أقرأ أيضاً
التاريخ: 2024-11-11
129
التاريخ: 2023-06-03
1161
التاريخ: 2023-06-04
1098
التاريخ: 2023-06-19
2451
|
في مطالع العصر الحديث كان للتطورات السياسية والاقتصادية التي شهدها المشرق العربي تأثيرها الكبير في الإنهاك الاقتصادي العام الذي أصاب العراق. فإلى جانب عدم الاستقرار السياسي الذي حفلت به الحقبة العثمانية، كانت الصناعة الأوربية قد أخذت تنشط بالشكل الذي خلق منافسة متزايدة من جانب البضائع الأوربية للصناعات المحلية. وبالطبع لم تعمل الدولة العثمانية على حمايتها بالرسوم الجمركية المرتفعة، بل بالعكس سهلت للأوربيين سبل التجارة وقدمت لهم أخفض تعريفة جمركية. يضاف إلى ذلك أن الحروب والكوارث الطبيعية التي كان يتعرض لها العراق قد ساهمت في انقراض عائلات حرفية ماهرة. ولم يكن من النادر أن تنقرض حرفة قاصرة على أسرة واحدة وكثيراً ما كان يحدث ان تنهار حرفة كبيرة ومتخصصة بفعل كارثة طبيعية، وثمة عامل آخر ذو طابع سياسي وإداري يتعلق بالحكام أنفسهم وهو انعدام التشجيع الإيجابي للصناعة وركود الأحوال الاقتصادية العامة، ويدعمه عسف وابتزاز مستمر. رغم تراجع الصناعة وتقهقرها، فأن مراكز المدن الرئيسة لم تفقد أهميتها الصناعية، وبخاصة في ميدان صناعة المنسوجات الصوفية والقطنية والحريرية، وقد أمتدحها الرحالة عند زيارتهم للعراق وأشادوا بمهارة صناعها، وكان يقوم على صناعة نسيج الصوف عدد من المتاجر المرتبطة بها كالصباغة والتطريز وصناعة الخيوط المذهبة والمفضضة. كانت النساء تقوم بعملية الغزل في بيوتات ويجري النسيج في بيوت صغيرة وبأنوال يدوية والصناعات في مجملها كانت تعتمد أساساً على المواد الخام المحلية. وتجدر الإشارة إلى أن مدينة الموصل تبوأت مرتبة متميزة مقارنة بالمدن الأخرى في مجال الصناعات النسيجية على اختلاف أنواعها وقد جمعت بين الكفاية المحلية والتصدير الخارجي في آن واحد ويعزى ذلك إلى ظهور طبقة تجارية قوية منذ القرن الثامن عشر كان لها تأثيرها في وضع بدايات لحركة صناعية نشطة أخذت بالتصاعد بتحول المدينة إلى مركز تجاري مهم يصل بين تجارة البحر المتوسط وبين الخليج العربي والمحيط الهندي وهو ما ترتب عليه من أتساع نطاق مجال العمل الجماعي ليفي بمطالب التجارة فأنشئت عدة مصانع بسيطة لإنتاج مختلف السلع. ولقد لفت انتباه الرحالة البريطاني آيفز الذي زار الموصل سنة 1758م أن المدينة تنتج كميات جيدة من الموسلين وهو قماش متين ناعم جداً ويصدر إلى الأسواق الأوربية فتجارته رابحة كانت آنذاك، ويشير الرحالة تخيرا الى ازدهار صناعة النسيج فيها، اذ تنتج الكثير من القطن والحرير الذي يحاك ويصنع كله في المدينة التي ينتشر فيها اكثر من 4000 مغزل لنسج الصوف والكتان والقطن والحرير. وفي عانة كانت هناك ورش للغزل اذ يقوم الرجال بغزل كميات كبيرة من الصوف. بواسطة المغزل اما النسوة فيغزلنه بالدولاب. كما أشاد الرحالة الدنماركي كارستن نيبور عام 1766م بجودة صناعة النسيج، وأشار إلى وجود مصانع كثيرة للنسيج، والحياكة، والصباغة، وطباعة النقوش على المنسوجات. وإلى جانب ما تقدم فأن من الصناعات الأخرى التي اشتهرت بها مراكز المدن