المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية

سيرة الرسول وآله
عدد المواضيع في هذا القسم 9111 موضوعاً
النبي الأعظم محمد بن عبد الله
الإمام علي بن أبي طالب
السيدة فاطمة الزهراء
الإمام الحسن بن علي المجتبى
الإمام الحسين بن علي الشهيد
الإمام علي بن الحسين السجّاد
الإمام محمد بن علي الباقر
الإمام جعفر بن محمد الصادق
الإمام موسى بن جعفر الكاظم
الإمام علي بن موسى الرّضا
الإمام محمد بن علي الجواد
الإمام علي بن محمد الهادي
الإمام الحسن بن علي العسكري
الإمام محمد بن الحسن المهدي

Untitled Document
أبحث عن شيء أخر المرجع الالكتروني للمعلوماتية



الدعاء والقراءة الصحيحة للمشروع المهدوي  
  
1702   02:30 صباحاً   التاريخ: 2023-03-04
المؤلف : الشيخ محمد السند
الكتاب أو المصدر : المشروع السیاسي للإمام المهدي علیه السلام
الجزء والصفحة : ص 125-138
القسم : سيرة الرسول وآله / الإمام محمد بن الحسن المهدي / الغيبة الكبرى / تكاليف المؤمنين في الغيبة الكبرى /

كيف نقرأ علامات الظهور؟

هناك جدلية كبيرة مرتبطة بالعقيدة المهدوية والمعرفة بالإمام المهدي عجل الله فرجه الشريف، وهذه الجدلية تتحول في المجتمع الى مشكلة يعالجها دعاء الندبة بشكل واضح وسلس.

هذه الجدلية قسمت المجتمع الى فريقين بين الافراط والتفريط في قراءة علامات الظهور، وهي بنفسها من المحاور المرتبطة بالأمام المهدي عليه السلام، وفيها تركت الامة الجادة الوسطى التي خطها لنا تراث اهل البيت عليهم السلام.

ومما لا شك فيه اننا اذا استقمنا على الجادة نكون قد ادينا المسؤولية العظيمة تجاه إمام زماننا صاحب العصر والزمان عجل الله فرجه الشريف

منهج الإفراط

هناك اتجاه يفرط في علائم الظهور بأن يرهن الأمور بالعلامات ويبالغ بالتوقيت، فيتحول الامر الى نظم زمني وحلقات زمنية متتابعة الى أن تصل الى نهايتها، وهذا التفسير باطل" كذب الوقاتون "فليست حقيقة علامات الظهور انها عبارة عن تسلسل زمني، قد يكون لسان بعض الروايات أدى الى إغراء أصحاب هذا الاتجاه ولكن المراد من مغزى علائم الظهور ليس التسلسل الزمني وإنما شيء آخر.

منهج التفريط

والبعض ذهب الى التفريط بتلك العلامات ولم يعبأ بها أصلاً وهذا الاتجاه أيضاً خاطئ، لأنه يعتبر انه من اللازم على المؤمنين والجماعات الناشطة منهم بالخصوص أن لا تعير اهتماماً لها، وهذا الاتجاه التفريطي اكثر عجباً من الاتجاه الإفراطي، فالروايات المتواترة والمستفيضة تواترها إجمالي عند الفريقين وليس فقط عند الامامية، فهل صدرت هذه الروايات هكذا جزافاً من الشارع المقدس‌؟!.

أين تكمن الخطورة‌؟

هناك مشكلة ثقافية كبيرة في مفهوم قراءة علائم الظهور وهو التعامل مع هذه الروايات كأخبار المنجمين الذين يخبرون ببعض الأحداث المستقبلية، وهذه النظرة للأسف ابتليت بها الكثير من الكتابات حول علامات الظهور.

وظيفة الوحي الإلهي وفلسفته وغايته ليس التنجيم، حتى النبوءات الموجودة في القرآن الكريم يمكن ملاحظتها على انها إعجاز إلهي كي يثبت هذا المراد وهو أن الأمر لله وليس للبشر.

