المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية

الحديث والرجال والتراجم
عدد المواضيع في هذا القسم 6204 موضوعاً

Untitled Document
أبحث عن شيء أخر



البحث حول الراوي محمد بن عيسى اليقطينيّ.  
  
1940   10:38 صباحاً   التاريخ: 25/12/2022
المؤلف : الشيخ محمد طالب يحيى آل الفقيه
الكتاب أو المصدر : سدرة الكمال في علم الرجال
الجزء والصفحة : ص 446 ـ 455.
القسم : الحديث والرجال والتراجم / اصحاب الائمة من علماء القرن الثالث /


أقرأ أيضاً
التاريخ: 15-9-2016 1230
التاريخ: 29-8-2016 1718
التاريخ: 22-7-2017 1355
التاريخ: 9-9-2020 1716

محمد بن عيسى اليقطينيّ:

تعريفه:

هو محمد بن عيسى بن عبيد بن يقطين بن موسى البغداديّ، ذكره الشيخ في أصحاب الرضا والهادي والعسكري وممّن لم يروِ عنهم (عليهم السلام).

وقال النجاشيّ: إنّه روى عن أبي جعفر الثاني (عليه السلام) مكاتبة ومشافهة.

وله كتب منها تفسير القرآن وبُعد الإسناد وقُرب الإسناد.. وكتاب الرجال وغيرها من الكتب.

روى تراثه الحميريّ وسعد وابن همام وغيرهم من أجلّاء الرواة.

وثاقته وضعفه:

اختلفت الأقوال في وثاقته وضعفه، وبين العمل بأخباره والإعراض عنها مطلقاً أو ما تفرّد به أو ما كان عن يونس بن عبد الرحمن خاصّة.

ذهب المشهور إلى وثاقته كالفضل بن شاذان وأيوب بن نوح وهو ظاهر الكشّي وصريح النجاشيّ، وآخرون إلى ضعفه كالشيخ في الفهرست والرجال والاستبصار، وأعرض ابن الوليد وتبعه الصدوق عن أخباره المتفرّد بها أو ما رواه عن يونس خاصّة.

وأمّا كلمات المتأخّرين فإلى ما ذكرنا ترجع ولم تتعدّها.

والذي يظهر بعد التتبّع أنّ منشأ الخلاف فيه إنّما كان ابن الوليد بعد استثنائه إيّاه من نوادر محمد بن أحمد بن يحيى، فتبعه على ذلك الصدوق، وظنّ الشيخ أنّ لازم الاستثناء التضعيف، فصرّح حينها بالتضعيف مع ظهور كلماته في أنّ سبب التضعيف هو الاستثناء، كما سيتبيّن لك تفصيله.

ولبيان الحقّ في المقام نقول والله المستعان:

قال النجاشيّ (رحمه الله) في رجاله: "محمد بن عيسى بن عبيد بن يقطين بن موسى، مولى أسد بن خزيمة، أبو جعفر، جليل في أصحابنا، ثقة، عين، كثير الرواية، حسن التصانيف، روي عن أبي جعفر الثاني (عليه السلام) مكاتبه ومشافهة.

ذكر أبو جعفر بن بابویه - الصدوق - عن ابن الوليد أنّه قال: ما تفرّد به محمد بن عيسى من كتب يونس وحديثه لا يُعتمد عليه، ورأيتُ أصحابنا ينكرون هذا القول ويقولون: مَن مثل أبي جعفر محمد بن عيسى، سكن بغداد.

قال أبو عمرو الكشّي: نصر بن الصّباح يقول: إنّ محمد بن عيسى بن عبيد بن يقطين أصغر من السنّ أن يروي عن ابن محبوب.

قال أبو عمرو: قال القتيبيّ - علي بن محمد النيشابوريّ - كان الفضل بن شاذان يحب العبيديّ ويثني عليه ويمدحه ويميل إليه ويقول: ليس في أقرانه مثله، وبحسبك هذا الثناء من الفضل (رحمه الله).

وذكر محمد بن جعفر الرزّاز إنّه سكن سوق العطش.

له من الكتب كتاب الإمامة.. أخبرنا أبو عبد الله بن شاذان قال: حدّثنا أحمد بن محمد بن يحيى عن الحميريّ قال: حدّثنا محمد بن عيسى بكتبه ورواياته، وعن أحمد بن محمد عن سعد عنه بالمسائل" (1).

