أقرأ أيضاً
التاريخ: 2023-08-27
5595
التاريخ: 2-08-2015
4263
التاريخ: 3-08-2015
3759
التاريخ: 2024-09-02
400
|
انتقل الإمام العسكري عليه السّلام إلى جوار ربّه في عام 260 للهجرة ، وكان عليه السّلام قد عمل ضمن مخطط دقيق من أجل ترسيخ فكرة ولاية الإمام المهدي عجّل اللّه تعالى فرجه الشّريف وإمامته ولم يترك فرصة لتأكيد ذلك إلّا واستغلها وخصوصا أمام النخبة الواعية من أصحابه وشيعته .
ولم يتردّد أحد من الشيعة الإمامية في قبول هذا الأمر لأنه أصبح لديهم من المسلّمات .
إلّا أن الظروف الصعبة التي مرّ بها الإمام الحسن العسكري عليه السّلام ، والمراقبة الدائمة من السلطة الحاكمة لجميع تحركاته التي سعت جاهدة للوصول إلى شخصية الإمام المهدي عجّل اللّه تعالى فرجه الشّريف قبل ولادته ، هذا الأمر دفع الإمام العسكري عليه السّلام إلى تضليل السلطة العباسية وتحويل نظرها قدر الإمكان عن شخصية الخليفة من بعده .
ومن هذه الخطوات التي اتبعها الإمام وصيته في مرضه الذي توفي فيه إلى والدته المسماة ب : « حديث » ، المكنّاة بأم الحسن بوقوفه وصدقاته ، وأسند النظر إليها في ذلك دون غيرها .
وقد روى ذلك عدد من علماء الشيعة منهم الشيخ الصدوق رحمه اللّه الذي ذكر حادثة شهادة الإمام العسكري عليه السّلام وما جرى فيها من أحداث إلى أن قال :
« . . . فلمّا دفن وتفرّق الناس إضطرب السلطان وأصحابه في طلب ولده وكثرة التفتيش في المنازل والدّور وتوقفّوا على قسمة ميراثه ، ولم يزل الذين وكّلوا بحفظ الجارية التي توهموا عليها الحبل ملازمين لها سنتين وأكثر حتى تبيّن لهم بطلان الحبل فقسّم ميراثه بين أمه وأخيه جعفر وادّعت أمّه وصيّته ، وثبت ذلك عند القاضي ، والسلطان على ذلك يطلب أثر ولده . . . »[1].
هذه الوصية من الإمام العسكري عليه السّلام إلى والدته والتي كان الهدف منها واضحا وجليّا لمن قرأ واطّلع على الظروف التي عاشها الإمام العسكري عليه السّلام .
دفعت البعض إلى وضعها في خانة الأدلة التي استعملوها في إطار التشكيك بولادة الإمام المهدي عجّل اللّه تعالى فرجه الشّريف ، بل إلى إنكار أصل وجود ولد للإمام العسكري اسمه محمد بن الحسن المهدي عجّل اللّه تعالى فرجه الشّريف وإلّا لما أوصى لوالدته .
وهذه الشبهة دافع عنها وادحضها علماء الشيعة الكبار منهم الشيخ المفيد رحمه اللّه الذي قال في هذا المجال :
« وأمّا تعلقّهم بوصيّة أبي محمد الحسن بن علي بن محمد عليهم السّلام في مرضه الذي توفي فيه إلى والدته . . . فليس بشيء يعتمد في إنكار ولد له قائم بعده مقامه ، من قبل أنه أمر بذلك تمام ما كان من غرضه في إخفاء ولادته وستر حاله عن متملّك الأمر في زمانه ومن يسلك سبيله في إباحة دم راع إلى اللّه منتظر لدولة الحق .
ولو ذكر في وصيّته ولدا له وأسندها إليه ، لناقض ذلك الغرض منه فيما ذكرناه ، ونافى مقصده في تدبير أمره له على ما وصفناه ، وعدل عن النظر بولده وأهله ونسبه ، لا سيّما مع اضطراره كان إلى شهادة خواص الدولة العباسية عليه في الوصيّة وثبوت خطوطهم فيها - كالمعروف بتدبر مولى الواثق وعسكر الخادم مولى محمد بن المأمون والفتح بن عبد ربّه وغيرهم من شهود قضاة سلطان الوقت وحكّامه - لما قصد بذلك من حراسة قومه ، وحفظ صدقاته وثبوت وصيّته عند قاضي الزمان ، وإرادته مع ذلك الستر على ولده ، وإهمال ذكره ، والحراسة لمهجته بترك التنبيه على وجوده ، والكفّ لأعدائه بذلك عن الجدّ والإجتهاد في طلبه ، والتجريد عن شيعته لما شنّع به عليهم من اعتقاده وجوده وإمامته .
