المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية


Untitled Document
أبحث عن شيء أخر المرجع الالكتروني للمعلوماتية
الشكر في سيرة المعصومين (عليهم ‌السلام)
2025-01-13
الشكر في مصادر الحديث
2025-01-13
فلسفة الشكر
2025-01-13
مـتطلبـات البنيـة التحـتية للتـجارة الإلكتـرونـيـة
2025-01-13
مـتطلبـات التـجـارة الإلكتـرونـيـة
2025-01-13
التـجارة الإلكترونـيـة وعـلاقـتها بالمـوضـوعات الأخـرى
2025-01-13



الهجاء في معرض المدح  
  
8419   01:48 صباحاً   التاريخ: 25-09-2015
المؤلف : إبن أبي الإصبع
الكتاب أو المصدر : تحرير التحبير في صناعة الشعر والنثر
الجزء والصفحة : ص121-122
القسم : الأدب الــعربــي / البلاغة / البديع /


أقرأ أيضاً
التاريخ: 23-09-2015 7078
التاريخ: 25-03-2015 4791
التاريخ: 25-09-2015 1794
التاريخ: 26-03-2015 6368

وهو أن يقصد المتكلم إلى هجاء إنسان فيأتي بألفاظ موجهة ظاهرها المدح وباطنها القدح، فيوهم أنه يمدحه وهو يهجوه، كقول بعضهم في بعض الأشراف [وافر]:
له حق وليس عليه حق ... ومهما قال فالحسن الجميل
وقد كان الرسول يرى حقوقا ... عليه لغيره وهو الرسول
فأما ألفاظ البيت الأول على انفرادها فلا تكاد تصلح إلا للمدح ولا يفهم منها غيره؛ وأما البيت الثاني لو انفرد أيضاً لما فهم منه مدح ولا هجاء، وكان إلى باب من الأبواب أقرب من هذين البابين، لكمه لما اقترن بالأول أهل نفسه وأخاه للهجاء، وعدل بألفاظهما عن الثناء وحصل من اجتماعهما ما ليس لكل منهما على انفراده.
ومن أمثلة هذا الباب أيضاً قول عبد الصمد بن المعدل أو أبي العميثل في أبي تمام وقد كانت في لسانه حبسة [رمل مجزوء]:
يا نبي الله في الشعـ ... ـر ويا عيسى بن مريم
أنت من أشعر خلق الـ...ـلّه ما لم تتكلم
فإن حال هذين البيتين حال البيتين اللذين قبلهما، إذ الأول منهما إذا انفرد كان مدحاً محضاً، وإذا اجتمعا صار هجواً بحتاً، غير أن ثاني الآخرين مخالف لثاني الأولين.
ومن ملح هذا الباب قول السعيد بن سناء الملك رحمه الله في قوّاد [سريع]:
لي صاحب أفديه من صاحب ... حلو التأني حسن الإحتيال
لو شاء من رقة ألفاظه ... ألف ما بين الهدى والضلال
يكفيك منه أنه ربما ... قاد إلى المهجور طيف الخيال
وهذا النمط غير النمط الأول الذي قدمناه، وهذا من لطيف التوجيه، ولقد تشبثت بأذيال القاضي السعيد رحمه الله في هذا المقطوع بقولي فيمن ادعى الفقه والكرم وانتحل هاتين الشيمتين دون بقية الشيم، وهو ممن يتهم [سريع]:
ابن فلان أكرم الناس لا ... يمنع ذا الحاجة من فلسه
وهو فقيه ذو اجتهاد وقد ... نص على التقليد في درسه
يستحسن البحث على وجهه ... ويوجب الدخل على نفسه
وكل توطئة وقعت في هذا النمط الثاني صالحة للمدح البحت فإذا اقترنت بأبيات المعاني انقلب ما كان فيها مدحاً تهكماً، وصارت هي بنفسها هجاء، والذي أفرد هذا الباب بنفسه عن باب التهكم مع أن الذي فيه من المدح تهكم هو أن التهكم لا تخلو ألفاظه من لفظة من اللفظ الدال على نوع من أنواع الذم، أو لفظة يفهم من فحواها الهجو، وسيأتي بيان ذلك في باب التهكم، وألفاظ المدح في هذا الباب لا يقع فيها شيء من ذلك، ولا تزال مفرقة ومجتمعة تدل على مجرد المدح حتى يقترن بها ما يصرفها عن ذلك، وشواهد التهكم لا تخلو عن ألفاظ التهكم في أبيات التوطئة، وأبيات المعاني، وما يقع في هذا الباب من التهكم إنما يقع في التوطئة دون أبيات المعاني، والله أعلم.




دلَّت كلمة (نقد) في المعجمات العربية على تمييز الدراهم وإخراج الزائف منها ، ولذلك شبه العرب الناقد بالصيرفي ؛ فكما يستطيع الصيرفي أن يميّز الدرهم الصحيح من الزائف كذلك يستطيع الناقد أن يميز النص الجيد من الرديء. وكان قدامة بن جعفر قد عرف النقد بأنه : ( علم تخليص جيد الشعر من رديئه ) . والنقد عند العرب صناعة وعلم لابد للناقد من التمكن من أدواته ؛ ولعل أول من أشار الى ذلك ابن سلَّام الجمحي عندما قال : (وللشعر صناعة يعرف أهل العلم بها كسائر أصناف العلم والصناعات ). وقد أوضح هذا المفهوم ابن رشيق القيرواني عندما قال : ( وقد يميّز الشعر من لا يقوله كالبزّاز يميز من الثياب ما لا ينسجه والصيرفي من الدنانير مالم يسبكه ولا ضَرَبه ) .


جاء في معجمات العربية دلالات عدة لكلمة ( عروُض ) .منها الطريق في عرض الجبل ، والناقة التي لم تروَّض ، وحاجز في الخيمة يعترض بين منزل الرجال ومنزل النساء، وقد وردت معان غير ما ذكرت في لغة هذه الكلمة ومشتقاتها . وإن أقرب التفسيرات لمصطلح (العروض) ما اعتمد قول الخليل نفسه : ( والعرُوض عروض الشعر لأن الشعر يعرض عليه ويجمع أعاريض وهو فواصل الأنصاف والعروض تؤنث والتذكير جائز ) .
وقد وضع الخليل بن أحمد الفراهيدي للبيت الشعري خمسة عشر بحراً هي : (الطويل ، والبسيط ، والكامل ، والمديد ، والمضارع ، والمجتث ، والهزج ، والرجز ، والرمل ، والوافر ، والمقتضب ، والمنسرح ، والسريع ، والخفيف ، والمتقارب) . وتدارك الأخفش فيما بعد بحر (المتدارك) لتتم بذلك ستة عشر بحراً .


الحديث في السيّر والتراجم يتناول جانباً من الأدب العربي عامراً بالحياة، نابضاً بالقوة، وإن هذا اللون من الدراسة يصل أدبنا بتاريخ الحضارة العربية، وتيارات الفكر العربية والنفسية العربية، لأنه صورة للتجربة الصادقة الحية التي أخذنا نتلمس مظاهرها المختلفة في أدبنا عامة، وإننا من خلال تناول سيّر وتراجم الأدباء والشعراء والكتّاب نحاول أن ننفذ إلى جانب من تلك التجربة الحية، ونضع مفهوماً أوسع لمهمة الأدب؛ ذلك لأن الأشخاص الذين يصلوننا بأنفسهم وتجاربهم هم الذين ينيرون أمامنا الماضي والمستقبل.