المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية


Untitled Document
أبحث عن شيء أخر المرجع الالكتروني للمعلوماتية
القيمة الغذائية للثوم Garlic
2024-11-20
العيوب الفسيولوجية التي تصيب الثوم
2024-11-20
التربة المناسبة لزراعة الثوم
2024-11-20
البنجر (الشوندر) Garden Beet (من الزراعة الى الحصاد)
2024-11-20
الصحافة العسكرية ووظائفها
2024-11-19
الصحافة العسكرية
2024-11-19

حق المواطنة (الجنسية)
25-10-2015
Phrases
5-8-2022
قراءة القرآن والاستماع اليه
2024-03-14
اهم المكتشفات الاثرية لعصر فجر السلالات
18-10-2016
مشكلة تعدد الجنسية
13-12-2021
تركيب الاقترانات Composition of functions
3-11-2015


كيف ندرس مشكلات التغذية..؟  
  
1349   08:52 صباحاً   التاريخ: 26-1-2023
المؤلف : حمزة الجبالي
الكتاب أو المصدر : مشاكل الأطفال والمراهق النفسية
الجزء والصفحة : ص10ــ20
القسم : الاسرة و المجتمع / التربية والتعليم / التربية الصحية والبدنية /

بعد أن حددنا المشكلة تحديدا واضحا نتجه إلى دراسة العوامل التي تؤدي إلى ظهورها ولو أن دراسة العوامل وتحديد المشكلة يتداخلان أحيانا تداخلا كبيرا.

ففي فقدان الشهية نتجه أولا لدراسة العوامل الجسمية، فيقوم الطبيب المختص بفحص ما قد يكون هناك من إمساك، أو سوء، وما هناك من اعراض ظاهرة كالتقيؤ، واتساخ اللسان، وسقوط المعدة، وما إلى ذلك. كذلك عليه أن يدرس ان هناك اشتباهاً في مبادئ سل، وإن كان هناك مصادر (للتوكسينات) تقلل من الحيوية العامة. كذلك ندرس حالة الغدد. وهناك فوق هذا بعض الخصائص الجسمية العامة التي تصاحب عادة فقد الشهية.

فصاحب الجسم الطويل الرفيع يكون قليل الشهية، بخلاف صاحب الجسم العريض الواسع. وقد وجد أحد الباحثين ان ٨٢% من الأطفال الفاقدي الشهية للطعام من النوع الرفيع الطويل.

والأعراض الجسمية تكون في حالة فقدان الشهية أحيانا سببا لها وأحيانا نتيجة لها. وعلى اي حال يجب فحصها فحصاً جيدا، والعمل على تحديد الدور الذي تلعبه.

تتجه الدراسة ايضا في مثل هذه الحالات إلى نوع التغذية، فيجب درس غذاء الطفل درساً جيدا، لمعرفة درجة اتفاق ما يأخذه مع ما يحتاجه الجسم من (فيتامينات) وأملاح معدنية، ودهنيات، وما إلى ذلك.

ويلاحظ ان كثيرا من الأطفال لا يجوعون في الميعاد بسبب كثرة اكلهم للمواد الدسمة، التي يحتاج الجسم لهضمها مدة طويلة، أو لتناولهم مواد شديدة الحلاوة قبيل الأكل، او لعدم انتظار المواعيد، أو للنقص في فيتامينات معينة، أو غير ذلك.

بعد دراسة الناحيتين السابقتين نتجه لمعرفة ما إذا كانت هناك عوامل مسببة للإنهاك العصبي كقلة النوم وسوء التهوية وقلة الرياضة، وللعمل المستمر للقليل التنويع. ويلاحظ أن تلاميذ المدارس يأكلون في الإجازات الصيفية أكثر مما يأكلون شتاء في أثناء العمل.

هذا على الرغم من لن حاجتهم للغذاء شتاء أكثر منها في الصيف. وسبب ذلك: العمل المستمر القليل التنويع الخالي من فترات الراحة. ومما يؤدي إلى الإنهاك العصبي وجود الطفل في بيئة تستثير فيه حالات حادة كالغيظ، أو الضحك، او كثرة الكلام، أو الضجيج، وما إلى ذلك بسبب ما يفعله الكبار أحيانا مع الصغار عادة لتسلية انفسهم.

