أقرأ أيضاً
التاريخ: 1-07-2015
1805
التاريخ: 12-4-2017
1581
التاريخ: 1-07-2015
1733
التاريخ: 10-5-2020
2293
|
ﺍﻹﻳﻤﺎﻥ ﻫﻮ ﺍﻟﺘﺼﺪﻳﻖ ﺑﺎﻟﻘﻠﺐ، ﻭﻻ ﺍﻋﺘﺒﺎﺭ ﺑﻤﺎ ﻳﺠﺮﻱ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻠﺴﺎﻥ، ﻭﻛﻞ ﻣﻦ ﻛﺎﻥ ﻋﺎﺭﻓﺎ ﺑﺎﻟﻠﻪ ﻭﺑﻨﺒﻴﻪ ﻭﺑﻜﻞ ﻣﺎ ﺃﻭﺟﺐ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻣﻌﺮﻓﺘﻪ ﻣﻘﺮﺍ ﺑﺬﻟﻚ ﻣﺼﺪﻗﺎ ﺑﻪ ﻓﻬﻮ ﻣﺆﻣﻦ. ﻭﺍﻟﻜﻔﺮ ﻧﻘﻴﺾ ﺫﻟﻚ، ﻭﻫﻮ ﺍﻟﺠﺤﻮﺩ ﺑﺎﻟﻘﻠﺐ ﺩﻭﻥ ﺍﻟﻠﺴﺎﻥ ﻣﻤﺎ ﺃﻭﺟﺐ ﺍﻟﻠﻪ ﺗﻌﺎﻟﻰ ﻋﻠﻴﻪ ﺍﻟﻤﻌﺮﻓﺔ ﺑﻪ، ﻭﻳﻌﻠﻢ ﺑﺪﻟﻴﻞ ﺷﺮﻋﻲ ﺃﻧﻪ ﻳﺴﺘﺤﻖ ﺍﻟﻌﻘﺎﺏ ﺍﻟﺪﺍﺋﻢ ﺍﻟﻜﺜﻴﺮ. ﻭﻓﻲ ﺍﻟﻤﺮﺟﺌﺔ ﻣﻦ ﻗﺎﻝ: ﺍﻹﻳﻤﺎﻥ ﻫﻮ ﺍﻟﺘﺼﺪﻳﻖ ﺑﺎﻟﻠﺴﺎﻥ ﺧﺎﺻﺔ ﻭﻛﺬﻟﻚ ﺍﻟﻜﻔﺮ ﻫﻮ ﺍﻟﺠﺤﻮﺩ ﺑﺎﻟﻠﺴﺎﻥ، ﻭﺍﻟﻔﺴﻖ ﻫﻮ ﻛﻞ ﻣﺎ ﺧﺮﺝ ﺑﻪ ﻋﻦ ﻃﺎﻋﺔ ﺍﻟﻠﻪ ﺗﻌﺎﻟﻰ ﺇﻟﻰ ﻣﻌﺼﻴﺘﻪ، ﺳﻮﺍﺀ ﻛﺎﻥ ﺻﻐﻴﺮﺍ ﺃﻭ ﻛﺒﻴﺮﺍ. ﻭﻓﻴﻬﻢ ﻣﻦ ﺫﻫﺐ ﺇﻟﻰ ﺃﻥ ﺍﻹﻳﻤﺎﻥ ﻫﻮ ﺍﻟﺘﺼﺪﻳﻖ ﺑﺎﻟﻘﻠﺐ ﻭﺍﻟﻠﺴﺎﻥ ﻣﻌﺎ، ﻭﺍﻟﻜﻔﺮ ﻫﻮ ﺍﻟﺠﺤﻮﺩ ﺑﻬﻤﺎ. ﻭﻓﻲ ﺃﺻﺤﺎﺑﻨﺎ ﻣﻦ ﻗﺎﻝ: ﺍﻹﻳﻤﺎﻥ ﻫﻮ ﺍﻟﺘﺼﺪﻳﻖ ﺑﺎﻟﻘﻠﺐ ﻭﺍﻟﻠﺴﺎﻥ ﻭﺍﻟﻌﻤﻞ ﺑﺎﻟﺠﻮﺍﺭﺡ، ﻭﻋﻠﻴﻪ ﺩﻟﺖ ﻛﺜﻴﺮ ﻣﻦ ﺍﻷﺧﺒﺎﺭ ﺍﻟﻤﺮﻭﻳﺔ ﻋﻦ ﺍﻷﺋﻤﺔ ﻋﻠﻴﻬﻢ ﺍﻟﺴﻼﻡ. ﻭﻗﺎﻟﺖ ﺍﻟﻤﻌﺘﺰﻟﺔ: ﺍﻹﻳﻤﺎﻥ ﺍﺳﻢ ﻟﻠﻄﺎﻋﺎﺕ، ﻭﻣﻨﻬﻢ ﻣﻦ ﺟﻌﻞ ﺍﻟﻨﻮﺍﻓﻞ ﻭﺍﻟﻔﺮﺍﺋﺾ ﻣﻦ ﺍﻹﻳﻤﺎﻥ، ﻭﻣﻨﻬﻢ ﻣﻦ ﻗﺎﻝ ﺍﻟﻨﻮﺍﻓﻞ ﺧﺎﺭﺟﺔ ﻋﻦ ﺍﻹﻳﻤﺎﻥ. ﻭﺍﻻﺳﻼﻡ ﻭﺍﻟﺪﻳﻦ ﻋﻨﺪﻫﻢ ﺷﺊ ﻭﺍﺣﺪ، ﻭﺍﻟﻔﺴﻖ ﻋﻨﺪﻫﻢ ﻋﺒﺎﺭﺓ ﻋﻦ ﻛﻞ ﻣﻌﺼﻴﺔ ﻳﺴﺘﺤﻖ ﺑﻬﺎ ﺍﻟﻌﻘﺎﺏ، ﻭﺍﻟﺼﻐﺎﺋﺮ ﺍﻟﺘﻲ ﺗﻘﻊ ﻋﻨﺪﻫﻢ ﻣﻜﻔﺮﺓ ﻻ ﺗﺴﻤﻰ ﻓﺴﻘﺎ. ﻭﺍﻟﻜﻔﺮ ﻋﻨﺪﻫﻢ ﻫﻮ ﻣﺎ ﻳﺴﺘﺤﻖ ﺑﻪ ﻋﻘﺎﺏ ﻋﻈﻴﻢ، ﻭﺃﺟﺮﻳﺖ ﻋﻠﻰ ﻓﺎﻋﻠﻪ ﺃﺣﻜﺎﻡ ﻣﺨﺼﻮﺻﺔ، ﻓﻤﺮﺗﻜﺐ ﺍﻟﻜﺒﻴﺮﺓ ﻋﻨﺪﻫﻢ ﻟﻴﺲ ﺑﻤﺆﻣﻦ ﻭﻻ ﻛﺎﻓﺮ ﺑﻞ ﻫﻮ ﻓﺎﺳﻖ. ﻭﻗﺎﻟﺖ ﺍﻟﺨﻮﺍﺭﺝ ﺗﻘﺮﻳﺐ ﻣﻦ ﻗﻮﻝ ﺍﻟﻤﻌﺘﺰﻟﺔ ﺇﻻ ﺃﻧﻬﻢ ﻻ ﻳﺴﻤﻮﻥ ﺍﻟﻜﺒﺎﺋﺮ ﻛﻠﻬﺎ ﻛﻔﺮﺍ (1)، ﻭﻓﻴﻬﻢ ﻣﻦ ﻳﺴﻤﻴﻬﺎ ﺷﺮﻛﺎ.
