المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية

القرآن الكريم وعلومه
عدد المواضيع في هذا القسم 17738 موضوعاً
تأملات قرآنية
علوم القرآن
الإعجاز القرآني
قصص قرآنية
العقائد في القرآن
التفسير الجامع
آيات الأحكام

Untitled Document
أبحث عن شيء أخر المرجع الالكتروني للمعلوماتية
القيمة الغذائية للثوم Garlic
2024-11-20
العيوب الفسيولوجية التي تصيب الثوم
2024-11-20
التربة المناسبة لزراعة الثوم
2024-11-20
البنجر (الشوندر) Garden Beet (من الزراعة الى الحصاد)
2024-11-20
الصحافة العسكرية ووظائفها
2024-11-19
الصحافة العسكرية
2024-11-19



خصوصيات العذاب يوم القيامة  
  
1242   03:10 مساءً   التاريخ: 2023-04-08
المؤلف : الشيخ عبدالله الجوادي الطبري الاملي
الكتاب أو المصدر : تسنيم في تفسير القران
الجزء والصفحة : ج4 ص 257 - 267
القسم : القرآن الكريم وعلومه / مقالات قرآنية /

{وَاتَّقُوا يَوْمًا لَا تَجْزِي نَفْسٌ عَنْ نَفْسٍ شَيْئًا وَلَا يُقْبَلُ مِنْهَا شَفَاعَةٌ وَلَا يُؤْخَذُ مِنْهَا عَدْلٌ وَلَا هُمْ يُنْصَرُونَ (48) } [البقرة: 48]

إن إلفات نظر الناس إلى القيامة وعذابها هو أفضل عامل للإنذار. والآية الكريمة مورد البحث، حالها حال الكثير من الآيات القرآنية الأخرى، ترى أن سبيل النجاة من العقاب الإلهي في الآخرة مسدود، وذلك بقولها: لا القيامة يفكر بالآخرين فعذابها قطعي من ناحية، وسبيل النجاة مسدود من ناحية أخرى. لا أحد يتعهد بنصرة الآخر. فليس يوم القيامة يوم تقبل فيه الشفاعة بحق المجرمين. فلا الفداء مطروح في ذلك اليوم، ولا الضمانة ولا الكفالة على خلاف الدنيا حيث إن لبعض المسائل الاجتماعية والنفسية دوراً فاعلاً في تخفيف العذاب وإن لم تلغ العذاب من الأساس؛ مثل عيادة المريض، والسؤال عن حال الصديق المضنوك حيث إن هذه العيادة أو هذا التفقد بحد ذاته يكون مدعاة للتنفيس عنهما وتسليتهما روحياً. لكن في يوم القيامة حتى هذا المقدار من التخفيف والتسلية هو غير متوفر. هناك آيات كثيرة تتطرق إلى نفي الشفاعة والفدية والتسلية وما إلى ذلك حيث تتم الإشارة إلى بعض منها في هذا البحث:

أ: {إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْ أَنَّ لَهُمْ مَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا وَمِثْلَهُ مَعَهُ لِيَفْتَدُوا بِهِ مِنْ عَذَابِ يَوْمِ الْقِيَامَةِ مَا تُقُبِّلَ مِنْهُمْ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ} [المائدة: 36]

ب: ذكرهم - لا يبتلوا يوم القيامة ب "الإبسال" والحيرة والاضطراب في العذاب بسبب من أعمالهم: {أَخَذْنَاهُمْ بَغْتَةً فَإِذَا هُمْ مُبْلِسُونَ} [الأنعام: 44]. وهو اليوم الذي لا أحد سوى الله يمكنه أن يكون ولياً أو شفيعاً له، وإن أراد المرء دفع عدل أو عوض فلن يُقبل منه: {وَذَكِّرْ بِهِ أَنْ تُبْسَلَ نَفْسٌ بِمَا كَسَبَتْ لَيْسَ لَهَا مِنْ دُونِ اللَّهِ وَلِيٌّ وَلَا شَفِيعٌ وَإِنْ تَعْدِلْ كُلَّ عَدْلٍ لَا يُؤْخَذْ مِنْهَا} [الأنعام: 70] ، أي لا ولي لهم ليدرا العذاب من دون واسطة، ولا شفيع لهم ليدفع عنهم العذاب بالمجان، ولا معادل يُقبل منهم كي يرفع عنهم العذاب في مقابل العوض.