يعني {إِنْ تَنْصُرُوا اللَّهَ يَنْصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ} [محمد: 7]،لا أن وظيفتنا تفسير الانتظار على البقاء متفرجين كأننا لسنا طرفاً في هذا المشروع!، هكذا يكون الأمر إذا فسرت علامات الظهور بهذه الطريقة، أما توقيت وتسلسل زمني للأحداث ينتج قراءة خاطئة لعلائم الظهور، أو التعامل مع الروايات كتنجيم، وهذا بالنتيجة يصل بنا الى أنه ليس هناك مسؤوليات ولا وظائف للمؤمنين.

القراءة الصحيحة

فلسفة الظهور وعلاماته مرتبطة بالصميم بالمسؤولية الملقاة على عاتقنا، وهي لأجل تحديد المسؤولية تجاه الأفراد والأجيال لا من باب توقيت التسلسل الزمني، بل مرتبط بأفعال وأحداث نحن نصنعها أو يصنعها الخصم، هذه قراءة اخرى لعلامات الظهور وهي الجادة الوسطى.

الخطاب القرآني والذي يؤصل لقاعدة عامة { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تَنْصُرُوا اللَّهَ يَنْصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ} [محمد: 7]، وقوله تعالى {وَمَا النَّصْرُ إِلَّا مِنْ عِنْدِ اللَّهِ الْعَزِيزِ الْحَكِيمِ} [آل عمران: 126]، هذه الخطابات القرآنية تؤكد ان النصر صحيح هو من عند الله ولكنه ليس على نحو الجبر، بل هو امر بين أمرين،" إِنْ‌ تَنْصُرُوا اللّٰهَ‌... "، لن يأتي على نحو العفوية، لأن سنة الله هي قاعدة لا تتخلف في كل تغيير وانتقال سياسي او حضاري {إِنَّ اللَّهَ لَا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ} [الرعد: 11]،كل شيء مرهون بتلك القاعدة القرآنية.

البداء أصل اعتقادي عظيم في مدرسة أهل البيت عليهم السلام، عن أحدهما عليهما السلام:" ما عبد الله بمثل البداء "[1]،وعن الصادق عليه السلام:" ما بعث الله نبيّاً قط إلا بتحريم الخمر وأن يقرّ له بالبداء "[2]،فلسفة البداء ليس كما يعتقد اليهود، {وَقَالَتِ الْيَهُودُ يَدُ اللَّهِ مَغْلُولَةٌ غُلَّتْ أَيْدِيهِمْ وَلُعِنُوا بِمَا قَالُوا بَلْ يَدَاهُ مَبْسُوطَتَانِ يُنْفِقُ كَيْفَ يَشَاءُ} [المائدة: 64]، بل المنطق القرآني هو هكذا: {كُلًّا نُمِدُّ هَؤُلَاءِ وَهَؤُلَاءِ مِنْ عَطَاءِ رَبِّكَ وَمَا كَانَ عَطَاءُ رَبِّكَ مَحْظُورًا} [الإسراء: 20].

يعني أن الله سبحانه وتعالى يعمل بالأسباب والمسببات، لا أننا مؤمنين ولنا كرامة على الله سبحانه وتعالى فينزل علينا النصر بدون ان نعد له العدة!، كلا أبداً: {لَا يَسْتَوِي الْقَاعِدُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ غَيْرُ أُولِي الضَّرَرِ وَالْمُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ فَضَّلَ اللَّهُ الْمُجَاهِدِينَ بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ عَلَى الْقَاعِدِينَ دَرَجَةً} [النساء: 95] ، فكيف يساوي الله سبحانه في المدد التكويني بين من يجتهد في تطوير مشروعه باستمرار، ويعمل الاحتياطات اللازمة لحفظه والدفع به نحو الانتصار، وبين من يجلس متفرجاً لا يمارس دوراً في المشروع الذي يؤمن به‌؟!.

