المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية

الرجال و الحديث والتراجم
عدد المواضيع في هذا القسم 5936 موضوعاً
علم الحديث
علم الرجال

Untitled Document
أبحث عن شيء أخر
{مثنى‏ وثلاث ورباع}
2024-04-29
معنى حوب
2024-04-29
صلة الأرحام
2024-04-29
عادات الدجاج الرومي
2024-04-29
مباني الديك الرومي وتجهيزاتها
2024-04-29
تعريف بعدد من الكتب / المسائل الصاغانيّة.
2024-04-29

الأفعال التي تنصب مفعولين
23-12-2014
صيغ المبالغة
18-02-2015
الجملة الإنشائية وأقسامها
26-03-2015
اولاد الامام الحسين (عليه السلام)
3-04-2015
معاني صيغ الزيادة
17-02-2015
انواع التمور في العراق
27-5-2016


بين عمّار بن ياسر (رض) وعثمان.  
  
725   11:08 صباحاً   التاريخ: 2023-10-17
المؤلف : الشيخ محمّد جواد آل الفقيه.
الكتاب أو المصدر : عمّار بن ياسر.
الجزء والصفحة : ص 87 ـ 121.
القسم : الرجال و الحديث والتراجم / أصحاب النبي (صلى الله عليه وآله) /

جاء في كتاب الأنساب ما يلي:

كان في بيتِ المال بالمدينة سفطٌ فيه حليّ وجوهرٌ، فأخذ منه عثمان ما حَلّى به بعض أهله، فأظهرَ الناسُ الطعنَ عليه في ذلك وكلّموه فيه بكلام شديدٍ حتىٰ أغضبوه، فخطب فقال: لنأخذنَّ حاجتنا من هذا الفيء وإن رغِمتْ أنوف أقوام. فقال له علي: إذن تُمنع من ذلكَ ويُحال بينكَ وبينَه، وقال عمار بن ياسر: أُشهدُ اللهَ أن أنفي أولَ راغمٍ من ذلك فقال عثمان: أعَليّ يا بن المتكاءْ (1) تجترئ؟! خذوه، فأُخذ ودخل عثمان ودعا به فضربه حتى غُشي عليه، ثم أُخرج فحُمل حتى أُتي به منزل أم سَلَمة زوج رسول الله (صلى الله عليه وآله) فلم يصلّ الظهر والعصر والمغرب، فلمّا أفاق توضّأ وصلّى وقال: الحمد للهِ، ليس هذا أولُ يومٍ أُذينا فيه في الله.

وقام هشام بن الوليد بن المغيرة المخزومي ـ وكان عمار حليفاً لبني مخزوم ـ فقال: يا عثمان أمّا عليٌّ فاتقيته وبني أبيه، وأمّا نحنُ فاجترأتَ علينا وضربت أخانا حتى أشفيتَ به على التَلف، أما والله لئن ماتَ لأقتلنّ به رجلاً من بني أميّة عظيم السرّة.

فقال عثمان: وإنّك لههنا يا بن القسريّة؟ قال: فإنّهما قسريّتان. وكانت أمّهُ وجدّته قسريّتين من بَجيلة. فشتمه عثمان وأمرَ به فأُخرج. فأتى أم سلمة فإذا هي قد غضبت لعمّار. وبلغ عائشةَ ما صُنع بعمّار فغضبت وأخرجت شعراً من شعر رسول الله (صلى الله عليه وآله) وثوباً من ثيابه ونعلاً من نعاله، ثم قالت: ما أسرَعَ ما تركتم سنّة نبيكمْ، وهذا شعره وثوبه ونعله لم يُبلَ بعد. فغضب عثمان غضباً شديداً حتى ما درى ما يقول، فالتجَّ المسجد، وقال الناس: سبحان الله، سبحان الله !!وكان عمرو بن العاص واجداً على عثمان لعزله إيّاه عن مِصر وتوليته إيّاها عبد الله بن سعد بن أبي سرح، فجعل يكثر التعجّب والتسبيح. وبلغ عثمان مصير هشام بن الوليد ومن مشى معه من بني مخزوم إلى أم سلمة وغضبها لعمار، فأرسل إليها: ما هذا الجمع؟ فأرسلتْ إليه: دع ذا عنك يا عثمان ولا تحملِ الناس في أمرك على ما يكرهون، واستقبحَ الناسُ فعله بعمّار، وشاع فيهم فاشتد إنكارهم له (2).

وأظنّ أنّ هذه الحادثة أنموذج كافٍ في الدلالة على خروج السلطة من إطارها الذي أراده الله سبحانه، وألِفه المسلمون بعد وفاة الرسول الأعظم (صلى الله عليه وآله) إلى إطارٍ آخر ترسمه ثلة من المستفيدين الطامحين للملك، سيما إذا أخذنا بعين الاعتبار ما ورد في نصوص المؤرخين: من أن الغالبَ على عثمان آنذاك، مروانُ بن الحكم وأبو سفيان بن حرب. كما أنّ في هذه الحادثة دليل واضح على مدى البُعد بين عثمان وعمار في التفكير الديني وسياسة الأمور.

وزاد في الهُوّة بين الطرفين تتابعُ الأحداث التي يشبه بعضها بعضاً من حيث المبدأ السلطوي الذي انتهج ازاء كبراء الصحابة وعظمائهم، أمثال أبي ذر الغفاري وعبد الله بن مسعود، وملاحقتهم بالنفي تارة، وبالضرب والإِذلال تارةً أخرى حتى مات الأول منفياً في الربذة، ومات الثاني مقهوراً بعد أن كُسِر ضلعهُ وحُرم عطاءه. وكان لابن ياسر نصيبٌ من سخط الخليفة وغضبه بسبب هذين الصحابيين الجليلين.

فحين نُفي أبو ذر، كان عمّار أحدَ المشيّعين والمودّعين له، وحين توفّي أبدى حزنه وأسفه العميقين عليه أمام عثمان مما زاد في غضبه، ثم بعد ذلك توفّي ابن مسعود فصلّى عليه عمار بوصيةٍ منه، ثم توفّي المقداد فصلى عليه عمار أيضاً دون أن يؤذن عثمان بذلك، فاشتد سخطهُ وغضبهُ عليه.

قال البلاذري: لمّا بلغ عثمانَ موت أبي ذرٍ بالربذة قال: رحمه الله. فقال عمار بن ياسر: نعم، فرحمه الله من كل أنفسنا! فقال عثمان: يا عاض.. أبيه، أتراني ندمت على تسييره؟! وأمر به فدُفع في قفاه وقال: الحقْ بمكانه. فلما تهيأ للخروج جاءت بنو مخزوم إلى عليّ فسألوه أن يكلم عثمان فيه، فقال له علي: يا عثمان، اتق الله! فإنك سيّرت رجلاً صالحاً من المسلمين فهلك في تسييرك، ثم أنت الآن تريد أن تنفي نظيره!؟ وجرى بينهما كلام حتى قال عثمان ـ مخاطباً علياً ـ: أنت أحق بالنفي منه! فقال عليٌّ: رُمْ ذلك إن شئت !!واجتمع المهاجرون فقالوا: إن كنتَ كُلما كلّمكَ رجل سيّرته ونفيته، فإنّ هذا شيء لا يسوغ فكَفَّ عن عمّار (3).

وتوفّي ابن مسعود وكان قد أوصى عماراً ألا يصلي عليه عثمان، فقبل وصيّته، وكان عثمان غائباً، فلمّا عاد رأى القبر فقال: قبرُ من هذا؟ فقيل: قبرُ عبد الله بن مسعود. قال: فكيف دُفن قبل أن أعلم؟ فقالوا: وَليَ أمرَه عمّار بن ياسر، ولم يلبث إلا يسيراً حتى مات المقداد فصلّى عليه عمار، وكان أوصى إليه ولم يؤذن عثمان به، فاشتد غضب عثمان على عمّار وقال: ويلي على ابن السوداء، أمَا لقد كنتُ به عليماً (4).

ومن هنا يتّضح بأنّ ما حصل بين عثمان وعمّار من عداءٍ لم يكن عداءً شخصياً نمى وتطوّر حتى تحوّل إلى حرب مواقف ـ إذا صح التعبير ـ بين صحابيّين كان بالإِمكان تلافيه، أو على الأقل السكوتُ عنه حفظاً لمقام الخلافة وهيبتها بل إنّ الأمر كان على العكس من ذلك. فالمتتبّع للأحداث يلمس بوضوح أنّ الصراع بينهما كان صراعاً بين مبدئين: مبدأ يعتمدُ اللامحدودية في سلطته والنزوع وراء المُلْك، ومبدأ يعتمد السنَّةَ النبوية الشريفة وسيرة الخلفاء الراشدين. فعثمانُ لم يكن وحده في آرائه، وكذلك عمار لم يكن وحده في معارضته.

وعلى هذا يمكن القول أنّ خلافة عثمان أوجدت الفرصةَ لسيطرةِ الأمويّين على مقدّرات الأمة وأرزاقها عن طريق نفوذهم لسُدّة الحكم، ولولا يقظة بعض الصحابة وحذرهم لتم لهم ذلك بشكل سريع، لكن معارضتهم هي التي كانت تحول دون ذلك.

وقد حدد العقّاد في كتابه عثمان، نظرة عثمان للخلافة بقوله:

فكانت له نظرةٌ للإِمامة قاربتْ أن تكون نظرةً إلى المُلك، وكان يقول لابن مسعود كلّما ألح عليه في المحاسبة: ما لَكَ ولبيتِ مالِنا؟! وقال في خطبته الكبرى يرد على من آخذوه بهباته الجزيلة: فضلٌ من مالٍ، فلم لا أصنعُ في الفضل ما أريد؟ فلِم كنتُ إماماً!! (5) .

