مراتب القرآن مظاهر لشؤون الحق

القرآن الكريم هو محل تجلي الله سبحانه وتعالى: «فتجلى لهم سبحانه في كتابه من غير أن يكونوا رأوه»(1). ولما كان الرب الذي تجلى في هذا الكتاب بالرغم من علوه: {سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى} [الأعلى: 1] فهو قريب: {وَهُوَ مَعَكُمْ أَيْنَ مَا كُنْتُمْ} [الحديد: 4] ، {وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ } [البقرة: 186] ، كان تجليه، أي القرآن الكريم، هو أيضاً قريباً مع أنه بعيد، ودان مع أنه عال، ومن هذه الجهة فهو مظهر الإله الذي هو عال في الوقت الذي هو فيه دان: «في علوه دان، وفي دنوه عال»(2):

بالطبع لا تماثل بين المتجلي والتجلي؛ فالقرآن عندما يظهر في مرحلة كونه قرباً فإنه يرى ويسمع بالحواس، إلاً أن الذات الإلهية المقدسة لا تدرك بالحواس , مع كونها قريبة. والسر في هذا التفاوت أن الله ذاتاً هو بسيط الحقيقة، وهذه الحقيقة البسيطة هي غير متناهية. ومن هنا، فإن له ظهوراً بسيطاً ومجرداً بشكل تام في كافة مراحل الوجود، وهذا على خلاف شؤونه وأوصافه الفعلية التي تكون محسوسة نتيجة للتركب والتنزل.

ــــــــــــــــــــــ

1. نهج البلاغة، الخطبة 47 .

2. إقبال الأعمال، ص 120؛ وبحار الأنوار. ج95، ص379