أقرأ أيضاً
التاريخ: 2024-07-23
457
التاريخ: 19-9-2016
10466
التاريخ: 19-8-2019
1775
التاريخ: 13-7-2017
1715
|
حاولت أن أصف عددًا قليلًا من المناطق التي عكف فيها فيزيائيو الجسيمات وعلماء الكونيات على محاولة ربط فيزياء الكم بنظرية الجاذبية. وما هذه إلا خطوة واحدة نحو ما يشعر فيزيائيون كُثُر أنه الهدف النهائي للعلم؛ كتابة القوانين الرياضية التي تصف كل القوى المعروفة للطبيعة على صورة معادلة واحدة، يمكنك – إذا لم تكن تهتم لمظهر ملابسك كثيرًا – أن تطبعها على قميصك قصير الأكمام.
إن قوانين الفيزياء، المسماة أحيانًا قوانين الطبيعة، هي الأدوات الأساسية للعلم المادي. وهي تشتمل على معادلات رياضية تحكم سلوك المادة (على صورة جسيمات أساسية) والطاقة وفق العديد من التفاعلات الجوهرية الموصوفة سابقًا. في بعض الأحيان تستخدم النتائج التجريبية التي تم الحصول عليها في المختبرات أو مشاهدات العمليات الفيزيائية الطبيعية؛ من أجل استنتاج القواعد الرياضية التي تصف هذه البيانات. وفي أحيان أخرى توضع النظرية أولًا نتيجة لفرضية أو مبدأ فيزيائي، ثم تتلقى تأكيدات تجريبية على صحتها في مرحلة لاحقة. ومع تطور فهمنا، فإن القوانين الفيزيائية المنفصلة في ظاهرها تصير موحدة في نظرية واحدة شاملة والأمثلة المذكورة سابقًا تُبين إلى أي مدى ظلت هذه الفكرة مؤثرة عبر المائة عام الماضية أو نحو ذلك.
إلا أن هناك أسئلة فلسفية عميقة تكمن أسفل سطح كل هذا النشاط. على سبيل المثال، ماذا لو كانت قوانين الفيزياء مختلفة في المرحلة المبكرة من عمر الكون؟ هل سيكون بالإمكان مواصلة هذا العمل؟ والإجابة هي أن النظريات الفيزيائية الحديثة تتنبأ بالفعل بأن قوانين الفيزياء تتغير. فمثلًا بينما نمضي نحو المراحل المبكرة للانفجار العظيم، تتغير طبيعة التفاعلات الكهرومغناطيسية والتفاعلات الضعيفة؛ بحيث لا يمكن التفرقة بين النوعين من التفاعلات على طاقات عالية. بيد أن هذا التغيير في القوانين هو نفسه موصوف من جانب قانون آخر؛ يطلق عليه اسم النظرية الكهروضعيفة. ربما يخضع هذا القانون نفسه للتعديل على نطاقات تكون فيها للنظريات الموحدة العظمى الهيمنة، وهكذا دواليك وصولاً إلى بدايات الكون نفسه.
لكن بغض النظر عن ماهية هذه القواعد الجوهرية، على الفيزيائيين أن يفترضوا أنها صالحة للتطبيق في كل زمن منذ الانفجار العظيم. والنتائج المنخفضة الطاقة لهذه القواعد الجوهرية هي وحدها ما يتغير مع مرور الزمن. وفي ضوء هذا الافتراض، يكون الفيزيائيون قادرين على بناء صورة مترابطة منطقيا للتاريخ الحراري للكون، لا يبدو أنها تتعارض تعارضًا كبيرًا مع المشاهدات. وهذا يجعل ذلك الافتراض منطقيًّا، بَيْدَ أنه لا يثبت صحته.
ثمة مجموعة أخرى من الأسئلة المهمة تدور حول دور الرياضيات في الفيزياء النظرية. فهل الطبيعة رياضية حقًا في جوهرها؟ أم هل القواعد التي نبتكرها ما هي إلا نوع من الاختزال كي تمكننا من وصف الكون على أقل عدد ممكن من الأوراق؟ هل نكتشف قوانين الفيزياء أم نخترعها؟ وهل الفيزياء محض خريطة أم هل هي منطقة الدراسة نفسها؟
هناك أيضًا قضية أخرى عميقة مرتبطة بقوانين الفيزياء، وهي تتعلق ببداية المكان والزمن نفسها. ففي بعض نسخ علم الكونيات الكمي، على سبيل المثال، علينا افتراض وجود قوانين فيزيائية موجودة – إن جاز التعبير – على نحو مسبق لوجود الكون المادي الذي من المفترض أن تصفه هذه القوانين. وقد تسبب هذا في جعل بعض الباحثين النظريين يتبنون نهجًا فلسفيا يعكس فكرة أفلاطون. ففي التقليد الأفلاطوني، الوجود الحقيقي مقصور على عالم الأشكال المثالية، لا عالِمنا؛ عالم الحواس غير المثالي. وفي نظر علماء الكونيات الأفلاطونيين الجدد، فإن ما يوجد حقا هي المعادلات الرياضية الخاصة بنظرية كل شيء (المجهولة) حتى وقتنا هذا، وليس عالم المادة والطاقة المادي. على الجانب الآخر، لا ينجرف كل علماء الكونيات إلى التفكير بمثل هذه الصورة. وفي نظر العلماء ذوي الميول النفعية ما قوانين الفيزياء إلا توصيفات أنيقة لكوننا، تكمن أهميتها ببساطة في كونها نافعة.