هيا الحدادة والنجارة والدباغة والصياغة وفي بداية القرن السابع عشر كان في بغداد شارع طويل مليء بصاغة الذهب والفضة، يصنعون المجوهرات الثمينة، فضلا. ذلك هناك الصناعات الغذائية. نالت صناعة البارود أهمية خاصة بحكم الحاجة المستمرة أليها في استعماله للبنادق، والمدافع وقد كانت بغداد مركزاً مهماً لصناعة البارود منذ القرن السادس عشر، وتزايد عدد معاملها في القرون اللاحقة، وبلغت ستة عشر معملاً في أواخر القرن الثامن عشر الميلادي. وساعد على قيامها توفر موادها الأولية في العراق مثل الكبريت ونترات الصوديوم. برزت صناعة القوارب في العراق ويتحدث الرحالة الاجانب عن القار الذي يستخدم لأكسائها لمنع دخول الماء اليه، وكان هذا القار يجلب من مدينة هيت. كانت أوضاع العاملين في الميدان الصناعي متدهورة أيضاً، فهم يخضعون لضرائب عديدة وباهظة إلى جانب ظروف العمل السيئة، وبالرغم من انتظامهم في الأصناف الحرفية التي كانت قائمة آنذاك، إلا أن تلك الأصناف لم تكن مؤسسة فعالة تجاه السلطة مما جعلها خاضعة لها. كما ان الاصناف لم تستطع ان تبلغ في فعاليتها السياسية حدا يمكنها من السيطرة الدائمة على السلطة السياسية في المدن فقد بقيت طبقة التجار، بما لها من تحكم في تصدير السلع المنتجة وتوريد مواد التصنيع الخام تمارس سيطرتها على السوق المحلية، ويمكن القول ان طبقة التجار بقيت تشكل حائلا فعالا يقف بين الاصناف والسلطة السياسية ويمنعها من نيل امتيازات رئيسة كالتي نالتها مثيلاتها في اوروبا. كانت غالبية سكان العراق حتى النصف الثاني من القرن التاسع عشر من الفلاحين ذوي الدخل القليل والقوة الشرائية المحدودة، فضلا عن ذلك جهل الفلاح وتحفظه ازاء تغير أو تبديل كثير من أدواته المنزلية والحقلية الامر الذي ادى الى تأخر تطور الصناعات المحلية في العراق، فدخل الفلاح القليل كان يضطره إلى ممارسة بعض الحرف كعمل المحراث أو تصليحه، أو قيام المرأة بغزل وحياكة الصوف أو القطن لأفراد العائلة، أو طحن الحبوب أو بناء البيت أو عمل بعض الأدوات المنزلية الخ. ومما لا شك فيه أن نوع الطلب وكميته هما اللذان يعينان نوع البضائع التي نجدها في سوق القرية أو المدينة وبعبارة أخرى لما كان الفلاح فقيراً و جاهلاً فأن طلبه كان يقتصر على الضروريات الأساسية في حياته اليومية فهي: أولاً أدوات زراعية مثل المحراث والمنجل والمبذر، وثانياً: أدوات منزلية للطبخ والأكل مثل القدور والأواني والجاون والرحى، وثالثاً: ملابس بسيطة كالعباءة والزبون واليشماغ الخ وهذه كلها مصنوعات قديمة وبسيطة وهي محدودة العدد تقوم بإنتاجها طبقة من الصناع اليدويين كالحدادين والنجارين والصفارين والحاكة وغيرهم من المنتجين الذين يعتمدون في تصريف بضائعهم على الفلاحين وبهذا تكون سوقهم محدودة من حيث كمية الإنتاج ونوعيته. كانت الحرف السائدة في مدن العراق قديمة وتقليدية وفي وضع ثابت على الرغم من مرور السنين. وكان الحرفيون في المدن الصغيرة يشتغلون في بيوتهم أو في حوانيت صغيرة كما كانوا يستعملون أدوات أنتاج ابتدائية وكان الحرفي يقوم بالإنتاج وحده أو مستعيناً بأولاده، أو ببعض الأطفال الذين يرسلهم