المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية


Untitled Document
أبحث عن شيء أخر المرجع الالكتروني للمعلوماتية
القيمة الغذائية للثوم Garlic
2024-11-20
العيوب الفسيولوجية التي تصيب الثوم
2024-11-20
التربة المناسبة لزراعة الثوم
2024-11-20
البنجر (الشوندر) Garden Beet (من الزراعة الى الحصاد)
2024-11-20
الصحافة العسكرية ووظائفها
2024-11-19
الصحافة العسكرية
2024-11-19

Michael Stifel
23-10-2015
طبقات العرب
8-11-2016
الدارات المنطقية التتابعية
2023-08-16
اثر اعتناق الآراء السياسية في التشريع العراقي وبعض الدول
21-10-2015
الصفات التي تتميز بها الخريطة السياحية- التبسيط والتعميم
6-4-2022
كربونات المغنيزيوم
31-8-2016


محمد بن الحسن بن دُرَيد بن عَتاهِية  
  
3989   01:58 صباحاً   التاريخ: 13-08-2015
المؤلف : ياقوت الحموي
الكتاب أو المصدر : معجم الأدباء (إرشاد الأريب إلى معرفة الأديب)
الجزء والصفحة : ج5، ص296-306
القسم : الأدب الــعربــي / تراجم الادباء و الشعراء و الكتاب /


أقرأ أيضاً
التاريخ: 13-08-2015 2091
التاريخ: 10-04-2015 2979
التاريخ: 30-12-2015 19368
التاريخ: 19-06-2015 2163

 ابن حنتم بن حمامي بن واسع بن وهب بن سلمة بن حنتم بن حاضر بن جشم بن ظالم بن أسد بن عدي بن مالك بن فهم بن غنم بن دوس بن عدنان بن عبد الله بن زهير -ويقال زهران -ابن كعب بن الحارث بن عبد الله بن مالك بن نضر بن الأزد بن الغوث بن نبت بن مالك بن زيد بن كهلان بن سبأ بن يشجب بن يعرب بن قحطان.

 مات يوم الأربعاء لاثنتي عشرة ليلة بقيت من رمضان سنة إحدى وعشرين وثلاثمائة وفي هذا اليوم مات أبو هاشم عبد السلام بن محمد الجبائي فقيل مات علما اللغة والكلام ودفنا جميعا في مقبرة الخيزران وقال المرزباني دفن بالعباسية من الجانب الشرقي في ظهر سوق السلاح من الشارع الأعظم وقال التنوخي ورجاله دفن ابن دريد بظهر السوق الجديدة المعروفة بمقابر العباسية من الجانب الشرقي ومولده بالبصرة في سكة صالح في خلافة المعتصم سنة ثلاث وعشرين ومائتين وبالبصرة تأدب وعلم اللغة وأشعار العرب وقرأ على علماء البصرة ثم صار إلى عمان فأقام بها مدة ثم صار إلى جزيرة ابن عمر ثم صار إلى فارس فسكنها مدة ثم قدم بغداد فأقام بها إلى أن مات.

 وحدث أبو بكر بن علي قال: أبو بكر بن دريد بصري المولد ونشأ بعمان وتنقل في جزائر البحر والبصرة وفارس وطلب الأدب وعلم العربية وكان أبوه من الرؤساء وذوي اليسار وورد بغداد بعد أن أسن فأقام بها إلى آخر عمره وروى عن عبد الرحمن ابن أخي الأصمعي وأبي حاتم السجستاني وأبي الفضل الرياشي وكان رأس أهل هذا العلم وروى عنه خلق منهم أبو سعيد السيرافي وأبو عبيد الله المرزباني وأبو الفرج علي بن الحسين الأصبهاني وله شعر كثير وروى من أخبار العرب وأشعارها ما لم يروه كثير من أهل العلم.