علينا فوق ما تقدم، أن ندرس الحياة الانفعالية للطفل من غضب، أو حزن، أو يأس، او غيره أو فقدان للشعور بالأمن، او تضايق من تقييد للحرية، أو ما شابه ذلك من حالات الانفعال، التي لا بد لدراستها من ملاحظة الطفل، وإعطائه فرصة التعبير الحر عما عنده من اتجاهات نفسية، ومن دراسة ظروف الطفل نفسها، من حيث علاقته بوالديه وأخوته ورفاقه، وسلوكه في أثناء لعبه وعمله بالمدرسة، وما إلى ذلك.

والوالدان من أهم ما يتجه إليه الذهن عند درس هذه المشكلة؛ فبعض الأمهات يضربن أسوأ المثل لأطفالهن، بأن ينقطعن إلى حد كبير عن تناول الطعام لتخفيف أوزانهن. وبعض الآباء لا يتناول وجبة الإفطار إما بسبب قصر المدة الواقعة بين الاستيقاظ؛ وترك المنزل للعمل، أو بسبب التدخين، أو بسبب الإنهاك الناشئ من السهر في الليلة السابقة، او غير ذلك. وبعض الآباء يكثرون من التنبيهات في اثناء تناول الطعام، فينتهزون فرصة تناول الطعام لتلقين الطفل آداب الأكل، وتقاليده، مما يصرف الأطفال عن الطعام نفسه. ويجب ان يذكر الآباء أن الطفل يتعلم آداب المائدة بمرور الزمن عن طريق المثال والممارسة المتدرجة، لا عن طريق التلقين والشرح. كذلك يخطى بعض الآباء اذ يقومون بإغراء الأطفال، أو بإجبارهم، أو بإقناعهم بمختلف الأساليب لتناول الطعام عامة، او لتناول نوع معين منه، وهذا النوع من الآباء يكون عادة قلقا، إما على الطفل، وإما على نفسه.

وفي الحالة الأخيرة يسقط قلقه الذاتي على الطفل. وتكون الشهية لدى الطفل احيانا حيلة شعورية أو لا شعورية لعتاب الوالدين، أو لعقاب الذات، وهذا يحدث إذا أذنب الطفل، فقد يعاقب نفسه بالإقلاع عن الطعام. كذلك إذا عوقب الطفل من والديه، فقد يقلع عن للطعام عقابا لوالديه ولنفسه في الوقت عينه.

وتلخيصا لما تقدم نقول، لنه بعد درس جميع العوامل الجسمية المحتملة، ندرس الظروف والمواقف التي تظهر فيها المشكلة، وبنوع خاص الموقف الذي ظهرت فيه اول مرة، وعلينا كذلك أن ندرس الوظيفة التي تؤديها المشكلة لصالح الفرد. أما المواقف، فأهمها معاملة الوالدين للطفل عامه، ومعاملتهما له في أثناء الطعام خاصة. كذلك من المواقف ما يربط الطعام في ذهن الطفل برباط منفر أو غير سار، كأن يغرى الطفل على شاي مثلا على أنه شاي خالص، ثم يكتشف في اثناء شربه له انه مخلوط بزيت الخروع مثلا. اما الوظيفة التي يؤديها فقدان الشهية. فاهمها جذب الانتباه؛ فمن الجائز ان تمنع الطفل - دون ان يقصد دائما - يثير حوله اهتماما من والديه لا يحصل عليه عادة بغير هذا التمنع. ومن الجائز - كما قلنا ان إضراب الطفل عن الطعام يشعر الوالدين بذنبهما لإيقاعهما عليه عقابا معينا.

