أقرأ أيضاً
التاريخ: 4-4-2016
3177
التاريخ: 29-7-2021
2639
التاريخ: 2024-07-31
540
التاريخ: 5-4-2016
1862
|
تتمتع الدولة بحرية في تنظيم المركز القانوني للأجانب الموجودين على اقليمها، ويقوم هذا المبدأ على أساس ما للدولة من سيادة كاملة على اقليمها، فالسيادة تمثل ما للدولة من سلطان على الإقليم الذي تختص به بما يوجد فيه من اشخاص واموال (1).
الا إن حرية الدولة في تنظيم المركز القانوني للأجانب ليست مطلقة، ولكنها مقيدة بنوعين من القيود: الأول مقرر بالعرف الدولي والثاني بالاتفاقيات الدولية. حيث إن العرف الدولي يقتضي أن يتمتع الأجانب بحد أدنى من الحقوق لا يجوز للدولة ان تنزل عنه، كما تلجأ الدولة الى عقد اتفاقيات ثنائية أو جماعية لتنظيم رعايا كل منها باعتبارهم أجانب في الدولة الأخرى وتهدف الى حصولهم على مزايا خاصة بشأن الدخول والإقامة ومزاولة النشاط الاقتصادي. لذلك سوف نقسم هذا الموضوع الى فرعين وكالاتي:
الفرع الأول
القيود المقررة بمقتضى العرف الدولي
وهي عبارة عن ذلك القدر المعين من الحقوق التي استقر العرف الدولي على إلزام الدولة بمنحها للأجانب المقيمين في اقليمها ولا يجوز أن تحرمهم من التمتع بأقل منه وألا تعرضت للمسؤولية الدولية (2).
وقد تضافرت جهود الفقه الدولي في إرساء مبدأ عام اصبح من مبادئ القانون الدولي العرفي مقتضاه أن هناك ( حد ادنى من الحقوق يتعين الاعتراف به للأجانب بحيث لا يجوز لأية دولة أن تنزل عنه (3). وهذا (الحد الأدنى) لحقوق الأجانب حتمتهُ مُقتضيات التبادل التجاري والاقتصادي والتعامل ، المشترك بين الدول من خلال الافراد المنتمين اليها، وهكذا تلاقت إرادة الدول على وجوب ضمان حد أدنى من الحقوق لا يجوز للدولة أن تهبط عند معاملتها للأجانب (4).
ولقد اثر القضاء الدولي وجود قواعد عرفية يتعين على الدول مراعاتها عند تحديدها لما يتمتع به الأجانب من حقوق.
ومن احكام القضاء الدولي في هذا الشأن نشير بهذا الصدد الى الحكم الصادر من محكمة العدل الدولية الدائمة بموجب حكمها المرقم (7) في 1926/5/25 لتسوية النزاع بين بولندا وألمانيا يتعلق بمصالح المانيا في سيليزيا العليا البولندية.
حيث أكدت صراحة إن الدول ليست حرة في معاملة الأجانب كما هو الحال بالنسبة لمعاملة الوطنيين، إذ يحد من هذه الحرية وجود قانون دولي مشترك يوجب عليها احترام احكامه المقررة بمقتضى العرف الدولي في حالة عدم وجود معاهدات وبغض النظر عن القانون الداخلي لكل دولة) (5).
وعلى الرغم من الغموض الذي يشوب مفهوم الحد الأدنى من الحقوق ألا إنه يمكن الاستفادة بهذا المجال بالرجوع الى الإعلان العالمي لحقوق الانسان الذي اقرته الجمعية العامة للأمم المتحدة في 1948/12/10 وذلك من اجل تحديد مضمون الحد الأدنى للحقوق ومن امثلة هذه الحقوق التي يتمتع بها الأجنبي في ظل هذا الإعلان هي الحق في الحياة والحرية وسلامة شخصه والحق في التقاضي والحق في التنقل وحرية العقيدة (6).
وأخيرا صدر اعلان حقوق الانسان للأفراد الذين ليسوا من مواطني الدولة التي يعيشون فيها والصادر عن الجمعية العامة للأمم المتحدة في 198۵/12/13 والذي بموجبه تم تحديد مضمون الحد الأدنى من الحقوق للأجنبي بشكل كامل ودقيق.