وقال أبو الطيب اللغوي في كتاب مراتب النحويين عند ذكر ابن دريد: هو الذي انتهت إليه لغة البصريين وكان أحفظ الناس وأوسعهم علما وأقدرهم على شعر وما ازدحم العلم والشعر في صدر أحد ازدحامهما في صدر خلف الأحمر وابن دريد وتصدر ابن دريد في العلم ستين سنة وأول شعر قاله: [البسيط]

 (ثوب الشباب عليّ اليوم بهجته ... فسوف تنزعه عني يد الكبر)

 (أنا ابن عشرين ما زادت ولا نقصت ... إن ابن عشرين من شيب على خطر)

 وكان يقال: ابن دريد أشعر العلماء وأعلم الشعراء قال الخطيب وقال محمد بن دريد كان أول من أسلم من آبائي حمامي وهو من السبعين راكبا الذين خرجوا مع عمرو بن العاص من عمان إلى المدينة لما بلغهم وفاة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم حتى أدوه وفي ذلك يقول قائلهم: [الطويل]

 (وفينا لعمرو يوم عمرو كأنه ... طريد نفته مذحج والسكاسك)

 وحدث أبو علي التنوخي قال حدثني جماعة أن ابن دريد قال كان أبو عثمان الأشنانداني معلمي وكان عمي الحسين بن دريد يتولى تربيتي فكان إذا أراد الأكل استدعى أبا عثمان ليأكل معه فدخل يوما عمي وأبو عثمان يرويني قصيدة الحارث بن جلزة أولها:

                                             (آذنتنا ببينها أسماء)

 فقال له عمي: إذا حفظت هذه القصيدة وهبت لك كذا وكذا ثم دعا المعلم ليأكل معه فدخل إليه فأكلا وتحدثا بعد الأكل ساعة فإلى أن رجع المعلم حفظت ديوان الحارث بن حلزة بأسره فخرج المعلم فعرفته ذلك فاستعظمه وأخذ يعتبره علي فوجدني قد حفظته فدخل إلى عمي فأخبره فأعطاني ما كان وعدني به.

 

 قال الخطيب عمن رأى ابن دريد أنه قال: كان ابن دريد واسع الحفظ جدا ما رأيت أحفظ منه وكانت تقرأ عليه دواوين العرب كلها أو أكثرها فيسابق إلى إتمامها من حفظه وما رأيته قط قرىء عليه ديوان شاعر إلا وهو يسابق إلى روايته لحفظه له قال وسئل عنه الدار قطني فقال قد تكلموا فيه قال وقال أبو ذر عبد الله بن أحمد الهروي سمعت ابن شاهين يقول كنا ندخل على ابن دريد ونستحي منه لما نرى من العيدان المعلقة والشراب المصفى موضوع وقد كان جاوز التسعين سنة هذا كله من كتاب أبي بكر بن علي.

 وقال أبو منصور الأزهري في مقدمة كتاب التهذيب: وممن ألف في زماننا الكتب فرمي بافتعال العربية وتوليد الألفاظ وإدخال ما ليس من كلام العرب في كلامها أبو بكر محمد بن دريد صاحب كتاب الجمهرة وكتاب اشتقاق الأسماء وكتاب الملاحن وقد حضرته في داره ببغداد غير مرة فرأيته يروي عن أبي حاتم والرياشي وعبد الرحمن ابن أخي الأصمعي وسألت إبراهيم بن محمد بن عرفة عنه فلم يعبأ به ولم يوثقه في روايته وألفيته أنا على كبر سنه سكران لا يكاد يستمر لسانه على الكلام من سكره وقد تصفحت كتابه الذي أعاره اسم الجمهرة فلم أرد لا على معرفة ثاقبة ولا قريحة جيدة وعثرت من هذا الكتاب على حروف كثيرة أنكرتها ولم أعرف مخارجها فأثبتها في كتابي في مواقعها منه لأبحث أنا وغيري عنها.

 وقال أبو ذر الهروي: سمعت أبا منصور الأزهري يقول دخلت على ابن دريد فرأيته سكران فلم أعد إليه وقال غير أبي منصور كان ابن دريد قد أملى الجمهرة في فارس ثم أملاها بالبصرة وببغداد من حفظه قال فلذلك قلما تتفق النسخ وتراها كثيرة الزيادة والنقصان ولما أمله بفارس علامة تعلم من أول الكتاب والنسخة التي عليها المعول هي الأخيرة وآخر ما صح من النسخ: نسخة أبي الفتح عبيد الله بن أحمد النحوي جخجخ لأنه كتبها من عدة نسخ وقرأها عليه.