ج: إذا كان الظالم يوم القيامة يملك الأرض بأجمعها وما فيها فهو لا يتردد، جراء شدة العذاب في التضحية بها جميعاً لينجوا، إلا أن فديته لا تقبل منه وسيحكم في قضيته بالقسط والعدل {وَلَوْ أَنَّ لِكُلِّ نَفْسٍ ظَلَمَتْ مَا فِي الْأَرْضِ لَافْتَدَتْ بِهِ وَأَسَرُّوا النَّدَامَةَ لَمَّا رَأَوُا الْعَذَابَ وَقُضِيَ بَيْنَهُمْ بِالْقِسْطِ وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ} [يونس: 54]

د: أولئك الذين أجابوا نداء الحق فإن عاقبة حسنة في انتظارهم، أما أولئك الذين لم يستجيبوا له فلو أنهم يملكون الأرض وما فيها ومثله معه استعداد لأن يقدموه فداء من أجل الخلاص من العذاب: {لِلَّذِينَ اسْتَجَابُوا لِرَبِّهِمُ الْحُسْنَى وَالَّذِينَ لَمْ يَسْتَجِيبُوا لَهُ لَوْ أَنَّ لَهُمْ مَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا وَمِثْلَهُ مَعَهُ لَافْتَدَوْا بِهِ} [الرعد: 18] ويشابهه قوله عز من قائل: {وَلَوْ أَنَّ لِلَّذِينَ ظَلَمُوا مَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا وَمِثْلَهُ مَعَهُ لَافْتَدَوْا بِهِ مِنْ سُوءِ الْعَذَابِ} [الزمر: 47]

هـ: إنه يقول لعبّاد الأوثان إن أصنامكم يكذبونكم يوم القيامة قائلين: نحن ما كنا نتمتع بحق المعبوديّة كما أنّه لم يكن لكم أنتم الحق أيضاً هنا فلا تستطيعون في ذلك اليوم، بأي نحو من في عبادتنا. من أن تصرفوا العذاب عن أنفسكم، وما من أحد يهب لنجدتكم أيضاً: {فَقَدْ كَذَّبُوكُمْ بِمَا تَقُولُونَ فَمَا تَسْتَطِيعُونَ صَرْفًا وَلَا نَصْرًا} [الفرقان: 19].

و: ما قد سبق ذكره كان ناظراً إلى الضمان المالي؛ كالبيع، والخلة، والفدية، والعدل، وأمثال ذلك، بغية رفع مطلق العذاب إلا أن بعض الآيات قد نفت حتى التخفيف في العذاب بالقول: {وَقَالَ الَّذِينَ فِي النَّارِ لِخَزَنَةِ جَهَنَّمَ ادْعُوا رَبَّكُمْ يُخَفِّفْ عَنَّا يَوْمًا مِنَ الْعَذَابِ} [غافر: 49] فيجيبهم خزنة جهنم: {قَالُوا أَوَلَمْ تَكُ تَأْتِيكُمْ رُسُلُكُمْ بِالْبَيِّنَاتِ قَالُوا بَلَى قَالُوا فَادْعُوا وَمَا دُعَاءُ الْكَافِرِينَ إِلَّا فِي ضَلَالٍ } [غافر: 50] وهذا هو عين ما صرح به في آيات عديدة: {فَلَا يُخَفَّفُ عَنْهُمُ الْعَذَابُ وَلَا هُمْ يُنْصَرُونَ} [البقرة: 86]