البطء في تناول الطعام

ويتصف بعض الأطفال ببطء شديد في تناول الطعام. ولعل أهم سبب لذلك، هو أن تناول الطعام ينظر اليه في بعض الأحيان كنوع من اللعب يصرف الطفل فيه من الوقت ما شاء كيفما شاء. ولكن هناك إلى جانب هذا، صعوبات المضغ الناشئة من اسباب محلية في الأسنان أو في الفكين أو غير ذلك، أو اسباب عامة كالتعب والانهاك. كذلك قد يرجع السبب إلى عدم الرغبة في تناول الأطعمة المعروضة. او استمرار تناول الطعام رغم الشبع، أو انشغال الذهن، أو الاغراق في أحلام اليقظة وكثير من الأطفال يشغلون في أثناء تناول الطعام بمشكلاتهم الخاصة، او بملاحظة ما يجرى حولهم من الكبار في أثناء تناول الطعام. وجميع النواحي التي اتجهنا إلى دراستها في فقدان الشهية يمكن أن نتجه اليها عند دراسة حالات البطء في تناول الطعام.

موقف الآباء وما يترتب عليه

وينظر الآباء للأكل ومواقفه نظرة خاصه، ولهم إزاء ذلك اتجاهات معينة تكاد تكون محدودة في كل والد. وسبب ذلك ان درجة اقبال الطفل على الطعام تعتبر عادة دليلا على الحالة الصحية. ويختلف الآباء بعضهم عن بعض في درجة اهتمامهم بصحة الأطفال، وذلك الاهتمام الذي يصل في أقل درجاته إلى الاهمال، وفي أكبر درجاته إلى القلق. وتختلف - تبعا لذلك الاهتمام - عناية الآباء بغذاء الطفل. ونظرا لأهمية الأكل في نظر الأطفال انفسهم، فإننا نجد ان الأطفال في حالة اهمالهم قد يحلون مشكلاتهم بأنفسهم. واما في حاله القلق على الطفل، فإننا نجده يفقد ثقته في والديه.

إذا أدرك ضعفهما، وبذلك ينهدم المثال الأول للقوة الذي كان ماثلا امامه. ويحتمل ان ينتقل قلق الآباء نحو الأبناء إلى الأبناء انفسهم، فيصبح الابن قلقا على نفسه ضعيف الثقة فيها. وينظر الآباء عادة إلى قلقهم هذا على أنه نوع من العطف يجب على أبنائهم أن يحمدوهم عليه. ويجب أن يعلم الآباء أن حالات القلق عندهم تؤثر في اطفالهم من أعمار مبكرة جدا، لا عن طريق الادراك والتحليل والمعرفة الصريحة، وإنما عن طريق المشاركة الوجدانية البدائية.

ويصاحب القلق عادة ما يمكن ان يسمى بالتقنين - Standard) (ardisation  ويقصد به تحديد كميات الأكل اللازمة لكل فرد. ويلاحظ ان بعض الآباء يعتقد أن الطفل في سن معينة لابد من أن يأكل كميات معينة. ويشغل الآباء انفسهم بكميه الوجبة، ونوعها، وعدد الوجبات. وقد يصلون في ذلك إلى درجة انه إذا سقطت وجبة منها قلقوا، وخافوا من عواقب هذا على صحة الطفل. ويجب على الآباء أن يتذكروا أن الأطفال يختلفون في اوزانهم وفي سرعة نموهم، وفي نوع نشاطهم، وما يتطلبه نشاطهم من طاقة. الكمية التي يحتاجها الطفل تختلف عادة من طفل إلى آخر.

وتختلف كذلك في الطفل الواحد من وقت إلى آخر اختلافات كبيرة في بعض الأحيان. وتتوقف هذ الاختلافات على الحالة الوجدانية، وعلى نوع النشاط الذي يبذله وكميته وعلى الظروف التي يتناول فيها طعامه، وعلى نوع الحياة التي يمر بها.. إلى غير نلك.