فمن يريد التغيير والتعجيل بالظهور المقدس لصاحب العصر والزمان عجل الله فرجه الشريف عليه ان يعمل ويجد ويجتهد في سبيل ذلك المشروع الالهي، لأنه ليس بين الله وبين احد من قرابة! من يريد الانتصار عليه توفير المقدمات المطلوبة لذلك.

إذن علامات الظهور ليست برنامج سلسلة زمنية، بل هي توصيات وتحذيرات ليرتبط كل فرد منا بمسؤوليته الشرعية والأخلاقية في تحقيق المشروع المهدوي.

الأهم هو العشق

القرآن الكريم عندما يتحدث عن يوسف عليه السلام ويشير الى التعلق والوله به من قبل أبيه يعقوب النبي عليه السلام: {قَالُوا تَاللَّهِ تَفْتَأُ تَذْكُرُ يُوسُفَ حَتَّى تَكُونَ حَرَضًا أَوْ تَكُونَ مِنَ الْهَالِكِينَ  قَالَ إِنَّمَا أَشْكُو بَثِّي وَحُزْنِي إِلَى اللَّهِ وَأَعْلَمُ مِنَ اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ} [يوسف: 85، 86]، وما يتحدث عنه دعاء الندبة محوره الأصلي هو صاحب العصر والزمان عجل الله فرجه الشريف.

وهذه الآداب التي جرت من نبي من أنبياء الله وهو يعقوب تجاه يوسف عليهما السلام هذه سنة للمؤمنين بما فيها من آداب من الحري بنا أن نقيمها مع المهدي من آل محمد صلى الله عليهم أجمعين.

الله سبحانه وتعالى كنى عن اهل البيت عليهم السلام في القرآن الكريم، لكي نستدل عليهم بما هو في غيرهم، وهم أيضاً أعظم من ذلك شأناً.

من أراد استعد!

من أراد شيئاً لا بد ان يعد له العدة لأن الحدث لا يمكن أن يكون ابن ساعته، نهج رسول الله وأهل بيته عليهم الصلاة والسلام الإعداد والاستعداد لكل شيء خصوصاً الأحداث المهمة والمفصلية في رسالة السماء، {وَلَوْ أَرَادُوا الْخُرُوجَ لَأَعَدُّوا لَهُ عُدَّةً وَلَكِنْ كَرِهَ اللَّهُ انْبِعَاثَهُمْ فَثَبَّطَهُمْ وَقِيلَ اقْعُدُوا مَعَ الْقَاعِدِينَ} [التوبة: 46] فمن يبحث عن الأعذار في هكذا نشاط مخطئ، لأن المطلوب من المؤمن ان يكون شعلة من النشاط والحيوية والتكامل المستمر لكي يكون مستعداً باستمرار، لأن مسؤولية تحصيل الأغراض المذكورة في دعاء الندبة والتي لها بداية وليس لها نهاية يجب فيها التشمير عن ساعدي الجد لتحصيلها، ومن لطيف التعابير في الدعاء أن الصلاة أحد معانيها تأييد بالنصرة، يعني نطلب من الله سبحانه وتعالى أن يؤيده بالنصر:" وَصَلِّ‌ عَلَيْهِ‌ صَلاةً‌ لا غايَةَ‌ لِعَدَدِها وَلا نِهايَةَ‌ لِمَدَدِها وَلا نَفادَ لاِمَدِها.. "[3].

أنت سيد الموقف

هناك بعض الروايات يسأل فيها الراوي عن العلامات المحتومة، مثل السفياني واليماني وغيرها من العلامات هل يبدو لله فيها؟ قال الأمام عليه السلام نعم[4]، محتوم ومع ذلك قد يبدو لله فيه!، فنحن لسنا مجبرون عليها بل هي رهينة موقفنا وقوتنا واستعدادنا وتحملنا للمسؤولية، وهنا تبدو حقيقة علائم الظهور وعظمتها في التحذير والاستعداد.