أولياؤهم ليتعلموا أسرار الحرفة، وكانت غالبية منتجات هذه الحرف بعيدة عن صفقات التجارة الخارجية، ولم يؤثر فيها تقدم وسائل النقل وغزو المصنوعات الأجنبية للسوق العراقية في النصف الثاني من القرن التاسع عشر إلا تأثيراً سطحياً وفي بعض الصناعات التي استجابت للطلب الخارجي. وقد جرت العادة من أقدم الأزمنة عند أهل الصنائع اليدوية أن يحتل ذوو الحرفة الواحدة سوقاً في المدينة وتعرف باسم الحرفيين الذين يشغلون أكثر الحوانيت فيها. فهناك سوق للنحاسين وآخر للحدادين والسراجين والخياطين الخ، وكان للسوق مأمور خاص وملتزم معين. كان الحرفيون في المدن العراقية ينقسمون إلى ثلاثة أقسام رغم أن الخط الفاصل بين قسم وآخر كان غير واضح أحياناً وهذه الأقسام هي:
أ. الحرفيون المستقلون الذين يشتغلون في بيوتهم أو في حوانيت خاصة وبأدوات يملكونها بأنفسهم ويستعملون مواد اولية يشترونها وتكون سوقهم التجارية محدودة قد لا تتعدى المدينة نفسها.
ب. أصحاب الصنائع: وهم الذين كانوا يشتغلون في محلات نظمت بصورة شبيهة بالمصنع أقيمت فيها أدوات الإنتاج بعدد كبير يحركها مساعدون وعمال عديدون.
ج. عمال ماهرون وهم كانوا يشتغلون مستقلين أو بالاشتراك مع غيرهم وكانوا يعتمدون في بيع منتوجهم على وسيط يكون عادة من التجار وتكون سوقهم أوسع من سوق الحرفيين وربما أصبحت في بعض الأحيان خارجية كصناع السجاد والأغطية والحرائر والصياغة.
ولم تتغير الصناعات الحرفية في العراق كثيراً في أواخر القرن التاسع عشر وأوائل القرن العشرين بل اقتصرت على سبيل المثال: صناعة النسيج المحلية على أنتاج الأنسجة الصوفية والحريرية والقطنية. ومن جهة أخرى قامت الشركات الأجنبية في المدن الكبرى بعض المصانع من أجل أعداد الخامات المخصصة للتصدير إعداداً صناعياً أولياً مثل غسل وكبس الصوف ورزم عرق السوس. تأسست في بغداد في القرن التاسع عشر ورشات لغزل الحرير ونسج القطن وحياكة البسط، وصنع الأباريق النحاسية، وصناعة المنتجات الخشبية الدقيقة. وفي ضواحي المدن الكبرى كان الحرفيون يشتغلون بدباغة وصناعة الجلود لتموين صناعات الأحذية والأحزمة والسروج بالمواد الأولية. كما تأسست في بغداد والبصرة ورشات لصناعة السفن المحلية، واشتهرت السليمانية بصناعة الأسلحة وبخاصة البنادق واستمرت تلك الصناعة حتى الاحتلال البريطاني في العراق. وافتتحت في البصرة بعض المكابس الحديثة للتمور، فضلا عن مصانع للثلج وغيرها. لقد كان مستوى التطور الصناعي في العراق في نهاية فترة السيطرة العثمانية واطئاً جداً وذلك لأن العراق كان في نهاية القرن التاسع عشر وبداية القرن العشرين تابعاً في اقتصاده للرأسمال الأجنبي وسوقاً لتصريف البضائع الصناعية للبلدان الأوربية لذلك قضى النسيج الأوربي الرخيص بالتدريج على أنتاج النسيج المحلي وأدى فيض البضائع الأوربية إلى تقلص أنتاج الحرفيين المحليين.
|
|
دراسة يابانية لتقليل مخاطر أمراض المواليد منخفضي الوزن
|
|
|
|
|
اكتشاف أكبر مرجان في العالم قبالة سواحل جزر سليمان
|
|
|
|
|
اتحاد كليات الطب الملكية البريطانية يشيد بالمستوى العلمي لطلبة جامعة العميد وبيئتها التعليمية
|
|
|