أقرأ أيضاً
التاريخ: 25-2-2022
2069
التاريخ: 24-2-2022
1943
التاريخ: 25-2-2022
2812
التاريخ: 2-6-2016
6723
|
استهللت كتابي المتواضع هذا برواية رمزية عن مقدمة أو زياندر، والآن أختتمه بها. يمكننا أن نتخيل «علم الفلك الوارد بالنصوص المقدسة ومبدأ مركزية الشمس على هيئة جرمين سماويين يدوران ويدوران حول شمس المجهول المشتركة بينهما: في بعض الأحيان يبلغان نقطة اقتران سفلي، وكان كوبرنيكوس محظوظًا للغاية؛ لأنه أنجز عمله في واحد من تلك الأزمنة؛ ولكن حركاتهما المدارية المتباينة تجذبهما حتما بعيدًا أحدهما عن الآخر، إلى أن يلتقيا أخيرًا من جديد عند نقطة الاقتران العلوي؛ التقى كلٌّ من برونو وجاليليو بمصيره المحتوم كل على حدة بسبب ذلك التصادف في الزمان والمكان، وبنفس القدر، بسبب تعصبهما لأفكارهما.
في عام 1536، من الجائز أن الكاردينال نيكولاس شونبيج قدم عرضًا كريمًا بدعم نشر مؤلفات كوبرنيكوس، في حين أنه في عام 1612، يوجه باولو جوالدو تحذيرًا لجاليليو يقول فيه: «أما بالنسبة لهذا الشأن المتعلق بأن الأرض تدور، فإنني لم أجد في هذا الصدد أي فيلسوف أو عالم فلك مستعدا للتصديق على آراء سيادتكم، ناهيك عن عالم لاهوت؛ لذا أرجو أن تفكر جيدًا قبل أن تنظر في هذا الرأي بحسم؛ إذ إن الجدل قد يؤدي إلى إطلاق كثير من الأشياء يكون من غير الحكمة تأكيدها.»
أو بعبارة أخرى: فُرضت علينا مقدمة أوزياندر، مثلما فُرض علينا القمر والنجوم، لسبب ما!
غير أن جاليليو واصل التأكيد على ما ليس من الحكمة توكيده؛ أما كوبرنيكوس فمن جانبه رفض بأدب طلب الكاردينال شونبيج. يا لهما من قصتين متضادتين يرويهما لنا هذان البطلان
يرى أحد الفلكيين المعاصرين – وله تبريره الواضح – أن كوبرنيكوس «كان مطمئنا لفكرة نشر القيم المجدولة للمواقع الكوكبية، غير أنه كان أقل حماسًا بكثير لاحتمال استفزاز زملائه بنشر نظريات جديدة.» يقول البعض إن كوبرنيكوس لم يكن يخشى شيئًا أكثر من احتقارهم له؛ ويقول البعض الآخر إنه «يجب ألا نعتبر المزاج السائد في تلك الأيام أمرًا وهمياً ... لقد كان كوبرنيكوس مدركًا تمامًا للأخطار المحدقة به.» أوه، أجل؛ لقد سار في حذر شديد خلال المنطقة المتنازع عليها في عام 1539، أعد المتعاطف ريتيكوس موجزًا لأول ثلاثة أرباع من كتاب «عن دورات الأجرام السماوية»، فلم يكن يدعوه إلا بكلمة «أستاذي»، أو «السيد الدكتور»؛ بناءً على طلبه حسبما بـ يجب أن نفترض.
من جانبه، لم يكتفِ جاليليو بإبدائه عدم الشعور بتلك الرهبة، وإنما أبدى كذلك «غضبه» الوقائي وكأنه ساخط بالنيابة عن كوبرنيكوس الذي غيبه الموت، والذي كان يسميه «سيدنا». إن الجدل قد يؤدي إلى إطلاق كثير من الأشياء يكون من غير الحكمة تأكيدها؛ لقد أنقذ أوزياندر كوبرنيكوس من تأكيد تلك الأشياء، غير أن باولو جوالدو لا يملك أي سلطة على جاليليو، الذي – في تصوره المسبق لما سيكون عليه شاهد قبره – يعلق قائلا: إن كوبرنيكوس «صنع لنفسه شهرة خالدة وسط قلة من الناس، لكنه انحطّ في عيون قطيع كبير من الناس (تلك هي الطريقة التي يوصف بها الحمقى)، فلم يجد بينهم سوى السخرية وتلويث السمعة.»
ومن ثم، من بعد كوبرنيكوس، تأهب جاليليو لتسديد طعنات جديدة للكون!
فهو لم يكتف باكتشاف البقع الشمسية؛ وإنما ما هو أسوأ من ذلك، فقد تتبعها، بما يبرهن على دوران الشمس حول محورها. حسنًا، هذا الأمر لم يقض على المركزية بعد؛ فبطليموس لم يمانع في أن تدور الأجرام السماوية حول نفسها في الوقت الذي تدور فيه من حولنا ...