ز: في سورة "المعارج" يؤكد عزّ وجلّ على أن تخفيف العذاب حتى ضمن إطار السؤال عن الحال وتسلية النفس منتف أيضاً فيقول: ما من صديق، كان في الدنيا حميماً مع صديقه، يسأله في المعاد عن أحواله: {وَلَا يَسْأَلُ حَمِيمٌ حَمِيمًا} [المعارج: 10] ويقول في الآية التالية: ليس عدم السؤال عن الحال جهة أنهما لا . من يرى أحدهما الآخر، بل إنهما يبصران بعضهما لكنه، في الوقت ذاته، لا يسأل أحدهما الآخر؛ لأن الكل متورط بعذابه: {يُبَصَّرُونَهُمْ يَوَدُّ الْمُجْرِمُ لَوْ يَفْتَدِي مِنْ عَذَابِ يَوْمِئِذٍ بِبَنِيهِ * وَصَاحِبَتِهِ وَأَخِيهِ} [المعارج: 11-12] والملاحظة التي تستحق الالتفات هنا هي ان السؤال المنفي في الاية {لا يسئل}، هو بمعنى السؤال عن الحال من أجل التشفّي والتسلّي لا السؤال بمعنى الطلب؛ لأنه قد صرح في بعض الآيات بأن المنافقين يتوسلون بالمؤمنين ويلتمسون منهم قائلين: ألقوا علينا نظرة كي ينالنا بعض نوركم: {يَوْمَ يَقُولُ الْمُنَافِقُونَ وَالْمُنَافِقَاتُ لِلَّذِينَ ءَامَنُوا أنْظُرُونَا نَقْتَبِس مِنْ نُورِكُمْ} فيأتيهم الرد: {قِيلَ ارْجِعُوا وَرَاءَكُمْ فَالْتَمِسُوا نُورًا فَضُرِبَ بَيْنَهُمْ بِسُورٍ لَهُ بَابٌ بَاطِنُهُ فِيهِ الرَّحْمَةُ وَظَاهِرُهُ مِنْ قِبَلِهِ الْعَذَابُ (13) يُنَادُونَهُمْ } [الحديد: 13-14]

{فَالْتَمسُوا نُوراً فَضُرِبَ بَيْنَهُمْ بِسُورٍ لَهُ بَاب بَاطِنُهُ فِيهِ الرَّحْمَةُ وَظَاهِرُهُ مِنْ قبله الْعَذَابُ}

الملاحظة الأخرى هي أنّه في الآية اللاحقة: {يُبْصِرُونَهُمْ يَوَدُّ المُجْرِمُ ...} ورد نفي الكفالة في القيامة حيث يقول عز من قائل: إن للمجرم يوم القيامة الاستعداد لأن يفتدي بأولاده وزوجه وعشيرته التي كان يأوي إليها في الدنيا بل وبجميع أهل الأرض (إذا كانوا تحت تصرفه) بعنوان كفلاء ليتخلّص من سجن جهنّم إلا أن ذلك لن يعود عليه بنفع: {يَوَدُّ الْمُجْرِمُ لَوْ يَفْتَدِي مِنْ عَذَابِ يَوْمَئِذٍ بَبَنيه * وَصَاحَبَتِه وأخيه * وَفَصيلَته الَّتِي تُؤْوِيهِ * وَمَنْ فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا ثُمَّ يُنْجِيهِ * كَلَّا إِنَّهَا لظى ...}

ح: من الآيات الأخرى التي تبين أن طريق النجاة في يوم القيامة موصد هي آيات سورة "القيامة" التي تقول: في ذلك اليوم يبحث الإنسان المعذب عن سبيل الفرار قائلاً: أين سبيل الفرار؟ فيأتيه الجواب: أن لا ملجأ اليوم ولا مفر إلا في الولوج تحت خيمة الحكم الإلهي {يَقُولُ الْإِنْسَانُ يَوْمَئِذٍ أَيْنَ الْمَفَرُّ * كَلَّا لَا وَزَرَ * إِلَى رَبِّكَ يَوْمَئِذٍ الْمُسْتَقَرُّ} [القيامة: 10 - 12]

