x

هدف البحث

بحث في العناوين

بحث في المحتوى

بحث في اسماء الكتب

بحث في اسماء المؤلفين

اختر القسم

القرآن الكريم
الفقه واصوله
العقائد الاسلامية
سيرة الرسول وآله
علم الرجال والحديث
الأخلاق والأدعية
اللغة العربية وعلومها
الأدب العربي
الأسرة والمجتمع
التاريخ
الجغرافية
الادارة والاقتصاد
القانون
الزراعة
علم الفيزياء
علم الكيمياء
علم الأحياء
الرياضيات
الهندسة المدنية
الأعلام
اللغة الأنكليزية

موافق

الأدب

الشعر

العصر الجاهلي

العصر الاسلامي

العصر العباسي

العصر الاندلسي

العصور المتأخرة

العصر الحديث

النثر

النقد

النقد الحديث

النقد القديم

البلاغة

المعاني

البيان

البديع

العروض

تراجم الادباء و الشعراء و الكتاب

صحَّة التفسير والتبيين

المؤلف:  إبن أبي الإصبع

المصدر:  تحرير التحبير في صناعة الشعر والنثر

الجزء والصفحة:  ص26-29

26-09-2015

4232

وهو أن يأتي المتكلم في أول الكلام، أو الشاعر في بيت من الشعر بمعنى لا يستقل الفهم بمعرفة فحواه دون أن يفسر، إما في البيت الآخر، أو في بقية البيت إن كان الكلام الذي يحتاج إلى التفسير في أوله.
ووقوع التفسير من الكلام على أنحاء: بعد الشرط، وما هو في معناه، وبعد الجار والمجرور، وبعد المبتدأ الذي التفسير خبره. فمثال ما وقع منه بعد الحروف المتضمنة معنى الشرط قول الفرزدق [طويل]:
لقد جئت قوماً لو لجأت إليهم ... طريد دمٍ أو حاملاً ثقل مغرم
لألفيت منهم معطياً ومطاعناً ... وراءك شزراً بالوشيج المقوم
ومثال ما جاء بعد الجار والمجرور قول الحسين بن مطير الأسدي [كامل]:
وله بلا حزن ولا بمسرة ... ضحك يواصل بينه وبكاء
وكلا الرجلين - أعني الفرزدق وابن مطير - لم يراعيا الترتيب، وإن كان عدم الترتيب مع حسن الجوار وقرب الملائم لا ينقص به حسن الكلام البليغ، بل هو عندي نوع من صحة التفسير، ألا ترى إلى قوله تعالى: {يَوْمَ تَبْيَضُّ وُجُوهٌ وَتَسْوَدُّ وُجُوهٌ فَأَمَّا الَّذِينَ اسْوَدَّتْ وُجُوهُهُمْ} [آل عمران: 106] ثم قال بعد ذلك: {وَأَمَّا الَّذِينَ ابْيَضَّتْ وُجُوهُهُمْ} [آل عمران: 107] ومثل ذلك قول الله تعالى: {بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ}  فإنه لما قدم ذكر الأبلغ على ما دونه - وطريق البلاغة الترقي - نعلم من هذا الترتيب أن توخي الملاءمة، وحسن الجوار أولى من حسن الترتيب، إذ كان اسم الله تعالى يختص به دون بقية أسماءه، وكان الرحمن وصفاً مختصاً به دون بقية صفاته، فأتبع الأخص بالأخص، ولتوخي الملاءمة ومراعاة حسن الجوار عدل عن الإيضاح، وتعمد التقديم والتأخير الذي هو أحد الوجوه الثلاثة التي يحصل بها الإشكال، فإن التنزيل لو كان في آية الطهارة، {فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ وَامْسَحُوا بِرُءُوسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَيْنِ} [المائدة: 6] لم تختلف العلماء في المسح