وقد تبيّن من كلمات النجاشيّ أمور:

الأول: توثيقه صراحة.

الثاني: أنّ ابن الوليد أعرض عن أخباره فيما لو كانت عن خصوص يونس وتبعه على ذلك الصدوق.

الثالث: إنكار القدماء مقالة ابن الوليد وقالوا: إنّه ليس في أقرانه مثله.

الرابع: مدح الفضل بن شاذان له كثيراً ما يكشف عن وثاقته.

الخامس: إقرار النجاشيّ ما أفاده الفضل وأصحابه من وثاقة محمد بن عيسى.

وقد ذكر الكشّي في رجاله ما نقله عنه النجاشي وزيادة، إذ روى خبر الفضل الدالّ على علوّ شأن العبيديّ إضافة إلى خبر آخر عن جعفر بن معروف قال: صرت إلى محمد بن عيسى لأكتب عنه فرأيته يتقلنس بالسواد، فخرجت من عنده ولم أعد إليه، ثم اشتدت ندامتي لِمَا تركت من الاستكثار منه لمّا رجعت وعلمت أنّي قد غلطت. انتهى

وهذا الخبر أيضاً دالّ على علوّ شأن العبيديّ وإلا لما صحّت الندامة كما هو واضح، وقال الكشّي في ترجمة محمد بن سنان: "قال أبو عمرو: قد روى عنه الفضل وأبوه ويونس ومحمد بن عيسى العبيديّ ومحمد بن الحسين بن أبي الخطّاب والحسن والحسين ابنا سعيد الأهوازيان ابنا بنان وأيوب بن نوح وغيرهم من العدول والثقات من أهل العلم..." (2).

وهل هناك أصرح من المقولة هذه في أنّه من العدول الثقات؟!

وقال النجاشيّ في ترجمة محمد بن أحمد بن يحيى: "... وكان محمد بن الحسن بن الوليد يستثني من رواية محمد بن أحمد بن يحيى ما رواه عن محمد بن موسى الهمدانيّ، أو ما رواه عن رجل أو يقول بعض أصحابنا، أو عن محمد بن يحيى المعاذيّ، أو عن أبي عبد الله الرازيّ الجامورانيّ أو عن أبي عبد الله السيّاريّ أو عن يوسف بن السخت أو عن وهب بن منبّه أو عن أبي علي النيشابوريّ أو عن يحيى الواسطيّ أو محمد بن علي أبو سمينة أو يقول في حديث أو كتاب ولم أروه أو عن سهل بن زياد الآدميّ أو عن محمد بن عيسى بن عبيد بإسناد منقطع..." (3).

ثم قال: "قال أبو العباس بن نوح: وقد أصاب شيخنا أبو جعفر محمد بن الحسن بن الوليد في ذلك كلّه، وتبعه أبو جعفر بن بابويه على ذلك إلا في محمد بن عيسى بن عبيد، فلا أدري ما رابه فيه، لأنّه كان على ظاهر العدالة والثقة" (4).

فقد تبيّن لك أنّ الفضل بن شاذان قد وثّقه، وأيوب بن نوح السيرافيّ، وأبا عمرو الكشّي، والنجاشيّ، و"أصحابنا" - كما ذكر ذلك النجاشي أيضا ـ.

لكن على الرغم من التوثيقات الصريحة فقد استثنى ابن الوليد أخباره من نوادر محمد بن أحمد بن يحيى فيما انفرد به أو ما يسنده عن يونس بن عبد الرحمن، وتبعه على ذلك ابن بابویه، ثم قال الشيخ بتضعيفه في الفهرست والرجال والاستبصار ونبقى نحن واستثناء ابن الوليد.

ومع التمعّن بكلمات الشيخ يُعلم أنّه (صلى الله عليه وآله) قد استفاد تضعيفه من استثناء ابن الوليد له، وليس التضعيف مستفاداً من نقل الحسّ كما سيتبيّن لك، فإن كان الأمر كما نقول يسقط تضعيف الشيخ ونبقى نحن واستثناء ابن الوليد.

وأمّا ابن بابویه فقد صرّح أنّ استثناءه معتمد على استثناء شيخه ابن الوليد، فإن تمّ ما قلناه نبقى نحن واستثناء ابن الوليد خاصّة، فإن دلّ على الضعف يكون كلامه معارضاً لكلمات الموثّقين، وإلّا فلا تعارض ويكون التوثيق بلا معارض فيتّبع.