ط: كما ويقول عزّ وجلّ في سورة "فاطر" المباركة: ما من وازرة (وهي النفس الآثمة المبتلاة بحمل ذنبها الثقيل والتي تنوء بحمل وزرها وثقلها) تحمل وزر نفس أخرى، وإن أصيب أحد بالإعياء وأحس بالثقل جراء ما يحمله من عبء ذنوبه على كاهله فلا فائدة ترجى في الاستمداد من الآخرين حتى وإن كانوا من ذوي القربى والأرحام؛ {وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى وَإِنْ تَدْعُ مُثْقَلَةٌ إِلَى حِمْلِهَا لَا يُحْمَلْ مِنْهُ شَيْءٌ وَلَوْ كَانَ ذَا قُرْبَى} [فاطر: 18]

تجدر الإشارة هنا إلى أن هذه الآية لا تقيدها آيات من قبيل {وَلَيَحْمِلُنَّ أَثْقَالَهُمْ وَأَثْقَالًا مَعَ أَثْقَالِهِمْ} [العنكبوت: 13] التي تحكي حال الأشخاص المضلين وكون أوزارهم مضاعفة، إذ ليس الأمر أن الإنسان المضل يحمل على كاهله ثقل الإنسان الضال، بل المراد هو أن الإنسان المضل، مضافاً إلى عبء الإثم الناتج عن ضلاله، فهو يحمل ثقلاً آخر مصدره الإثم الناتج من إضلال الآخرين أيضاً، من دون أن ينقص شيء من ثقل من تم إضلاله. من هذا المنطلق فقد جاء التعبير في الآية بقوله: {أثقالاً مع أثقالهم} ولم يقل: "أثقالهم مع أثقالهم".

ي: عندما يدوي الصوت المهيب لبدء المعاد فما للمرء يومئذ من مغيث: {فَإِذَا جَاءَتِ الصَّاخَّةُ * يَوْمَ يَفِرُّ الْمَرْءُ مِنْ أَخِيهِ * وَأُمِّهِ وَأَبِيهِ * وَصَاحِبَتِهِ وَبَنِيهِ} [عبس: 33 - 36].

فلكل امرئ في ذلك اليوم شأن خاص يشغله ويلهيه عن ذكر الآخرين: {لكُلِّ امْرِئٍ مِنْهُمْ يَوْمَئِذٍ شَأَن يُغْنِيه} ]عبس: 37[.

هنالك لا يفكر الصالحون بالطالحين (إلا في مورد الشفاعة): {وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ مُسْفَرَةٌ * ضَاحِكَةٌ مُسْتَبْشرة} ]عبس: 38 - 39[؛ إذ إن التفكير بالإنسان المعذِّب يُعد جرماً في ذلك اليوم؛ لأنه ما من أحد يتعذب في ذلك اليوم إلا وقد صُنف ظالماً في محكمة العدل الإلهيّة، والتفكير بالظالم هو بحد ذاته نقص وظلم. كما أن الطالحين أيضاً لا يفكرون بالآخرين؛ لأنهم متورطون بالعذاب ومغبرون وقد غطاهم دخان العتمة: {وَوُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ عَلَيْهَا غَبَرَةٌ * تَرْهَقُهَا قَتَرَةٌ} [عبس: 40، 41].

هذا مضافاً إلى أن يوم القيامة هو اليوم الذي لا ينبس فيه أحد ببنت شفة إلا بإذن الله تعالى: {يَوْمَ يَأْتِ لَا تَكَلَّمُ نَفْسٌ إِلَّا بِإِذْنِهِ} [هود: 105].

لا سيما فيما يتعلّق بالظالمين حيث قيل للنبي نوح بخصوصهم: {وَلَا تُخَاطِبْنِي فِي الَّذِينَ ظَلَمُوا} [هود: 37] ، فليس هؤلاء ممن يجوز لك التحدث بشأنهم؛ وذلك لأننا قد أمهلناهم مدة طويلة، معي لكنهم لم يتنبهوا وقد تمت جميع الحجج عليهم.