والغسل، لكن القصد إلى نظم الكلام على الوجه الأحسن من مجاورة الملائم بالملائم ليكون لفظ الكلام مؤتلفاً مع معناه، عدل عن ذلك الترتيب إلى التقديم والتأخير، لأن كل من وصف وضوء رسول الله صلى الله عليه وسلم ووضوء أصحابه والتابعين لهم بإحسان لم يرو أن أحداً منهم غسل رجليه قبل مسح رأسه، وإذا علم أن مسح الرأس مقدم على غسل الرجلين علم أن الواجب غسل الرجل من حيث إنه سبحانه قدم ذكر مسح الرأس، ليعلمنا ترتيب غسل الأعضاء في الوضوء كما كانت في الغسل، فإن الغسل يختم فيه بغسل الرجلين، ولما أخر ذكر الرجلين أتى بالتحديد ليعلم أن الأمر فيهما معطوف على الأعضاء المغسولة، لا على العضو الممسوح، فإن المسح لم تضرب له غاية احتراساً ممن يظن أن الرجل ممسوحة، ولعربية الشافعي ومعرفته بكنه بلاغة العرب أوجب الترتيب في الوضوء، لكون الآية جاءت مرتبة للأعضاء، ولم يحفل بالتقديم والتأخير، وإن أوجب لبساً اتكالاً على ما في التحديد من دفع ذلك اللبس. وما سمعت ولا غيري بمستمع كقول الله سبحانه وتعالى: {سُبْحَانَ الَّذِي خَلَقَ الْأَزْوَاجَ كُلَّهَا مِمَّا تُنْبِتُ الْأَرْضُ وَمِنْ أَنْفُسِهِمْ وَمِمَّا لَا يَعْلَمُونَ} [يس: 36] فإن صحة التقسيم اندرجت في صحة التفسير، واندمج الترتيب والتهذيب في صحة التقسيم، وحصل الائتلاف من حصول الترتيب، إذ قدم سبحانه النبات، وثنى بأشرف الحيوان، فكان غيره من الحيوان بطريق أولى، ثم ثلث بقوله: { وَمِمَّا لَا يَعْلَمُونَ} فاندرج تحت هذا العموم كل ما اختص الله بعلمه من المولدات الثلاث، بل من جميع المخلوقات من كل موجود سوى الله، فحصل الترقي على سنن الفصاحة، والمشي على نهج البلاغة وأتت الفاصلة في غاية التمكين، فالآية الكريمة لذلك تصلح أن تكون شاهداً للتفسير، والتقسيم، والتهذيب، والائتلاف، والتمكين، وإنما خصصت بها باب التفسير، لأنه أول مذكور فيها، ومنه تتفرع بقية ما انطوت عليه من المحاسن، ولقد أحسن ابن شرف القيرواني في التفسير الواقع بعد الجار والمجرور حيث قال [طويل]:
لمختلفي الحاجات جمع ببابه ... فهذا له فن وهذا له فن
فللخامل العليا وللمعدم الغنى ... وللمذنب العتبى وللخائف الأمن
ومن أناشيد قدامة فيما جاء من التفسير بعد الحروف المتضمنة معنى الشرط قول صالح بن جناح اللخمي [طويل]:
لئن كنت محتاجاً إلى الحلم إنني ... إلى الجهل في بعض الأحايين أحوج
ثم فطن الشاعر إلى أنه أجمل في قوله: وإن كنت محتاجاً إلى الحلم، فإنني في بعض الأوقات إلى الجهل أحوج، ولم يبين كونه إذا احتاج إلى الجهل واضطر له هل يقدر على أن يجهل؟ فقال في البيت الثاني [طويل]:
ولي فرس للحلم بالحلم ملجم ... ولي فرس للجهل بالجهل مسرج
فبين أن عنده حلم لمن يعامله بالحلم، وجهل لمن يعامله بالجهل، وهذا بسط قول عمرو بن كلثوم [وافر]:
ألا لا يجهلن أحد علينا ... فنجهل فوق جهل الجاهلينا
