المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية


Untitled Document
أبحث عن شيء أخر
أوجه الاستعانة بالخبير
2024-11-05
زكاة البقر
2024-11-05
الحالات التي لا يقبل فيها الإثبات بشهادة الشهود
2024-11-05
إجراءات المعاينة
2024-11-05
آثار القرائن القضائية
2024-11-05
مستحقو الصدقات
2024-11-05



صحة الشعر الجاهلي  
  
5593   05:17 مساءاً   التاريخ: 26-09-2015
المؤلف : عمر فرّوخ
الكتاب أو المصدر : تأريخ الأدب العربي
الجزء والصفحة : ج1، ص86-88
القسم : الأدب الــعربــي / الأدب / الشعر / العصر الجاهلي /


أقرأ أيضاً
التاريخ: 22-03-2015 8434
التاريخ: 22-03-2015 3069
التاريخ: 23-03-2015 2716
التاريخ: 22-03-2015 2221

تطرّق الشك إلى صحة الشعر الجاهلي منذ أيام أئمة الشعر الأولين، قال ابن سلاّم (1): «فلمّا راجعت العرب رواية الشعر وذكر أيامها ومآثرها استقلّ بعض العشائر شعر شعرائهم وما ذهب من ذكر وقائعهم. وكان قوم قلّت وقائعهم وأشعارهم، وأرادوا أن يلحقوا بمن له الوقائع والاشعار، فقالوا على ألسن شعرائهم. ثم كانت الرواة بعد، فزادوا في الاشعار. وليس يشكل على أهل العلم زيادة ذلك، ولا ما وضع المولّدون؛ وانّما عضل (2) بهم أن يقول الرجل من أهل بادية-من ولد الشعراء أو الرجل ليس من ولدهم-فيشكل ذلك بعض الاشكال».
ثم تناول المستشرقون هذا الشك فأفاضوا في الكلام عليه، ومن المستشرقين تناوله كتّابنا المعاصرون لنا (3). وإذا كان الشك قد تطرق إلى جميع ما يستند إلى الاخبار المروية-وخصوصا ما كان قديما-وإلى ما كان مدوّنا في بعض الأحيان-فليس من المستغرب أن يتطرق إلى الشعر الجاهلي أيضا. فما خلاصة آراء الائمة من علماء الشعر في هذا البحث؟
«الشعر الجاهلي» حقيقة تاريخية، ولكن بما ان العرب لم يدوّنوا هذا الشعر بل اكتفوا بأن يتناقلوه خلفا عن سلف وفي أزمنة متطاولة وفي أحوال مؤاتية أو غير مؤاتية فقد:
(1) نسي بعضه فضاع.
(2) نسب الراوون بعض هذا الشعر، عمدا أو سهوا، إلى غير قائله.
(3) رغب بعض الأفراد بالدفاع عن أنسابهم أو باختلاق أحساب لهم ولأسلافهم فعمدوا إلى نظم أبيات أو مقطعات أو قصائد، أو أنهم سألوا بعض شعرائهم المعاصرين لهم مثل ذلك ثم نسبوه إلى شعراء متقدمين.
(4) كذلك أراد نفر من اللغويين أن يستروا خطأ وقعوا فيه فاختلقوا له شاهدا و «نحلوه» شاعرا قديما أو دسّوه في قصيدة قديمة معروفة. وربما فعل بعض رواة التاريخ والحديث واللغة مثل ذلك. ولقد كان للنزاع بين الاحزاب السياسية على الاخص يد غير مشكورة في «نحل الشعر».
وعلى هذا نشك نحن أيضا في صحة بعض الشعر الجاهلي، ولكن لا نشك فيه كلّه ولا نشك في الشعراء الجاهليين كذلك، ذلك لأن «الناحل» يستطيع أن يقلّد البيت والبيتين والقصيدة والقصيدتين، ولكنه لا يستطيع أن يخلق شاعرا ولا أن يتلبس بشخصية شاعر. وإذا استطاع أن يتلبس بشخصية شاعر واحد فهل يستطيع أن يتلبس بشخصيات مشاهير الشعراء أمثال امرئ القيس وطرفة وعنترة والاعشى معا؟ أضف إلى ذلك ان هنالك «اشارات متقاطعة» نراها في الدواوين المختلفة، فنرى عبيد بن الابرص يذكر معاصره امرأ القيس ثم نجد امرأ القيس يذكر فلانا وفلانا، فكيف يتأتى لمن اختلق هذا الشعر-سواء أ كان فردا أم كانوا نفرا-أن يلمّوا بذلك كله ويوفقوا بينه؟ ثم هنالك الاشارات المتأخرة في القرآن الكريم إلى الشعر الجاهلي ثم الاشارات في دواوين الشعراء الامويين والعباسيين إلى الشعراء الجاهليين بأسمائهم وخصائصهم، كقول الفرزدق (ت 110 ه‍،738 م):
وهب القصائد لي النوابغ إذ مضوا... وابو يزيد وذو القروح وجرول (4)
والفحل علقمة الذي كانت له... حلل الملوك كلامه لا ينحل (5)
وأخو بني قيس وهنَّ قتلنه... ومهلهل الشعراء ذاك الاول (6)
والاعشيان كلاهما، ومرقّش... وأخو قضاعة قوله يتمثّل (7)
وأخو بني أسد عبيد إذ مضى... وابو دؤاد قوله يتنخّل (8)
وابنا ابي سلمى زهير، وابنه... وابن الفريعة حين جدّ المقول (9)
إلى آخر ما عدّد. حينئذ انتصب له جرير (ت 110 ه‍) ونقض عليه معانيه وعيره بترديد أسماء الشعراء الأقدمين:
حسب الفرزدق أن تسب مجاشع... ويعدّ شعر مرقش ومهلهل.
يعني جرير بذلك ان الفرزدق لا يستطيع أن يدفع السباب عن قبيلة مجاشع فينحرف إلى الافتخار بشعر قدماء الشعراء.
إذا كانت ثمت أبيات مدسوسة على الشعراء الجاهليين، وإذا كانت هنالك قصائد قد نسبت سهوا أو عمدا إلى غير أصحابها أو غير زمانها، فليس في ذلك كله ما يبرر الشك في الشعراء الجاهليين كلهم ولا في الشعر الجاهلي كله (10).
____________
1) طبقات الشعراء (ليدن)14، راجع 3-4.
2) معرفة الزيادة في الاشعار الصحيحة. عضل به: اشتد عليه، صعب عليه.
3) من أوفى ما كتب في هذا الموضوع وأرصنه الفصول: الثالث والرابع والخامس في كتاب «مصادر الشعر الجاهلي» للدكتور ناصر الدين الاسد؛ وكذلك ما جاء في تاريخ الأدب العربي» تأليف بلاشير (1:69 وما بعدها).
4) النابغة: لقب نفر من الشعراء، منهم: النابغة الذبياني والنابغة الجعدي ونابغة بني شيبان. أبو يزيد (المخبل السعدي) وذو القروح (امرؤ القيس) وجرول (الحطيئة).
5) والفحل علقمة (علقمة بن عبدة).
6) أخو بني قيس (طرفة) والمهلهل (بن ربيعة).
7) الأعشى: لقب لنفر من الشعراء يزيدون على ستة عشر عدا، منهم: الأعشى ميمون بن قيس، وأعشى باهلة، وأعشى ثعلبة وسواهم. وأخو قضاعة: ابو الطمحان القييني.
8) عبيد بن الابرص وأبو دؤاد الأيادي.
9) وابنا أبي سلمى (بجير وكعب) وزهير (بن أبي سلمى) وابنه (عقبة بن كعب بن زهير) وابن الفريعة (حسان بن ثابت).
10) الشك في النصوص القديمة عام في تاريخ الأدب عند جميع الأمم، راجع مثلا الشك في الياذة هو ميروس (مقدمة الالياذة لسليمان البستاني).
 