وهذه المسألة ذكر مثيلها في القرآن الكريم في قصة النبي يونس عليه السلام مع قومه وكيف ان العذاب شارف عليهم ثم رفعه الله سبحانه وتعالى.

إذن هذه العلامات ليس فيها جبر بل أنت سيد الموقف في مسؤوليتك لأنه دائماً هناك بدائل وخيارات.

العلامة الأكبر

أمر مهم جداً يذكر في الادعية والزيارات الخاصة بالأمام المهدي عجل الله فرجه الشريف وهو هذا المقطع من دعاء العهد: "اللّهُمَّ‌ انْ‌ حالَ‌ بَيْني وَ بَيْنَهُ‌ الْمَوْتُ‌ الَّذي جَعَلْتَهُ‌ عَلى عِبادِكَ‌ حَتْماً مَقْضِيّاً فَاَخْرِجْني مِنْ‌ قَبْري مُؤْتَزِراً كَفَنى شاهِراً سَيْفي مُجَرِّداً قَناتي مُلَبِّياً دَعْوَةَ‌ الدّاعي فِي الْحاضِرِ وَ الْبادي"[5].

وقد رُوي عن الامام أبي عبد الله الصادق (عليه السلام) أنه قال: "من دعا إلى الله أربعين صباحا بهذا العهد كان من أنصار قائمنا فإن مات قبله أخرجه الله تعالى من قبره و أعطاه بكل كلمة ألف حسنة و محا عنه ألف سيئة"[6] ،حتى الأموات مخاطبون بالمسؤولية فضلاً عن الأحياء، وهذا يدل على عظمة المسؤولية الملقاة على عاتقنا. أمير المؤمنين عليه السلام لم يعطي لعلامات الظهور مثل السفياني أو اليماني او الحسني أو غيرها مثل ما أعطى لهذه العلامة من التركيز، وهي رجعة المؤمنين الى الحياة الدنيا لنصرة الأمام المهدي عجل الله فرجه الشريف، وهي تعني الكثير في بيان حجم المسؤولية الملقاة على عاتق المؤمنين حتى اشتهرت بين أطفال الكوفة فضلاً عن رجالها ونسائها "العجب كل العجب بين جمادى ورجب".

وهذا يعني أن اكبر علامة للظهور هي قيام المؤمنين بمسؤوليتهم في هذا المشروع، الأحياء أولاً ثم الأموات يحييهم الله، فإذا قام المؤمنون بمسؤوليتهم يقع الظهور المقدس.

أكبر علامة للظهور إذا نظرنا للموضوع من جهة أخرى هي قدرة المؤمنين على تشكيل قوة تسطيع توفير الحماية لصاحب العصر والزمان عجل الله فرجه الشريف، كل الأئمة السابقين أجابوا على تساؤل بعض الناس في سبب عدم القيام! هو انهم لو وجدوا أنصاراً لقاموا بالأمر، يعني المسؤولية كلها بالنهاية ترجع الى ساحة المؤمنين الموالين للأئمة عليهم السلام، فهذا الأمر وتلك الغاية مطلوبة في كل زمان ولكنه لم تتوفر الظروف المناسبة لبقية الأئمة عليهم السلام والتقصير دائماً بسببنا.

ضريبة العجز والتقصير

العجز والقصور والاخفاق لا يريده الشارع، بل يريد من المؤمنين ان يعدوا العدة، أي تقصير من قبلنا في المسؤولية فهذا يعني عدم ظهور صاحب العصر والزمان عجل الله فرجه الشريف، فمتى ما وفرنا القوة من الناحية الاقتصادية والعسكرية والأمنية ولم يحصل الظهور! فهذا يعني عدم كفاية القوة المتوفرة لدينا وعلينا السعي لتقويتها والزيادة فيها.

