أقرأ أيضاً
التاريخ: 30-4-2018
10924
التاريخ: 2024-01-07
768
التاريخ: 26-1-2018
1826
التاريخ: 2024-11-05
126
|
لقد كان للعلماء دور كبير في انتشار الإسلام في الصين، فقد ذكرنا سابقاً أن المسلمين هناك استطاعوا تأسيس المساجد والجاليات الإسلامية خلال القرون الأولى من تاريخ الإسلام، وأن القائمين على المساجد من شيوخ وعلماء كانوا يعملون على مصالح المسلمين في بلدات ومدن وموانئ الصين المتواجد بها المسلمون والعرب. إن دور العلماء والفقهاء مهم للغاية في الحفاظ على الحياة الدينية والعقود الاقتصادية والاجتماعية المبنية على شريعة الإسلام، وبالتالي فإن نشر الإسلام بين غير المسلمين يتطلب وجود علماء وفقهاء مسلمين يعيشون بينهم يعلمونهم، وقد قام علماء المسلمين بهذا الواجب إدراكاً منهم بأهمية الدعوة إلى الإسلام وتعليمه في نشر وترسيخ الإيمان في النفوس، ورغبة في الأجر العظيم الذي ينتظر الدعاة ومعلمي الخير، إذ يقول تعالى: " ومن أحسن قولا ممن دعا إلى الله وعمل صالحاً وقال إنني من المسلمين (1). ويقول النبي صلى الله عليه وآله وسلم: " لتن يهدي الله بك رجلاً واحداً خير لك من الدنيا وما فيها (2). وسوف نذكر في الصفحات التالية بعض أسماء العلماء الذين أسهموا في نشر الإسلام في الصين. ومن هؤلاء إبراهيم بن إسحاق الصيني الذي توفي عام ثلاثين ومائتين هجري، (3) وقد عرف أنه كان يتجر للصين (4) ويروى ابن النديم أن رجلاً صينياً كان قد قدم إلى بغداد لتعلم اللغة العربية عند أحد العلماء يدعى محمد بن زكريا الرازي، وقد نجح بتعلم اللغة العربية وأتقنها خلال عام " حتى صار فصيحاً حاذقاً سريع اليد (5). ويبدو أن علماء الصين قد اهتموا كثيراً بمعرفة اللغة العربية والثقافة العربية الإسلامية لأن اللغة العربية ليست منفصلة عن ثقافتها، وبالتالي فإن العالم الصيني الذي يتعلم العربية ينقل معرفته وخبرته إلى بلده بعد عودته من بغداد ومن هؤلاء العلماء التاجر الفقيه سعد الدين بن محمد بن سعد الأنصاري الأندلسي والذي عرف باسم سعد الخير الأندلسي الصيني، لترحله وتعدد أسفاره بين أقطار العالم الإسلامي والصين. (6) " وكان من الفقهاء والعلماء" (7). وقد روي عن رجل يسمع الحديث عند حماد بن سلمي قوله: فركب إلى الصين فلما رجع أهدى إلى حماد هدية فقال له حماد إن قبلتها لم أحدثك بحديث، وإن لم أقبلها حدثتك، قال لا تقبلها وحدثني (8) ويدل هذا على مدى اهتمام هذا الرجل بسماع الحديث، ويبدو أنه كان داعية ومارس الدعوة خلال سفره إلى الصين. وكما ذكرنا سابقاً كيف جعل المسلمون على كل بلد من بلدان الصين شيخاً أطلقوا عليه. شيخ الإسلام"، إضافة إلى قاض (9). وفي هذا دليل على أهمية دور العلماء والفقهاء في نشر الإسلام وترسيخه في النفوس. لقد كان طريق الحرير طريقاً مهماً للتجارة وللعلماء، وقد وصفت " ختن" وهي بلاد بين الصين وتركستان بأنها كثيرة العلماء والفضلاء (10). وكذلك هراة مدينة عظيمة مشهورة من أمهات مدن خراسان محشوة بالعلماء، مملوءة بأهل الفضل والثراء. (11) ويعلق المؤرخ جيب على أن انتشار الإسلام وأسبابه في مناطق الصين وآسيا الوسطي بأنه مع نهاية القرن الخامس الهجري الحادي عشر الميلادي، بدأت المدارس الدينية ودور الفقه تنتشر، وأصبحت مؤسسات رسمية لها إدارة ونفقات على المدرسين والطلبة وتخضع لسيطرة الفقهاء (12). ويقول آخر بأن الفقهاء والعلماء استطاعوا أن يؤسسوا ما يعرف بشبكة علاقات عالمية على امتداد العالم الإسلامي وآسيا الوسطي وصولاً إلى الصين، وهي في بدايتها كانت علاقات فردية محدودة، لكنها قويت وتفاعلت بسبب التواصل والتعارف المستمر بين العلماء والفقهاء من أبناء