ك: إنك لا تعلم ما يوم القيامة؛ إنّه يوم لا يملك فيه امرؤ شيئاً لامرئ آخر وكل الأمور في ذلك اليوم هي الله: {وَمَا أَدْرَاكَ مَا يَوْمُ الدِّينِ (17) ثُمَّ مَا أَدْرَاكَ مَا يَوْمُ الدِّينِ (18) يَوْمَ لَا تَمْلِكُ نَفْسٌ لِنَفْسٍ شَيْئًا وَالْأَمْرُ يَوْمَئِذٍ لِلَّهِ } [الانفطار: 17 - 19]

ل: ليس يوم القيامة مما تكون العلاقات الاجتماعية فيه جارية وطبيعية؛ فليس فيه تعامل تجاري، ولا صداقة ولا شفاعة: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَنْفِقُوا مِمَّا رَزَقْنَاكُمْ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَ يَوْمٌ لَا بَيْعٌ فِيهِ وَلَا خُلَّةٌ وَلَا شَفَاعَةٌ} [البقرة: 254]

فكما قد تمت الإشارة إليه سلفاً فإن الإنسان في الدنيا يعمد إلى حلّ مشاكله إما عن طريق العلل والأسباب الطبيعية، وإما بواسطة العلاقات والأنساب؛ أي إما أن يعمل هو لحل مشكلته بنفسه، أو يعمد  إذا لم تكن لديه القدرة على ذلك - إلى حلّها بوسيلة أبيه أو أمه، أو أخيه، أو ولده، أو في القيامة ليس باستطاعة المرء حل مشكلته من خلال السبب الطبيعي؛ حيث: {وَتَقَطَّعَتْ بِهِمُ الْأَسْبَابُ} [البقرة: 166] ، ولا عن طريق النسب؛ {فَلَا أَنْسَابَ بَيْنَهُمْ} [المؤمنون: 101] فعندما يكون الكل قد نشأ من التراب ولم يولد احد من صلب الاخر فلا يعود هناك حديد عن الاب والابن والاخ والام او أي نسب اخر، لأن أمثال هذه العناوين انما هي متعلقة بنظام التوالد والتناسب، واذا استخدم في يوم القيامة تعبير الاب، والاخ، والابن، وما إلى ذلك فهو من باب علاقة "ما كان" وباعتبار الدنيا.

م: من لم يكن قد آمن في الدنيا، أو كان قد آمن ولكنه لم يعمل بإيمانه، ولم يجن منه خيراً، فليس له يوم القيامة من ربح {يَوْمَ يَأْتِي بَعْضُ آيَاتِ رَبِّكَ لَا يَنْفَعُ نَفْسًا إِيمَانُهَا لَمْ تَكُنْ آمَنَتْ مِنْ قَبْلُ أَوْ كَسَبَتْ فِي إِيمَانِهَا خَيْرًا} [الأنعام: 158]

ن: القيامة هي اليوم الذي لا مال ينفع حال الإنسان فيه ولا بنون: {يَوْمَ لَا يَنْفَعُ مَالٌ وَلَا بَنُونَ} [الشعراء: 88]. بالطبع هو من باب السالبة بانتفاء الموضوع؛ أي إنّه ليس في المعاد من مال أو بنين كي يكونوا نافعين إذا كانت ناظرة إلى يوم القيامة.

لحال الإنسان. والشيء الوحيد الذي يكون ذا نفع هو القلب السليم: {إِلَّا مَنْ أَتَى اللَّهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ} [الشعراء: 89]

س: احذروا اليوم الذي لا والد فيه قادر على إغاثة ولده، ولا ولد بإمكانه إغاثة والده، ومن الأولى أن لا يكون في يد الغريب فعل شيء: {يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمْ وَاخْشَوْا يَوْمًا لَا يَجْزِي وَالِدٌ عَنْ وَلَدِهِ وَلَا مَوْلُودٌ هُوَ جَازٍ عَنْ وَالِدِهِ شَيْئًا} [لقمان: 33] ، أي إن العلاقات الأسرية غير مطروحة أصلاً في ذلك اليوم.