 وحدث المرزباني قال: قال ابن دريد خرجت أريد زهران بعد دخول البصرة فمررت بدار كبيرة قد خربت فكتبت على حائطها: [الرمل]

 (أصبحوا بعد جميع فرقا ... وكذا كل جميع مفترق)

 فمضيت ورجعت فإذا تحته مكتوب: [الرمل]

 (ضحكوا والدهر عنهم صامت ... ثم أبكاهم دما حين نطق)

 قال: وخرجنا نريد عمان في سفر لنا فنزلنا بقرية تحت نخل فإذا بفاختتين تتزاقان فسنح لي أن قلت: [الطويل]

 (أقول لورقاوين في فرع نخلة ... وقد طفل الإمساء أو جنح العصر)

 (وقد بسطت هاتا لتلك جناحها ... ومر على هاتيك من هذه النحر)

 (ليهنكما أن لم تراعا بفرقة ... وما دب في تشتيت شملكما الدهر)

 (فلم أر مثلي قطع الشوق قلبه ... على أنه يحكي قساوته الصخر)

 قال: وأخبرني محمد بن الحسن بن دريد قال سقطت من منزلي بفارس فانكسرت ترقوتي فسهرت ليلي فلما كان في آخر الليل حملتني عيناي فرأيت في نومي رجلا طويلا أصفر الوجه كوسجا دخل علي وأخذ بعضادتي الباب وقال أنشدني أحسن ما قلت في الخمر فقلت ما ترك أبو نواس شيئا فقال أنا أشعر منه فقلت ومن أنت قال أبو ناجية من أهل الشام ثم أنشدني: [الطويل]

(وحمراء قبل المزج صفراء بعده ... بدت بين ثوبي نرجس وشقائق)

 (حكت وجنة المعشوق صرفا فسلطوا ... عليها مزاجا فاكتست لون عاشق)

 فقلت له: أسأت. قال ولم قلت لأنك قلت وحمراء فقدمت الحمرة ثم قلت بدت بين ثوبي نرجس وشقائق فقدمت الصفرة فألا قدمتها على الأخرى كما قدمتها على الأولى فقال وما هذا الاستقصاء في هذا الوقت يا بغيض؟

 وحدث قال: كتب ابن دريد إلى ابن أبي علي أحمد بن محمد بن رستم: [الطويل]

 (حجابك صعب يجبه الحر دونه ... وقلبي إذا سيم المذلة أصعب)

 (وما أزعجتني نحو بابك حاجة ... فأجشم نفسي رجعة حين أحجب)

 وحدث أيضا قال: وعد أبو بكر أبا الحسين عمر بن محمد بن يوسف القاضي أن يصير إليه فقطعه المطر فكتب إليه أبو بكر: [الطويل]

 (مناويك في بذل النوال وإنه ... ليعجز عن أدنى مداك ويحسر)

 (عداني عن حظي الذي لا أبيعه ... بأنفس ما يحظى به المتخير)

 (لم الغيث واعذر من لقاؤك عنده ... يعادل نيل الخلد بل هو أكبر)

 فأجابه أبو الحسين: [الطويل]

 (على الرسل في بري فقد عظم الشكر ... ولم أك ذا شكر وإن جل ما يعرو)

 (مدائح مثل الغيث جادت عيونها ... سحاب توالى من جوانبها قطر)

 ومن شعر أبي بكر بن دريد: [البسيط]

 (عانقت منه وقد مال النعاس به ... والكأس تقسم سكرا بين جلاسي)

 (ريحانة ضمخت بالمسك ناضرة ... تمج برد الندى في حر أنفاسي)

وله يرثي عبد الله بن عمارة: [الطويل]

 (بنفسي ثرى ضاجعت في بيته البلى ... لقد ضم منك الغيث والليث والبدرا)

 (فلو أن حيا كان قبرا لميت ... لصيرت أحشائي لأعظمه قبرا)

 (ولو أن عمري كان طوع إرادتي ... وساعدني المقدار قاسمتك العمرا)

 (وما خلت قبرا وهو أربع أذرع ... يضم ثقال المزن والطود والبحرا)

 وحدث الخطيب فيما أسنده إلى إسماعيل بن سويد: أن سائلا جاء إلى ابن دريد فلم يكن عنده غير دن نبيذ فوهبه له فجاء غلامه وأنكر عليه ذلك فقال أي شيء أعمل لم يكن عندي غيره ثم تلا قوله تعالى {لن تنالوا البر حتى تنفقوا مما تحبون} فما تم اليوم حتى أهدي له عشرة دنان فقال الغلام تصدقنا بواحد وأخذنا عشرة.