وكان جديراً به أن يتقبّل نصائح المخلصين من الصحابة ويناقش ملاحظاتهم وآرائهم بقلبٍ مفتوح كما كان يفعل صاحباه من قبل، لكي تبقى للخلافة هيبتُها وللمسلمين وحدتهُم، لكنه تهاون أزاء ذلك فأدى تهاونه إلى ما انتهت إليه الأمور من خسارةٍ وتمزيق. لقد كان تسامحه مع أهل بيته وأقربائه وحبه لهم وتقريبه إياهم هو السببُ الأول في تحويل مركز الخلافة إلى سلطةٍ زمنية أهملت الكثير من توجيهات القرآن وتعاليم الإِسلام. ويصف المؤرخون عثمان بأنّه كن جواداً وصولاً بالأموال، وقدّم أقاربه وذوي رحمه على سائر الناس، وسوى بين الناس في الأعطية، وكان الغالب عليه مروان بن الحكم وأبو سفيان بن حرب (6).

كما كان إلى جانب ذلك يستخفُّ بصيحات الصحابة من المهاجرين والأنصار، ويضع من قدرهم ما استطاع، ويرد على من ينتقدُ وُلاتَهُ وعمّاله من زعماء الأمصار وقادتهم بالتجريح تارةً، وبالنفي والإِذلال إذا رأى في ذلك رادعاً.

ولنلقي الآن نظرةً سريعةً تجاه سياسة عثمان الماليّة، والإِداريّة، والتأديبيّة.

 

سياسته الماليّة:

ونذكر منها ما يلي على سبيل المثال:

1 ـ افتُتِحت أرمينية في أيامه، فأخذ الخمسَ كله فوهبه لمروان بن الحكم (7).

2 ـ زوّجَ ابنته عائشة من الحرث بن الحكم بن العاص، فأعطاه مائَةَ ألف دِرهم.

3 ـ زوّجَ ابنته من عبد الله بن خالد بن أُسَيْد وأمر له بستمائة ألف درهم، وكتب إلى عبد الله بن عامر أن يدفعها إليه من بيت مال البصرة.

4 ـ حمىٰ المراعي حول المدينة كلّها، من مواشي المسلمين كلّهم، إلا عن بني أمية.

5 ـ أقطع مروان بن الحكم فَدَك، وكانت فاطمة (عليها السلام) طلبتها بعد وفاة أبيها (صلى الله عليه وآله)، تارةً بالميراث، وتارة بالنِحْلة، فدُفِعت عنها.

6 ـ أعطى عبد الله بن أبي سَرْح جميع ما أفاء اللهُ عليه من فتح إفريقية من غير أن يشركه فيه أحد من المسلمين.

7 ـ إنّ رسول الله (صلى الله عليه وآله) تصدّق على المسلمين بموضع «سُوق» بالمدينة، فأقطعه عثمان للحرث بن الحكم أخي مروان، وهو أغرب ما ذكرنا.

8 ـ أتاه أبو موسى بأموال من العراق جليلة، فقسمها كلّها في بني أمية (8).

9 ـ بُنيان مروان القصور بذي خشب، وعمارة الأموال بها من الخمس الواجب لله ولرسوله.

10 ـ ما كان من إدراره القطائع والأرزاق والأعطيات على أقوام بالمدينة ليست لهم صحبة من النبي (صلى الله عليه وآله) ثم لا يغزون ولا يذبّون (9).

11 ـ أعطى أبا سفيان بن حرب مائتي ألف من بيت المال، في اليوم الذي أمر به لمروان بن الحكم بمائة ألف من بيت المال (10).

12 ـ قَدِمت إبل الصدقة عليه، فوهبها للحرث بن الحكم.

إنّ مقدرات الدولة الإِسلامية وثرواتها ليست حكراً على أحد، ولا ملكاً لجماعة أو فئةٍ معينةٍ من الناس، وليس لأحد الحق في أن يتطاول عليها أو يدعيها لقرابته فضلاً عن أن يؤثرهم بها إلا ما يأمر الله سبحانه به مما جاء في الكتاب العزيز والسنّة النبوية الشريفة، وعلى هذا الأساس بدأت النقمة تتزايد على عثمان من جراء سياسته تلك.

قال اليعقوبي في تأريخه: ونقم الناس على عثمان بعد ولايته بست سنين، وتكلم فيه من تكلم، وقالوا: آثر الأقرباء، وحمى الحمى وبنى الدور واتخذ الضياع والأموال بمال الله والمسلمين.. الخ (11) وكان عثمان يقول في ذلك: هذا مالُ الله أُعطيه من شئت وأمنعه من شئت، فأرغَمَ الله أنف من رغِم (12).

 

سياسته في اختيار الولاة:

وقد اقتصر في سياسته الإِدارية على أقاربه وذوي رحمه مخالفاً بذلك القاعدة المتعارفة لدى المسلمين ولدى من سبقه من الخلفاء في اختيار ذوي السابقة في الدين من كبار الصحابة وعظمائهم ولو أنّ في أقاربه من كان له سابقةٌ أو صحبةٌ أو جهادٌ لهان الأمر، لكنّهم كانوا على عكس ذلك متّهمين في دينهم، بل فيهم من أمره بالفسق معروفٌ مشهور.

ومن هؤلاء:

1 ـ عبد الله بن سعدِ بن أبي سرح: ولّاه عثمان على مصر

وكان عبد الله هذا قد أسلم وكتبَ الوحي لرسول الله (صلى الله عليه وآله) فكان إذا أملى عليه: عزيزٌ حكيم يكتب: عليمٌ حكيمٌ، وأشباه ذلك ثم ارتدّ، وقال لقريشٍ إنّي أكتب أحرفَ محمدٍ في قرآنه حيث شئت، ودينكم خير من دينه.

فلمّا كان يوم الفتح، فرَّ إلى عثمان بن عفان ـ وكان أخاه من الرضاعة ـ فغيّبهُ عثمان حتى اطمأنّ الناس، ثم أحضره إلى رسول الله (صلى الله عليه وآله) وطلب له الأمان، فصمَتَ رسولُ الله (صلى الله عليه وآله) طويلاً، ثم أمّنه، فأسلم وعاد. فلمّا انصرف، قال رسول الله (صلى الله عليه وآله) لأصحابه: لقد صمَتُّ ليقتلَهُ أحدكم (13).

2 ـ الوليد بن عقبة بن أبي مُعَيْط:

ولّاه عثمان الكوفة سنة 25 للهجرة، والوليدُ هذا هو الذي وصفه القرآن بالفسق، ففيه نزلت الآية الكريمة: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِن جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا} وكان النبي (صلى الله عليه وآله) قد بعثه في صدقات بني المصطلق، فخرجوا لاستقباله فظن أنهم أرادوا قتله، فرجع إلى النبي وأخبره أنهم منعوا صدقاتهم.. الخ (14) وقد ولاه عثمان الكوفة بعد عزل سعد بن أبي وقاص، فالتفت الوليد إلى سعد مسلِّياً إيّاه قائلاً له: لا تجزع أبا إسحاق، كل ذلك لم يكن، وإنّما هو المُلك يتغدّاه قومٌ ويتعشّاه آخرون ثم شاع فِسقه وشربه للخمر وأقام عليٌّ (عليه السلام) عليه الحد ثم عُزل.

3 ـ معاوية بن أبي سفيان:

وكان عاملاً لعُمَر على دمشق والأردن، فضمَّ إليه عثمان ولاية حِمص وفلسطين والجزيرة، وبذلك مدَّ له في أسباب السلطان إلى أبعد مدىً مستطاع (15) وأمرُ معاوية واضح غير خفي؛ فهو أحد الطلقاء المستسلمين يوم الفتح.

4 ـ سعيد بن العاص:

عيّنه عثمان والياً على الكوفة بعد أن عزَل الوليد عنها، ولم يكن سعيد ليخفي ما في نفسه من الرغبة في التسلط على فيء المسلمين إن أمكنت الفرصة من ذلك، بل أكد على ذلك بقوله لبعض جلسائه: إنّما هذا السواد بُستانُ قريش (16).

5 ـ عبد الله بن عامر بن كريز:

وكان عبد الله هذا من أبرز الدعاة إلى سياسة التضييق والإِفقار والإِشغال، التضييق على المسلمين الذين نادوا مطالبين بالعدالة ورفع الجور عنهم، وعزل العمال غير ذوي الكفاءة فقد أشار على عثمان بذلك، فقال له حين استشاره: أرى لك يا أمير المؤمنين أن تشغلهم بالجهاد عنك حتى يذلوا لك، ولا يكون هِمّةُ أحدهم إلا في نفسه، وما هو فيه من دُبُرِ دابّته وقُمَّلِ فروته (17).

 

سياسته التأديبيّة (الانتقاميّة):

كانت في الواقع سياسةً انتقاميةً وليست تأديبيةً، اعتمدها الخليفة في سيرته مع معارضيه الذين كانوا يرفعون أصواتهم في وجهه ازاء ما يرونه خارجاً عن حدود الشريعة الإِسلاميّة والسُنَّة النبويّة الشريفة، بل وسيرةِ الشيخين..

وقد مرَّ معنا ما لقيهُ عمّار بن ياسر وما عاناه ابن مسعود من كسر ضلعه ومن بعدهما نفي أبي ذر إلى الربذة وموته هناك ولا ننسى أن هذا النمط من الصحابة يُعدُّ من زعمائهم وعظمائهم الذين يتسنّى لهم أن يقولوا ويعترضوا ومع ذلك عُوقبوا بهذه الطريقة الموجعة والمزرية من العقاب.