ع: العلاقات والعقود الاجتماعية أيضاً معدومة. ففي ذلك اليوم تنعدم كل مناف الولاء؛ سواء ولاء العتق أو ولاء ضمان الجريرة، أو أنواع الولاء الأخرى، وما من مولى يدعم ويحمي من ولي عليه: {يَوْمَ لَا يُغْنِي مَوْلًى عَنْ مَوْلًى شَيْئًا وَلَا هُمْ يُنْصَرُونَ} [الدخان: 41]، إلا من رحمه ربنا وهذا ناظر إلى بحث الشفاعة الذي سيأتي لاحقاً: {إِلَّا مَنْ رَحِمَ اللَّهُ إِنَّهُ هُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ} [الدخان: 42]

ف: في القيامة سيكون كل امرئ مشغولاً بالجدال لصالح نفسه ولمن يفكر أحد بالآخر: {يَوْمَ تَأْتِي كُلُّ نَفْسٍ تُجَادِلُ عَنْ نَفْسِهَا وَتُوَفَّى كُلُّ نَفْسٍ مَا عَمِلَتْ وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ} [النحل: 111]

ص: ليس في ذلك اليوم أي معاملة تجارية؛ كما أنه لن يكون هناك أي خليل أو حبيب أو رفيق ليحمل العبء والحمل عن قرينه: {قُلْ لِعِبَادِيَ الَّذِينَ آمَنُوا يُقِيمُوا الصَّلَاةَ وَيُنْفِقُوا مِمَّا رَزَقْنَاهُمْ سِرًّا وَعَلَانِيَةً مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَ يَوْمٌ لَا بَيْعٌ فِيهِ وَلَا خِلَالٌ} [إبراهيم: 31]

وصلنا لحد الآن إلى نتيجة مفادها أنه ليس في يد الإنسان يوم القيامة شيء ليكسب به ربحاً أو يدفع عن نفسه خسارة، بل كل امرئ إنما هو جالس على مائدة عقيدته وخلقه وعمله. وبشكل مطلق، وبصورة نفي الجنس، فإن كل سبل النجاة كالخلال (الصداقة)، والصرف، والعدل والنصرة، والضمانة والكفالة، والسؤال عن الحال هي منتفية في القيامة. والسبيل الوحيد المشرع هو سبيل الشفاعة الذي نفي هو في الآية محط البحث، إلا أن الحصيلة الناجمة عن جمع كلّ الآيات المتعلقة بالشفاعة تفيد بأن ما نفي في القيامة هي المستقلة، حيث يود الشفيع التوسط بنحو الاستقلال ومن دون إذن الله تعالى، وليس أصل الشفاعة، وإن كانت بإذن الله. كما أن الإذن الإلهي يُعطى لجماعة خاصة من الشفعاء وطائفة معينة من المشفوع لهم.

يتبين مما تقدم عظمة وهول عذاب يوم القيامة. وعلى الأساس نفسه، يشير القرآن الكريم في عدد من الآيات، وبتعابير وتمثيلات شتى، إلى عظمة وثقل العذاب الأخروي حيث من المناسب هنا الإشارة إلى بعض من تلك الآيات:

أ: هو اليوم الذي ترى عند تباشيره أن الوحشة والهلع يسيطران على الجميع من قمة رؤوسهم إلى أخمص أقدامهم حتى إن كل مرضعة تنسى أن لها رضيعاً وتضع كل امرأة حامل حملها وإنك لترى الناس كالسكارى إلا أنهم ليسوا كذلك لكن عذاب الله شديد: {يَوْمَ تَرَوْنَهَا تَذْهَلُ كُلُّ مُرْضِعَةٍ عَمَّا أَرْضَعَتْ وَتَضَعُ كُلُّ ذَاتِ حَمْلٍ حَمْلَهَا وَتَرَى النَّاسَ سُكَارَى وَمَا هُمْ بِسُكَارَى وَلَكِنَّ عَذَابَ اللَّهِ شَدِيدٌ} [الحج: 2]