على أن نوعا من المتقنين الخاص بنوع الأكل، وكميته، ومراقبته، يجب أن يراعى ليحقق الغاية الأساسية، وهي ان وأخذ الغرد طعامه، بحيث يهضمه، ويتمثله جسمه ويتحول إلى فوق يستفيد منها في نشاطه، ويشترط الا يكون تقنينا جامدا لا مرونة فيه. ولكن إذا لوحظ أن أكل الطفل قد نقص في كميته وبعض عناصره وعدد مراته نقصا واضحا فإنه حينئذ يجب البحث في حالته.

والتشبث بالتقنين يكون، كما قلنا، مصحوبا بقلق من جانب الآباء ويكون مصحوبا عادة بشيء من الاغراء ثم الارغام، مما يربط الموقن كله - بما فيه من أكل ووالدين وأسلوب معامله - برباط انفعالي غير سارا وقد يترتب على هذا نشوء كراهية الطفل للوالدين، مما قد يؤدي إلى أعراض مرضية. ويلاحظ أن مراقبة الآباء للأبناء تصرف الطفل عن الطعام، وتعطيه سلاحا قد يستغله بنجاح ضد والديه. وتنشأ هذه المراقبة عادة من قلق الآباء الناشئ، بدوره من الخوف من الأمراض او من الوفاة، فكثيرا ما يحدث ان يموت للطفل قريب بمرض السل، فيكون هذا الحادث بداية لحملة شديدة على الطفل في التغذية. كذلك قد يحدث ان يموت قريب بمرض (التيفوئيد) فتحاط عملية الأكل باحتياطات شديدة جدا لمنع الذباب فينصرف الطفل - بسبب هذه الاحتياطات وما يصاحبها من الخوف - عن تناول الطعام. فضلا عن أنها قد تغرس فيه خوفا شاذا مرتبطا بالطعام، وتؤدي إلى مشكلات اخرى عديدة.

ويلاحظ ان شدة قلق الآباء تعطي الأطفال فرصة الشعور الزائد بأهميتهم، واعتراف السلطة بهم. وهذه نتيجة تسرهم، فندفعهم احيانا إلى التمسك بما يثير هذا القلق. والطفل عنده بطبيعته نزعة قوية للسيطرة؛ وذلك لضعفه، وقوة من حوله. فهو يتلمس الفرص إلى التعبير عن هذه النزعة للسيطرة. فإذا اضرب مرة عن تناول الطعام، وأثار هذا الإضراب قلق والديه، او غضبهما، أو حفزهما على ضربه. فإنه يصل بسلاحه هذا إلى احداث حدث عظيم محسوس. لذا كان خير الطرق ازاء هذا التصرف من الأطفال الاهمال والهدوء التام من جانب الآباء.

وكثير ما يحدث ان تقوم الأم بإغراء الطفل، ورجائه، والتوسل إليه وأحيانا يجري الطفل في أرجاء المنزل، والأم تجري وراءه بغذائه عله يتناوله.

هذا منظر يشعر الطفل بسيطرته وتملكه الموقف. وكثيرا ما تأمر الأم طفلها بتناول الطعام فإن رفض تلجأ إلى تهديده. فإذا صمم فقد تعود إلى إغرائه وتتنازل عن تهديدها. وهكذا قد تتأرجح الأم بين الإغراء، والتهديد، والاقناع، والوعد بنواب، أو الوعيد بعقاب، وما إلى ذلك من الأساليب لضربه التي يترتب عليها احيانا اضطراب نفسه، وأحيانا يترتب عليها زيادة تمسكه بموقفه، لأنه يشعر فيه بقوته.

وأحيانا تشكو الأم حال طفلها إلى جيرانها أو زوارها، وتشفع شكواها بان تقول: أنها غلبت على أمرها معه، ولا تدري ماذا تفعل. وتحدث هذه الشكوى احيانا على مسمع من الطفل، الذي يشتق لذة كبرى من أنه وصل إلى ما تشتاق إليه نفسه من القوة، مما جعل شخصا كبيرا كأمه يفشل أمامه، ويعترف بذلك. ويلاحظ ان رفض الطعام يكثر عادة في الطفل الوحيد أو الشبيه بالوحيد أو المدلل - أي الطفل الذي يحتمل ان تضعف الأم أمامه.

