المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية


Untitled Document
أبحث عن شيء أخر المرجع الالكتروني للمعلوماتية



شروط إعطاء الحرية  
  
1574   10:26 صباحاً   التاريخ: 18-8-2022
المؤلف : د. علي القائمي
الكتاب أو المصدر : حدود الحرية في التربية
الجزء والصفحة : ص159ـ 164
القسم : الاسرة و المجتمع / الطفولة /

ضرورة إعطاء الحرية المقيدة والمشروطة، وأن الطفل لا يترك لحاله ولا يوضع في قيد وقد انعم الله عليه بالحرية، والشيء المهم هو أن يتناسب ذلك مع عمره وقابليته ووسعه وأن الحرية له نعمة وليس فخاً يوجب الأخطار، ثبت علمياً هذه الأيام بأن الإنسان بحاجة إلى حرية عامة تتناسب مع حجمه لأجل رشده في جميع المجالات، وما يقرره الإسلام لذلك هو اقتران ذلك مع التقوى ورعاية ضوابط الشرع.

أصل الإباحة

الحرية في الإسلام تقع من ضمن الموارد التي تتفرع من أصل الإباحة، ولدينا أساس فقهي لهذا الأصل يقول: كل شيء مطلق حتى يرد نهي فيه(1)، وهذا يعني أن المنع لا يصدر من الشارع حول حالات وحركات ومواضع الفرد حتى نعثر على دليل لذلك، وأن الموانع هي أمور عارضة يستفاد منها عند الضرورة.

الطفل وحسب ضوابطه الطبيعية يلعب ويركض ويقفز ويتحرك وتصدر منه فعاليات وهو حر بذلك، ولكن عندما يكون سلوكه موجباً للضرر له وللآخرين أو يخالف به ضوابط الشرع فإننا نضع الموانع أمامه، وعلى هذا الأساس فهو حر في لعبه وحركته ولكنه غير مجاز في تعريض مكانته ومكانة الآخرين إلى اللعب، يمكنه القيام والأقدام على تنفيذ رغبته ولكنه ليس لديه الحق أن يقتل نفسه أو يؤذي الآخرين.

الشروط اللازمة

هناك الكثير من الضوابط والشروط التي يجب ملاحظتها في حرية الطفل ويمكن ذكر بعضها:

1ـ شرط العمر: أنه لكل عمر مقتضى وعلى ضوئه يجب التعامل، لحرية الأطفال الصغار معنى واستعمال خاص، ولأطفال الابتدائية والمتوسطة معنى واستعمالاً آخر في بعض المراحل يكون الخطر أقرب للطفل من المراحل الاخرى كالطفل الذي يمشي تواً أو في مرحلة الزحف، هنا تضييق مساحة حريته لأنه معرض للسقوط من الدرج وفي الحوض والبئر، ويجب أن تستمر الرقابة والسيطرة عليه حتى يصل إلى مرحلة الادراك والفهم.

2ـ شرط الجنس: النظام التربوي في الإسلام ثنائي، تربية الولد تختلف عن تربية البنت مع جميع المساواة الموجودة في الكليات المربوطة بالإنسانية.

لا شك انه من الواجب اتصافهما بالعفة والتقوى ولكن الإسلام يفرض عفة أكثر على البنت لكونها أم المستقبل القريب ومربية الجيل، ولكونها أسرع بلوغاً وأكثر عرضة للضرر في الجانب الأخلاقي لهذا فإن الإسلام يبني حولها طوق المراقبة بوقت اقرب، وكذلك فإن بلوغها الشرعي قبل الولد وكذلك التزامها بالحلال والحرام والواجب والمستحب.

3ـ شروط البلوغ: يجب أن يكون هناك تناسب بين الحرية المعطاة وبين درجة البلوغ في جميع جوانبه المختلفة الجسمية والذهنية والعاطفية والروحية وقد تشمل كذلك الجوانب الدينية والأخلاقية والسياسية والاجتماعية والثقافية والاقتصادية.

وقد اشترطنا هذا العامل لأن الحرية الإفراطية تؤدي أحياناً إلى الانحراف وأن الشخص غير الواجد للبلوغ في الجانب المعني من قبله قد يسبب له السقوط، في حين أن الأساس من إعطاء الحرية هو ليتمكن الفرد من الغلبة على سلبياته وشهواته ويسيطر على أهوائه.

لا شك أن الطفل الذكي والعاقل يستطيع جذب الحرية أكثر من غيره وتسخيرها في سبيل الوصول إلى الهدف وهذه المسالة منفصلة عن العمر، ومن الطبيعي أن معرفة ذلك له علاقة في التعمق بالأفعال والأقوال والسلوك وجميع ذلك يشير إلى حسن شخصيته.