ب: إذا صرتم كفّاراً فكيف تنجون بأنفسكم من عذاب الله في يوم يصير الأطفال شيباً: { فَكَيْفَ تَتَّقُونَ إِنْ كَفَرْتُمْ يَوْمًا يَجْعَلُ الْوِلْدَانَ شِيبًا} [المزمل: 17]

ج: عذاب القيامة لا يقبل التشبيه بأصناف العذاب الدنيوي: {فَيَوْمَئِذٍ لَا يُعَذِّبُ عَذَابَهُ أَحَدٌ (25) وَلَا يُوثِقُ وَثَاقَهُ أَحَدٌ } [الفجر: 25، 26] أساساً لا يمكننا افتراض أن الإنسان في الدنيا يمكنه أن يخلق عذاباً يشبه عذاب يوم القيامة؛ إذ حتى أولئك الذين احترقوا في "أخدود" العذاب كانوا يرون أنفسهم مرضيين وموجهين عند الله عز وجل وهم في تلك الحالة وكانوا يشعرون بالنشاط والحيوية تجاه عقولهم وضمائرهم، ورغم أن أجسامهم كانت تحترق إلا أنهم كانوا يرجون الثواب الإلهي، وبالنتيجة فإن العذاب كان مما يتحمل بالنسبة لهم، أما العذاب في القيامة فهو ناشئ عن قهر لا يضاهيه قهر أولاً، وتتجلى للمعذب فيه حقانية الأنبياء وبطلان نفسه ثانياً، وسوف يخضع لعذاب لا أمد له وسيكون مدعاة لخزيه وفضيحته وليس هناك أدنى أمل للنجاة منه، ولن يكون هناك مجال للتشفي، والتسلي، والتبرئة، والأمل بالمستقبل، وأمثال ذلك ثالثاً.




وهو تفسير الآيات القرآنية على أساس الترتيب الزماني للآيات ، واعتبار الهجرة حدّاً زمنيّاً فاصلاً بين مرحلتين ، فكلُّ آيةٍ نزلت قبل الهجرة تُعتبر مكّيّة ، وكلّ آيةٍ نزلت بعد الهجرة فهي مدنيّة وإن كان مكان نزولها (مكّة) ، كالآيات التي نزلت على النبي حين كان في مكّة وقت الفتح ، فالمقياس هو الناحية الزمنيّة لا المكانيّة .

- المحكم هو الآيات التي معناها المقصود واضح لا يشتبه بالمعنى غير المقصود ، فيجب الايمان بمثل هذه الآيات والعمل بها.
- المتشابه هو الآيات التي لا تقصد ظواهرها ، ومعناها الحقيقي الذي يعبر عنه بـ«التأويل» لا يعلمه الا الله تعالى فيجب الايمان بمثل هذه الآيات ولكن لا يعمل بها.

النسخ في اللغة والقاموس هو بمعنى الإزالة والتغيير والتبديل والتحوير وابطال الشي‏ء ورفعه واقامة شي‏ء مقام شي‏ء، فيقال نسخت الشمس الظل : أي ازالته.
وتعريفه هو رفع حكم شرعي سابق بنص شرعي لا حق مع التراخي والزمان بينهما ، أي يكون بين الناسخ والمنسوخ زمن يكون المنسوخ ثابتا وملزما بحيث لو لم يكن النص الناسخ لاستمر العمل بالسابق وكان حكمه قائما .
وباختصار النسخ هو رفع الحكم الشرعي بخطاب قطعي للدلالة ومتأخر عنه أو هو بيان انتهاء امده والنسخ «جائز عقلا وواقع سمعا في شرائع ينسخ اللاحق منها السابق وفي شريعة واحدة» .