ويدفع القلق أحيانا إلى كثرة التكلم عن المرض والتسمم والأغذية الثقيلة والأغذية المفيدة وما إلى ذلك. ويصحب التكلم عن هذه النواحي - خصوصا الخوف من المرض والتسمم - حالة انفعالية. ويسمع الأطفال هذه الأحاديث إما عرضا، وإما لأنها موجهة إليهم، ولا يفهمون منها شيئا، ولكنهم يتأثرون بما بها من اتجاه انفعالي، يترتب عليه خوف وصدوف عن تناول الطعام في غالب الأحيان.

ويؤثر الآباء في أبنائهم دون أن يشعروا عن طريق الايحاء؛ فكثيرا ما يحدث ان طفلا يرفض اللبن، لأن الأم قالت: انها لا تحب اللبن. أو يرفضه لأنه رفضه مرة، فقالت الأم: ان ابنها لا يحب اللبن. بذلك تثبت لديه الفكرة عن طريق الاتجاه الذي وجهته فيه الأم. وثبوت الفكرة يؤدي وظيفة هامة، وهي ان الطفل تصبح له خاصية مميزة يتكلم عنها الناس.

ويلاحظ أن كراهية الأطفال والبالغين لكثير من أنواع الطعام، وحبهم لكثير من الأنواع الأخرى يأتي غالبا عن طريق الايحاء، بمعنى أن اتجاهات الكبار نحو الطعام من حب وكراهية قد تخلق في الطفل اتجاهات مماثلة. ويجب ان نشير إلى ان إيحاء السلوك أقوى دائما من إيحاء الكلام، فرؤية علامات الاشمئزاز التي تبدو على الوجه أقوى أثرا من سماع الألفاظ الدالة عليه.

خلاصة هذا أن الأطفال يتأثرون كثيرا من موقف آبائهم ازاءهم عند تناول الطعام وكذلك من موقف الآباء لنفسهم ازاء الطعام.

الشره

ومن المشكلات التي يندر ان يشكو منها انسان مشكلة الشره، وهي تبدو بصور مختلفة منها: أن يأكل الإنسان أكثر مما يحتمل، أو أن يزداد الأكل لزدياداً دون أن يحسن مضغه. وما قلناه عن فقدان الشهية يمكن ان يقال عن الشره من أنه قد يكون خاصا، وقد يكون خاصا، وقد يظهر في مناسبات معينه أخرى.. إلى غير ذلك.

وعلينا ان نذكر بهذه المناسبة أن للناس يقال عنهم: انهم يأكلون غالب أكثر مما تحتاج إليه جسومهم. فتناول الطعام لا يحدث عادة لسد حاجة جسمية فحسب؛ وإنما يحدث لأنه عادة معينه يريد ان يمارسها الفرد في أوقات معينة. وهذه العادة ينظر اليها بعض الناس على انها نوع من النشاط اللذيذ المقصود لذاته. ولذا يصبح بعض الناس شغوفا بالأكل، ينظر إليه كنوع من الهواية التي يصرف فيها ماله وتفكيره ونشاطه.

وإذا اتجهنا لدرس حالة شره، فأول ما يجب ان يتجه إليه الذهن هو درس الحالة الجسمية كالديدان واضطراب الغدد أو غير ذلك. ثم ندرس حياة الفرد الانفعالية. فكما يكون الشره ظاهرة للحرمان، كذلك يمكن أن يكون ظاهرة للتدليل. فالشخص المدلل لا يمكنه عادة ان يضبط نفسه أمام رغبة من رغباته، بل يهيئ لنفسه فرص التلذذ الذاتي، وكانه في ذلك يدلل نفسه. ويلاحظ أن أصحاب النزعات (البوهيمية) - على وجه العموم - كانوا أصلا محرومين أو مدللين.

ويكون الشره احيانا مظهرا من مظاهر النزعات الاعتدائية؛ ففيه مجال العض والانقباض والفتك. وكثير من الناس في حالات الغضب المكتوم يعبرون عن عضبهم هذا بالانكباب على التدخين، أو السكر، أو تناول الطعام، اما وما شابه ذلك.

