أقرأ أيضاً
التاريخ: 6-10-2016
1681
التاريخ: 5-7-2019
2261
التاريخ: 28-8-2020
2529
التاريخ: 21-5-2019
1516
|
أهداف الدرس:
على الطالب مع نهاية هذا الدرس أن:
1- يبيّن كيف تكون العقيدة الفاسدة مانعة من الوصول إلى الله تعالى.
2- يذكر أهمّية العقيدة وتأثيرها على مصير الإنسان.
3- يشرح كيفية معالجة العقائد الباطلة والفاسدة التي تصدّ عن جادّة الحقّ.
صلاح الإنسان بصلاح معتقداته:
العقيدة هي مجموعة من المسائل التي تشكّل الرؤية الكونية للإنسان حول الكون والوجود والإنسان، والتي تعتبر أهمّ ما في حياة الإنسان على الإطلاق، ولا يوجد أهمّ منها، لأنّها ترتبط بمصيره وبسعادته وشقائه، في دار الدنيا ودار القرار.
فعلى سبيل المثال تتناول العقيدة مسألة وجود الحياة بعد الموت، وهذه القضيّة على درجة عالية من الخطورة والأهمّية.
فإذا لم يلتفت الإنسان أو يعتقد بوجود الحياة بعد الموت، والحساب الأخرويّ، والكمالات والنّعم التي وعد بها في الدار الآخرة، فإنّه سيتصرّف بطريقة يهمل معها العقاب الإلهي، ولا يعطي أيّ أهمّية للحياة الآخرة، وللقائه تعالى فيها. وهذا الأمر لا يؤدّي إلى الجهل والفراغ فقط بل يسمح أيضاً بدخول الآراء الفاسدة والمعتقدات الباطلة. ذلك أنّ النّفس لا تقبل الجهل أبداً ولا تستأنس به، وهي ترفض ألا يكون لديها العلم بما تواجهه من مسائل وقضايا. فإذا لم تحصل على الأجوبة الصّحيحة عن تساؤلاتها، أسرعت إلى تعبئة الفراغ بما لديها من أهواء، وبما يزوّدها به أصحاب الشّبهات. ولا شكّ أنّ الأفكار الخاطئة ستكون سبباً للحرمان ولارتكاب الأخطاء واجتراح المعاصي.
ولهذا قال أمير المؤمنين عليه السلام: "الجهل أصل كلّ شرّ" (1)، ما يكون سبباً في الابتعاد عن الله والحرمان من فيضه العميم. فكلّ إنسان في هذه الحياة إنّما يسير بحسب ما يعتقده. لذا كان صلاح الإنسان منوطاً في المرحلة الأولى بإصلاح معتقداته ونظرته إلى الخالق والعالم ورؤيته التي يحملها فيما يتعلّق بالحياة والمصير والعلاقة مع الله سبحانه وتعالى. لأنّ للعقيدة التي يحملها الإنسان الدور الأساسي في تحديد مصيره ومدى قربه وبعده عن الحق تعالى وعن حقائق الإسلام ومعانيه الراقية. وإن من أكبر الموانع التي تقف سدّاً بين الإنسان وسلوك طريق الله المستقيم، تلك الأفكار الخاطئة التي قد يتبنّاها ويبني عليها حياته وسلوكه.
العقيدة وتأثيرها على كمال الإنسان:
للعقيدة التي يحملها الإنسان إذاً تأثير مباشر على مصيره، وعلى مقامه عند الله، وعلى درجة قربه منه عزّ وجلّ. لأن للعقيدة تأثيراً أكيداً على سلوك الإنسان وحركته في الخارج، وعلى أسلوب تعامله مع الآخرين، وتفاعله مع الأحداث التي تجري من حوله. فهي تحثّ الإنسان وتدفعه للتصرّف والعمل بناء على الخلفيّة الاعتقاديّة التي يحملها ويعتقد بها.
فمن كان يؤمن بالآخرة وأنّه لا محالة راحل عن هذا العالم، فسوف يسعى لها سعيها، وستكون الدار الآخرة نصب عينيه دوماً {وَمَنْ أَرَادَ الْآخِرَةَ وَسَعَى لَهَا سَعْيَهَا وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَأُولَئِكَ كَانَ سَعْيُهُمْ مَشْكُورًا} [الإسراء: 19].