هذه الفقرة في دعاء الندبة: "اِلى مَتى احارُ فيكَ‌ يا مَوْلايَ‌ وَاِلى مَتي، وَاَىَّ‌ خِطابٍ‌ اصِفُ‌ فيكَ‌ وَاَيَّ‌ نَجْوى، عَزيزٌ عَلَيَّ‌ انْ‌ اجابَ‌ دُونَكَ‌ وَاُناغى، عَزيزٌ عَلَيَّ‌ انْ‌ ابْكِيَكَ‌ وَيَخْذُلَكَ‌ الْوَرى"[7] ، هي لمن يقرأ دعاء الندبة ولديه إصرار في محاولات تغيير الأوضاع للمولى وإنهاء حالة اللا أمان والانقطاع الظاهري عنه عجل الله فرجه الشريف.

فهو يستنكر هذه الأجواء على نفسه وعلى الآخرين ويعاتب الجميع على سبب الاستمرار في هذا الحال: "إلى متى أحار فيك يا مولاي...." وهو منهج إستراتيجي عظيم في تحمل المسؤولية تجاه اهل البيت عليهم السلام: "عزيز علي أن أبكيك ويخذلك الورى.." يعني سبب عدم الظهور هو خذلان الناس، لا أنه لم تتوفر العلامات الأخرى كالصيحة والسفياني وما شابه!.

بث الحسرة ولوم النفس والمجتمع على خذلان صاحب العصر والزمان عجل الله فرجه الشريف، هي تربية للنفس من اجل عدم الاتكاء على أعذار أخرى، بل ان السبب الرئيس هو هذا (خذلان الورى).

إذن نصرة صاحب العصر والزمان عجل الله فرجه الشريف هي ناموس الظهور والفرج، وهي التمهيد لرجعة المؤمنين للقيام بالمسؤولية.

وهذه المحاور هي لرسم استراتيجية العلاقة مع مشروع صاحب العصر والزمان عجل الله فرجه الشريف، "عَزيزٌ عَلَيَّ‌ انْ‌ تُحيطَ بِكَ‌ دُونِيَ‌ الْبَلْوى وَلا يَنالُكَ‌ مِنّي ضَجيجٌ‌ وَلا شَكْوى"[8].

بلوى عدم الأمن والأمان هي التي تحيط بصاحب العصر والزمان عجل الله فرجه الشريف، لأنه يحمل المشروع الالهي المنقذ للبشرية وهو مطارد من قبل الظالمين.

 

[1]  المجلسي، بحار الأنوار، ج 4، ص 132

[2]  الصدوق، التوحيد، ص 334

[3]  مقطع من دعاء الندبة

[4]  عن أبي هاشم داود بن القاسم الجعفري قال: كنا عند ابي جعفر محمد بن علي الرضا (عليهم السلام) فجرى ذكر السفياني وما جاء في الرواية من ان امره من المحتوم فقلت لابي جعفر: هل يبدو الله في المحتوم‌؟ قال: نعم. فقلنا له: فنخاف ان يبدو الله في القائم. فقال: ان القائم من الميعاد والله لا يخلف الميعاد. (النعماني، الغيبة، ص 315 314)

