أقرأ أيضاً
التاريخ: 26-09-2014
5231
التاريخ: 8-11-2014
7037
التاريخ: 25-09-2014
5687
التاريخ: 22-12-2015
4833
|
يقول تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ هَادُوا وَالنَّصَارَى وَالصَّابِئِينَ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَعَمِلَ صَالِحًا فَلَهُمْ أَجْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ} [البقرة: 62]
أهل الفترة هم أولئك الذين لا تكون في عصرهم حجة نقلية بواسطة نبي أو بواسطة من يقوم مقامه، وعليه فلا يُحكم أهل الكتاب بحكم زمان الفترة على الإطلاق؛ وذلك لأن نفس الكتاب السماوي السابق هو حجة فعلية لله (عز وجل) حتى نزول الكتاب اللاحق ولا مجال ـ في حال توفره ـ لتوهم وجود زمان فترة.
أما أولئك الذين لم يكونوا أصحاب كتاب ولم يعتنقوا أي دين، سواء كانوا لا يعتقدون أساساً بالوحي والنبوة، وكانوا على هذا التصور الباطل من أنه لا وجود لمبدأ أساساً وليس هناك معاد وأن للإنسان - حاله حال سائر الموجودات الطبيعية - مبدأ ومعاداً مادياً ليس غير: {وَقَالُوا مَا هِيَ إِلَّا حَيَاتُنَا الدُّنْيَا نَمُوتُ وَنَحْيَا وَمَا يُهْلِكُنَا إِلَّا الدَّهْرُ وَمَا لَهُمْ بِذَلِكَ مِنْ عِلْمٍ إِنْ هُمْ إِلَّا يَظُنُّونَ} [الجاثية: 24] أو كانوا يعتقدون بمبدأ لكنهم يقولون بأن الارتباط بهذا المبدأ المنيع ليس بمقدور البشر كي يستطيع تلقي الوحي من ذلك المبدأ وإيصاله إلى الناس وإذا كانت هناك رسالة فلا تكون إلا من نصيب الملائكة، فإن أصحاب طائفة كهذه مع هذه المعتقدات غير المستساغة لا يعدون أنفسهم مشمولين بدين إلهي إطلاقاً وهم دائماً من أهل الفترة حتى في زمان الوحي والنبوة.
بالطبع من الممكن تصور زمان فترة بالنسبة للمعتقدين بصحة الوحي والنبوة مع فقدان الحجة بالفعل، إن أبناء مثل هذه الفرقة مكلفون ـ على أساس الحسن والقبح العقليين - بالاعتقاد بما يدركه الدليل العقلي المعتبر فيما يتعلق بمبدأ العالم ومنتهاه من جهة وفيما يخص كمال ونقص الفرد والمجتمع من جهة أخرى والعمل وفقاً لذلك، وعلى أساس إنكار مثل هذا الإدراك فإنه لا تكليف على البشر في زمان الفترة على الإطلاق.
أما الذين يرون أن أصل الوحي والنبوة أمر ممكن لكنهم ـ جراء القصور، لا بسبب التقصير ـ مبتلون بالاستضعاف الثقافي أو الفكري فهم معذورون؛ كما أن المبتلين بالتبليغ السوء ورواسب بعض عقائد الجاهلية ممن سلبوا القدرة على التحليل وابتلوا بالاستخفاف الفكري فلعلهم يكونون محط عفو الله سبحانه وتعالى، لكن المستكبرين المتكئين على استبرق الغرور كالمتظاهرين بالزهد الذين يفترشون حصير البردي ممن لا تفوح منهم غير رائحة الرياء وهم - لهذا - غير مستعدين لأن يكفّوا عن طغيانهم وتمردهم ويتفحصوا عن الوحي المنزل من الله (عز وجل) فهم لن يُحكموا بتاتاً بحكم زمان الفترة وتأسيساً على ما مر فإن الآية مدار البحث والآية المرقمة 69 من سورة المائدة ليستا منشأ للتعددية الدينية والملاعبة مع الفترة وزمان التعطيل، بل إن لها ـ كما هو الحال الآيات القرآنية مع المحكمة الأخرى - رسالة متقنة وشفافة مصونة مما لا يستساغ من النسخ، والتخصيص، والتقييد والتضييق والتوسيع الموافق للمرام.
تنويه: ما جاء في تفسير القشيري من أن: اختلاف الطريق مع اتحاد الأصل لا يمنع من حسن القبول (1) فهو ناظر لتعدد السرُط المستقيمة بلحاظ الأعصار المتعددة وليس بلحاظ العصر الواحد، وإن تعدد هذه السرُط هو بلحاظ تعدد خصوص المنهاج والشريعة وليس بلحاظ الخطوط الاعتقادية أو الأخلاقية أو الفقهية أو الحقوقية الأصيلة؛ وذلك لأن كل تلك الأمور الأربعة في جميع الأديان (التي لا تعدو كونها ديناً واحداً) على شاكلة واحدة وإن التعدد يكون في الأمور الجزئية وفي المسائل الجانبية والفرعية لتلك الخطوط فحسب، بل إن التعبير الصائب هو أن الصراط المستقيم في جميع العهود والأعصار والأديان هو واحد وأن السبل الفرعية المرتبطة به متعددة.
إذن فليس مراد القشيري ـ بشهادة سائر كلماته في ذيل الآية محط البحث وفي موارد أخرى ـ أنه في زمان الرسول الأكرم (صلى الله عليه واله وسلم) لو أن أحداً عالماً عامداً لم يقبل بالحجة الإلهية البالغة على إتقان القرآن على رغم قيامها وبادر إلى إنكاره على الرغم من إعجازه ونزوله من الله عز وجل وبقي على اليهودية المتهاوية فهو من أهل النجاة؛ وذلك لأنه وإن كان القشيري من أهل الإرادة وأنه لا يتسنى ترجمة لسان القلب ولغة الباطن إلا بالذوق لا باللفظ الذي هو ترجمان العقل، بيد أنه في ضوء تطابق العقل والقلب، فإنه ينسجم اللفظ والذوق أيضاً؛ هذا وإن كانت بعض المدركات القلبية عصية على الوصف (تدرك ولا توصف) أو لا ينبغي أن توصف أصلاً، لكنه في مهمات الأمور فإنه يمكن الجمع بين إشارة القلب وفتوى العقل بحيث يغدو هذا جمعاً سالماً وإن أول شرط لذلك هو سلامة عقل وقلب المفسر نفسه.
ــــــــــــــــــــــــــــــــ
1. لطائف الإشارات، ج1، ص96.
|
|
"عادة ليلية" قد تكون المفتاح للوقاية من الخرف
|
|
|
|
|
ممتص الصدمات: طريقة عمله وأهميته وأبرز علامات تلفه
|
|
|
|
|
ندوات وأنشطة قرآنية مختلفة يقيمها المجمَع العلمي في محافظتي النجف وكربلاء
|
|
|