا شك في ذلك، لأننا نعلم أن مصادر الأشعة السينية القوية كتلك لا يمكن أن تغير شدتها في غضون عشر دقائق». كان لا بد أن نقنع الدورية بالنتائج التي اكتشفناها. كما اضطر روسي للقيام بالشيء نفسه في عام 1962 فمحرر دورية فيزيكال ريفيو ليترز، صامويل جودسمیت، قبل المقال الذي كان يؤسس لعلم الفيزياء الفلكية فقط لأجل اسم روسي، ولأنه كان على استعداد، كما كتب لاحقًا لتحمل المسؤولية الشخصية عن محتوى البحث.
أما اليوم، نظرًا لما صار لدينا من أدوات وتلسكوبات أكثر حساسية بكثير، فصرنا نعرف أن كثيرًا من مصادر الأشعة السينية تتباين في شدة وهجها على أي مدى زمني، بمعنى أنك إذا راقبت مصدرًا محددًا بصورة متواصلة يومًا بيوم، فستجد أن الدفق الصادر منه يختلف يوميًا. وإذا راقبته ثانيةً بثانية، فستجد أنه يتغير كذلك. وحتى إذا كنت تحلل بياناتك كل ميللي ثانية، فلربما تجد تباينا في بعض المصادر. لكن، في ذلك الوقت، كان التباين على مدى زمني يُقدر بعشر دقاق أمرًا جديدًا وغير متوقع. وقد ألقيتُ محاضرة عن هذا الاكتشاف في معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا في فبراير من عام 1968، وقد سعدت جدا لدى رؤية ريكاردو جاكوني وهزب جورسكي بين الحضور حينها سعرت وكأنني قد بلغتُ مبلغا في هذا المجال، وأنني قد قبلت بين فطاحلة هذا المجال.
|
|
مخاطر عدم علاج ارتفاع ضغط الدم
|
|
|
|
|
أكثر 5 ماركات سيارات تعاني من مشاكل في المحرك في 2024
|
|
|
|
|
مدرسة دار العلم.. صرح علميّ متميز في كربلاء لنشر علوم أهل البيت (عليهم السلام)
|
|
|