ولتوضيح المطلب نقول:

قال الشيخ في الفهرست: "محمد بن عيسى بن عبيد اليقطينيّ ضعيف، استثناه أبو جعفر محمد بن علي بن بابويه عن رجال نوادر الحكمة، وقال: لا أروي ما يختصّ برواياته، وقيل: إنّه كان يذهب مذهب الغلاة" (5).

وكلامه وإن لم يكن ظاهراً في كون التضعيف للاستثناء، إلا أنّه يُشعر بذلك، وأنّ الضعف مرجعه إلى استثناء ابن الوليد له (6).

وما هو أصرح في الدلالة من الفهرست كلماته في الاستبصار إذ قال: "على أنّ هذا الخبر مرسل منقطع وطريقه محمد بن عيسى بن عبيد عن يونس وهو ضعيف، وقد استثناه أبو جعفر محمد بن علي بن الحسين بن بابویه من جملة الرجال الذين روى عنهم صاحب نوادر الحكمة وقال: ما يختصّ بروايته لا أرويه، ومَن هذه صورته في الضعف لا يعترض بحديثه" (7).

ألا ترى أنّه أرجع الضعف إلى الاستثناء والانفراد بالخبر بقوله: "ومَن هذه صورته في الضعف" فصورة الضعف في هذان الأمران، لا الضعف المستفاد من نقل الحين الذي يعتمد عليه للقول بالضعف.

وبعبارة أخرى: إنّ هذا التضعيف حدسيّ وليس حسيّاً ليُعتمد وما كانت هكذا صورته لا يُعتمد عليه في الضعف.

وأمّا استثناء الصدوق له من كتاب نوادر محمد بن أحمد بن يحيى فلم یكن قولاً مستقلاً، وإنّما كان اعتماداً على ما ذكره شيخه ابن الوليد وهو ما أكّده النجاشيّ في رجاله بقوله: "ذكر أبو جعفر بن بابویه - الصدوق - عن ابن الوليد أنّه قال: ما تفرّد به محمد بن عيسى من كتب يونس وحديثه لا يُعتمد عليه" (8).

وكذا قال في ترجمة محمد بن أحمد بن يحيى: "قال أبو العباس بن نوح، وقد أصاب شيخنا أبو جعفر محمد بن الحسن بن الوليد في ذلك كلّه، وتبعه أبو جعفر بن بابويه على ذلك" (9).

وقال الصدوق في الفقيه: "وكلّ ما لم يصحّحه ذلك الشيخ ولم يحكم بصحّته من الأخبار فهو عندنا متروك غير صحيح" (10).

فالصدوق على هذا تابع لشيخه ابن الوليد، واستثناؤه هو استثناء شيخه إثباتاً ونفياً، وعليه فلا يُقال بأنّ ابن بابویه قد استثناه من نوادر الحكمة، إنّما المستثنى هو شيخه وتبعه هو على ذلك.

فإذا تبيّن لك ذلك نقول: بأنّ تضعيف الشيخ واستثناء الصدوق إنّما مرجعه ومنشؤه هو ابن الوليد خاصّة، فإن دلّت كلمات ابن الوليد حينها على التضعيف نلجأ بعدها إلى تعارض الأقوال، وإن كان مراد ابن الوليد هو إخراج المراسيل من الأخبار والضعاف والغلاة من الرجال من كتاب النوادر - كما سيتبيّن لك - فلا يدلّ استثناؤه حينئذٍ على التضعيف خاصّة، بل هو أعمّ من ذلك، فيكون فهم الشيخ (رحمه الله) لاستثناء ابن الوليد حينها خاطئاً، ولهذا نرى الطائفة قد استنكرت مقالة ابن الوليد لأنّ العبيديّ كان على ظاهر العدالة والوثاقة، ويُعلم منه أنّ ابن الوليد لم يستثنه لضعفه، إنّما استثناؤه له لغلوّه خاصّة، كما صرّح الصدوق بذلك فيما نقله الشيخ عنه قائلا "وقال أبو جعفر بن بابویه، إلا ما كان فيها من غلو أو تخليط وهو الذي يكون طريقه محمد بن موسى الهمداني .. أو عن محمد بن عيسى بن عبيد بإسناد منقطع ينفرد به... (11).