لكن بيت ابن جناح أمشى على سنن العدل من بيت ابن كلثوم لاستضاءته بنور القرآن العزيز، وتأدبه بأدبه لأنه عقد بالوزن قوله تعالى: {فَمَنِ اعْتَدَى عَلَيْكُمْ فَاعْتَدُوا عَلَيْهِ بِمِثْلِ مَا اعْتَدَى عَلَيْكُمْ} [البقرة: 194].
ثم فطن -أعني ابن جناح -إلى كونه لم يتبين العلة التي تحوجه إلى الجهل، فقال في البيت الثالث [طويل]:
فمن شاء تقويمي فإني مقوم ... ومن شاء تعويجي فإني معوج
ومثال ما جاء من التفسير بعد خبر المبتدأ بشرط أن يكون المفسر مجملاً والمفسر له مفصلاً قول ابن الرومي [كامل]:
آراؤكم ووجوهكم وسيوفكم ... في الحادثات إذا دجون نجوم
منها معالم للهدى ومصابح ... تجلو الدجى والأخريات رجوم
وهذا أفضل ما سمعته في باب التفسير من الشعر، فإنه راعى فيه الترتيب أحسن مراعاة، فلو كمله بأن يستوعب فيه أقسام منافع النجوم بأن يضيف إلى ما ذكره سقياها الأرض، حصل في بيته صحة التقسيم مع صحة التفسير، وإن كان هذا غير لازم للشاعر، لكنه لو اتفق له ذلك كان أحسن. ولما لحظت ذلك خطر لي أن أعمل معناه على ما وقع لي من صحة التقسيم مع صحة التفسير، فقلت في شرف الدين حسن بن سناء الملك؛ [طويل]:
لآبائك الماضين يا حسن الندى ... صفات بها لا غير تعلو المراتب
وجوه وآراء وشهب عزائم ... وأيد بديجور الخطوب كواكب
يماط الدجى منها ويهدى بها الورى ... ويرحم من يجنى وتسقى السحائب
ومن بديع التفسير قول أبي جعفر الخراز النظيري من نظر بلنسية، من شعراء المائة السادسة في ابن عباد [طويل]:
وما زلت أجني منك والدهر ممحل ... ولا ثمر يجني ولا زرع يحصد
ثمار أياد دانيات قطوفها ... لأغصانها ظل عليّ ممدّد
يرى جارياً ماء المكارم تحتها ... وأطيار شكري فوقهن تغرّد
ومن التفسير نوع لا تعرف صحته، لأنه يأتي مفسراً لشيء مقدر في النفس، لم يجر له ذكر في الكلام الذي تقدم، لكنه يكون ملزوم الكلام المتقدم من ظاهر اللفظ، ولأن المفسر لا تنحصر تفاصيله كقول المتنبي [كامل]:
وجلا الوداع من الحبيب محاسناً ... حسن العزاء وقد جلين قبيح
فيد مسلمة وطرف شاخص ... وحشاً يذوب ومدمع مسفوح
وذلك أن البيت الثاني لا يصلح أن يكون تفسيراً للبيت الأول، لأن البيت الأول أشار إلى صفات الحبيب، والبيت الثاني يشير إلى أحوال المحب، وإنما لما قال في البيت الأول إن الوداع جلا من الحبيب محاسناً قبح عند رؤيتها، كان كأنه قدر في نفسه أنه عندما تحقق مقارنة تلك المحاسن بقيت حاله على ما شرحه وفسره في البيت الثاني.
ومن مليح التفسير وبديعه قول محمد ابن وهيب في المعتصم: [بسيط]
ثلاثة تشرق الدنيا ببهجتها ... شمس الضحى وأبو إسحاق والقمر
ولقد أحسن مجد الملك بن شمس الخلافة حين تناول هذا المعنى ما شاء، فإنه وطأ له توطئة ملائمة، لو اقتصرنا في تفضيله عليها كانت كافية لا سيما وقد زاد فيه زيادة غير خافية عن ذي بصيرة حيث قال [كامل]:
شيئان حدّث بالقساوة عنهما ... قلب الذي يهواه قلبي والحجر
وثلاثة بالجود حدث عنهم ... البحر والملك المعظم والمطر