كانت هناك محاولات عديدة لإنتاج نظريات كل شيء، وقد تضمنت هذه المحاولات أفكارًا عجيبة على غرار التناظر الفائق ونظرية الأوتار أو حتى مزيج من الاثنين يُعرف باسم نظرية الأوتار الفائقة. وفي نظرية الأوتار الفائقة لا تُعامل الجسيمات كجسيمات إطلاقًا، بل بوصفها ذبذبات في كيانات أحادية البُعد تسمى الأوتار. وتتوافق الأنماط المختلفة لحلقات أوتار الاهتزاز مع الجسيمات المختلفة والأوتار نفسها تعيش في مكان ذي عشرة أبعاد أو ستة وعشرين بعدًا، وبما أن لزمكاننا أربعة أبعاد فقط (ثلاثة أبعاد مكانية وبعدا زمنيًّا واحدًا)، فلا بد أن تكون الأبعاد الإضافية مَخْفية. وربما تكون هذه الأبعاد الإضافية مطوية إلى حجم صغير للغاية بحيث لا يمكن ملاحظتها. لكن بعد أن أثارت هذه الفكرة قدرًا كبيرًا من الإثارة في ثمانينيات القرن العشرين، صارت موضة منسيَّة، وهو ما يرجع بالأساس إلى الصعوبات الفنية الداخلة في التعامل مع مثل هذه الأجسام المعقدة المتعددة الأبعاد. وفي وقت قريب نسبيا، شهدت هذه الأفكار نوعا من البعث من جديد، مع تعميم مفهوم الأوتار إلى «أغشية»، بالإنجليزية branes وهي أجسام ذات أبعاد أعلى، واسمها مشتق من كلمة غشاء membrane بالإنجليزية، ومع إدراك أن هناك في واقع الأمر نظرية واحدة تسمى النظرية (M) تصف كل النسخ الخاصة بهذا النهج من التفكير وهذه كلها أفكار مثيرة للاهتمام، لكنها غير مكتملة نسبيًّا؛ إذ لم تقدّم نظرية الأوتار إلى الآن أي تنبؤات واضحة أثرت في علم الكونيات. ويتعين علينا الانتظار كي نرى هل التوحيد الأشمل والأعظم الذي تطمح إليه هذه النُّهج من الممكن تحقيقه فعليًّا أم لا.
أيضًا يثير البحث عن نظرية كل شيء قضايا فلسفية مثيرة للاهتمام. فبعض الفيزيائيين، ومن بينهم هوكينج، يرون في بناء نظرية كل شيء، بصورة ما، قراءة لعقل الإله، أو على الأقل كشفًا للأسرار الداخلية للواقع المادي، بينما يذهب آخرون ببساطة إلى أن النظرية الفيزيائية ما هي إلا محض توصيف للواقع، أشبه بخريطة له. فقد تكون النظرية مفيدة في عمل بعض التنبؤات وفهم نتائج المشاهدات أو التجارب، لكنها لا تزيد عن ذلك. وفي الوقت الحالي نحن نستخدم خريطة مختلفة للجاذبية عن تلك التي نستخدمها للكهرومغناطيسية أو التفاعلات النووية الضعيفة. وقد يكون هذا أمرًا مرهقًا، بَيْدَ أنه ليس كارثيا. ومن شأن نظرية كل شيء أن تقدم لنا خريطة واحدة، بدلًا من مجموعة متباينة من الخرائط التي يستخدمها المرء في الظروف المختلفة. وهذه الفلسفة الأخيرة نفعية. فنحن نستخدم النظريات للأسباب نفسها التي من أجلها نستخدم الخرائط؛ لأنها مفيدة. إن خريطة خط مترو أنفاق لندن الشهير مفيدة بالتأكيد، بَيْد أنها ليست تمثيلا دقيقًا على نحو خاص للواقع المادي، وليس ثمة حاجة لأن تكون كذلك.
وعلى أية حال، على المرء أن يقلق بشأن طبيعة التفسير الذي ستقدمه أية نظرية لكل شيء. فعلى سبيل المثال، كيف ستفسر نظرية كل شيء أنها فعلا نظرية كل شيء، وأنها ليست أية نظرية أخرى؟ وفي نظري هذه هي أكبر المشكلات التي نواجهها على الإطلاق. فهل يمكن لأية نظرية مبنية على ميكانيكا الكم أن تكون تامة بأي معنى، رغم أن ميكانيكا الكم عينها تتسم في جوهرها بعدم الحتمية؟ علاوة على ذلك، ألقت التطورات في المنطق الرياضي المزيد من الشكوك على قدرة أية نظرية على أن تكون مستقلة تماما بذاتها. وقد أثبت عالم المنطق كيرت جودل مُبَرهَنَة تُعرف باسم مبرهنة عدم الاكتمال، تبين أن أية نظرية رياضية ستحتوي دائمًا أشياء لا يمكن إثباتها من داخل النظرية ذاتها.
|
|
دراسة يابانية لتقليل مخاطر أمراض المواليد منخفضي الوزن
|
|
|
|
|
اكتشاف أكبر مرجان في العالم قبالة سواحل جزر سليمان
|
|
|
|
|
اتحاد كليات الطب الملكية البريطانية يشيد بالمستوى العلمي لطلبة جامعة العميد وبيئتها التعليمية
|
|
|