وتخطّى الأمر المدينة ـ دار الخلافة ـ ليشمل الكوفة، فقد حصلت مشادةٌ كلامية بين سعيد بن العاص والي الكوفة وبين بعض زعمائها كمالك الأشتر وصعصعة بن صوحان، حين قال سعيد كلمته المعروفة «إنّما هذا السواد بستان قريش». انتهت بتسيير هؤلاء «نفيهم» إلى الشام، ثم إلى حمص واضطهادهم وترويعهم، وإليك القصة مفصلةً: حين ولي سعيد الكوفة استخلص من أهلها قوماً يسمرون عنده، فقال سعيد يوماً: إنّ السواد ـ أي الأرض الخضراء بما فيها ـ بستان لقريش وبني أمية.

فقال الأشتر النخعي: وتزعم أنّ السواد الذي أفاءه الله على المسلمين بأسيافنا بستان لك ولقومك؟ فقال صاحب شرطته: أترد على الأمير مقالته!؟ واغلظ له: فقال الأشتر لمن حوله من النُخَع وغيرهم من أشراف الكوفة: ألا تسمعون؟ فوثبوا عليه بحضرة سعيد فوطؤه وطأً عنيفاً وجرّوا برجله فغلظ ذلك على سعيد وأبعد سُمّاره فلم يأذن بَعدُ لهم، فجعلوا يشتمون سعيداً في مجالسهم ثم تعدوا ذلك إلى شتم عثمان.

واجتمع إليهم ناس كثير حتى غلظ أمرهم، فكتب سعيد إلى عثمان في أمرهم، فكتب إليه أن يُسيّرهم إلى الشام لئلا يُفسدوا أهل الكوفة، وكتب إلى معاوية وهو والي الشام: إنّ نفراً من أهل الكوفة قد همّوا بإثارة الفتنة وقد سيرتهم إليك، فانهَهُم فإن آنست منهم رشداً فأحسِن إليهم وارددهم إلى بلادهم (18).

وحين قدموا الشام دارت محاورات بينهم وبين معاوية وكان لهم معه مجالس، وقد قال لهم معاوية في جملة ما قال: إنّ قريشاً قد عرفت أنّ أبا سفيان أكرمها وابن أكرمها، إلا ما جعل الله لنبيه (صلى الله عليه وآله) فإنّه انتجبه وأكرمه، ولو أن أبا سفيان ولَدَ الناس كلهم لكانوا حكماء! فقال له صعصعة بن صوحان: كذِبتْ، قد ولَدَهُم خيرٌ من أبي سفيان، من خلقه الله بيده ونفخَ فيه من روحه، وأمر الملائكة فسجدوا له، فكان فيهم البَرُّ والفاجر والكيّس والأحمق.

وفي بعض المحاورات قال لهم معاوية: أيّها القوم، ردوا خيراً واسكنوا وتفكروا وانظروا فيما ينفعكم والمسلمين فاطلبوه وأطيعوني. فقال له صَعْصَعة: لستَ بأهلِ لذلك، ولا كرامة لك أن تُطاع في معصية الله. فقال: إنّ أول كلام ابتدأتكم به أن أمرتكم بتقوى الله وطاعة رسوله، وأن تعتصموا بحبل الله جميعاً ولا تفرّقوا.

فقال صعصعة: بل أمرتَ بالفرقة وخلاف ما جاء به النبي (صلى الله عليه وآله) فقال: إنّ كنتُ فعلت فإنّي الآن أتوبُ وآمركم بتقوى الله وطاعته ولزوم الجماعة وأن توقّروا أئمتكم وتطيعوهم .فقال صعصعة: إذا كنت تبت فإنّا نأمرك أن تعتزل أمرك، فإنّ في المسلمين من هو أحق به منك ممّن كان أبوه أحسن أثراً في الإِسلام من أبيك، وهو أحسن قدَماً في الإِسلام منك .فقال معاوية: إنّ لي في الإِسلام لقدَماً وإنّ كان غيري لأحسنُ قدماً منّي لكنّه ليس في زماني أحدٌ أقوى على ما أنا فيه منّي، ولقد رأى ذلك عمر بن الخطاب، فلو كان غيري أقوى منّي لم يكن عند عمر هوادةٌ لي ولغيري، ولا حدث ما ينبغي له أن اعتزل عملي، ولو رأى ذلك أمير المؤمنين لكتب إليَّ فاعتزلت عمله، ولو قضى الله أن يفعل ذلك لرجوت أن لا يعزم له على ذلك إلا وهو خير، فمهلاً فإنّ فيّ دون ما أنتم فيه، ما يأمر في الشيطان وينهى، ولعمري لو كانت الأمور تُقضى على رأيكم وأهوائكم ما استقامت الأمور لأهل الإِسلام يوماً وليلة، فعودوا إلى الخير وقولوه . فقالوا: لست لذلك أهلاً. فقال: أما والله، إنّ للهِ لسطوات ونقمات وإنّي لخائفٌ عليكم أن تتبايعوا إلى مطاوعة الشيطان ومعصية الرحمن فيحلّكم ذلك دار الهوان في العاجل والآجل. فوثبوا عليه فأخذوا برأسه ولحيته، فقال: مَهْ، إنّ هذه ليست بأرض الكوفة، والله لو رأى أهل الشام ما صنعتم بي وأنا إمامهم ما ملكتُ أن أنهاهم عنكم حتى يقتلوكم، فلعمري إنّ صنيعكم ليُشبه بعضه بعضاً. ثم قام من عندهم فقال: والله لا أدخل عليكم مدخلاً ما بقيت، وكتب إلى عثمان: أمّا بعد، يا أمير المؤمنين فإنّك بعثت إليّ أقواماً يتكلّمون بألسنة الشياطين وما يُملون عليهم، ويأتون الناس ـ زعموا ـ من قِبل القرآن فيشبّهون على الناس، وليس كل الناس يعلم ما يريدون وإنّما يريدون فرقة، ويقرّبون فتنة، قد أثقلهم الإِسلام وأضجرهم، وتمكّنت رُقى الشيطان من قلوبهم، فقد أفسدوا كثيراً من الناس ممن كانوا بين ظهرانيهم من أهل الكوفة، ولستُ آمن إن أقاموا وسط أهل الشام أن يغرّوهم بسحرهم وفجورهم، فارددهم إلى مصرهم، فلتكن دارهم في مصرهم الذي نجم فيه نفاقهم . والسلام.

فكتب إليه عثمان يأمره أن يردَّهم إلى سعيد بن العاص بالكوفة، فردّهم إليه، فلم يكونوا إلا أطلق ألسنةً منهم حين رجعوا. وكتب سعيد إلى عثمان يضج منهم. فكتب عثمان إلى سعيد أن سيّرهم إلى عبد الرحمن بن خالد بن الوليد ـ وكان أميراً على حمص. وهؤلاء النفر هم: مالك الأشتر (19) وثابت بن قيس الهمداني وكميل بن زياد النخعي، وزيد بن صوحان وأخوه صعصعة، وجندب بن زهير الغامدي، وحبيب بن كعب الأزدي، وعروة بن الجعد، وعمرو بن الحمق الخزاعي.

وكتب عثمان إلى الأشتر وأصحابه: أما بعد، فإني قد سيّرتكم إلى حمص، فإذا أتاكم كتابي هذا فاخرجوا إليها، فإنكم لستم تألون الإِسلام وأهله شراً. والسلام.

فلمّا قرأ الأشتر الكتاب قال: اللهمّ أسوأنا نظراً للرعيّة، وأعملنا فيهم بالمعصية، فعجّل له النقمة. فكتب بذلك سعيد إلى عثمان، وسار الأشتر وأصحابه إلى حمص فأنزلهم عبد الرحمان بن خالد الساحل وأجرى عليهم رزقاً.

وروى الواقدي: أنّ عبد الرحمن بن خالد جمعهم بعد أن أنزلهم أياماً وفرض لهم طعاماً ثم قال لهم: يا بني الشيطان! لا مرحباً بكم ولا أهلاً، قد رجع الشيطان محسوراً وأنتم بعدُ في بساط ضلالكم وغيكم، جزى الله عبد الرحمان إن لم يؤذكم، يا معشر من لا أدري أعربٌ هم أم عجم، أتراكم تقولون لي ما قلتم لمعاوية؟ أنا ابن خالد بن الوليد، أنا ابن من عجمته العاجمات أنا ابن فاقئ عين الردة، والله يا بن صوحان: لأطيّرنّ بك طيرة بعيدة المهوى إن بلغني أن أحداً ممن معي دق أنفك فاقتنعت رأسك. قال: فأقاموا عنده شهراً كلما ركب أمشاهم معه، ويقول لصعصعة: يا بن الخطيّة: إن من لم يصلحه الخير أصلحه الشر، مالك لا تقول كما كنت تقول لسعيد ومعاوية؟ فيقولون: نتوب إلى الله، أقِلْنا أقالك الله، فما زال ذاك دأبُهُ ودأبهم حتى قال: تاب الله عليكم. فكتب إلى عثمان يسترضيه عنهم ويسأله فيهم، فردّهم إلى الكوفة (20).

هذه صورة مختصرة عن سياسة عثمان التأديبيّة التي انتهجها ازاء كبار الصحابة وبعض زعماء المسلمين.