 وقال جحظة يرثيه: [البسيط]

 (فقدت بابن دريد كل منفعة ... لما غدا ثالث الأحجار والترب)

 (وكنت أبكي لفقد الجود مجتهدا ... فصرت أبكي لفقد الجود والأدب)

 وقال محمد بن إسحاق: ولابن دريد من الكتب كتاب الجمهرة في اللغة كتاب المجتنى كتاب الأمالي كتاب اشتقاق أسماء القبائل كتاب الملاحن كتاب المقتبس كتاب المقصور والممدود كتاب الوشاح على حذو المحبر لابن حبيب كتاب الخيل الكبير كتاب الخيل الصغير كتاب الأنواء كتاب السلاح كتاب غريب القرآن لم يتم كتاب فعلت وأفعلت كتاب أدب الكاتب كتاب تقويم اللسان على مثال كتاب ابن قتيبة ولم يجرده من المسودة فلم يخرج منه شيء يعول عليه كتاب المطر.

وقال أبو الحسن الدريدي: حضرت وقد قرأ أبو علي بن مقلة وأبو حفص كتاب المفضل بن سلمة الذي يرد فيه على الخليل بن أحمد على أبي بكر بن دريد فكان يقول صدق أبو طالب في شيء إذا مر به وكذب أبو طالب في شيء آخر ثم رأيت هذا الكلام وقد جمعه أبو حفص في نحو المائة ورقة وترجمه بالتوسط.

 ومن شعر ابن دريد: [الطويل]

 (وقد ألفت زهر النجوم رعايتي ... فإن غبت عنها فهي عني تسأل)

 (يقابل بالتسليم منهن طالع ... ويومئ بالتوديع منهن آفل)

 وأما مقصورة ابن دريد المشهورة فإنه قالها يمدح بها الأمير أبا العباس إسماعيل بن عبد الله بن محمد بن ميكال بن عبد الواحد بن جبريل بن القاسم بن بكر بن ديواستي وهو سور بن سور بن سور بن سور أربعة الملوك ابن فيروز بن يزدجرد بن بهرام جور قالها فيه وفي أبيه وكان الأمير أبو العباس رئيس نيسابور ومتقدمها وذكر أبو علي البيهقي المعروف بالسلامي في كتاب النتف والطرف أن ابن دريد صنف كتاب الجمهرة للأمير أبي العباس إسماعيل بن عبد الله بن ميكال أيام مقامه بفارس فأملاه عليه إملاء ثم قال:

 حدثني أبو العباس الميكالي قال: أملى علي أبو بكر الدريدي كتاب الجمهرة من أوله إلى آخره حفظا في سنة سبع وتسعين ومائتين فما رأيته استعان عليه بالنظر في شيء من الكتب إلا في باب الهمزة واللفيف فإنه طالع له بعض الكتب قال وكفاك بها فضيلة وعجيبة أن يتمكن الرجل من علمه كل التمكن ثم لا يسلم مع ذلك من الألسن حتى قيل فيه: [مجزوء الرجز]

 (ابن دريد بقره ... وفيه عي وشره)

 (ويدعي من حمقه ... وضع كتاب الجمهره)

(وهو كتاب العين إلا ... أنه قد غيره)

 وقد ذكرت هذه الحال في أخبار أبي العباس إسماعيل بن عبد الله بأبسط من هذا وكتب ابن دريد إلى عيسى بن داود الجراح الوزير: [الطويل]

 (أبا حسن والمرء يخلق صورة ... تنم على ما ضمنته الغرائز)

 (إذا كنت لا ترجى لنفع معجل ... وأمرك بين الشرق والغرب جائز)

 (ولم تك يوم الحشر فينا مشفعا ... فرأي الذي يرجوك للنفع عاجز)

 (علي بن عيسى خير يوميك أن ترى ... وفضلك مأمول ووعدك ناجز)

 (وإني لأخشى بعد هذا بأن ترى ... وبين الذي تهوى وبينك حاجز)

 قرأت بخط أبي سعد السمعاني من المذيل بإسناد أن ابن دريد قال: [المنسرح]

 (ودعته حين لا تودعه ... روحي ولكنها تسير معه)