4ـ شرط القانون: حرية الطفل مشروطة بالقانون، وطبعاً هناك اختلاف في الآراء حول مصدر هذا القانون، فيمكن أن يكون الملاك الشرع او العرف أو الاستنباط الشخصي والمهم هو تعيين قاعدة وضابطة تنال القبول ومن ثم نضعها في إطار التنفيذ.

مع وجود العطف والحب الشديد من قبل الآباء والمربين إلا أنه يجب أن لا يترددوا في الجانب الطبيعي، يبتسمون في موقع الابتسامة ويراعون الجانب الضبطي في محل الضبط.

الطفل الواعي لقبح السرقة يجب عليه اجتنابها، وعليه ان يعرف أن خيانة الأمانة تستحق العقاب، ويجب علينا أن نسعى وفي جميع الأحوال للحيلولة دون تعرضه للضرر أو أن تصير عبئاً عليه لأنه يحق له أن يعيش حراً ومستراح البال وطبيعياً.

5ـ شرط المصلحة: لا يفوتنا من أن جميع البحوث حول الحرية نبغي منها رسم برنامج لحياةٍ قائمة على المصلحة، بعبارة أخرى أن توسيع الحريات أو تضييقها يجب ان يصب في خير وصلاح الطفل وليس لتعقيده أو الانتقام منه.

يجب مراعاة حفظ الكرامة واجتناب الذل والحيلولة دون هتك الحرمات وأخذ كل ذلك بنظر الاعتبار ولا يجوز بأي حال من الأحوال نسيان المقام الرفيع للإنسان، فهو أمانة الله لدى الوالدين والمربين والجميع معنيون بحفظ هذه الأمانة ولا يجب أن نسمح بإنبات بذرة الانحراف في داخله.

نعم من الممكن أن تكون الحرية من جانب آخر مناسبة ولكن الآن وتحت هذه الظروف ليست بمصلحة وصلاح الطفل كما في قصة الطفل المريض الذي تكون الحركة بالنسبة إليه مضرة أو أن هذه الحركة تكون بضرر مريض آخر.

6ـ شرط الحاجة: يجب الالتفات إلى أصل الحاجة في موضوع إعطاء الحرية، الطفل بحاجة إلى السخط والدفاع والتدريب على الدفاع، بحاجة إلى المحبة والحب، وحتى أنه بحاجة إلى نسبة من الاضطراب والقلق، والخوف تعتبر هذه العواطف للحياة الطبيعية والانسانية للطفل ولا يحق لنا أن نسلب جميع تلك الامور التي تقع تحت اسم التربية والتنظيم والتي هي مهمة لوجوده.

الطفل بحاجة إلى اللعب والمعاشرة والسرور وإثبات الوجود وحتى الغرور وإظهار النفس هو بحاجة إلى إظهار العقيدة واعطاء الرأي والحصول على الاحتياجات الأولية، وانتخاب لون الملابس، والى الاستقلالية في تناول الطعام واللعب في الألعاب، وفي جميع الموارد السابقة توضع الحرية في اختياره وفق الشروط الثلاثة التالية: رعاية الضوابط، عدم إضرار نفسه، عدم إضرار الآخرين، ولا يجوز بتاتاً سلب الحرية من الطفل، لأجل حفظ منافعه أو الدفاع عن مكانته.

7ـ شروط المعرفة: المعرفة شرط مهم وأساسي للحرية الصحيحة للفرد والمجتمع. يستطيع الفرد أن يستفيد من الحياة بصورة صحيحة ما تمكن من التفكير الصحيح والمقارنة بين الأمور بشكل صحيح ومن ثم الانتخاب والتصميم على الرفض او القبول، وجميع ذلك يختلف حسب عمر الطفل.

يجب إعطاء الحرية للطفل بالنسبة التي يدركها ويفهمها لكي يتمكن من حل مسائله الشخصية بأسلوب منطقي ويراقب أعماله ويحاسب نفسه على ذلك (إن الحر حر في جميع أحواله)(2).

الأصول الإسلامية

كل ما قلناه يؤيده الإسلام وهناك بعض الاصول الاخرى يجب إضافتها مثل رعاية أصل العبودية، التوحيد، الفضائل الأخلاقية، الكرامة، الضوابط الشرعية، العدالة والانصاف، وعموماً يجب الالتفات إلى النكات التالية:

ـ يقبح ان يذل الفرد وجوده، او الاستسلام للذل(3).