ومن كان يؤمن بأنّ الله تعالى هو المؤثّر الحقيقيّ في هذا العالم {فَلَمْ تَقْتُلُوهُمْ وَلَكِنَّ اللَّهَ قَتَلَهُمْ وَمَا رَمَيْتَ إِذْ رَمَيْتَ وَلَكِنَّ اللَّهَ رَمَى وَلِيُبْلِيَ الْمُؤْمِنِينَ مِنْهُ بَلَاءً حَسَنًا إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ} [الأنفال: 17]. وأنّه الرّازق الحقيقي، والمالك لكلّ شيء، والمدبّر لكلّ شيء، {قُلْ مَنْ يَرْزُقُكُمْ مِنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ أَمَّنْ يَمْلِكُ السَّمْعَ وَالْأَبْصَارَ وَمَنْ يُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ وَيُخْرِجُ الْمَيِّتَ مِنَ الْحَيِّ وَمَنْ يُدَبِّرُ الْأَمْرَ فَسَيَقُولُونَ اللَّهُ فَقُلْ أَفَلَا تَتَّقُونَ} [يونس: 31]. فسوف يسلم وجهه إليه، ويتوكّل عليه في كلّ أموره، ولن يخشى شيئاً على الإطلاق، لأنّه على يقين أنّه بين يدي ربّ رحيم لا يريد إلّا الخير والصلاح لعباده.
ومن كان يؤمن بأنّ الله تعالى معه دائماً أينما يمّم وجهه {وَهُوَ مَعَكُمْ أَيْنَ مَا كُنْتُمْ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ} [الحديد: 4]. وأنه تعالى أقرب إليه من مصدر حياته {وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ وَنَعْلَمُ مَا تُوَسْوِسُ بِهِ نَفْسُهُ وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْ حَبْلِ الْوَرِيدِ} [ق: 16]. وأنّه شاهد على كلّ أعماله وحركاته وسكناته {وَاللَّهُ شَهِيدٌ عَلَى مَا تَعْمَلُونَ} [آل عمران: 98]. فسوف يستحيي من ربّه، ولن يتجرّأ عليه، ولن يعصيه أو يخالف له أمراً أبداً.
ومن يعتقد بأنّه لا محالة راجع إلى ربّه {إِلَيْهِ مَرْجِعُكُمْ جَمِيعًا وَعْدَ اللَّهِ حَقًّا} [يونس: 4]. وأنّه كادح إليه كدحاً {يَاأَيُّهَا الْإِنْسَانُ إِنَّكَ كَادِحٌ إِلَى رَبِّكَ كَدْحًا فَمُلَاقِيهِ} [الانشقاق: 6]. فإنّه لن يغفل عنه أبداً، ولن يهدأ له بال أو يسكن له قرار قبل أن يعدّ العدّة اللّازمة لهذا السفر الطويل، ويحضّر كل مستلزمات اللقاء بالمحبوب.
آثار الاعتقادات الباطلة:
إذاً، للعقيدة التي يحملها الإنسان تأثير على أفعاله وسلوكه في هذه الدنيا، وبالتالي على مصيره في الآخرة. ولو حاولنا الآن أن نعكس الصورة قليلاً، وأتينا بشخص لا يحمل هذه المعتقدات والمبادئ الإسلامية الأصيلة التي ذكرنا بعضاً منها آنفاً فماذا ستكون النتيجة؟
فالذي لا يؤمن بالله تعالى ولا يعتقد بأنبيائه ورسله، ولا بالدار الآخرة، والذي لا يرى نفسه في سفر، وأنه راحل عن هذا العالم إلى عالم الجزاء والحساب، والذي لا يعتقد بالمقامات المعنويّة للنفس الإنسانية، وبضرورة تهذيبها حتى تصبح مهيّأة للقاء الله تعالى، والرجوع إليه راضية مرضيّة، فكيف ستكون عاقبته؟!
الله (عزّ وجلّ) في ذكره الحكيم يكشف لنا بعض ما سيؤول إليه حال أصحاب هذه الاعتقادات الخاطئة، ويحذّر من عواقبها الوخيمة والتي منها:
1 ـ العذاب الأليم: {وَأَنَّ الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ أَعْتَدْنَا لَهُمْ عَذَابًا أَلِيمًا} [الإسراء: 10].
2 ـ الخسران والندامة: {قَدْ خَسِرَ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِلِقَاءِ اللَّهِ حَتَّى إِذَا جَاءَتْهُمُ السَّاعَةُ بَغْتَةً قَالُوا يَا حَسْرَتَنَا عَلَى مَا فَرَّطْنَا فِيهَا وَهُمْ يَحْمِلُونَ أَوْزَارَهُمْ عَلَى ظُهُورِهِمْ أَلَا سَاءَ مَا يَزِرُونَ} [الأنعام: 31].
3 ـ بطلان أعمالهم: {وَالَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا وَلِقَاءِ الْآخِرَةِ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ هَلْ يُجْزَوْنَ إِلَّا مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ} [الأعراف: 147].
4 ـ النسيان {وَقِيلَ الْيَوْمَ نَنْسَاكُمْ كَمَا نَسِيتُمْ لِقَاءَ يَوْمِكُمْ هَذَا وَمَأْوَاكُمُ النَّارُ وَمَا لَكُمْ مِنْ نَاصِرِينَ} [الجاثية: 34].
5 ـ العقاب الإلهيّ في الدنيا: {وَظَنُّوا أَنَّهُمْ إِلَيْنَا لَا يُرْجَعُونَ * فَأَخَذْنَاهُ وَجُنُودَهُ فَنَبَذْنَاهُمْ فِي الْيَمِّ فَانْظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الظَّالِمِينَ} [القصص: 39، 40].
6 ـ الحرمان من المغفرة: {إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَصَدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ ثُمَّ مَاتُوا وَهُمْ كُفَّارٌ فَلَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لَهُمْ} [محمد: 34].
وما ينبغي التنبّه إليه جيداً أيضاً، أنّ العقائد الباطلة مع ما لها من عواقب وخيمة على الإنسان المعتقد بها إلّا أنّ آثارها السلبيّة ليست محصورة فيه، بل إنّ ضررها وتأثيرها السلبي قد يصل إلى الآخرين أيضاً، وذلك عندما تدفع هذه المعتقدات الخاطئة بصاحبها من حيث يقصد أو لا يقصد إلى الصدّ عن سبيل الحق وعن صراطه المستقيم. فعندما يعتقد شخص ما أن تهذيب النفس وتزكيتها من الأهواء والأمراض الباطنية ليس أمراً ضروريّاً، أو ينكر والعياذ بالله مسألة لقاء الله والرجوع إليه، أو يعتقد بأنّ الإنسان الموالي لأهل البيت عليهم السلام لن يدخل النار ولن يعذّب مهما ارتكب من موبقات وآثام، وغيرها من الاعتقادات الخاطئة، فمثل هذه الاعتقادات إذا كان صاحبها ذا شأن أو تأثير في محيطه فمن الممكن أن يكون سبباً في دفع الآخرين إلى الاعتقاد بمثل هذه المبادئ وبالتالي الانحراف عن جادّة الصواب، والصدّ عن سبيل الله، ومنع الخير عن عباده {مَنَّاعٍ لِلْخَيْرِ مُعْتَدٍ أَثِيمٍ} [القلم: 12]، وهو يحسب نفسه من المهتدين {وَإِنَّهُمْ لَيَصُدُّونَهُمْ عَنِ السَّبِيلِ وَيَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ مُهْتَدُونَ } [الزخرف: 37]، والحق أنه من الضالّين {الَّذِينَ يَسْتَحِبُّونَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا عَلَى الْآخِرَةِ وَيَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ وَيَبْغُونَهَا عِوَجًا أُولَئِكَ فِي ضَلَالٍ بَعِيدٍ} [إبراهيم: 3].
والله عزّ وجلّ قد نهى عن الصدّ عن سبيله {وَلَا تَقْعُدُوا بِكُلِّ صِرَاطٍ تُوعِدُونَ وَتَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ مَنْ آمَنَ بِهِ وَتَبْغُونَهَا عِوَجًا وَاذْكُرُوا إِذْ كُنْتُمْ قَلِيلًا فَكَثَّرَكُمْ وَانْظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُفْسِدِينَ} [الأعراف: 86]، بل ولعن الذين يصدّون عن صراطه ووصفهم بأنهم ظالمون {وَنَادَى أَصْحَابُ الْجَنَّةِ أَصْحَابَ النَّارِ أَنْ قَدْ وَجَدْنَا مَا وَعَدَنَا رَبُّنَا حَقًّا فَهَلْ وَجَدْتُمْ مَا وَعَدَ رَبُّكُمْ حَقًّا قَالُوا نَعَمْ فَأَذَّنَ مُؤَذِّنٌ بَيْنَهُمْ أَنْ لَعْنَةُ اللَّهِ عَلَى الظَّالِمِينَ * الَّذِينَ يَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ وَيَبْغُونَهَا عِوَجًا وَهُمْ بِالْآخِرَةِ كَافِرُونَ } [الأعراف: 44، 45].
علاج العقائد الباطلة:
بعد معرفة دور العقائد الفاسدة وتأثيرها على سلوك الإنسان في الحياة الدنيا وبالتالي على مصيره في الحياة الآخرة، على اللبيب أن يفكر مليّاً في كيفيّة التخلّص من هذه الشبهات العقائدية التي تحول دون ارتباطه بالله عزّ وجلّ، وتحرمه من لقائه، ولا يوجد طريق للتخلّص من هذا المانع والعائق الخطير سوى وسيلة واحدة، هي التعرف إلى مبادئ وعقائد هذا الدين الحنيف وتعلّمها. فالعلم والمعرفة بأسس هذا الدين ومعتقداته الأصيلة هو الذي يهدي الإنسان إلى صراط الله المستقيم، وينجيه ويعصمه من الوقوع في المهالك والمزلّات. ومن الطبيعي أنّ العلم وحده لا يكفي، بل لا بدّ أن يصحبه العمل بهذه المبادئ والمعتقدات الإسلامية حتى لا يغدو مصداقاً لقوله تعالى:
{يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لِمَ تَقُولُونَ مَا لَا تَفْعَلُونَ * كَبُرَ مَقْتًا عِنْدَ اللَّهِ أَنْ تَقُولُوا مَا لَا تَفْعَلُونَ} [الصف: 2، 3]، ولأنّ العلم لا يثبت ولا يمكن أن يستقرّ في النفس إلّا بالعمل كما قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: "العلم يهتف بالعمل، فإن أجابه وإلّا ارتحل عنه" (2).
كما أنّ هناك بعض الآداب والأمور التي ينبغي للإنسان المتعلّم التنبّه إليها ومراعاتها وهي:
1 ـ أن يعلم أنَّ ما يعلمه فيما لا يعلمه قليل، لذا عليه ألا يجيز لنفسه إنكار كل ما لا يرقى إلى مستوى فهمه وعقله، بل عليه أن يذره في بقعة الإمكان فعسى أن يأتي عليه يوم يفتح الله عليه باب العلم به.
2 ـ الاعتراف المسبق باحتمال وجود الأفكار الخاطئة والآراء الفاسدة لديه، لأنّ الثّقة المطلقة بالنفس تكون عائقاً في بعض الأحيان دون الاطّلاع على حقائق الأمور، كما في الحديث عن أمير المؤمنين عليه السلام قال: "اتّهموا عقولكم، فإنّه من الثّقة بها يكون الخطأ" (3).
3 ـ الصدق والإخلاص في طلب المعارف الإلهية حيث يقصد بعمله وجه الله تعالى، وامتثال أمره، وإصلاح نفسه، وإرشاد عباده إلى معالم دينه، ولا يقصد بذلك عرض الحياة الدنيا من تحصيل مال أو جاه أو شهرة، فعن الإمام الصادق عليه السلام قال: "من تعلّم لله عزّ وجلّ، وعمل لله، وعلّم لله دعي في ملكوت السماوات عظيماً" (4).
4 ـ إنّ تبادل وجهات النّظر بعيداً عن التعصّب من الشروط المهمّة أيضاً لتصحيح العقيدة، فمن وصيّة لأمير المؤمنين عليه السلام يقول: "اضربوا بعض الرأي ببعض يتولّد منه الصواب" (5)، وعنه عليه السلام أيضاً:
"من استقبل وجوه الآراء عرف مواقع الخطأ" (6)، وعن الإمام الصادق عليه السلام قال: "من تعلّم العلم ليماري به السفهاء، أَو يباهي به العلماء، أو يصرف وجوه الناس إليه ليرئّسوه ويعظّموه، فليتبوّأ مقعده من النار" (7).
5 ـ عدم التسرّع في إعطاء الرأي وإبداء وجهة النظر، والانتظار حتى تتبلور وتتّضح الفكرة فتكون قابلة للاعتماد عليها. فعن الإمام علي عليه السلام أنه قال: "الرأي مع الأناة" (8)، وممّا أوصى به عليه السلام ولده الإمام الحسن المجتبى عليه السلام: "أنهاك عن التسرّع في القول والفعل" (9).