فالصدوق هنا يصرّح بأنّ استثناء هؤلاء من نوادر الحكمة إنّما كان لغلوّهم أو لتخليطهم، وليس كلّ مَن استثناه - تبعاً لشيخه - إنّما هو لضعفه، ومحمد بن عيسى العبيديّ إنّما استثناه شيخه من نوادر الحكمة لغلوّه وليس لضعفه، إذ وثاقته بين القدماء إنّما كانت مسلّمة كما بيّنا لك من كلمات القدماء الدالّة على ذلك، أمّا غلوّه فقد اتّهم به، وقد قال الشيخ في ترجمته: "وقيل: إنّه كان يذهب مذهب الغلاة".

ولهذا نرى الشيخ في ترجمته في رجاله من أصحاب الهادي (عليه السلام) يقول: "محمد بن عيسى بن عبيد اليقطينيّ يونسيّ ضعيف" وكذا ترجمه في أصحاب العسكري (عليه السلام) قائلا: "محمد بن عيسى بن عبيد اليقطينيّ بغداديّ يونسيّ" فنسبة اليونسيّة إليه إنّما هي نسبة المغالاة له في المعصومين (عليهم السلام)، إذ أنّ يونس كان ينحو منحى الغلاة - كما قالوا: وقد اتّبعه محمد بن عيسى على ذلك فاتّهم بالغلو كشيخه، فقيل حينها: إنّه يونسيّ، ولهذا نرى ابن الوليد قد استثنى من أخبار محمد بن عيسى خصوص ما يرويه عن يونس بن عبد الرحمن، وليس عن كلّ أحد وذلك لوحدة المدرسة فيما فهمه من طريقتهما ابن الوليد، ولو كان ضعيفا لما صحّ الاستثناء من خصوص يونس، بل لسقطت أخباره مطلقاً كما هو معلوم من طريقة العلماء.

ومنه يُعلَم السرّ في استغراب المعاصرين لابن الوليد في استثناء أخبار محمد بن عيسى من كتاب النوادر إذ قال أبو العباس بن نوح: "وقد أصاب شيخنا أبو جعفر محمد بن الحسن بن الوليد في ذلك كلّه، وتبعه أبو جعفر بن بابويه على ذلك إلا في محمد بن عيسى بن عبيد فلا أدري ما رابه فيه؛ لأنّه كان على ظاهر العدالة والثقة".

وكذا النجاشي حيث قال: "ورأيت أصحابنا ينكرون هذا القول ويقولون: من مثل أبي جعفر محمد بن عيسى".

ومنه يُعلم أنّ ليس مراد محمد بن الحسن بن الوليد هو ضعف جميع المذكورين الذين استثناهم من كتاب النوادر، وإنّما استثناؤه كان من جهة ضعف بعض الرجال أو لكونهم من الغلاة، وكأنّ هذه الجهة كان ابن الوليد يعتني بها جداً، ولهذا نقل عنه تلميذه الشيخ الصدوق أنّه كان يقول: إنّ أوّل طريق الغلوّ نفي السهو عن النبي (صلى الله عليه وآله) وقد رتّب عليه الأثر وهو عدم الرواية عنهم، ولهذا نراه أيضا يُنكر ما تفرّد به محمد بن أورمة كما حكاه النجاشيّ بقوله: "حكى جماعة من القميّين عن ابن الوليد أنّه قال: محمد بن أورمة طعن عليه بالغلو، فكلّ ما كان في كتبه ممّا وجد في كتب الحسين بن سعيد وغيره فقل به، وما تفرّد به فلا تعتمده" (12).

إذن، ترك الرواية أو استثناؤها من كتاب لا يدلّ على ضعف الراوي، بل قد يكون لغلوّه - كما فيه نحن فيه - والغلوّ لا يلازم الضعف، خاصّة فيما لو كانت تهمة الغلوّ صادرة من القميّين، إذ أوّل درجات الغلو نفي السهو عن النبي (صلى الله عليه وآله) فمن قال بعدم سهوه (صلوات الله عليه) كان مغالياً بنظرهم، ولازمه ترك روايته كما هو ظاهر عمل محمد بن الحسن بن الوليد.