 

بذور الثورة:

وعلى ضوء ما ذكرنا بدأ القلق يساور المسلمين من جراء تلك السياسة، فهم يرون الخلافة وقد أخذت تجنح نحو المنحدر الخطير، نحو الملك حيث الحكم بالمال أو السيف. فها هي بدأت تفقد هيبتها وفاعليتها وسيطرتها، فكان لا بد لهم ـ والحال هذه ـ أن يهيئوا أنفسهم لمواجهة الأمر الواقع تفادياً لما هو أعظم وأخطر، فأخذ كل فردٍ منهم يشعر بالمسؤولية وبضرورة معالجة الموقف قدر المستطاع.

وهذا العبء الثقيل يلقى بالدرجة الأولى على كاهل أصحاب الأمانة، وهم الصحابة من المهاجرين والأنصار، فهم الذين عايشوا مسيرة الإِسلام وسيرة نبيه ومن خلَفَهُ من بعده، فقد اختاروا لأنفسهم كلمة الفصل في الظروف الصعبة واختارها لهم عامة المسلمين، فكانت المسؤولية وكان عليهم تقرير المصير.

وبالفعل، فإنهم لم يدخروا النصيحة فلقد بادروا إلى مصارحة الخليفة وتوجيه النقد له ولسياسته وجهاً لوجه أكثر من مرة وفي أكثر من مناسبة، وكان في الطليعة عمار بن ياسر الذي كان يتمتع بنصيب وافر من الجرأة والإِقدام، والثقة من أصحاب رسول الله (صلى الله عليه وآله) فاجتمع هو وبعض الصحابة، منهم: المقداد بن عمرو وطلحة والزبير، وكتبوا كتاباً إلى عثمان عددوا فيما أحدث وغيّر وخوفوه ربه، وأعلموه أنّهم مواثبوه إن لم يُقلع.

وقد ذكر ابن قتيبة في الإِمامة والسياسة ما جاء في ذلك الكتاب. فقال:

1 ـ كتبوا كتاباً ذكروا فيه ما خالف فيه عثمان من سنة رسول الله (صلى الله عليه وآله) وسنة صاحبيه.

2 ـ وما كان من هبة خُمسِ إفريقية لمروان، وفيه حق الله ورسوله، ومنهم ذوو القربى واليتامى والمساكين.

3 ـ وما كان من تطاوله في البنيان، حتى عدوا سبع دورٍ بناها بالمدينة، داراً لنائلة وداراً لعائشة وغيرهما من أهله وبناته.

4 ـ وبنيان مروان القصور بذي خُشب، وعمارة الأموال بها من الخمس الواجب لله ولرسوله.

5 ـ وما كان من افشائه العمل والولايات في أهله وبني عمه من بني أمية من أحداثٍ وغلمةٍ لا صحبة لهم مع الرسول، ولا تجربة لهم بالأمور.

6 ـ وما كان من الوليد بن عقبة بالكوفة إذ صلّى بهم الصبح سكراناً أربعة ركعات ثم قال لهم: إن شئتم أزيدكم ركعةً زدتكم.

7 ـ وتعطيله إقامة الحد وتأخيره ذلك عنه.

8 ـ وتركه المهاجرين والأنصار لا يستعملهم على شيءٍ ولا يستشيرهم، واستغنى برأيه عن رأيهم.

9 ـ وما كان من الحمى الذي حمى حول المدينة.

10 ـ وما كان من إدارة القطائع والأرزاق والأعطيات على أقوام بالمدينة ليس لهم صحبة من النبي (صلى الله عليه وآله)، ثم لا يغزون ولا يذبُّون.

11 ـ وما كان من مجاوزته الخيزران إلى السوط، وأنّه أول من ضرب بالسياط ظهور الناس، وإنّما كان ضرب الخليفتين قبله بالدِرّة والخيزران.

ثم تعاهد القوم ليدفعنَّ الكتاب في يد عثمان، وكان ممّن حضر الكتاب عمّار بن ياسر، والمقداد بن الأسود، وكانوا عشرة.

فلمّا خرجوا بالكتاب ليدفعوه إلى عثمان ـ والكتاب في يد عمار ـ جعلوا يتسللون عن عمار حتى بقي وحدَه، فمضى حتى جاء دار عثمان فاستأذن عليه، فأذن له في يومٍ شاتٍ، فدخل عليه وعنده مروان بن الحكم وأهله من بني أمية، فدفع إليه الكتاب فقرأه فقال: أنت كتبت هذا الكتاب؟ قال: نعم، قال: ومن كان معك؟ قال: معي نفر تفرقوا فَرَقاً منك! قال: ومن هم؟ قال: أخبرك بهم. قال: فلم اجترأت عليَّ من بينهم؟! فقال مروان: يا أمير المؤمنين، هذا العبد الأسود ـ يعني عماراً ـ قد جرأ عليك الناس وأنّك إن قتلته نكلتَ به من وراءه. قال عثمان: اضربوه. فضربوه وضربه عثمان معهم حتى فتقوا بطنه، فغُشي عليه، فجرّوه حتى طرحوه على باب الدار، فأمرت به أم سلمة زوج النبي (صلى الله عليه وآله) فأدخل منزلها.. الخ (21).

لقد كان المسلمون يرون في الخليفة المرشد الروحي لهم والمسؤول الأول عنهم الذي يمكن أن يضمن لهم السلامة في دينهم والسعادة في دنياهم، وعلى هذا الأساس كانوا يتركون له كلمة الفصل في تقرير المصير فيما إذا ساءت الأيام وقست الظروف، ويضحون بكل ما يستطيعون في سبيل إنجاح مهماته وقرارته.

أمّا، وقد أمسى الخليفة وأراؤه حكرا على حفنةٍ من الأقرباء، فهذا أمر لا يكاد يرضي أحداً من الناس سيما المخلصين منهم، بل هو نذير شؤم يهدد سلامة الأمة.

لذلك عمدوا إلى أسلوب جديد استهدفوا من ورائه الضغط على الخليفة حيث قاموا بتأجيج الثورة الإِعلامية التي انتشرت في الأمصار انتشار النار في الهشيم، فبعد أخذٍ وردٍّ استغرق وقتاً كان الخليفة يماطل من خلاله في وعوده، اجتمعوا ووجهوا كتاباً لأهل مصر، هذا نصّه:

بسم الله الرحمن الرحيم: من المهاجرين الأولين وبقية الشورى، إلى من بمصر من الصحابة. أما بعد: أن تعالوا إلينا وتداركوا خلافة رسول الله (صلى الله عليه وآله) قبل أن يُسلَبَها أهلُها، فإنّ كتاب الله قد بُدّل، وسنّة رسول الله (صلى الله عليه وآله) قد غيّرت، وأحكام الخليفتين قد بدّلت. فننشِدُ الله من قرأ كتابنا هذا من بقية أصحاب رسول الله (صلى الله عليه وآله) والتابعين بإحسان إلا أقبل إلينا، وأخذ الحق لنا وأعطاناه، فأقبلوا إلينا إن كنتم تؤمنون بالله واليوم الآخر، وأقيموا الحق على المنهاج الواضح الذي فارقتم عليه نبيكم وفارقكم عليه الخلفاء، غُلِبنا على حقنا، واستُولي على فيئنا، وحِيلَ بيننا وبين أمرنا، وكانت الخلافة بعد نبينا خلافة نبوّةٍ ورحمة، وهي اليوم مُلكٌ عضوض، من غلب على شيء أكله (22).

لقد كان هذا الكتاب وثيقةً حسّية عبّرت عمّا يعتمل في نفوس المسلمين من السخط والغضب لما آلت إليه الأمور من تغيير وتبديل في سير الخلافة ونهجها.

وهكذا بدأت رياح التغيير تعصف لتنتقل بالمسلمين من موقع المعارضة الهادئة إلى موقع الثورة، بعد أن وجهوا انذاراتهم المتعددة من أقاليم متعددة، وبعد أن صرخوا باحتجاجاتهم وصرّحوا بالطلب من الخليفة أن يصلح ما أفسده عهده، غير أن تلك الصرخات وتلك الاحتجاجات ذهبت أدراج الرياح، حيث لم تلق أذناً صاغية بل لحقها إصرار شديد على الالتواء والانحراف، سيما من تلك البطانة التي كانت تُحدُق بعثمان وتتحكّم فيه، ممّا دفع بأم المؤمنين عائشة أن تحرّض الناس عليه بكلمتها المشهورة: اقتلوا نعثلاً قتله الله فقد كفر (23).

وقبل مقتل عثمان بعام التقى أهل الأمصار الثلاثة ـ الكوفة والبصرة ومصر ـ بالمسجد الحرام، فتذاكروا سيرة عثمان وتبديله، وقالوا: لا يسعنا الرضى بهذا، وكانوا قد اختاروا زعماء لهم يتكلمون باسمهم فاتفقوا أن يرجع كلٌّ إلى وطنه ثم يأتون في العام المقبل إلى عثمان في داره فيستمعوه، فإن اعتذر إليهم، وإلا رأوا رأيهم فيه.

ولمّا حضر الوقت خرج الأشتر مع أهل الكوفة في ألف رجل، وحَكيم بن جبلة العبدي في مائة وخمسين من أهل البصرة، وجاء أهل مصر في أربعمائة، وقال ابن أبي الحديد: في ألفين، وكان فيهم محمد بن أبي بكر، حتى دخلوا المدينة، فحصروا عثمان الحصار الأول، وكتبوا إليه كتاباً، قيل: كتبه المصريون، جاء فيه: أمّا بعد: فاعلم أنّ الله لا يُغيّرُ ما بقوم حتى يغيّروا ما بأنفسِهِم، فالله الله، ثم الله الله.. إلى قولهم: فاعلم أنا واللهِ للهِ نغضب، وفي اللهِ نرضى، وإنّا لن نضع سيوفنا عن عواتقنا حتى تأتينا منك توبةٌ مصرّحة، أو ضلالة مجلَّحة مبلّجة. فهذه مقالتنا لك وقضيتنا إليك، والله عذيرنا منك، والسلام.

ثم أرسلوا بالكتاب إليه وأحاطوا هم وغيرهم بدار عثمان. فقال المغيرة بن شعبة لعثمان: دعني آتي القوم فانظر ما يريدون! فمضى نحوهم فلمّا دنا منهم صاحوا به: يا أعور! وراءك، يا فاجر! وراءك، يا فاسق! وراءك، فرجع.

ودعا عثمان عمرو بن العاص فقال له: ائت القوم فادعُهم إلى كتاب الله والعتبى ممّا ساءهم. فلمّا دنا منهم سلّم، فقالوا: لا سلّم الله عليك! ارجع يا عدو الله؛ ارجع يا بن النابغة! فلست عندنا بأمين ولا مأمون! فقال له ابن عمر وغيره ليس لهم إلا عليّ بن أبي طالب. فلمّا أتاه قال: يا أبا الحسن؛ ائت هؤلاء القوم فادعهم إلى كتاب الله وسنة نبيه. قال: نعم، إن أعطيتني عهد الله وميثاقه على أنّك تفي لهم بكل ما أضمنه عنك قال: نعم، فأخذ عليٌّ عليه عهد الله وميثاقه على أوكد ما يكون وأغلظ، وخرج إلى القوم. فقالوا: وراءك. قال: لا، بل أمامي، تُعطون كتاب الله، وتُعتبون من كل ما سخطتم. فعرض عليهم ما بذل عثمان، فقالوا: أتضمنُ ذلك عنه؟ قال: نعم قالوا رضينا. وأقبل وجوهُهُم وأشرافهم مع عليّ حتى دخلوا على عثمان وعاتبوه، فأعتبهم من كل شيء. فقالوا: اكتب بهذا كتاباً، فكتب: بسم الله الرحمٰن الرحيم: هذا كتاب من عبد الله عثمان أمير المؤمنين لمن نقم عليه من المؤمنين والمسلمين إنّ لكم أن أعمل فيكم بكتاب الله وسنة نبيه، يُعطى المحرومُ، ويؤمَنُ الخائف، ويردُّ المنفيُّ، ولا تجمَّر (24) البعوث، ويوفّرُ الفيء، وعليٌّ بن أبي طالب ضمين المؤمنين والمسلمين على عثمان بالوفاء في هذا الكتاب. ثم أشهدَ على الكتاب.

وأخذ كل قوم نسخةً منه وانصرفوا. وقال علي بن أبي طالب (عليه السلام): اخرج فتكلّم كلاماً يسمعه الناس، ويحملونه عنك، وأشهد اللهَ على ما في قلبك، فإنّ البلاد قد تمخَّضت عليك، ولا تأمن أن يأتيَ ركبٌ آخر من الكوفة أو منَ البصرة، أو من مصر فتقول: يا علي اركب إليهم، فإنْ لم أفعل قلتَ قطع رحمي واستخفَّ بحقي.

فخرج عثمان فخطب الناس وأقرَّ بما فعل واستغفر الله منه، فسُرّ الناس بخطبته مبتهجين ثم دخل بيته (25).

لكن مروان بن الحكم لم يعجبه ما حدث، فخرج إلى الناس وقال لهم: شاهت الوجوه إلا من أريد، ارجعوا إلى منازلكم، فإن يكن لأمير المؤمنين حاجة بأحدٍ منكم يرسل إليه وإلا قرّ في بيته! وبلغ علياً ذلك، فأتى عثمان وهو مغضب وقال له في مروان: لا رضي منك إلا بإفساد دينك، وخديعتك عن عقلك، وإنّي لأراه سيوردُك ثم لا يُصدِرُك، وما أنا بعائدٍ بعد مقامي هذا لمعاتبتك.

 

الحصار الثاني (26):

لمّا شخص المصريون، بعد الكتاب الذي كتبه عثمان فصاروا بأيلة، رأوا راكباً خلفهم يريد مصر، فقالوا له من أنت؟ فقال: رسول أمير المؤمنين إلى عبد الله بن سعد، وأنا غلامُ أمير المؤمنين. فقال بعضهم لبعض: لو أنزلناه وفتّشناه ألّا يكون صاحبه قد كتب فينا بشيء: ففعلوا فلم يجدوا معه شيئاً. فقال بعضهم لبعض: خلّوا سبيله. فقال كنانةُ بن بشر: أما والله دونَ أن أنظر في إداوته فلا. فقالوا: سبحان الله، أيكون كتابٌ في ماء؟ فقال: إنّ للناس حيلاً. ثم حلَّ الإِداوة فإذا فيها قارورة مختومة أو قال: مضمومة في جوفِ القارورة، كتاب في أنبوب من رصاص، فأخرجه فقرئ فإذا فيه: أما بعد: فإذا قدِم عليك عمرو بن بُديل فاضرب عنقه، واقطع يديْ ابن عُديس، وكنانة وعروة، ثم دعهم يتشحّطون في دمائهم حتى يموتوا، ثم أوثقهم على جذوع النخل.

وفي رواية ثانية: إذا أتاك محمد بن أبي بكر وفلان وفلان فاحتلْ لقتلهم وأبطل كتاب محمد وقرّ على عملك حتى يأتيك رأيي واحبس من يجيء إلى متظلماً منك إن شاء الله. فلمّا قرأوا الكتاب فزعوا وغضبوا ورجعوا إلى المدينة، فجمعوا علياً وطلحة والزبير وسعداً ومن كان من أصحاب النبي (صلى الله عليه وآله) ثم فكّوا الكتاب بمحضرٍ منهم وأخبروهم بقصة الغلام وأقرأوهم الكتاب، فلم يبق أحد من أهل المدينة إلا حنق على عثمان، وزاد ذلك من كان غضِبَ لابن مسعود وعمار بن ياسر وأبي ذر حنقاً وغيظاً، وقام أصحاب النبي (صلى الله عليه وآله) بمنازلهم ما منهم أحدٌ إلا وهو مغتم لما في الكتاب.

وحاصر الناسُ عثمان، وأجلب عليه محمد بن أبي بكر ببني تيم وغيرهم، وأعانه على ذلك طلحة بن عبيد الله، وكانت عائشة تقرصه كثيراً، ودخل على وطلحة والزبير وسعد وعمار في نفرٍ من أصحاب محمد (صلى الله عليه وآله) كلهم بدريٌّ على عثمان، ومع على الكتاب والغلام والبعير، فقال له علي: هذا الغلام غلامك؟ قال: نعم. قال: والبعير بعيرك؟ قال: نعم. قال: وأنت كتبت هذا الكتاب؟ قال: لا، وحلف بالله: ما كتبتُ هذا الكتاب ولا أمرتُ به، ولا وجهتُ هذا الغلام إلى مصر قط (27)

وجاء في تأريخ الطبري: قالوا: ما أنت إلا صادق أو كاذب، فإن كنت كاذباً فقد استحققت الخلع لما أمرت به من سفك دمائنا بغير حقها، وإن كنت صادقاً فقد استحققت أن تُخلع لضعفك وغفلتك وخُبث بطانتك، لأنه لا ينبغي أن نترك على رقابنا من يُقتطع مثل هذا الأمر دونه لضعفه وغفلته، وقالوا له: إنك ضربت رجالاً من أصحاب النبي ( ص ) وغيرهم حين يَعِظونك ويأمرونك بمراجعة الحقّ عندما يستنكرون من أعمالك، فأقِدْ من نفسك من ضربته وأنت له ظالم، فقال: الإِمامُ يخطىءُ ويصيب، فلا أقيدُ من نفسي لأني لو اقدتُ كلّ من أصبته بخطأٍ آتي على نفسي . قالوا: انك قد أحدثت أحداثاً عظاماً فاستحققتَ بها الخلع.. الخ (28) ورجع عليٌّ وبعض من كان معه إلى منازلهم(29).

قال حويطب بن عبد العزى: أرسل إليّ عثمان حين اشتد حصاره، فقال: قد بدا لي أن أتهم نفسي لهؤلاء؛ فاتِ علياً وطلحة والزبير فقل لهم: هذا أمركم تولّوه واصنعوا فيه ما شئتم. قال: فخرجت حتى جئت علياً فوجدت على بابه مثل الجبال من الناس، والبابُ مغلق لا يدخل عليه أحد (30).

وما عسى أن يفعل على آنذاك أكثر من أن ينهى الناس بلسانه تفادياً للفتنة وصوناً لوحدة المسلمين، لكن الأمر كان خارجاً عن يده، ومع ذلك فقد أمر ولديه الحسن والحسين بالدفاع عن عثمان. بيد أنّ ذلك لم يجدِ نفعاً، فلقد قتل عثمان وكان ذلك بداية الفتنة التي يميز بها الله الخبيثَ من الطيّب.