الشعوب التي دخلت الإسلام (13) ويعلق مؤرخ عربي قائلاً: " إن بروز علماء من أهل بلاد ما وراء النهر مثل الترمذي والبخاري والفرغاني " أمر لم يتم بين عشية وضحاها بل لابد أن يكون هذا الجيل من العلماء مسبوق بجيل آخر مهد لظهور أمثال هؤلاء الرجال (14). وتابع معلقا إن انتشار الإسلام وثقافته الإسلامية توطنت وترسخت بين أهل البلاد، (15) خاصة على امتداد الجزء الغربي من الصين المتاخم لتركستان وآسيا الوسطي، وقد ذكر أن السلطان "ملكشاه" الذي توفى عام ( 485هـ / 1092م)، " كان أجمل الناس صورة ومعنى وخطب لــه مــن حدود الصين إلى أخر الشام (16) وكذلك فإن الخليفة العباسي الناصر لدين الله أحمد بن المستضيء بأمر الله والذي مات عام (622هـ / 1225م)، الذي " دانت له السلاطين خطب له ببلاد الأندلس وبلاد الصين ويتضح لنا مدى توسع رقعة العالم الإسلامي، ومدى انتشار الإسلام، وأن الخطباء والعلماء خطبوا للخلفاء والسلاطين من الصين وحدود الصين (17). إن مشاركة مسلمي الصين في الخطبة لخلفاء المسلمين وسلاطينهم ليؤكد وحدة المسلمين، مهما تباعدت أماكنهم، وأن مسلمي الصين كانوا يعدون أنفسهم جزءاً من العالم الإسلامي. لقد انتشر الإسلام بجهود الدعاة والعلماء انتشاراً واسعاً جعل المؤرخة " جوليا تشنج" ذات الأصل الصيني على الأرجح حسب ما يدل اسمها تقول: " إن الإسلام أصبح الآن ينافس الديانات الأساسية فـــي الصين مثل الكونفوشية والتاوية (Confucianism, Taoism)، والبوذية، بل قد يحتل المرتبة الأولى بعد ديانة الصين البوذية. (18) ويقول جيب: " إن الإسلام بعد ثلاثة عشر قرناً أصبح الديانة الرئيسة على امتداد حــــزام عريض من الشمال الأفريقي حتى امتداد آسيا الوسطي إلى عمق الصين."(19).
...........................................
1- سورة فصلت، آية رقم 33.
2- صحيح البخاري، كتاب الجهاد والسير باب دعاء النبي للناس إلى الإسلام والنبوة، ص 565، رقم الحديث 2942 ينظر البخاري، أبي عبد الله محمد بن إسماعيل (الرياض، بيت الإفكار الدولية للنشر والتوزيع، 1998م).
3 - الذهبي، سير أعلام النبلاء، ج10، ص638.
4- ياقوت، معجم البلدان، ج3، ص440.
5 - ابن النديم الفهرست، ج1، ص24.
6 - الذهبي، سير أعلام النبلاء، ج20، ص158؛ التلمساني، نفح الطيب، ج2، ص632.
7- الذهبي، سير أعلام النبلاء، ج20، ص128.
8- الأصبهاني، أبو نعيم أحمد بن عبد الله، حلية الأولياء وطبقات الأصفياء، (بيروت، دار الكتاب العربي، ط 4،1405هـ)، ج6، ص 251؛ الذهبي، سير أعلام النبلاء، ج7، ص 449.
9- ابن بطوطة رحلة ابن بطوطة، ج2، ص723.
10- ابن الأثير، الكامل في التاريخ، ج2، ص116.
11- ياقوت، معجم البلدان، ج5، ص396
12 - Gibb, Mohammedanism, P.98
13 - Johns, Anthony, Sufism In South East Asia, P.10
14 - محمود حسن أحمد الإسلام والحضارة العربية في آسيا، ص128.
15- محمود حسن أحمد الإسلام والحضارة العربية في آسيا، ص128.
16 - القلقشندي، أحمد بن عبد الله، مآثر الإنافة في معالم الخلافة، تحقيق: عبد الستار أحمد فراج، (الكويت، مطبعة حكومة الكويت، ط 2، 1985م)، ج2، ص 3.
17 - الطهراني، أغا بزرك، طبقات أعلام الشيعة- الأنوار الساطعة في المائة السابعة، تحقيق: على نقي منزوي،
بيروت، دار الكتاب العربي، ط1، 1970م)، ج 1، ص 4
18 - Ching, Julia, Chinese Religion, P.170.
19 - Gibb, Mohammedanism, P15.
|
|
تفوقت في الاختبار على الجميع.. فاكهة "خارقة" في عالم التغذية
|
|
|
|
|
أمين عام أوبك: النفط الخام والغاز الطبيعي "هبة من الله"
|
|
|
|
|
قسم شؤون المعارف ينظم دورة عن آليات عمل الفهارس الفنية للموسوعات والكتب لملاكاته
|
|
|