لكن واسطة الثلاثة خيرها ... وكذاك خير العقد واسطة الدرر
ومن التفسير ضرب يأتي في حشو البيت وهو غريب في التفسير، لأن غالب مجيء التفسير إما في عجز البيت، أو في بيت آخر، وهو قول عمرو بن كلثوم [وافر]:
ويوم كريهة طعناً وضرباً ... أقر به مواليك العيونا
فقوله: طعناً وضرباً تفسير ليوم الكريهة.
ومن لطيف التفسير وغريبه تفسير وقع بعد الإخبار، وهو غير الأقسام المتقدمة، وذلك قول أبي حية النميري [طويل]:
فألقت قناعاً دونه الشمس واتقت ... بأحسن موصولين: كفٌ ومعصمُ
والمعنى من قول النابغة الذبياني [كامل]:
سقط النصيف ولم ترد إسقاطه ... فتناولته واتقتنا باليد
وبيت أبي حية أجزل لفظاً، وأتم معنى، وأحسن رونقاً وديباجة.
ومن مليح التفسير الذي وقع في بيت قول بعض المغاربة: [بسيط]
صالوا وجالوا وضاؤوا واحتبوا فهم ... أسد ومزن وأقمار وأجبال
فإنه أحسن فيه الترتيب، ووقع التفسير في عجز البيت كله، والمفسر في الصدر كل بحيث أتى كل قسم مستقلاً بنفسه، وجمع إلى ذلك المساواة، فإن لفظه طبق معناه، ومن التفسير نوع يتقدم التفسير فيه على المفسر، كقول زينب بنت زياد المؤدب من شواعر العرب [طويل]:
ولا أبى الواشون إلا فراقنا ... وما لهم عندي وعندك من ثار
وشنوا على أسماعنا كل غارة ... وقلَّت حُماتي عند ذاك وأنصاري
غزوتهمُ من مقلتيك وأدمعي ... ومن نَفَسي بالسيف والماء والنار
فقولها: من مقلتيك وأدمعي ومن نفسي تفسير لبقية البيت.
ومن معجز التفسير ما جاء في الكتاب العزيز منه كقوله تعالى: {وَاللَّهُ خَلَقَ كُلَّ دَابَّةٍ مِنْ مَاءٍ فَمِنْهُمْ مَنْ يَمْشِي عَلَى بَطْنِهِ وَمِنْهُمْ مَنْ يَمْشِي عَلَى رِجْلَيْنِ وَمِنْهُمْ مَنْ يَمْشِي عَلَى أَرْبَعٍ} [النور: 45] فذكر سبحانه الجنس الأعلى أولاً حيث قال: كل دابة فاستغرق أجناس كل ما دب ودرج. ثم فسر هذا الجنس بعد ذلك بالأجناس المتوسطة والأنواع، حيث قال: فمنهم، ومنهم، ومنهم مراعياً للترتيب وذلك أنه قدم ما يمشي بغير آلة لكون الآية سيقت لبيان القدرة وتعجب السامع، وما يمشي بغير آلة أعجب مما يمشي بآلة، فلذلك كان تقديمه ملائماً لمقصود الآية، ثم ثنى بالأفضل فالأفضل، فأتى بما يمشي على رجلين، وهو الآدمي والطائر، لتمام خلق الإنسان وكمال حسن صورته، ولما في الطائر من عجب الطيران الدال على الخفة، مع ما فيه من كثافة الأرضية، وثلث بما يمشي على أربع لأنه أحسن الحيوان البهيم وأقواه، تغليباً له على ما يمشي على أكثر من الأربع من الحشرات، وإن كان داخلاً فيما يمشي على الأربع، وإنما خص ذلك بالذكر دونه لفضله عليه، فاستوعب الأقسام، وأحسن الترتيب، فتضمنت هذه الكلمات التي هي بعض آية عدة من المحاسن، وهي صحة التفسير وصحة التقسيم، مع مراعاة الترتيب، والإشارة، وائتلاف اللفظ مع المعنى وحسن النسق.
 شعار المرجع الالكتروني للمعلوماتية




البريد الألكتروني :
info@almerja.com
الدعم الفني :
9647733339172+