 

ترجمة سعيد بن العاص

ولي الكوفة بعد الوليد، فلمّا دخلها أبى أن يصعد المنبر وأمر بغسله، وقال: إنّ الوليد كان نجساً رجساً. فلمّا اتصلت أيام سعيد بالكوفة ظهرت منه أمور منكرة، فاستبد بالأموال حتى قال في بعض الأيام: إنّما هذا السواد قطين لقريش. فقال له الأشتر: أتجعل ما أفاء الله علينا بضلال سيوفنا ومراكز رماحنا بستاناً لك ولقومك؟! ثم خرج الأشتر إلى عثمان في سبعين راكباً من أهل الكوفة، فذكروا سوء سيرة سعيد بن العاص وسألوا عزله عنهم، فمكث الأشتر وأصحابه أياماً لا يخرج لهم من عثمان في سعيد شيء، وامتدت أيامهم بالمدينة .وقدم على عثمان أمراؤه من الأمصار، منهم: عبد الله بن سعد بن أبي سرح من مصر، ومعاوية من الشام، وعبد الله بن عامر من البصرة، وسعيد بن العاص من الكوفة فأقاموا بالمدينة أياماً لا يردهم إلى أمصارهم كراهة أن يرد سعيداً إلى الكوفة، وكره أن يعز له حتى كتب إليه من بأمصارهم يشكون إليه كثرة الخراج وتعطيل الثغور، فجمعهم عثمان وقال: ما ترون؟ فقال معاوية: أمّا أنا فراضٍ بي جندي. وقال عبد الله بن عامر: ليكفك امرؤ ما قِبلك اكفك ما قبلي. وقال عبد الله بن سعد، ليس بكثير عزل عامل للعامّة وتولية غيره. وقال سعيد بن العاص: إنّك إن فعلت هذا كان أهل الكوفة هم الذين يولون ويعزلون، وقد صاروا حلقاً في المسجد ليس لهم غير الأحاديث والخوض، فجهزهم في البعوث حتى يكون همُّ أحدهم أن يموت على دابته. قال: فسمع مقالته عمرو بن العاص، فخرج إلى المسجد فإذا طلحة والزبير جالسان فيه، فقالا له: تعال إلينا، فصار إليهما، فقالا: ما وراءك؟ قال: الشر! ما ترك شيئاً من المنكر إلا أتى به وأمر به. وجاء الأشتر فقالا له: إنّ عاملكم الذي قمتم فيه خطباء قد رُدّ عليكم وأمر بتجهيزكم في البعوث وبكذا وكذا.. فقال الأشتر: والله لقد كنّا نشكو سوء سيرته وما قمنا فيه خطباء، فكيف وقد قمنا؟! وأيم الله على ذلك لولا أنّي أنفذت النفقة وأنضيت الظهر لسبقته إلى الكوفة حتى أمنعه دخولها! فقالا له: فعندنا حاجتك التي تقوم بك في سفرك! قال: فاسلفاني إذن مائة ألف درهم، قال: فأسلفه كل واحد منهما خمسين ألف درهم، فقسمها بين أصحابه. وخرج إلى الكوفة، فسبق سعيداً، وصعد المنبر وسيفه في عنقه ما وضعه بعد، ثم قال: أمّا بعد، فإنّ عاملكم الذي أنكرتم تعديّه وسوء سيرته، قد رد عليكم وأمر بتجهيزكم في البعوث، فبايعوني على ألا يدخلها فبايعه عشرة آلاف من أهل الكوفة، وخرج راكباً متخفياً يريد المدينة أو مكة، فلقي سعيداً بواقعة (اسم مكان) فأخبره بالخبر، فانصرف إلى المدينة. وكتب الأشتر إلى عثمان: إنّا والله ما منعنا عاملك الدخول لنفسد عليك عملك، ولكن لسوء سيرته فينا وشدة عذابه، فابعث إلى عملك من أحببت. فكتب إليهم: انظروا من كان عاملكم أيّام عمر بن الخطاب فولوه. فنظروا، فإذا هو أبو موسى الأشعري. فولوه عليهم. (مروج الذهب 2 / 336).

 

ترجمة عبد الله بن مسعود

كان ابن مسعود أول من جهَرَ بالقرآن بمكة، وذلك: أنه اجتمع يوماً أصحابُ رسول الله فقالوا: والله ما سمعتْ قريش هذا القرآن يُجهَرُ لهَابهِ قطْ، فمن رجلٌ يسمعهموه؟ فقال عبد الله بن مسعود: أنا. قالوا: إنّا نخشاهم عليك، إنّما نريد رجلاً له عشيرة يمنعونه من القوم إن أرادوه. قال: دعوني، فإنّ الله سيمنعني.

وغدا ابن مسعود حتى أتى المقامَ في الضحى وقريشٌ في أنديتها، حتى قام عند المقام، ثم قرأ بسم الله الرحمٰن الرحيم: الرحمن علم القرآن ثم استقبلها يقرأها، وتأمّلوه فجعلوا يقولون: ماذا قال ابن أم عبد؟ ثم قالوا: إنّه ليتلو بعض ما جاء به محمد، فقاموا إليه فجعلوا يضربون في وجهه، وجعل يقرأ حتى بلغ منها ما شاء الله أن يبلغ، ثم انصرف إلى أصحابه وقد أثروا في وجهه، فقالوا له: هذا الذي خشينا عليك. فقال: ما كان أعداء الله أهون عليّ منهم الآن، ولئن شئتم لأغادينّهم بمثلها غداً: قالوا: لا، حسبُك، قد أسمعتَهُمْ ما يكرهون. وكان عمر بن الخطاب قد أرسله إلى الكوفة ليعلّم أهلها أمورَ دينهم، وبعث عمّاراً أميراً، وكتب إليهم: إنّهما من النجباء من أصحاب محمد من أهل بدر فاقتدوا بهما، واسمعوا من قولهما وقد آثرتكم بعبد الله بن مسعود على نفسي.

وكان على عهد عثمان يقيم في الكوفة والأميرُ عليها الوليد بن عقبة بن أبي معيط، وكان قد ألقى إليه مفاتيح بيت المال وقال له: «من غيّر غيّر الله ما به، ومن بدّل أسخط اللهَ عليه، وما أرى صاحبكم إلا وقد بدّل وغيّر، أيعزَلُ مثلُ سعد بن أبي وقاص ويُولىَّ الوليد؟! وكان ابن مسعود يتكلّم بكلام لا يدعه، وهو: إنّ أصدَقَ القولِ كتابُ الله، وأحسنُ الهدي هدى محمد (صلى الله عليه وآله)، وشرّ الأمور محدثاتها، وكل محدَثٍ بدعة، وكل بدعةٍ ضلالة، وكلّ ضلالة في النار. فكتب الوليد إلى عثمان بذلك وقال: إنّه يعيبُك ويطعن علي، فكتب إليه عثمان يأمره بإشخاصه. فاجتمع الناس فقالوا: أقم، ونحن نمنعك أن يصلَ إليك شيء تكرهه. فقال: إنّ له عليّ حقَّ الطاعة، ولا أحبّ أن أكون أول من فتح باب الفتن، فردَّ الناس وخرج إلى المدينة.

قال البلاذري: وشيّعه أهل الكوفة، فأوصاهم بتقوى الله ولزوم القرآن. فقالوا له: جُزيت خيراً، فلقد علّمتَ جاهلنا، وثبتّ عالمنا، وأقرأتنا القرآن، وفقّهتنا في الدين، فنِعم أخو الإِسلام أنت ونعم الخليل. ثم ودّعوه وانصرفوا.

ودخل المدينة يوم الجمعة وعثمان يخطب على المنبر. وقال البلاذري: دخلها ليلة الجمعة، فلمّا علم عثمان بدخوله قال: يا أيّها الناس، إنّه قد طرقكم الليلة دُوْيَبة! من يمشي على طعامهِ يقيئ ويسلح !!فقال ابن مسعود: لستُ كذلك، ولكنّني صاحب رسول الله (صلى الله عليه وآله) يوم بدرٍ، وصاحبهُ يوم بيعة الرضوان، وصاحبه يوم الخندق، وصاحبه يوم حُنَين. قال: وصاحت عائشة، يا عثمان، أتقول هذا لصاحب رسول الله!؟ فقال عثمان: اسكتي. ثم قال لعبد الله بن زمعة: أخرجه اخراجاً عنيفاً.

فأخذه ابن زمعة فاحتمله حتى جاء به باب المسجد فضرب به الأرض، فكسر ضلعاً من أضلاعه. فقال ابن مسعود: قتلني ابن زمعة الكافر بأمر عثمان.

وقام علي بأمره حتى أتى به منزله. فأقام ابن مسعود بالمدينة لا يأذن له عثمان في الخروج منها إلى ناحية من النواحي، وأراد حين برئ الغزوَ، فمنعه من ذلك، وقال له مروان: إنّ ابن مسعود أفسد عليك العراق، أفتريدُ أن يفسد عليك الشام؟ فلم يبرح المدينة حتى توفي قبل مقتل عثمان بسنتين. وكان عثمان قد منعه عطاءه سنتين، ولمّا مرض مرضه الذي مات فيه أتاه عثمان عائداً، فقال له: ما تشتكي؟ قال: ذنوبي! قال: فما تشتهي؟ قال: رحمة ربي. قال: ألا أدعو لك طبيباً؟ قال: الطبيب أمرضني! قال: أفلا آمر لك بعطائك؟ قال: منعتنيه وأنا محتاج إليه وتعطينيه وأنا مستغنٍ عنه! قال: يكون لولدك. قال: رزقهم على الله. قال: استغفر لي يا أبا عبد الرحمن. قال: أسأل الله أن يأخذ لي منك بحقّي. وأوصى ألّا يصلّي عليه عثمان، فدُفن بالبقيع وعثمان لا يعلم ..الخ.

وقد وردت في فضله أحاديث كثيرة، نذكر بعضها:

عن رسول الله (صلى الله عليه وآله) أنّه قال: تمسكوا بعهد عمار، وما حدّثكم ابن مسعود فصدّقوه.

وعنه (صلى الله عليه وآله): عبد الله يوم القيامة في الميزان أثقل من أحُد.

وعنه (صلى الله عليه وآله): رضيتُ لأمتي ما رضيَ الله لها وابنُ أم عبد، وسخطتَ لأمتي ما سخط الله لها وابن أم عبد.