كذلك يمكن أن يكون الشره دالا على فقدان الشعور بالأمن(1)؛ فهو يظهر أحيانا في حالات اليأس، وفقدان الغير، والشعور بالاكتئاب المصحوب بالحاجة الحادة إلى التفريج عن النفس عن طريق الأكل وللشرب.

وكثير من الناس يزداد وزنه بسبب الافراط في السكر والأكل والشرب والنوم بعد فقدان زوجاتهم أو أزواجهن، وقد يكون الأكل في هذه الحالات وفي غيرها نوعا من النشاط اللذيذ يتلهى به الفرد عن مشكلاته الأخرى.

كذلك يمكن أن يرجع الشره إلى ضيق الميول، وسعة وقت الفراغ، والملل.

أما أصحاب مدرسه التحليل النفسي فقد ينظرون إلى الشره على أنه تثبيت لمرحلة اللذة الذاتية المرتبطة بالفم (erotic Fixation oral Auto-) غالبا ما يرجع في اصله إلى مشكلات مرتبطة بعملية الرضاعة.

القيء:

من المشكلات التي ترتبط عادة بتناول الطعام مشكلة القيء ولبحث حالة القيء يعرف أولا ان كان متكرر الحدوث أو عارضا. ويعرف ان كان مرتبطا بمناسبة معينة أم عاما، وبعد الن تحدد المشكلة تفحص الناحية الجسمية أولا، ثم تدرس الحياة الانفعالية وتدرس المناسبات التي يظهر فيها القيء.

وكثيرا ما يحدث لن يكون القيء ناشئا من ارغام الطفل على تناول طعام لا رغبة له فيه(2)، وهذا الارغام يؤدي الى نفسية مكبوتة غالبا، ويعقبها عادة قيء. وقد يحدث القيء - كما يحدث اي عرض جسماني- على أساس (الهستيريا)، التحويلية؛ أي ان التقيؤ يقوم بجذب انتباه الغير، أو بتخويف الكبار، أو يكون تعبيرا عن نفسية أساس انفعالها للقزز أي الخوف وما إلى ذلك.

كذلك يمكن لن يحدث التقيؤ بالإيحاء أو بالمشاركة الوجدانية. فبعض الأطعمة قد يوحي للطفل بموارد تشمئز منها نفسه، وقد يتقيأ الطفل لأنه رأى غيره يتقيئون. وقد يكون الإيحاء في حالة التقيؤ ذاتيا أو فرديا او اجتماعيا، وقد يكون ايحاء شهرة، ويمكن ايراد أمثله كثيرة لبيان مختلف هذه الحالات (ص73).

ويشبه التقيؤ ترجيع الطعام، وهو مقتصر غالبا على صغار الأطفال ويرجع لوضع اليد في الفم او الى ابتلاع بعض الهواء في أثناء الرضاعة، ويمنع بأن يترك الطفل نائما على ظهره بعد الرضاعة بضع دقائق. هذا الا إذا بدأ فعلا في الترجيع فيحسن رفعه حتى يتخلص من الطعام الذي يرجع. ولترجيع الطعام غير هذه الأسباب البسيطة أسباب طبية لا يمكننا التعرض لبحثها هنا.

___________________________

(1) في بعض الأحيان يزدرد بعض الأطفال ما أمامهم من طعام حتى ينتئوا منه ليتناولوا لعاما آخر يحبونه ويخشون من ان يجهز عليه. كذلك ببطئ احيانا بعض الاطفال في أكل ما أمامهم لكي يطيلوا مدة تلذذهم به لا سيما اذا كانوا يحبونه حبا شديدا.

(2) ماري طفلة امريكية عمرها سنتان ونصف السنة. جلست مع أمها إلى مائدة الطعام وكان للمنزل على ربوة مرتفعة، وفى اثناء جلوسهما قامت زوبعة شديدة جدا شعرا بها شعورا واضحا. وفى أثناء تناول الطعام قدم للطفلة قرع، فرفضت ان تأكله، فنهرتها أمها وأرغمتها ونجحت. وكنت النتيجة ان البنت بدأت تتقيأ، واستمرت أسبوعين تخاف العواصف خوفا شديدا: The Mothers Encyclopedia. 