 (ثم افترقنا وفي القلوب لنا ... ضيق مكان وفي الدموع سعه)

 قال أبو هلال: أخبرنا أبو أحمد قال كنا في مجلس ابن دريد وكان يتضجر ممن يخطىء في قراءته فحضر غلام وضيء فجعل يقرأ ويكثر الخطأ وابن دريد صابر عليه فتعجب أهل المجلس فقال رجل منهم لا تعجبوا فإن في وجهه غفران ذنوبه فسمعها ابن دريد فلما أراد أن يقرأ قال له هات يا من ليس في وجهه غفران ذنوبه فعجبوا من صحة سمعه مع علو سنه قال وقال بعضهم في مجلس ابن دريد: [الخفيف]

 (من يكن للظباء طالب صيد ... فعليه بمجلس ابن دريد)

 (إن فيه لأوجها قيدتني ... عن طلاب العلا بأوثق قيد)

 قال الرصافي: حدثنا بعض أصحابنا قال حضرت مجلس أبي بكر بن دريد وقد سأله بعض الناس عن معنى قول الشاعر: [الوافر]

(هجرتك لا قلى مني ولكن ... رأيت بقاء ودك في الصدود)

 (كهجر الحائمات الورد لما ... رأت أن المنية في الورود)

 (تفيض نفوسها ظمأ وتخشى ... حماما فهي تنظر من بعيد)

 فقال الحائم الذي يدور حول الماء ولا يصل إليه يقال حام يحوم حياما.

 ومعنى الشعر أن الأيائل تأكل الأفاعي في الصيف فتحمى فتلتهب بحرارتها وتطلب الماء فإذا وقعت عليه امتنعت من شربه وحامت حوله تنسمه لأنها إن شربته في تلك الحال صادف الماء السم الذي في جوفها فتلفت فلا تزال تدفع بشرب الماء حتى يطول بها الزمان فيسكن ثوران السم ثم تشربه فلا يضرها ويقال فاظ الميت وفاضت نفسه وفاظت نفسه أيضا جائز عند الجميع إلا الأصمعي فإنه يقول فاظ الميت فإذا ذكر النفس قال فاضت نفسه بالضاد ولم يجمع بين الظاء والنفس.

 وحدث أبو علي المحسن حدثني أبو القاسم الحسن بن علي بن إبراهيم بن خلاد الشاهد العكبري إمام الجامع فيها حدثني أبو بكر محمد بن الحسن بن دريد قال كنت بعمان مع الصلت بن مالك الشاري وكانت الشراة تدعوه أمير المؤمنين وكانت السنة كثيرة الأمطار ودامت على الناس فكادت المنازل أن تتهدم فاجتمع الناس وصاروا إلى الصلت وسألوه أن يدعو لهم فأجل بهم أن يركب من الغد إلى الصحراء ويدعو فقال لي بكرة لتخرج معي في غد  فبت مفكرا كيف يدعو فلما أصبحت خرجت معه فصلى بهم وخطب ودعا فقال اللهم إنك أنعمت فأوفيت وسقيت فأرويت فعلى القيعان ومنابت الشجر وحيث النفع لا الضرر فاستحسنت ذلك منه وقال ابن دريد في النرجس: [الوافر]

 (عيون ما يلم بها الرقاد ... ولا يمحو محاسنها السهاد)

 (إذا ما الليل صافحها استهلت ... وتضحك حين ينحسر السواد)

 (لها حدق من الذهب المصفى ... صياغة من يدين له العباد)

 (وأجفان من الدر استفادت ... ضياء مثله لا يستفاد)

 (على قضب الزبرجد في ذراها ... لأعين من يلاحظها مراد)

 قرأت في كتاب التحبير وهو ما أخبرنا به الشريف افتخار الدين أبو هاشم عبد المطلب بن الفضل بن عبد المطلب الهاشمي إذنا قال أبو سعد السمعاني إجازة إن لم يكن سماعا قال سمعت الأمير أبا نصر أحمد بن الحسين بن أحمد بن عبيد الله بن أحمد بن الميكالي يقول تذاكرنا المتنزهات يوما وابن دريد حاضر فقال بعضهم أنزه الأماكن غوطة دمشق وقال آخرون بل نهر الأبله وقال آخرون بل سغد سمرقند وقال بعضهم نهروان بغداد وقال بعضهم شعب بوان بأرض فارس وقال بعضهم نوبهار بلخ فقال هذه متنزهات العيون فأين أنتم عن متنزهات القلوب قلنا وما هي يا أبا بكر قال عيون الأخبار للقتيبي والزهرة لابن داود وقلق المشتاق لابن أبي طاهر ثم أنشأ يقول: [المتقارب]