[5]  مقطع من دعاء العهد

[6]  المجلسي، بحار الأنوار، ج 53، ص 327

[7]  مقطع من دعاء الندبة

[8]  مقطع من دعاء الندبة




يحفل التاريخ الاسلامي بمجموعة من القيم والاهداف الهامة على مستوى الصعيد الانساني العالمي، اذ يشكل الاسلام حضارة كبيرة لما يمتلك من مساحة كبيرة من الحب والتسامح واحترام الاخرين وتقدير البشر والاهتمام بالإنسان وقضيته الكبرى، وتوفير الحياة السليمة في ظل الرحمة الالهية برسم السلوك والنظام الصحيح للإنسان، كما يروي الانسان معنوياً من فيض العبادة الخالصة لله تعالى، كل ذلك بأساليب مختلفة وجميلة، مصدرها السماء لا غير حتى في كلمات النبي الاكرم (صلى الله عليه واله) وتعاليمه الارتباط موجود لان اهل الاسلام يعتقدون بعصمته وهذا ما صرح به الكتاب العزيز بقوله تعالى: (وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى (3) إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى) ، فصار اكثر ايام البشر عرفاناً وجمالاً (فقد كان عصرا مشعا بالمثاليات الرفيعة ، إذ قام على إنشائه أكبر المنشئين للعصور الإنسانية في تاريخ هذا الكوكب على الإطلاق ، وارتقت فيه العقيدة الإلهية إلى حيث لم ترتق إليه الفكرة الإلهية في دنيا الفلسفة والعلم ، فقد عكس رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم روحه في روح ذلك العصر ، فتأثر بها وطبع بطابعها الإلهي العظيم ، بل فنى الصفوة من المحمديين في هذا الطابع فلم يكن لهم اتجاه إلا نحو المبدع الأعظم الذي ظهرت وتألقت منه أنوار الوجود)





اهل البيت (عليهم السلام) هم الائمة من ال محمد الطاهرين، اذ اخبر عنهم النبي الاكرم (صلى الله عليه واله) باسمائهم وصرح بإمامتهم حسب ادلتنا الكثيرة وهذه عقيدة الشيعة الامامية، ويبدأ امتدادهم للنبي الاكرم (صلى الله عليه واله) من عهد أمير المؤمنين (عليه السلام) الى الامام الحجة الغائب(عجل الله فرجه) ، هذا الامتداد هو تاريخ حافل بالعطاء الانساني والاخلاقي والديني فكل امام من الائمة الكرام الطاهرين كان مدرسة من العلم والادب والاخلاق استطاع ان ينقذ امةً كاملة من الظلم والجور والفساد، رغم التهميش والظلم والابعاد الذي حصل تجاههم من الحكومات الظالمة، (ولو تتبّعنا تاريخ أهل البيت لما رأينا أنّهم ضلّوا في أي جانب من جوانب الحياة ، أو أنّهم ظلموا أحداً ، أو غضب الله عليهم ، أو أنّهم عبدوا وثناً ، أو شربوا خمراً ، أو عصوا الله ، أو أشركوا به طرفة عين أبداً . وقد شهد القرآن بطهارتهم ، وأنّهم المطهّرون الذين يمسّون الكتاب المكنون ، كما أنعم الله عليهم بالاصطفاء للطهارة ، وبولاية الفيء في سورة الحشر ، وبولاية الخمس في سورة الأنفال ، وأوجب على الاُمّة مودّتهم)





الانسان في هذا الوجود خُلق لتحقيق غاية شريفة كاملة عبر عنها القرآن الحكيم بشكل صريح في قوله تعالى: (وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ) وتحقيق العبادة أمر ليس ميسوراً جداً، بل بحاجة الى جهد كبير، وافضل من حقق هذه الغاية هو الرسول الاعظم محمد(صلى الله عليه واله) اذ جمع الفضائل والمكرمات كلها حتى وصف القرآن الكريم اخلاقه بالعظمة(وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ) ، (الآية وإن كانت في نفسها تمدح حسن خلقه صلى الله عليه وآله وسلم وتعظمه غير أنها بالنظر إلى خصوص السياق ناظرة إلى أخلاقه الجميلة الاجتماعية المتعلقة بالمعاشرة كالثبات على الحق والصبر على أذى الناس وجفاء أجلافهم والعفو والاغماض وسعة البذل والرفق والمداراة والتواضع وغير ذلك) فقد جمعت الفضائل كلها في شخص النبي الاعظم (صلى الله عليه واله) حتى غدى المظهر الاولى لأخلاق رب السماء والارض فهو القائل (أدّبني ربي بمكارم الأخلاق) ، وقد حفلت مصادر المسلمين باحاديث وروايات تبين المقام الاخلاقي الرفيع لخاتم الانبياء والمرسلين(صلى الله عليه واله) فهو في الاخلاق نور يقصده الجميع فبه تكشف الظلمات ويزاح غبار.