الجغرافيا والبيئة والمجتمع

ترتبط الجغرافيا بالبيئة والمجتمع ارتباطاً وثيقاً سواء من خلال مجال الدراسة فيهـا والأهداف التي تسعى إليها وتطبيقاتها في البيئة والمجتمع، وذلك عن طريق دراسة وتفسير الظاهرات المختلفة التي تحيط بالإنسان داخل هذه البيئة أو المجتمع، من أجل استجلاء العلاقات التبادلية بين مختلف الظاهرات الطبيعية والبشرية للخروج بمبادئ وقوانين تحكم هذه العلاقات وتوجهها.

كما تقدم الجغرافيا معارف ومعلومات عن البيئة الطبيعية من خلال تناولها مظاهر السطح أو التضاريس من حيث دراسة الجبال والهضاب والسهول والحياة النباتية على سطح الأرض، وهذه المعلومات والمعارف لازمة لفهم البيئة الطبيعية من خلال اختيار أماكن الإقامة وبناء المساكن واختيار الأراضي التي تصلح للزراعة وتحديد الفصول وأهم النباتات التي تجود زراعتها في كل فصل منها.

وتساهم الجغرافيا في التعرف على مصادر المياه الأنهار) - الأمطار - المياه الجوفية) وكيفية المحافظة عليها، وطرق استغلالها في حياة الإنسان عن طريق مشروعات الري والصرف والتخزين وإقامة السدود والقناطر، وتقدم الجغرافيا المعلومات عن مظاهر الكون من الرياح والسحاب والضباب والندى والمطر، وهي بذلك تساهم في فهم الإنسان لمظاهر البيئة الطبيعية التي يعيش فيها، ومعرفة المناخ على مدار العام وتقسيماته إلى فصول (صيف - شتاء - ربيع - خريف) فيستطيع تحديد نوع ملابسه في كل فصل منها.

وتقدم الجغرافيا إلى دارسيها أهم المعلومات عن النشاط الاقتصادي ومصادر الثروة، وكيفية استغلالها وأهميتها الطبيعية، وطرق التبادل التجاري، وهذه المعلومات تلقى الضوء على النشاط البشري للسكان في البيئة بما يتناسب مع ثرواتها الطبيعية، ويحدد درجة صعوبة هذا النشاط أو سهولته، والعوامل التي تساعد على ذلك.

وتساهم الجغرافيا في إلقاء الضوء على العلاقات الإنسانية بين الأفراد في داخل الدولة عن طريق التبادل التجاري ووسائل المواصلات وكذلك العلاقات بين الدولة والدول الأخرى، والمشكلات والقضايا العالمية، وتدرس الجغرافيا البشرية مظاهر الحياة الإنسانية، وتوضح مدى تأثرها بالظواهر الطبيعية في البيئة التي يعيش فيها الإنسان، وكذلك تلقى الضوء على بعض المفهومات الاجتماعية، مثل مفهوم السكان وكثافة السكان والانفجار السكاني وتلوث البيئة.

وتدرس الجغرافيا العديد من المشكلات التي تواجه البيئة والمجتمع، مثل مشكلة توفير المياه وبعض مشكلات التربة والغابات والموارد المعدنية، ونمو المراكز العمرانية العشوائية وبعض مشكلات التلوث، ويتضح من دراسة هذه المشكلات البيئية من وجهة نظر الجغرافي أهمية هذه الدراسات في نطاق الدراسات البيئية عامة وفي الدراسات الخاصة بتخطيط البيئة على وجه الخصوص.

ومن خلال ذلك تعمل الجغرافيا على تزويد الفرد داخل المجتمع أو صانع القرارات بمجموعة من مهارات التفكير الجغرافي الذي يعرف بأنه : " القدرة على تحديد المعلومات المتاحة في الوقت الحالي، والمعلومات التي سوف تتاح لهم في المستقبل والمعلومات لم تتح لهم واستخدام المعلومات الكمية، وتوظيف ذلك في اتخاذ أي قرار، وبهذا يمكن التفكير بطريقة سليمة." التي تساعده على اتخاذ القرار السليم تجاه البيئة والمجتمع، مثل التفكير في حلول بديلة، التفكير في نتائج كل حل اتخاذ قرارات وتبريرها والتصرف في ضوء هذه القرارات وبالتالي نجد أن الجغرافيا من أكثر العلوم التي ترتبط بالبيئة والمجتمع من خلال سعيها الدائم إلى تحقيق التنمية والتقدم ا لهذه البيئة والمجتمع.