(ومن تك نزهته قينة ... وكأس تحث وكأس تصب)

 (فنزهتنا واستراحتنا ... تلاقي العيون ودرس الكتب)

 وقرأت في التاريخ الذي ألفه أبو محمد عبد الله بن أبي القاسم عبد المجيد بن بشران الأهوازي قال وفي سنة أربع وعشرين وثلاثمائة مات أبو أحمد حجر بن أحمد الجويمي وكان من أهل الفضل بجويم ونواحي فارس وقد خلف القراء بها فمدحه جماعة من الشعراء وقصده من انتفع به ولأبي بكر بن دريد فيه مدائح منها: [الكامل]

 (نهنه بوادر دمعك المهراق ... أي ائتلاف لم يرع بفراق)

 (حجر بن أحمد فارع الشرف الذي ... خضعت لعزته طلى الأعناق)

 (قبل أنامله فلسن أناملا ... لكنهن مفاتح الأرزاق)

 (وانظر إلى النور الذي لو أنه ... للبدر لم يطبع برين محاق)

 

 





دلَّت كلمة (نقد) في المعجمات العربية على تمييز الدراهم وإخراج الزائف منها ، ولذلك شبه العرب الناقد بالصيرفي ؛ فكما يستطيع الصيرفي أن يميّز الدرهم الصحيح من الزائف كذلك يستطيع الناقد أن يميز النص الجيد من الرديء. وكان قدامة بن جعفر قد عرف النقد بأنه : ( علم تخليص جيد الشعر من رديئه ) . والنقد عند العرب صناعة وعلم لابد للناقد من التمكن من أدواته ؛ ولعل أول من أشار الى ذلك ابن سلَّام الجمحي عندما قال : (وللشعر صناعة يعرف أهل العلم بها كسائر أصناف العلم والصناعات ). وقد أوضح هذا المفهوم ابن رشيق القيرواني عندما قال : ( وقد يميّز الشعر من لا يقوله كالبزّاز يميز من الثياب ما لا ينسجه والصيرفي من الدنانير مالم يسبكه ولا ضَرَبه ) .


جاء في معجمات العربية دلالات عدة لكلمة ( عروُض ) .منها الطريق في عرض الجبل ، والناقة التي لم تروَّض ، وحاجز في الخيمة يعترض بين منزل الرجال ومنزل النساء، وقد وردت معان غير ما ذكرت في لغة هذه الكلمة ومشتقاتها . وإن أقرب التفسيرات لمصطلح (العروض) ما اعتمد قول الخليل نفسه : ( والعرُوض عروض الشعر لأن الشعر يعرض عليه ويجمع أعاريض وهو فواصل الأنصاف والعروض تؤنث والتذكير جائز ) .
وقد وضع الخليل بن أحمد الفراهيدي للبيت الشعري خمسة عشر بحراً هي : (الطويل ، والبسيط ، والكامل ، والمديد ، والمضارع ، والمجتث ، والهزج ، والرجز ، والرمل ، والوافر ، والمقتضب ، والمنسرح ، والسريع ، والخفيف ، والمتقارب) . وتدارك الأخفش فيما بعد بحر (المتدارك) لتتم بذلك ستة عشر بحراً .


الحديث في السيّر والتراجم يتناول جانباً من الأدب العربي عامراً بالحياة، نابضاً بالقوة، وإن هذا اللون من الدراسة يصل أدبنا بتاريخ الحضارة العربية، وتيارات الفكر العربية والنفسية العربية، لأنه صورة للتجربة الصادقة الحية التي أخذنا نتلمس مظاهرها المختلفة في أدبنا عامة، وإننا من خلال تناول سيّر وتراجم الأدباء والشعراء والكتّاب نحاول أن ننفذ إلى جانب من تلك التجربة الحية، ونضع مفهوماً أوسع لمهمة الأدب؛ ذلك لأن الأشخاص الذين يصلوننا بأنفسهم وتجاربهم هم الذين ينيرون أمامنا الماضي والمستقبل.