ـ ان الله تعالى فوّض الى المؤمن كل شيء الا الذل(4).

ـ الحرية منزهة عن كل أنواع المكر والخداع والغش(5).

ـ حسب رأي كانت: الإرادة الحرة هي التي تكون مطابقة لأمر القانون(6).

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

1ـ وسائل الشيعة: الشيخ الحر العاملي، ج6، ص289.

2ـ أصول الكافي ج2، ص89، عن الإمام الصادق (عليه السلام).

3ـ المحجة البيضاء: ج4، ص108.

4ـ الكافي: ج5، ص64، حديث عن الرسول (صلى الله عليه وآله).

5ـ غرر الحكم: حديث رقم 1485.

6ـ جانت اسميت: من ولف إلى كانت ص330. 




احدى اهم الغرائز التي جعلها الله في الانسان بل الكائنات كلها هي غريزة الابوة في الرجل والامومة في المرأة ، وتتجلى في حبهم ورعايتهم وادارة شؤونهم المختلفة ، وهذه الغريزة واحدة في الجميع ، لكنها تختلف قوة وضعفاً من شخص لآخر تبعاً لعوامل عدة اهمها وعي الاباء والامهات وثقافتهم التربوية ودرجة حبهم وحنانهم الذي يكتسبونه من اشياء كثيرة إضافة للغريزة نفسها، فالابوة والامومة هدية مفاضة من الله عز وجل يشعر بها كل اب وام ، ولولا هذه الغريزة لما رأينا الانسجام والحب والرعاية من قبل الوالدين ، وتعتبر نقطة انطلاق مهمة لتربية الاولاد والاهتمام بهم.




يمر الانسان بثلاث مراحل اولها الطفولة وتعتبر من اعقد المراحل في التربية حيث الطفل لا يتمتع بالإدراك العالي الذي يؤهله لاستلام التوجيهات والنصائح، فهو كالنبتة الصغيرة يراقبها الراعي لها منذ اول يوم ظهورها حتى بلوغها القوة، اذ ان تربية الطفل ضرورة يقرها العقل والشرع.
(أن الإمام زين العابدين عليه السلام يصرّح بمسؤولية الأبوين في تربية الطفل ، ويعتبر التنشئة الروحية والتنمية الخلقية لمواهب الأطفال واجباً دينياً يستوجب أجراً وثواباً من الله تعالى ، وأن التقصير في ذلك يعرّض الآباء إلى العقاب ، يقول الإمام الصادق عليه السلام : « وتجب للولد على والده ثلاث خصال : اختياره لوالدته ، وتحسين اسمه ، والمبالغة في تأديبه » من هذا يفهم أن تأديب الولد حق واجب في عاتق أبيه، وموقف رائع يبيّن فيه الإمام زين العابدين عليه السلام أهمية تأديب الأولاد ، استمداده من الله عز وجلّ في قيامه بذلك : « وأعني على تربيتهم وتأديبهم وبرهم »)
فالمسؤولية على الاباء تكون اكبر في هذه المرحلة الهامة، لذلك عليهم ان يجدوا طرقاً تربوية يتعلموها لتربية ابنائهم فكل يوم يمر من عمر الطفل على الاب ان يملؤه بالشيء المناسب، ويصرف معه وقتاً ليدربه ويعلمه الاشياء النافعة.





مفهوم واسع وكبير يعطي دلالات عدة ، وشهرته بين البشر واهل العلم تغني عن وضع معنى دقيق له، الا ان التربية عُرفت بتعريفات عدة ، تعود كلها لمعنى الاهتمام والتنشئة برعاية الاعلى خبرة او سناً فيقال لله رب العالمين فهو المربي للمخلوقات وهاديهم الى الطريق القويم ، وقد اهتمت المدارس البشرية بالتربية اهتماماً بليغاً، منذ العهود القديمة في ايام الفلسفة اليونانية التي تتكئ على التربية والاخلاق والآداب ، حتى العصر الاسلامي فانه اعطى للتربية والخلق مكانة مرموقة جداً، ويسمى هذا المفهوم في الاسلام بالأخلاق والآداب ، وتختلف القيم التربوية من مدرسة الى اخرى ، فمنهم من يرى ان التربية عامل اساسي لرفد المجتمع الانساني بالفضيلة والخلق الحسن، ومنهم من يرى التربية عاملاً مؤثراً في الفرد وسلوكه، وهذه جنبة مادية، بينما دعا الاسلام لتربية الفرد تربية اسلامية صحيحة.