احدى اهم الغرائز التي جعلها الله في الانسان بل الكائنات كلها هي غريزة الابوة في الرجل والامومة في المرأة ، وتتجلى في حبهم ورعايتهم وادارة شؤونهم المختلفة ، وهذه الغريزة واحدة في الجميع ، لكنها تختلف قوة وضعفاً من شخص لآخر تبعاً لعوامل عدة اهمها وعي الاباء والامهات وثقافتهم التربوية ودرجة حبهم وحنانهم الذي يكتسبونه من اشياء كثيرة إضافة للغريزة نفسها، فالابوة والامومة هدية مفاضة من الله عز وجل يشعر بها كل اب وام ، ولولا هذه الغريزة لما رأينا الانسجام والحب والرعاية من قبل الوالدين ، وتعتبر نقطة انطلاق مهمة لتربية الاولاد والاهتمام بهم.




يمر الانسان بثلاث مراحل اولها الطفولة وتعتبر من اعقد المراحل في التربية حيث الطفل لا يتمتع بالإدراك العالي الذي يؤهله لاستلام التوجيهات والنصائح، فهو كالنبتة الصغيرة يراقبها الراعي لها منذ اول يوم ظهورها حتى بلوغها القوة، اذ ان تربية الطفل ضرورة يقرها العقل والشرع.
(أن الإمام زين العابدين عليه السلام يصرّح بمسؤولية الأبوين في تربية الطفل ، ويعتبر التنشئة الروحية والتنمية الخلقية لمواهب الأطفال واجباً دينياً يستوجب أجراً وثواباً من الله تعالى ، وأن التقصير في ذلك يعرّض الآباء إلى العقاب ، يقول الإمام الصادق عليه السلام : « وتجب للولد على والده ثلاث خصال : اختياره لوالدته ، وتحسين اسمه ، والمبالغة في تأديبه » من هذا يفهم أن تأديب الولد حق واجب في عاتق أبيه، وموقف رائع يبيّن فيه الإمام زين العابدين عليه السلام أهمية تأديب الأولاد ، استمداده من الله عز وجلّ في قيامه بذلك : « وأعني على تربيتهم وتأديبهم وبرهم »)
فالمسؤولية على الاباء تكون اكبر في هذه المرحلة الهامة، لذلك عليهم ان يجدوا طرقاً تربوية يتعلموها لتربية ابنائهم فكل يوم يمر من عمر الطفل على الاب ان يملؤه بالشيء المناسب، ويصرف معه وقتاً ليدربه ويعلمه الاشياء النافعة.





مفهوم واسع وكبير يعطي دلالات عدة ، وشهرته بين البشر واهل العلم تغني عن وضع معنى دقيق له، الا ان التربية عُرفت بتعريفات عدة ، تعود كلها لمعنى الاهتمام والتنشئة برعاية الاعلى خبرة او سناً فيقال لله رب العالمين فهو المربي للمخلوقات وهاديهم الى الطريق القويم ، وقد اهتمت المدارس البشرية بالتربية اهتماماً بليغاً، منذ العهود القديمة في ايام الفلسفة اليونانية التي تتكئ على التربية والاخلاق والآداب ، حتى العصر الاسلامي فانه اعطى للتربية والخلق مكانة مرموقة جداً، ويسمى هذا المفهوم في الاسلام بالأخلاق والآداب ، وتختلف القيم التربوية من مدرسة الى اخرى ، فمنهم من يرى ان التربية عامل اساسي لرفد المجتمع الانساني بالفضيلة والخلق الحسن، ومنهم من يرى التربية عاملاً مؤثراً في الفرد وسلوكه، وهذه جنبة مادية، بينما دعا الاسلام لتربية الفرد تربية اسلامية صحيحة.