ومن اشتبه عليه فيما ذكرناه ، حتّى ظن أنّه دليل على بطلان مقال الإمامية في وجود ولد للحسن عليه السّلام مستور عن جمهور الأنام ، كان بعيدا من الفهم والفطنة ، بائنا عن الذكاء والمعرفة ، عاجزا بالجهل عن التصوّر أحوال العقلاء وتدبيرهم في المصالح وما يعتمدونه في ذلك من صواب الرأي وبشاهد الحال ، ودليله من العرف والعادات »[2].
ومن هؤلاء العلماء ، الشيخ الطوسي الذي أجاب عن ذلك بالقول :
« . . . إنّما فعل ذلك - أي الإمام العسكري عليه السّلام - قصدا إلى تمام غرضه في إخفاء ولادته ، وستر حاله عن سلطان الوقت ، ولو ذكر ولده أو أسند وصيّته إليه لناقض غرضه خاصّة وهو احتاج إلى الإشهاد عليها وجوه الدولة ، وأسباب السلطان ، وشهود القضاة ليتحرّس بذلك وقوفه ، ويحتفّظ صدقاته ، ويتم به الستر على ولده بإهمال ذكره وحراسة مهجته بترك التنبيه على وجوده ، ومن ظن أن ذلك دليل على بطلان دعوى الإمامية في وجود ولد الحسن عليه السّلام ، كان بعيدا من معرفة العادات .
وقد فعل بنظير ذلك الصادق جعفر بن محمد عليه السّلام حين أسند وصيّته إلى خمسة نفر أولّهم المنصور ، إذ كان سلطان الوقت ، ولم يفرّد ابنه موسى عليه السّلام بها إبقاء عليه ، وأشهد معه الربيع وقاضي الوقت وجاريته أم ولده حميدة البربريّة وختمهم بذكر ابنه موسى بن جعفر عليه السّلام لستر أمره وحراسة نفسه ، ولم يذكر مع ولده موسى أحدا من أولاده الباقين لعلّه كان فيهم من يدّعي مقامه من بعده ، ويتعلّق بإدخاله في وصيّته ، ولو لم يكن موسى عليه السّلام ظاهرا مشهورا في أولاده معروف المكان منه ، وصحّة نسبه واشتهار فضله وعلمه ، وكان مستورا لما ذكره في وصيّته ولاقتصر على ذكر غيره ، كما فعل الحسن بن علي والد صاحب الزمان عليهما السّلام »[3].
هذه المبررات التي ذكرها العلمين المفيد والطوسي في وصيّة الإمام العسكري عليه السّلام لأمه كافية في الرّد على الإشكالية المطروحة في هذا المجال .
أما الحديث عن ما آلت إليه هذه الوصية من تفجّر أزمة عنيفة في صفوف الشيعة الإمامية الذين كانوا يعتقدون بضرورة استمرار الإمامة الإلهية إلى يوم القيامة ، وحدوث نوع من الشك والحيرة والغموض والتساؤل عن مصير الإمامة بعد الإمام العسكري عليه السّلام وتفرّق الشيعة . كل هذا الكلام في اعتقادنا يكشف عن عدم المعرفة أو الاطلاع الواسع على ظروف الإمامة بعد الإمام العسكري عليه السّلام لأن الواقع التاريخي الثابت في جميع المصادر التي تحدّثت عن ظروف ذلك العصر تكشف بوضوح عن ترسيخ فكرة الإمامة وبالخصوص إمامة الإمام المهدي عجّل اللّه تعالى فرجه الشّريف أكثر مما كانت عليه قبل زمان الإمام العسكري عليه السّلام وأوضح دليل وخير شاهد على ذلك هو تضاؤل نسبة المدّعين للمهدوية بعد الإمام العسكري بالنظر إلى ما قبل زمن العسكري عليه السّلام .
ويضاف إلى ذلك الإجماع الذي حصل بعد وفاة الإمام العسكري عليه السّلام على إمامة ولده الإمام المهدي عجّل اللّه تعالى فرجه الشّريف .
ومما يؤيّد ذلك ، الرفض المطلق من الشيعة وزعمائهم وقادتهم لادّعاء جعفر بن الإمام علي الهادي عليه السّلام للإمامة بعد أخيه العسكري عليه السّلام . ليقينهم بأن الإمام والوريث الحقيقي هو الإمام المهدي عجّل اللّه تعالى فرجه الشّريف .
وبهذا تسقط كل الاشكاليات المطروحة على وصيّة الإمام العسكري عليه السّلام لأمه ، باعتبار ذلك نوعا من التخطيط الذي اتبعه الإمام العسكري عليه السّلام في حفظ ولده من أيادي السلطة الحاكمة التي كانت تحاول الكشف عن وجوده لقتله على الفور .
|
|
كل ما تود معرفته عن أهم فيتامين لسلامة الدماغ والأعصاب
|
|
|
|
|
ماذا سيحصل للأرض إذا تغير شكل نواتها؟
|
|
|
|
|
جامعة الكفيل تحقق المرتبة الثانية في تصنيف Green metrics الدولي
|
|
|