وقال فيه علي (عليه السلام) حين أتاه ناس يثنون عليه: أقول فيه مثل ما قالوا وأفضل، من قرأ القرآن وأحلّ حلاله، وحرّم حرامه، فقيهٌ في الدين، عالمٌ بالسنّة.

وكان يلقّب بصاحب سواد رسول الله أي صاحب سرّه.

 

ترجمة الوليدِ بن عُقبَة

هو أخو عثمان لأمه، ولا خلاف بين أهل العلم بتأويل القرآن ـ كما يقول في الاستيعاب ـ فيما علمت، أنّ قوله عزَّ وجلّ: {إِن جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَإٍ..} الآية نزلت في الوليد بن عقبة. وجاء: أنّ امرأة الوليد جاءتْ إلى النبي (صلى الله عليه وآله) تشتكيه بأنه يضربها، فقاله لها: ارجعي وقولي إنّ رسولَ الله قد أجارني. فانطلقتْ، فمكثت ساعةً، ثم جاءت فقالت: ما أقلعَ عنّي. فقطع (صلى الله عليه وآله) هدبةً من ثوبه ثم قال لها: اذهبي بهذا وقولي إنّ رسول الله قد أجارني. فمكثت ساعةً ثم رجعت فقالت: يا رسول الله ما زادني إلا ضرباً. فرفع يديه وقال: اللهم عليكَ بالوليد. مرّتين أو ثلاثاً.

وأقام بالكوفة أميراً من طرف عثمان، وكان يدني الشعراء ويشرب الخمر، ويجالس أبا زَبيد الطائي النصرانيّ. وصلّى الصبح بالناس في المسجد الجامع أربعاً وهو سكران، وقرأ في صلاته:

علِقَ القلبُ الربابا * بعد أن شابَتْ وشابا

فلمّا سلّم، التفت إلى الناس وقال: أأزيدكم؟ فإنّي أجد اليوم نشاطاً.

فقال عبد الله بن مسعود رضي الله عنه ـ وكان على بيت المال ـ ما زلنا معك في زيادة منذُ اليوم! ثم تقيّأ في المحراب. وفيه يقول الحطيئة:

شهدَ الحطيئةُ يوم يلقى ربَّه        

أن الوليدَ أحق بالعذر ـ

نادى وقد تمت صلاتُهم    

أأزيدكم؟ سكراً وما يدري

فأبوا أبا وهب ولو أذنوا   

لقرنتَ بين الشَفعِ والوِترِ

كفوا عنانك إذ جريت ولوُ

تركوا عنانك لم تزل تجري ـ (31)

وخطب ذات يومٍ، فحصبه الناس بحصباء المسجد، فدخل قصره يترنح ويتمثل بأبيات لتأبط شراً:

ولستُ بعيداً عن مدام وقينةٍ       

ولا بصفا صلدٍ عن الخير معزلِ

ولكنني أروي من الخمر هامتي 

وأمشي الملا بالساحبِ المتسللِ

وأشاعوا بالكوفة فعله، وظهر فسقُه ومداومتهُ شربَ الخمر، فهجم عليه جماعة من المسجد فوجدوه سكراناً مضطجعاً على سريره لا يعقل، فأيقظوه من رقدته فلم يستيقظ، ثم تقيّأ عليهم ما شرب من الخمر، فانتزعوا خاتمه من يده، وخرجوا من فورهم إلى المدينة، فأتوا عثمان بن عفان فشهدوا عنده على الوليد أنّه شرب الخمر. فقال عثمان: وما يدريكما أنّه شرب الخمر؟ فقالا: هي الخمر التي كنّا نشربها في الجاهلية، وأخرجا خاتمه فدفعاه إليه، فزجرهما ودفع في صدورهما.

فخرجا من عنده وأتيا علي بن أبي طالب (عليه السلام) وأخبراه بالقصة، فأتى عثمان وهو يقول: دفعتَ الشهودَ وأبطلتَ الحدودَ! فقال له عثمان فما ترى؟ قال: أرى أن تبعث إلى صاحبك فتحضرهُ، فإن أقاما الشهادة عليه في وجهه ولم يدرأ عن نفسه بحجّةٍ أقمت عليه الحَدَّ فلمّا حضر الوليد، دعاهما عثمان، فأقاما الشهادة عليه ولم يدل بحُجَة، فألقى عثمان السوطَ إلى علي. فقال علي (عليه السلام) لابنه الحسن (عليه السلام): قم يا بني فأقم عليه ما أوجب الله عليه. فقال: يكفينيه بعض من ترى، فلمّا رأى امتناع الجماعة عن إقامة الحد توقياً لغضب عثمان لقرابته منه، أخذ عليٌّ السوطَ ودنا منه، فلمّا أقبل نحوه سبّه الوليد وقال: يا صاحب مكْس. فقال عقيل بنُ أبي طالب وكان ممّن حضر: إنّك تتكلم يا بن أبي مُعَيْط كأنّك لا تدري من أنت؟! وأنت عِلجٌ من أهل صفّورية.. فأقبل الوليد يروغ من عليّ، فاجتذبه عليٌّ فضرب به الأرض، وعلاه بالسوط. فقال عثمان: ليس لك أن تفعل به هذا. قال: بل وشرّاً من هذا إذا فسق ومنع حق الله تعالى أن يُؤخذ منه (32).

وحدّث عمر بن شبة، قال: لمّا قدِم الوليد الكوفة، وفد عليه أبو زبيد الطائيّ النصرانيّ، فأنزله الوليد دار عقيل بن أبي طالب على باب المسجد، فاستوهبها منه، فوهبها له، وكان أول الطعن عليه لأنّ أبا زبيد كان يخرج من منزله يخترق المسجد إلى الوليد وهو سكران، فيتخذه طريقاً ويسمر عنده ويشرب معه.

وعن ابن الأعرابي قال: أعطى الوليد أبا زُبيد الطائي ما بين القصور الحمر من الشام إلى القصور الحمر من الحيرة وجعله له حمىً، فلما عُزل الوليد وولي سعيد انتزعها منه وأخرجها عنه. قال: ولمّا قدم سعيد بن العاص الكوفة موضع الوليد قال: اغسلوا هذا المنبر، فإنّ الوليد كان رجساً نجساً فلم يصعده حتى غسل.

ومات الوليد فوق الرقة. وبها مات أبو زبيد، ودفنا في موضع واحد، فقال في ذلك أشجع السلمي وقد مرّ بقبرهما:

مررتُ على عظام أبي زبيدٍ      

وقد لاحت ببلقعة صلودِ

وكان له الوليد نديمَ صدقٍ

فنادم قبرُه قبرَ الوليد (33)

 

ترجمة مالك الأشتر

هو مالك ابن الحارث الأشتر النخعي، أدرك النبي الأعظم (صلى الله عليه وآله) وقد أثنى عليه كل من ذكره، ولم أجد أحداً يغمز فيه (34).

وكان فارساً شجاعاً رئيساً من أكابر الشيعة وعظمائها، شديد التحقق بولاء أمير المؤمنين (عليه السلام) ونصره، وقال فيه بعد موته: رحم الله مالكاً، فلقد كان لي كما كنت لرسول الله (صلى الله عليه وآله).

وقد روى المحدّثون حديثاً يدل على فضيلةٍ عظيمة للأشتر رحمه الله، وهي شهادة قاطعة من النبي (صلى الله عليه وآله) بأنّه مؤمن ـ وذكر قصة وفاة أبي ذر وقول رسول الله (صلى الله عليه وآله): "ليموتنّ أحدكم بفلاةٍ من الأرض يشهده عصابة من المؤمنين" إلى أن قال: وكان النفر الذين حضروا موت أبي ذر بالربذة مصادفة جماعة، منهم حِجرُ بن الأدْبرَ، ومالكُ بن الحارث الأشتر (35).

وقد شهد أمير المؤمنين علي (عليه السلام) في حقه شهادات عالية تدل على عظمة هذا الرجل من ذلك كتابه إلى أهل مصر: أمّا بعد، فقد بعثت إليكم عبداً من عباد الله، لا ينام أيام الخوف، ولا ينكِلُ عن الأعداء ساعاتِ الروع، أشدُّ على الفجّار من حريقِ النار، وهو مالِكُ بن الحارث أخو مذحج، فاسمعوا له وأطيعوا أمره فيما طابق الحق، فإنه سيف من سيوف الله، لا كليلُ الضُبّة، ولا نابِي الضربة فإن أمركم أن تَنفِروا فأنفروا، وإن أمركم أن تُقيموا فأقِيموا، فإنه لا يقدِمُ ولا يُحجم، ولا يؤخر ولا يقدِمُ إلا عن أمري، وقد آثرتكم به على نفسي لنصيحته لكم، وشدة شكيمته على عدوكم ..الخ وكتب ( ع ) إلى أميرين من أمراء جيشه: وقد أمرت عليكما وعلى من في حيّزكما مالك بن الحارث الأشتر، فاسمعا له وأطيعا، واجعلاه درعاً ومجنّاً، فإنه ممن لا يُخاف وَهنُه ولا سَقطَتُه، ولا بطؤه عما الإِسراع إليه أحزم ولا إسراعه إلى ما البطيء عنه أمثل.. (36) .

قال ابن أبي الحديد: فأمّا ثناء أمير المؤمنين (عليه السلام) عليه في هذا الفصل، فقد بلغ مع اختصاره ما لا يبلغ بالكلام الطويل، ولعمري لقد كان الأشتر أهلاً لذلك، كان شديد البأس، جواداً رئيساً حليماً فصيحاً شاعراً، وكان يجمع بين اللين والعنف، فيسطو في موضع السطوة، ويرفق في موضع الرفق.