دلَّت كلمة (نقد) في المعجمات العربية على تمييز الدراهم وإخراج الزائف منها ، ولذلك شبه العرب الناقد بالصيرفي ؛ فكما يستطيع الصيرفي أن يميّز الدرهم الصحيح من الزائف كذلك يستطيع الناقد أن يميز النص الجيد من الرديء. وكان قدامة بن جعفر قد عرف النقد بأنه : ( علم تخليص جيد الشعر من رديئه ) . والنقد عند العرب صناعة وعلم لابد للناقد من التمكن من أدواته ؛ ولعل أول من أشار الى ذلك ابن سلَّام الجمحي عندما قال : (وللشعر صناعة يعرف أهل العلم بها كسائر أصناف العلم والصناعات ). وقد أوضح هذا المفهوم ابن رشيق القيرواني عندما قال : ( وقد يميّز الشعر من لا يقوله كالبزّاز يميز من الثياب ما لا ينسجه والصيرفي من الدنانير مالم يسبكه ولا ضَرَبه ) .


جاء في معجمات العربية دلالات عدة لكلمة ( عروُض ) .منها الطريق في عرض الجبل ، والناقة التي لم تروَّض ، وحاجز في الخيمة يعترض بين منزل الرجال ومنزل النساء، وقد وردت معان غير ما ذكرت في لغة هذه الكلمة ومشتقاتها . وإن أقرب التفسيرات لمصطلح (العروض) ما اعتمد قول الخليل نفسه : ( والعرُوض عروض الشعر لأن الشعر يعرض عليه ويجمع أعاريض وهو فواصل الأنصاف والعروض تؤنث والتذكير جائز ) .
وقد وضع الخليل بن أحمد الفراهيدي للبيت الشعري خمسة عشر بحراً هي : (الطويل ، والبسيط ، والكامل ، والمديد ، والمضارع ، والمجتث ، والهزج ، والرجز ، والرمل ، والوافر ، والمقتضب ، والمنسرح ، والسريع ، والخفيف ، والمتقارب) . وتدارك الأخفش فيما بعد بحر (المتدارك) لتتم بذلك ستة عشر بحراً .


الحديث في السيّر والتراجم يتناول جانباً من الأدب العربي عامراً بالحياة، نابضاً بالقوة، وإن هذا اللون من الدراسة يصل أدبنا بتاريخ الحضارة العربية، وتيارات الفكر العربية والنفسية العربية، لأنه صورة للتجربة الصادقة الحية التي أخذنا نتلمس مظاهرها المختلفة في أدبنا عامة، وإننا من خلال تناول سيّر وتراجم الأدباء والشعراء والكتّاب نحاول أن ننفذ إلى جانب من تلك التجربة الحية، ونضع مفهوماً أوسع لمهمة الأدب؛ ذلك لأن الأشخاص الذين يصلوننا بأنفسهم وتجاربهم هم الذين ينيرون أمامنا الماضي والمستقبل.