حيث حددت المواد (5-10) من اعلان حقوق الانسان أعلاه مجموعة واسعة من الحقوق المدنية والاقتصادية والاجتماعية ويمكن تقسيم هذه الحقوق الى الفئات إلى الفئات التالية :
أ- (الحقوق والحريات): بما في ذلك الحق في الحياة والأمن الشخصي، والحق في المساواة أمام المحاكم بأنواعها، والحق في حرية الفكر والرأي والضمير والدين والحق في الاحتفاظ بلغتهم وثقافتهم وتقاليدهم، والحق في تحويل المكاسب والمدخرات أو غيرها من الأصول النقدية الشخصية إلى الخارج، مع مراعاة أنظمة النقد المحلية و الحق في مغادرة البلد، والحق في حرية التعبير ، والحق في الاجتماع السلمي كما ورد في المادة (5) من الاعلان
ب العمل المجزي: بما في ذلك الحق في ظروف عمل مأمونة وصحية، وفي أجور عادلة وأجر متساو لقاء عمل متساوي القيمة بدون أي تمييز، وبخاصة أن يكفل للمرأة الحصول على ظروف عمل لا تقل عما يتمتع به الرجل، والحصول على أجر متساو لقاء العمل المتساوي كما ورد في المادة (8/أ) من الاعلان.
ج- (الرعاية الاجتماعية) بما في ذلك الحق في الرعاية الصحية والرعاية الطبية، والضمان الاجتماعي، والخدمات الاجتماعية والتعليم، والراحة والترويح ، بشرط استيفائهم المتطلبات التي تقتضيها الأنظمة ذات الصلة فيما يتعلق بالاشتراك وبحيث لا تتعرض موارد الدولة لأعباء مرهقة كما ورد في المادة (8/ج) من الاعلان.
د- (التدابير الادارية) حيث إن الاجنبي حر في أي وقت في الاتصال بالقنصلية أو البعثة الدبلوماسية للدولة التي هو أحد رعاياها أو، في حالة عدم وجودهما، بالقنصلية أو البعثة الدبلوماسية لأي دولة أخري يعهد إليها برعاية مصالح الدولة التي هو أحد رعاياها في الدولة التي يقيم فيها وكما ورد في المادة (10) من الاعلان انف الذكر.
الفرع الثاني
القيود المقررة بمقتضى الاتفاقيات الدولية
المقصود من القيود الاتفاقية هو ما ترتبط به الدولة من التزامات مع دولة أخرى أو أكثر بشأن منح رعايا هذه الدول حقوقاً تتجاوز نطاق الحد الأدنى لحقوق الأجانب، فالدولة تتقيد بذلك وفقاً لرغبتها ومشيئتها وتبعاً للمصالح الوطنية (7).
وعلى هذا النحو يتحدد نطاق القيود الاتفاقية الواردة في المعاهدات، فهي تظهر فيما يتجاوز الحد الأدنى لحقوق الأجانب وقد تتزايد حتى ترقى بهم الى مصاف الوطنيين. وتأتي هذه الاحكام عادة على شكل معاهدة أو اتفاقية (8) ، ومن أمثلة هذه المعاهدات والاتفاقيات ما يلي: المعاهدات التي أقرها مؤتمر الاتحاد الأمريكي السادس في هافانا سنة 1928 والتي اقرت معاملة الأجنبي المقيم في الدولة بنفس معاملة الوطني ،إضافة الى الاتفاقية الأوربية لحقوق الانسان (9)، حيث نصت على جملة من الحقوق المدنية لاسيما الحقوق والحريات التقليدية ومنها ذلك الحق في الحياة والحرية والأمن الشخصي، والحق في التقاضي أمام المحاكم بأنواعها ، والحق في حرية الفكر والرأي والضمير والدين ،كما نصت الاتفاقية على جملة من الحقوق السياسية ومنها لكل إنسان الحق في حرية الاجتماعات السلمية، وحرية تكوين الجمعيات مع آخرين، بما في ذلك حق الاشتراك في الاتحادات التجارية لحماية مصالحه (10) ،اما فيما يتعلق بمجهودات الأمم المتحدة في هذا الخصوص فنذكر منها إن الجمعية العامة للأمم المتحدة وافقت على عدة معاهدات دولية لحماية حقوق الانسان وحرياته الأساسية أهمها ما يتعلق باللاجئين سنة 1951 وعديمي الجنسية سنة 1954.