وقد تلخّص من ذلك أنّ ابن الوليد الذي هو المنشأ في الإعراض عن أخبار محمد بن عيسى بن عبيد قد استثنى الأخبار تلك لتهمة اليقطينيّ بالغلو لا لضعفه، وإلا فالقدماء قد صرّحوا بوثاقته بلا نكير، في حين أنّ ابن الوليد لم يصرّح بضعفه مطلقاً، وأمّا الصدوق فهو تبع لشيخه كما صرّح هو بذلك، وأمّا تضعيف الشيخ فلتصوره أنّ الإعراض لازمه الضعف، وهو ليس كذلك كما بيّنا لك، ومنه يُعلم أنّ محمد بن عيسى اليقطينيّ ثقة جليل في أصحابنا عدل وليس في أقرانه مثله.

وبعد هذا نقول: إنّ مَن ذهب إلى التعارض (ما بين توثيق المشهور للعبيديّ وتضعيف ابن الوليد والصدوق والشيخ له) هو لم يصب في مقالته، إذ أنّ ابن الوليد - والذي هو الأصل في المسألة - لم يضعّف العبيديّ، وإنّما أعرض عن بعض أخباره للغلوّ مع وثاقته في نفسه، وعليه فلا تصل النوبة إلى التعارض.

قال المازندراني الخاجوئي (رحمه الله): "فنقول: تذميم ابن الوليد والشيخ معارضان بتوثيق النجاشي وابن نوح وإنكار الجماعة المعتبرين، وقولهم: إنّ محمداً هذا عديم المثل في زمانه وتقرير القتيبيّ هذا معارض لذمّ أبي جعفر بن بابویه، بقي ثناء الفضل خالياً عن المعارض فيكون الرجل معتبراً في ذاته وروايته عمن يكون هذا" (13).

وقد تبين لك ما فيه، ومنه عدم ذمّ ابن بابویه له، فهو إمّا اتّبع شيخه بكونه مغالياً. هذا ويظهر من السيد الخوئيّ في معجمه اعتماد مقالة ابن الوليد في استثنائه أخبار العبيديّ فيما يرويه عن يونس بن عبد الرحمن خاصّة دون غيره، لكنّه تبيّن لك أنّ ابن الوليد إنّما استثنى أخباره تلك لاتّهام العبيديّ بالغلوّ، ولمّا لم نعتمد مقالة القميّين في لزوم ترك أخبار من يتّهم بالغلوّ كان استثناء ابن الوليد حينها غير معتبر وساقطاً عن الحجيّة لما ذكرنا من عدم الملازمة ما بين الضعف والغلو.

قال السيد الخوئي (رحمه الله): "والذي ظهر لنا من كلامهما - ابن الوليد والصدوق - أنّهما لم يناقشا في محمد بن عيسى بن عبيد نفسه، فإنّما ناقشا في رواياته عن خصوص یونس فيما يرويه عنه بإسناد منقطع، أي: أنّ يونس يرويه مرسلاً"، أو فيما ينفرد بروايته محمد بن عيسى عن يونس، وأمّا في غير ذلك فلم يظهر من ابن الوليد ولا من الصدوق ترك العمل بروايات محمد بن عيسى بن عبيد" (14).

وقد بان فيما قدّمنا عدم الاعتماد على استثناء ابن الوليد والصدوق أخبار العبيديّ، إذ أنّه اجتهاد شخصيّ حدسيّ معتمد على ما لا يعتمد عليه وهو الغلوّ الذي أوّل درجاته نفي السهو عن رسولنا الأعظم (صلى الله عليه وآله).

وخلاصة الكلام: أنّ محمد بن عيسى بن عبيد اليقطينيّ ثقة جليل في أصحابنا عدل معتمد في أخباره كلّها، سواء ما انفرد به أو ما رواه عن يونس بن عبد الرحمن وغيرها من أخباره مطلقاً، بل: مَن مثل محمد بن عيسى في أقرانه وقومه! والله العالم بحقائق الأحوال.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(1) رجال النجاشيّ، ج 2، ص219.

(2) رجال الكشّي، ص557، رقم 980.

(3) رجال النجاشي، ج2، ص242.

(4) المصدر السابق.

(5) الفهرست، ص209.

 (6) استثناء ابن بابویه له منشؤه استثناء شيخه لهؤلاء، فكان على الشيخ نسبة الاستثناء لابن الوليد لا للصدوق.

(7) الاستبصار، ج3۳، ص156.