وقد ذكرنا بعض مواقفه في حرب الجمل وصفّين فيما سيأتي من هذا الكتاب.

ومات الأشتر في سنة تسع وثلاثين متوجهاً إلى مصر والياً عليها لعلي (عليه السلام)، قيل: سُقي سُمّاً. وقيل: إنّه لم يصح ذلك، وإنّما مات حتف أنفه (37).

وفي الكامل لابن الأثير: دسَّ معاوية بن أبي سفيان للأشتر مولى عمر، فسقاه شربة سويقٍ فيها سُمٌّ فمات. فلمّا بلغ معاوية موته، قام خطيباً في الناس فحمد الله وأثنى عليه، وقال: أمّا بعد، فإنّه كانت لعليّ بن أبي طالب يدان يمينان، قُطعت إحداهما يوم صفين، وهو عمار بن ياسر، وقُطِعت الأخرى اليوم وهو مالك الأشتر.

وحين بلغ أمير المؤمنين استشهاده، كتب إلى محمد بن أبي بكر: إنّ الرجل الذي كنتُ وليته مصر كان لنا نصيحاً، وعلى عدونا شديداً، وقد استكمَل أيامَه، ولاقى حِمامه، ونحن عنه راضون فرضي الله عنه، وضاعف له الثواب وأحسن له المآب

وقد جزع على فقده أمير المؤمنين جزعاً شديداً، فقد قال حين بلغه موته: إنّا لله وإنّا إليه راجعون، والحمد لله ربّ العالمين، اللهم إنّي احتسبه عندك، فإنّ موته من مصائب الدهر، ثم قال: رحم الله مالكاً فقد كان وفى بعهده، وقضى نحبه، ولقيَ ربَّه، مع أنّا قد وطنّا أنفسنا أن نصبر على كل مصيبة بعد مُصابنا برسول الله (صلى الله عليه وآله) فإنها من أعظم المصائب.

قال المغيرة الضُبّي: لم يزل أمر علي شديداً حتى مات الأشتر.

وعن جماعة من أشياخ النخع قالوا: دخلنا على علي أمير المؤمنين حين بلغه موت الأشتر، فوجدناه يتلهف ويتأسف عليه، ثم قال: للهِ درُّ مالِك، وما مالِك؟ لو كان من جبلٍ لكان فِنْداً. ولو كان من حجر لكان صلداً، أما والله ليهدّن موتُك عالماً، وليُفرحنّ عالماً، على مثل مالِك فليبكِ البواكي، وهل موجودٌ كمالِك؟ !وقال علقمة بن قيس النخعي: فما زال عليٌّ يتلهّفُ ويتأسّف حتى ظنّنا أنّه المصابُ دوننا وعُرف ذلك في وجهه أياماً (38) رحمة الله وسلامه عليه.

 

 

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(1) المتكاء: البظراء: أو التي لا تمسك البول.

(2) الغدير 9 / 15 وقد ورد هذا الخبر بعدة طرق وبألفاظ ثانية والمضمون واحد.

(3) الغدير 9 / 18.

(4) اليعقوبي 2 / 147.

(5) عثمان: 211 ـ 212.

(6) اليعقوبي 2 / 173.

(7) راجع ترجمة مروان بن الحكم.

(8) شرح النهج 1 / 66 ـ 67.

(9) الإمامة والسياسة 1 / 29.

(10) شرح النهج 1 / 198 ـ 199.

(11) اليعقوبي 2 / 174.

(12) الغدير 8 / 281.

(13) الكامل / 2 / 249.

(14) مجمع البيان 9 / 132 الحجرات. راجع ترجمة الوليد ص.

(15) ثورة الحسين / 40.

(16) للتفصيل راجع الكامل 3 / 129.

(17) ـ المصدر السابق / 150.

(18) الغدير 9 / 32.

(19) راجع ترجمته.

(20) الغدير 9 / 32 ـ 37.

(21) الإمامة والسياسة 1 / 38.

(22) الإمامة والسياسة 1 / 38.

(23) وردت هذه العبارة بطرق وتراكيب مختلفة. راجع الغدير 9 / 79 وما بعدها.

(24) تجمَّر البعوث، أي تحبس الجيوش في أرض العدو.

(25) راجع الغدير 9 / 171 من مصادر ومراجع عدة.

(26) راجع كتاب الغدير 9 / 177 وقد أخذها من مصادر ومراجع عدة وقد اختصرتها وأخذت حاجتنا منها.

(27) الغدير 9 / 181.

(28) الطبري 4 / 375.

(29) الطبري 4 / 375.

(30) الإمامة والسياسة 1 / 37.

(31) النصائح الكافية / 165.

(32) مروج الذهب 2 / 335.

(33) النصائح الكافية 172 الحاشية.

(34) الغدير 9 / 38.

(35) شرح النهج 15 / 99 ـ 100 راجع الرواية مفصلةً منقولة عن ابن عبد البر.

(36) الغدير 39.

(37) شرح النهج 15 / 101.

(38) الغدير 9 / 40.




علم من علوم الحديث يختص بنص الحديث أو الرواية ، ويقابله علم الرجال و يبحث فيه عن سند الحديث ومتنه ، وكيفية تحمله ، وآداب نقله ومن البحوث الأساسية التي يعالجها علم الدراية : مسائل الجرح والتعديل ، والقدح والمدح ؛ إذ يتناول هذا الباب تعريف ألفاظ التعديل وألفاظ القدح ، ويطرح بحوثاً فنيّة مهمّة في بيان تعارض الجارح والمعدِّل ، ومن المباحث الأُخرى التي يهتمّ بها هذا العلم : البحث حول أنحاء تحمّل الحديث وبيان طرقه السبعة التي هي : السماع ، والقراءة ، والإجازة ، والمناولة ، والكتابة ، والإعلام ، والوجادة . كما يبحث علم الدراية أيضاً في آداب كتابة الحديث وآداب نقله .، هذه عمدة المباحث التي تطرح غالباً في كتب الدراية ، لكن لا يخفى أنّ كلاّ من هذه الكتب يتضمّن - بحسب إيجازه وتفصيله - تنبيهات وفوائد أُخرى ؛ كالبحث حول الجوامع الحديثية عند المسلمين ، وما شابه ذلك، ونظراً إلى أهمّية علم الدراية ودوره في تمحيص الحديث والتمييز بين مقبوله ومردوده ، وتوقّف علم الفقه والاجتهاد عليه ، اضطلع الكثير من علماء الشيعة بمهمّة تدوين كتب ورسائل عديدة حول هذا العلم ، وخلّفوا وراءهم نتاجات قيّمة في هذا المضمار .





مصطلح حديثي يطلق على احد أقسام الحديث (الذي يرويه جماعة كثيرة يستحيل عادة اتفاقهم على الكذب) ، ينقسم الخبر المتواتر إلى قسمين : لفظي ومعنوي:
1 - المتواتر اللفظي : هو الذي يرويه جميع الرواة ، وفي كل طبقاتهم بنفس صيغته اللفظية الصادرة من قائله ، ومثاله : الحديث الشريف عن النبي ( ص ) : ( من كذب علي متعمدا فليتبوأ مقعده من النار ) .
قال الشهيد الثاني في ( الدراية 15 ) : ( نعم ، حديث ( من كذب علي متعمدا فليتبوأ مقعده من النار ) يمكن ادعاء تواتره ، فقد نقله الجم الغفير ، قيل : أربعون ، وقيل : نيف وستون صحابيا ، ولم يزل العدد في ازدياد ) .



الاختلاط في اللغة : ضمّ الشيء إلى الشيء ، وقد يمكن التمييز بعد ذلك كما في الحيوانات أو لا يمكن كما في بعض المائعات فيكون مزجا ، وخالط القوم مخالطة : أي داخلهم و يراد به كمصطلح حديثي : التساهل في رواية الحديث ، فلا يحفظ الراوي الحديث مضبوطا ، ولا ينقله مثلما سمعه ، كما أنه ( لا يبالي عمن يروي ، وممن يأخذ ، ويجمع بين الغث والسمين والعاطل والثمين ويعتبر هذا الاصطلاح من الفاظ التضعيف والتجريح فاذا ورد كلام من اهل الرجال بحق شخص واطلقوا عليه مختلط او يختلط اثناء تقييمه فانه يراد به ضعف الراوي وجرحه وعدم الاعتماد على ما ينقله من روايات اذ وقع في اسناد الروايات، قال المازندراني: (وأما قولهم : مختلط ، ومخلط ، فقال بعض أجلاء العصر : إنّه أيضا ظاهر في القدح لظهوره في فساد العقيدة ، وفيه نظر بل الظاهر أنّ المراد بأمثال هذين اللفظين من لا يبالي عمّن يروي وممن يأخذ ، يجمع بين الغثّ والسمين ، والعاطل والثمين)




بالفيديوغراف: ممثل المرجعية الدينية العليا والامين العام للعتبة الحسينية يتفقدان مشروع مطار كربلاء الدولي
بالصور: سنابل تفيض بالخير في مزارع العتبة الحسينية (عمليات حصاد الحنطة)
تضمنت الجولة توجيهات متعلقة براحة المسافرين.. ممثل المرجعية العليا والامين العام للعتبة الحسينية يطلعان ميدانيا على سير العمل في مطار كربلاء الدولي
بالفيديو: مركز لعلاج العقم تابع للعتبة الحسينية يعلن عن أجراء (117) عملية تلقيح اصطناعي خلال الربع الاول من العام الحالي