وفضلاً عما سبق أقرت الجمعية العامة للأمم المتحدة العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية في 16 كانون الأول سنة 1966 وقد انضم اليها العراق في سنة 1971 وتنص هذه الاتفاقية على ( تعهد كل دولة طرف في الاتفاقية باحترام وتأمين الحقوق المقررة في الاتفاقية لكافة الافراد ضمن اقليمها والخاضعين لولايتها دون تمييز من أي نوع )(11). ومن أبرز المعاهدات التي عقدها العراق في هذا الشأن معاهدة التعاون القضائي مع جمهورية المانيا الديمقراطية سنة 1970 وتنص على أنه ( يتمتع مواطنو كل من الطرفين المتعاقدين في اقليم الطرف المتعاقد الآخر بالمعاملة ذاتها التي يتمتع بها المواطنون المحليون فيما يختص بالحماية القانونية والقضائية لأشخاصهم وممتلكاتهم والاعفاء من الرسوم القضائية ودفع الكفالة عن الرسوم القضائية وفقا للقوانين النافذة)(12) وبقدر المعلومات المتاحة لم يتوفر لدينا اية اتفاقية حديثة صادق عليها العراق بهذا الشأن.
__________
1- د. علي صادق ابو هيف القانون الدولي العام القسم الاول)، منشاة المعارف الاسكندرية، 2015 ص 091
2- د. بدر الدين عبد المنعم شوقي ، العلاقات الدولية الخاصة احكام الجنسية والموطن ومركز الاجانب ( دراسة مقارنة مع الفقه الاسلامي)، مطبعة العشري، القاهرة، 2006، ص 403.
3- د. احمد عبد الكريم سلامة ، القانون الدولي الخاص الجنسية والموطن ومعاملة الاجانب والتنازع الدولي للقوانين والمرافعات المدنية الدولية ، دار النهضة العربية ، القاهرة، 2008 ص 517
4- د. حسام الدين فتحي ناصف مركز الاجانب دراسة للنظرية العامة والقانون المصري المقارن ، دار النهضة العربية، القاهرة ، 2010 ، ص 35.
5- د. غالب الداوودي ، القانون الدولي الخاص الجنسية والمركز القانوني للأجانب واحكامهما في القانون العراقي)، مديرية دار الكتب للطباعة والنشر بغداد 1982 ، ص 152.
6- د. عباس العبودي، شرح احكام قانون الجنسية رقم (26) لسنة 2006 والموطن ومركز الاجانب ( دراسة مقارنة في نطاق القانون الدولي الخاص) مكتبة السنهوري ، بيروت 2015 ، ص 276.
7- د. احمد مسلم، موجز القانون الدولي الخاص المقارن في مصر ولبنان، دار النهضة العربية، بيروت، 1966 ، ص 298
8- د. عز الدين عبد الله ، القانون الدولي الخاص الجزء الأول في الجنسية والموطن وتمتع الاجانب الحقوق (مركز الاجانب)، ط3، مطبعة جامعة القاهرة، 1945 ، ص 391
9- المادة (11) من الاتفاقية الأوربية لحقوق الانسان .
10- د. حميد حنون خالد ، حقوق الانسان مكتبة السنهوري بيروت 2015 ، ص 158.
11- المادة (1/2) من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية سنة 1966.
12- المادة الاولى من اتفاقية التعاون القضائي بين العراق وجمهورية المانيا الديمقراطية سنة 1970 والتي صادق عليها العراق بموجب القانون رقم 42 لسنة 1971
|
|
علامات بسيطة في جسدك قد تنذر بمرض "قاتل"
|
|
|
|
|
أول صور ثلاثية الأبعاد للغدة الزعترية البشرية
|
|
|
|
|
مكتبة أمّ البنين النسويّة تصدر العدد 212 من مجلّة رياض الزهراء (عليها السلام)
|
|
|