ويتذمر جاليليو من أولئك «المتخمين بعناد الأفاعي» الذين يأبون النظر من خلال عدسات تليسكوبه. ألا يفهم أن مقاومتهم للرؤية من الممكن أن تحفظ حياته مثلما كانت الحال مع كوبرنيكوس؟
ويبعث الكاردينال بيلارمينو برسالة ودية إلى باولو أنطونيو فوسكاريني يقول فيها: «يبدو لي أن نيافتك والسيد جاليليو تتصرفان بحكمة عندما ترضيان نفسيكما من خلال الحديث بصورة افتراضية وليس بصورة مطلقة، مثلما كنت دائما أفهم كوبرنيكوس عندما يتكلم.» أو بمعنى آخر: كان يمكننا التعايش مع مركزية الشمس لو أنها اكتفت بإخفاء عريها بمقدار ضئيل، مثلما تبرز منارة الكنيسة البولندية من خلف الضباب والأشجار فلا يُشاهد سوى نصفها فقط. ومع ذلك لن يصغي جاليليو. إن محكمة التفتيش، بعدم اكتراثها بحقوق المتهمين وبميلها نحو التهام الضحايا وأخذهم بمجرد الشبهات، يمكن وصفها وفقًا لأحد المؤرخين الذي قال إنها: «نظام يبدو بحق من ابتكار الأبالسة.» فيما يتعلق بقضية جاليليو ينبغي الإقرار بأنه حكم على نفسه بالإدانة مرارا وتكرارًا، مرتكبًا دون كلل أو ملل خطيئة التحدث على نحو جازم ومطلق لا افتراضًا. وبهذا هم ينقذوننا منه.
عقب تحليل مجلدين من نصوص الأحكام التي أصدرتها محاكم التفتيش الرومانية والأبرشية خلال الأعوام من 1580-1582، يتوصل الباحث تيديسكي إلى أن ما يقرب من نصف تلك الأحكام صدرت في جمهورية البندقية، وما يقرب من نصفها لصالح العقيدة البروتستانتية، وأكثر من الربع بقليل كان بتهمة ممارسة أعمال السحر والشعوذة، ولم يصدر أي منها تقريبًا (10 من بين 225) بتهمة «المعارضة». في إيجاز، مثلما نتوقع فيما يتعلق بالشئون الدنيوية، فإن المحلية تسود، ولا ينصب أقصى اهتمام للعقوبات على الفنون السوداء وما شابهها من أشكال التخريب القصوى، وإنما على نسخة منافسة من نفس العقيدة والآن ماذا عن تلك الفئة التي تعد. من الأقلية، وهي فئة المعارضين؟ ربما تبدو تلك هي خطيئة جاليليو. هل كان تحدي السلطات نادرًا إلى هذه الدرجة في تلك الأيام؟
أوه، هو دون شك شخص نادر الوجود. كان كوبرنيكوس يهمهم لغيره من العلماء قائلًا: «مشكلتنا أن نعثر على القوس «ف جـ» الذي يمثل نصف التراجع.» غير أن جاليليو يصرخ بأعلى صوته: «إن الأرض تتحرك!»
وهكذا توعدوه حتى يرتد عن الحقيقة: أُخطرت على نحو قاطع من قبل المكتب المقدس أنني متهم بقوة بالهرطقة؛ بمعنى أنني أعتقد وأومن بأن الشمس في مركز العالم وهي ثابتة لا تتحرك، وأن الأرض ليست في مركز العالم وأنها تتحرك ... مبدأ شرير مبدأ كوبرنيكي، يرتد عنه وهو راكع ومستقبله: التحقير، الفزع، الإقامة الجبرية حتى الموت. لقد نجا الكون من الهلاك.
عام 1616 يكتب أنطونيو كويرينجو في رضًا، بمجرد سماعه لنبأ حظر كتاب «عن دورات الأجرام السماوية» «لحين تصويب أخطائه» (سوف يُحظر كتاب كبلر «خلاصة الفلك الكوبرنيكي» بالمثل، بعدها بعامين) : «إذن ها نحن أخيرًا، عدنا من جديد نقف على أرض صلبة، ولم نعد مضطرين للطيران معها مثل كم هائل من النمل الذي يزحف على سطح منطاد يطير ...»
|
|
دراسة يابانية لتقليل مخاطر أمراض المواليد منخفضي الوزن
|
|
|
|
|
اكتشاف أكبر مرجان في العالم قبالة سواحل جزر سليمان
|
|
|
|
|
المجمع العلمي ينظّم ندوة حوارية حول مفهوم العولمة الرقمية في بابل
|
|
|