6 ـ الدعاء وطلب العناية من الله تعالى من خلال التوسّل بأهل البيت عليهم السلام. وهذا له تأثير كبير جداً في التوصّل إلى المعتقدات العلميّة والمعارف الحقّة.
وعليه نصل إلى هذه النتيجة ومفادها أنّ سرّ السعادة والفلاح في الدنيا والآخرة منوط بعلاقة الإنسان بربّه وبحضوره تعالى في حياته، فكلما كان حضور الله تعالى أقوى كان القرب منه أشدّ وأكثر. وشرط هذا الحضور الاعتقاد السليم والصحيح بأنه تعالى معنا دائماً، وشاهد علينا، وقريب منّا إلى الحدّ الذي يحول فيه تعالى بيننا وبين قلوبنا {وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ يَحُولُ بَيْنَ الْمَرْءِ وَقَلْبِهِ وَأَنَّهُ إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ} [الأنفال: 24]، وأنّنا إليه راجعون.
مثل هذا الاعتقاد والعمل بمقتضاه، مقدمة ضروريّة وأساسيّة تؤهّل الإنسان للارتباط الصحيح والقويّ بالله عزّ اسمه، وتساعده على دوام استحضار وجوده وعدم الغفلة عنه أبداً.
المفاهيم الرئيسة:
1 ـ العقيدة هي مجموعة من المسائل التي تشكّل الرؤية الكونية للإنسان والتي ترتبط بمصيره وبسعادته وشقائه، في دار الدنيا ودار القرار.
2 ـ العقيدة منشأ سلوك الإنسان وحركته في الخارج. فهو يتصرّف ويعمل بناء للخلفيّة الاعتقاديّة التي يحملها ويعتقد بها.
3 ـ للعقيدة تأثير مباشر على مصير الإنسان، لأن للعقيدة تأثيراً أكيداً على سلوك الإنسان وحركته في الخارج.
4 ـ إذا كانت اعتقادات الإنسان خاطئة وباطلة فمن الطبيعي أن تكون أعماله باطلة أيضاً وغير مقبولة وبالتالي سوف ينعكس الأمر على مصيره في الآخرة المرهونة بالأصل بأعماله.
5 ـ العقائد الباطلة مع ما لها من عواقب وخيمة على الإنسان المعتقد بها إلّا أن آثارها السلبيّة ليست محصورة فيه، بل إنّ ضررها وتأثيرها السلبي قد يصل إلى الآخرين أيضاً.
6 ـ تصحيح الاعتقادات الباطلة يكون بتعلّم العقائد الصحيحة مع مراعاة بعض الآداب الأساسيّة.
7 ـ العلم والمعرفة بأسس هذا الدين ومعتقداته الأصيلة هو الذي يهدي الإنسان إلى صراط الله المستقيم، وينجيه ويعصمه من الوقوع في المهالك والمزلّات.
8 ـ إنّ العلم وحده لا يكفي، بل لا بدّ أن يصحبه العمل بهذه المبادئ والمعتقدات الإسلامية.
9 ـ إنّ سرّ السعادة والفلاح في الدنيا والآخرة منوط بعلاقة الإنسان بربّه وبحضوره تعالى في حياته، فكلما كان حضور الله تعالى أقوى كان القرب منه أشدّ وأكثر. وشرط هذا الحضور الاعتقاد السليم والصحيح بأنّه تعالى معنا دائماً.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) الآمدي، غرر الحكم، ص 73.
(2) العلامة المجلسي، بحار الأنوار، ج2، ص 33.
(3) الآمدي، غرر الحكم، ص 56.
(4) الشيخ الكليني، الكافي، ج1، ص 35.
(5) المصدر نفسه، ج1، ص 1024.
(6) العلامة المجلسي، بحار الأنوار، ج2، ص 29.
(7) المصدر نفسه، ج2، ص 31.
(8) المصدر نفسه، 75، ص 81.
(9) الحر العاملي، وسائل الشيعة، ج27، ص 167.
|
|
تأثير القهوة على الصحة.. ماذا تقول الدراسات الحديثة؟
|
|
|
|
|
ثورة تكنولوجية.. غوغل تطلق شريحة كمومية "تنجز عمليات معقدة" في 5 دقائق
|
|
|
|
|
العتبة الحسينية توزع المساعدات الإنسانية للعائدين إلى لبنان
|
|
|