لقد بدأت في السنوات الأخيرة، ومنذ عام 1985 سلسلة من البحوث التي تهدف إلى دراسة خواص المواد التي يقع قطر حبيباتها في مدى النانومتر (1 نانومتر = ^9-10 متر). والدافع الرئيسي من وراء تلك الدراسات هو ما لهذه المواد من خواص ميكانيكية ومغناطيسية وإلكترونية تميزها عن باقي المواد البلورية الأخرى. وقد وجد أن المستويات المرتفعة من صلابة المواد وقوتها ترتبط بمدى صغر حجم حبيبات تلك المواد؛ حيث تم التوصل إلى صلابة تقدر بنحو 4000 MPa في عينات من الصلب المسحوب، ووصل حجم حبيباتها إلى نحو 10 nm أو μm 0.01.

وقد نصادف تركيبا ذا أبعاد نانومترية على هيئة جسيمات دقيقة أو أسلاك رفيعة أو أغشية رقيقة. ويحتوى كل جسيم أو حبيبة على ما يتراوح بين 10 إلى 1000 ذرة.

وجدير بالذكر أن تقنية أشباه الموصلات قد استفادت من هذه التركيبات حيث أنتجت تكوينات تسمى بركا إلكترونية وذلك في صور متعددة منها: الترانزستور ذو الإلكترون الواحد، والنقط الكمية Quantum Dots، وجزر كولوم وغيرها.

شكل (14-17)

تصور «جلايتر» للتركيب الذري في مادة ذات ترکیب بلوري نانومتري الدوائر البيضاء لذرات في مناطق حدود الحبيبة

ويبين (الشكل 14-17) رسما تخطيطيا للتركيب الذري لمادة ذات بلورات نانومترية. يلاحظ أن الذرات التي بالوسط (وتمثلها دوائر سوداء) تنتظم في شبيكة بلورية دورية. ويعود الفضل في وضع هذا التصور إلى «جلايتر» الذي اقترح استخدام جهد «مورس» الذي استخدم مع الذهب.

ويلاحظ أيضا أن المسافات بين الذرات قد بدأت تختلف عند الاقتراب من حدود الحبيبة. أي أننا بصدد مواد ذات بلورات نانومترية يمكن اعتبارها فئة جديدة من المواد غير المرتبة والتي تنشأ حينما تتواجد نسبة من الذرات في مواقع غير مرتبة.

وتتميز منطقة حدود الحبيبة بكثافة منخفضة للذرات وهذا هو أهم ما يميز المواد ذات البلورات النانومترية التي تتراوح كثافتها بين %72 إلى %90 من كثافة البلورات التقليدية. وحين يكون عنصر البالاديوم Pd في صورة بلورات نانومترية فإن كثافته تتراوح بين %83 إلى %96 من كثافة البلورات العادية. أما في حالة النحاس، فتتراوح الكثافة بين %72 الى %97. أما معامل «يونج» لمثل هذه المواد فإنه ينخفض بانخفاض الكثافة حيث تتراوح القيم النظرية لمعامل يونج بين 120 GPa وGPa 130 في حالة بلورات عادية من النحاس والبالاديوم على الترتيب، أما إذا كان العنصران في صورة بلورات نانومترية فإن تلك القيم تتراوح بين GPa 21 و66 GPa.

ومن أهم العوامل التي يعزى إليها الخواص الفيزيائية غير العادية لهذه البلورات ما يأتي:

1- أن النسبة بين عدد البلورات التي على السطح وعدد الذرات بالداخل قد تقترب من الواحد الصحيح.

2- أن النسبة بين الطاقة السطحية إلى الطاقة الكلية قد تصل إلى الواحد الصحيح.

3- تنحصر إلكترونات التكافؤ أو التوصيل في حيز أو حجم صغير بحيث يصبح الطول الموجي الكمي للحالة الإلكترونية الدنيا قصيرا. ويكون الحد الأدنى للطول الموجي – بالتالي – أقصر عما هو في حالة الجسم الصلب التقليدي.

4- يكون للتجمعات النانومترية للفلزات صلابة وشدة إذعان عاليتين لأن توليد وتحريك الانخلاعات يكون صعبا في حالة المناطق المحددة.