(8) رجال النجاشيّ، ج2، ص 219.

(9) المصدر نفسه، ص 242.

(10) مَن لا يحضره الفقيه، ج2، ص 90.

(11) الفهرست، ص214.

(12) رجال النجاشي، ج 2، ص 212.

(13) الفوائد الرجاليّة للمازندرانيّ، ص88

(14) معجم رجال الحديث، ج17، ص116.

 

 

 

 

 

 




علم من علوم الحديث يختص بنص الحديث أو الرواية ، ويقابله علم الرجال و يبحث فيه عن سند الحديث ومتنه ، وكيفية تحمله ، وآداب نقله ومن البحوث الأساسية التي يعالجها علم الدراية : مسائل الجرح والتعديل ، والقدح والمدح ؛ إذ يتناول هذا الباب تعريف ألفاظ التعديل وألفاظ القدح ، ويطرح بحوثاً فنيّة مهمّة في بيان تعارض الجارح والمعدِّل ، ومن المباحث الأُخرى التي يهتمّ بها هذا العلم : البحث حول أنحاء تحمّل الحديث وبيان طرقه السبعة التي هي : السماع ، والقراءة ، والإجازة ، والمناولة ، والكتابة ، والإعلام ، والوجادة . كما يبحث علم الدراية أيضاً في آداب كتابة الحديث وآداب نقله .، هذه عمدة المباحث التي تطرح غالباً في كتب الدراية ، لكن لا يخفى أنّ كلاّ من هذه الكتب يتضمّن - بحسب إيجازه وتفصيله - تنبيهات وفوائد أُخرى ؛ كالبحث حول الجوامع الحديثية عند المسلمين ، وما شابه ذلك، ونظراً إلى أهمّية علم الدراية ودوره في تمحيص الحديث والتمييز بين مقبوله ومردوده ، وتوقّف علم الفقه والاجتهاد عليه ، اضطلع الكثير من علماء الشيعة بمهمّة تدوين كتب ورسائل عديدة حول هذا العلم ، وخلّفوا وراءهم نتاجات قيّمة في هذا المضمار .





مصطلح حديثي يطلق على احد أقسام الحديث (الذي يرويه جماعة كثيرة يستحيل عادة اتفاقهم على الكذب) ، ينقسم الخبر المتواتر إلى قسمين : لفظي ومعنوي:
1 - المتواتر اللفظي : هو الذي يرويه جميع الرواة ، وفي كل طبقاتهم بنفس صيغته اللفظية الصادرة من قائله ، ومثاله : الحديث الشريف عن النبي ( ص ) : ( من كذب علي متعمدا فليتبوأ مقعده من النار ) .
قال الشهيد الثاني في ( الدراية 15 ) : ( نعم ، حديث ( من كذب علي متعمدا فليتبوأ مقعده من النار ) يمكن ادعاء تواتره ، فقد نقله الجم الغفير ، قيل : أربعون ، وقيل : نيف وستون صحابيا ، ولم يزل العدد في ازدياد ) .



الاختلاط في اللغة : ضمّ الشيء إلى الشيء ، وقد يمكن التمييز بعد ذلك كما في الحيوانات أو لا يمكن كما في بعض المائعات فيكون مزجا ، وخالط القوم مخالطة : أي داخلهم و يراد به كمصطلح حديثي : التساهل في رواية الحديث ، فلا يحفظ الراوي الحديث مضبوطا ، ولا ينقله مثلما سمعه ، كما أنه ( لا يبالي عمن يروي ، وممن يأخذ ، ويجمع بين الغث والسمين والعاطل والثمين ويعتبر هذا الاصطلاح من الفاظ التضعيف والتجريح فاذا ورد كلام من اهل الرجال بحق شخص واطلقوا عليه مختلط او يختلط اثناء تقييمه فانه يراد به ضعف الراوي وجرحه وعدم الاعتماد على ما ينقله من روايات اذ وقع في اسناد الروايات، قال المازندراني: (وأما قولهم : مختلط ، ومخلط ، فقال بعض أجلاء العصر : إنّه أيضا ظاهر في القدح لظهوره في فساد العقيدة ، وفيه نظر بل الظاهر أنّ المراد بأمثال هذين اللفظين من لا يبالي عمّن يروي وممن يأخذ ، يجمع بين الغثّ والسمين ، والعاطل والثمين)