ﻭﺍﻟﻔﻀﻴﻠﻴﺔ ﻣﻨﻬﻢ ﻳﺴﻤﻲ ﻛﻞ ﻣﻌﺼﻴﺔ ﻛﻔﺮﺍ ﺻﻐﻴﺮﺓ ﻛﺎﻧﺖ ﺃﻭ ﻛﺒﻴﺮﺓ. ﻭﺍﻟﺰﻳﺪﻳﺔ ﻣﻦ ﻛﺎﻥ ﻣﻨﻬﻢ ﻋﻠﻰ ﻣﺬﻫﺐ ﺍﻟﻨﺎﺻﺮ ﻳﺴﻤﻮﻥ ﺍﻟﻜﺒﺎﺋﺮ ﻛﻔﺮ ﻧﻌﻤﺔ، ﻭﺍﻟﺒﺎﻗﻮﻥ ﻳﺬﻫﺒﻮﻥ ﻣﺬﻫﺐ ﺍﻟﻤﻌﺘﺰﻟﺔ. ﻭﺍﻟﺬﻱ ﻳﺪﻝ ﻋﻠﻰ ﻣﺎ ﻗﻠﻨﺎﻩ ﺃﻭﻻ ﻫﻮ ﺃﻥ ﺍﻹﻳﻤﺎﻥ ﻓﻲ ﺍﻟﻠﻐﺔ ﻫﻮ ﺍﻟﺘﺼﺪﻳﻖ، ﻭﻻ ﻳﺴﻤﻮﻥ ﺃﻓﻌﺎﻝ ﺍﻟﺠﻮﺍﺭﺡ ﺇﻳﻤﺎﻧﺎ، ﻭﻻ ﺧﻼﻑ ﺑﻴﻨﻬﻢ ﻓﻴﻪ. ﻭﻳﺪﻝ ﻋﻠﻴﻪ ﺃﻳﻀﺎ ﻗﻮﻟﻬﻢ " ﻓﻼﻥ ﻳﺆﻣﻦ ﺑﻜﺬﺍ ﻭﻛﺬﺍ ﻭﻓﻼﻥ ﻻ ﻳﺆﻣﻦ ﺑﻜﺬﺍ " ﻭﻗﺎﻝ ﺗﻌﺎﻟﻰ {يُؤْمِنُونَ بِالْجِبْتِ وَالطَّاغُوتِ} [النساء: 51] ﻗﺎﻝ {وَمَا أَنْتَ بِمُؤْمِنٍ لَنَا} [يوسف: 17] ﺃﻱ ﺑﻤﺼﺪﻕ، ﻭﺇﺫﺍ ﻛﺎﻥ ﻓﺎﺋﺪﺓ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻠﻔﻈﺔ ﻓﻲ ﺍﻟﻠﻐﺔ ﻣﺎ ﻗﻠﻨﺎﻩ ﻭﺟﺐ ﺇﻃﻼﻕ ﺫﻟﻚ ﻋﻠﻴﻬﺎ ﺇﻻ ﺃﻥ ﻳﻤﻨﻊ ﻣﺎﻧﻊ، ﻭﻣﻦ ﺍﺩﻋﻰ ﺍﻻﻧﺘﻘﺎﻝ ﻓﻌﻠﻴﻪ ﺍﻟﺪﻻﻟﺔ، ﻭﻗﺪ ﻗﺎﻝ ﺍﻟﻠﻪ ﺗﻌﺎﻟﻰ { بِلِسَانٍ عَرَبِيٍّ مُبِينٍ} [الشعراء: 195] ﻭﻗﺎﻝ {وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ رَسُولٍ إِلَّا بِلِسَانِ قَوْمِهِ} [إبراهيم: 4] ﻭﻗﺎﻝ { إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ قُرْآنًا عَرَبِيًّا} [يوسف: 2] ﻭﻛﻞ ﺫﻟﻚ ﻳﻘﺘﻀﻲ ﺣﻤﻞ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻠﻔﻈﺔ ﻋﻠﻰ ﻣﻘﺘﻀﻰ ﺍﻟﻠﻐﺔ. ﻭﻟﻴﺲ ﺇﺫﺍ ﻛﺎﻥ ﻫﻬﻨﺎ ﺃﻟﻔﺎﻅ ﻣﻨﺘﻘﻠﺔ ﻭﺟﺐ ﺃﻥ ﻳﺤﻜﻢ ﻓﻲ ﺟﻤﻴﻊ ﺍﻷﻟﻔﺎﻅ ﺑﺬﻟﻚ ﻭﺇﻧﻤﺎ ﻳﻨﺘﻘﻞ ﻋﻤﺎ ﻳﻨﺘﻘﻞ ﺑﺪﻟﻴﻞ ﻳﻮﺟﺐ ﺫﻟﻚ. ﻭﺇﻥ ﻛﺎﻥ ﻓﻲ ﺍﻟﻤﺮﺟﺌﺔ ﻣﻦ ﻗﺎﻝ ﻟﻴﺲ ﻫﻬﻨﺎ ﻟﻔﻆ ﻣﻨﺘﻘﻞ ﻭﻻ ﻳﺤﺘﺎﺝ ﺇﻟﻰ ﺫﻟﻚ. ﻭﻻ ﻳﻠﺰﻣﻨﺎ ﺃﻥ ﻧﺴﻤﻲ ﻛﻞ ﻣﺼﺪﻕ ﻣﺆﻣﻨﺎ، ﻷﻧﺎ ﺇﻧﻤﺎ ﻧﻄﻠﻖ ﺫﻟﻚ ﻋﻠﻰ ﻣﻦ ﺻﺪﻕ ﺑﺠﻤﻴﻊ ﻣﺎ ﺃﻭﺟﺒﻪ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ. ﻭﺍﻻﺟﻤﺎﻉ ﻣﺎﻧﻊ ﻣﻦ ﺗﺴﻤﻴﺔ ﻣﻦ ﺻﺪﻕ ﺑﺎﻟﺠﺒﺖ ﻭﺍﻟﻄﺎﻏﻮﺕ ﻣﺆﻣﻨﺎ، ﻓﻤﻨﻌﻨﺎ ﺫﻟﻚ ﺑﺪﻟﻴﻞ ﻭﺧﺼﺼﻨﺎ ﻣﻮﺟﺐ ﺍﻟﻠﻐﺔ، ﻭﺟﺮﻯ ﺫﻟﻚ ﻣﺠﺮﻯ ﺗﺨﺼﻴﺺ ﺍﻟﻌﺮﻑ ﻟﻔﻆ " ﺍﻟﺪﺍﺑﺔ " ﺑﺒﻬﻴﻤﺔ ﻣﺨﺼﻮﺻﺔ ﻭﺇﻥ ﻛﺎﻥ ﻣﻮﺟﺐ ﺍﻟﻠﻐﺔ ﻳﻘﺘﻀﻲ ﺗﺴﻤﻴﺔ ﻛﻞ ﻣﺎ ﺩﺏ ﺩﺍﺑﺔ، ﻭﻳﻜﻮﻥ ﺫﻟﻚ ﺗﺨﺼﻴﺼﺎ ﻻ ﻧﻘﻼ. ﻓﻌﻠﻰ ﻣﻮﺟﺐ ﻫﺬﺍ ﻳﻠﺰﻡ ﻣﻦ ﺍﺩﻋﻰ ﺍﻧﺘﻘﺎﻝ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻠﻔﻈﺔ ﺇﻟﻰ ﺃﻓﻌﺎﻝ ﺍﻟﺠﻮﺍﺭﺡ ﺃﻥ ﻳﺪﻝ ﻋﻠﻴﻪ. ﻭﻟﻴﺲ ﻷﺣﺪ ﺃﻥ ﻳﻘﻮﻝ: ﺇﻥ ﺍﻟﻌﺮﻑ ﻻ ﻳﻌﺮﻑ ﺍﻟﺘﺼﺪﻳﻖ ﻓﻴﻪ ﺇﻻ ﺑﺎﻟﻘﻮﻝ، ﻓﻜﻴﻒ ﺣﻤﻠﺘﻤﻮﻩ ﻋﻠﻰ ﻣﺎ ﻳﺨﺘﺺ ﺍﻟﻘﻠﺐ؟ ﻗﻠﻨﺎ: ﺍﻟﻌﺮﻑ ﻳﻌﺮﻑ ﺑﺎﻟﺘﺼﺪﻳﻖ ﺑﺎﻟﻠﺴﺎﻥ ﻭﺍﻟﻘﻠﺐ، ﻷﻧﻬﻢ ﻳﺼﻔﻮﻥ ﺍﻷﺧﺮﺱ ﺑﺄﻧﻪ ﻣﺆﻣﻦ، ﻭﻛﺬﻟﻚ ﺍﻟﺴﺎﻛﺖ، ﻭﻳﻘﻮﻟﻮﻥ " ﻓﻼﻥ ﻳﺼﺪﻕ ﺑﻜﺬﺍ ﻭﻛﺬﺍ ﻭﻓﻼﻥ ﻻ ﻳﺼﺪﻕ " ﻭﻳﺮﻳﺪﻭﻥ ﻣﺎ ﻳﺮﺟﻊ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﻘﻠﺐ، ﻓﻠﻢ ﻳﺨﺮﺝ ﺑﻤﺎ ﻗﻠﻨﺎﻩ ﻋﻦ ﻣﻮﺟﺐ ﺍﻟﻠﻐﺔ. ﻭﺇﻧﻤﺎ ﻣﻨﻌﻨﺎ ﺇﻃﻼﻗﻪ ﻓﻲ ﺍﻟﻤﺼﺪﻕ ﺑﺎﻟﻠﺴﺎﻥ ﺃﻧﻪ ﻟﻮ ﺟﺎﺯ ﺫﻟﻚ ﻟﻮﺟﺐ ﺗﺴﻤﻴﺘﻪ ﺑﺎﻹﻳﻤﺎﻥ ﻭﺇﻥ ﻋﻠﻢ ﺟﺤﻮﺩﻩ ﺑﺎﻟﻘﻠﺐ، ﻭﺍﻻﺟﻤﺎﻉ ﻣﺎﻧﻊ ﻣﻦ ﺫﻟﻚ.
ﻓﺄﻣﺎ ﺍﻟﺴﺠﻮﺩ ﻟﻠﺸﻤﺲ ﻓﻌﻨﺪﻧﺎ ﻭﺇﻥ ﻟﻢ ﻳﻜﻦ ﻛﻔﺮﺍ ﻓﻬﻮ ﺩﻻﻟﺔ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻜﻔﺮ ﻭﺇﻥ ﻓﺎﻋﻠﻪ ﻟﻴﺲ ﺑﻤﺼﺪﻕ ﻓﻲ ﺍﻟﻘﻠﺐ، ﻟﺤﺼﻮﻝ ﺍﻹﺟﻤﺎﻉ ﻋﻠﻰ ﺃﻥ ﻓﺎﻋﻠﻪ ﻛﺎﻓﺮ ﻭﻟﻢ ﻳﺠﻤﻌﻮﺍ ﻋﻠﻰ ﺃﻥ ﻧﻔﺲ ﺍﻟﺴﺠﻮﺩ ﻛﻔﺮ ﻷﻥ ﻓﻴﻪ ﺍﻟﺨﻼﻑ. ﻭﻛﻠﻤﺎ ﻳﺴﺄﻝ ﻣﻦ ﻧﻈﺎﺋﺮ ﺫﻟﻚ ﻓﺎﻟﺠﻮﺍﺏ ﻋﻨﻪ ﻣﺎ ﻗﻠﻨﺎﻩ. ﻭﺍﺳﺘﺪﻟﺖ ﺍﻟﻤﺮﺟﺌﺔ ﻋﻠﻰ ﺃﻥ ﺍﻟﻄﺎﻋﺎﺕ ﻟﻴﺴﺖ ﺇﻳﻤﺎﻧﺎ، ﺃﻧﻪ ﻟﻮ ﻛﺎﻧﺖ ﻃﺎﻋﺔ ﺇﻳﻤﺎﻧﺎ ﻟﻜﺎﻧﺖ ﻛﻞ ﻣﻌﺼﻴﺔ ﻛﻔﺮﺍ ﺃﻭ ﺑﻌﺾ ﻛﻔﺮ، ﻭﻟﻮ ﺟﺎﺯ ﺃﻥ ﻳﻜﻮﻥ ﻓﻲ ﺍﻹﻳﻤﺎﻥ ﻣﺎ ﻟﻴﺲ ﺗﺮﻛﻪ ﻛﻔﺮﺍ ﺟﺎﺯ ﺃﻥ ﻳﻜﻮﻥ ﻓﻲ ﺍﻹﻳﻤﺎﻥ ﺍﻟﻜﻔﺮ ﻣﺎ ﻟﻴﺲ ﺗﺮﻛﻪ ﺇﻳﻤﺎﻧﺎ. ﻭﺃﻳﻀﺎ ﻟﻮ ﻛﺎﻧﺖ ﻛﻞ ﻃﺎﻋﺔ ﺇﻳﻤﺎﻧﺎ ﻟﻢ ﻳﻜﻦ ﺃﺣﺪ ﻛﺎﻣﻞ ﺍﻹﻳﻤﺎﻥ ﻻ ﺍﻷﻧﺒﻴﺎﺀ ﻭﻻ ﻏﻴﺮﻫﻢ ﻷﻧﻬﻢ ﻳﺘﺮﻛﻮﻥ ﻛﺜﻴﺮﺍ ﻣﻦ ﺍﻟﻨﻮﺍﻓﻞ ﺑﻼ ﺧﻼﻑ، ﻭﻋﻨﺪﻫﻢ ﻳﺘﺮﻛﻮﻥ ﻣﻦ ﺍﻟﻮﺍﺟﺐ ﺃﻳﻀﺎ ﻣﺎ ﻳﻜﻮﻥ ﺻﻐﻴﺮﺍ. ﻭﺃﻳﻀﺎ ﻗﺎﻝ ﺍﻟﻠﻪ ﺗﻌﺎﻟﻰ {الَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمَانَهُمْ بِظُلْمٍ} [الأنعام: 82] ﻭﻗﺎﻝ {الَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمَانَهُمْ بِظُلْمٍ} [الأنعام: 82] ﻭﻗﺎﻝ {وَمَنْ يَأْتِهِ مُؤْمِنًا قَدْ عَمِلَ الصَّالِحَاتِ} [طه: 75] [ﻭﺫﻟﻚ ﻳﺪﻝ ﻋﻠﻰ ﺃﻧﻪ ﻳﻜﻮﻥ ﻣﺆﻣﻨﺎ ﻭﺃﻥ ﻳﻌﻤﻞ ﺍﻟﺼﺎﻟﺤﺎﺕ] ﻣﻦ ﺃﻓﻌﺎﻝ ﺍﻟﺠﻮﺍﺭﺡ.
ﻭﺍﻟﻤﻌﺘﻤﺪ ﻣﺎ ﻗﺪﻣﻨﺎﻩ، ﻭﻣﺎ ﻳﺘﻌﻠﻖ ﺑﻪ ﺍﻟﻤﺨﺎﻟﻒ ﻗﺪ ﺑﻴﻨﺎﻩ ﻓﻲ ﺷﺮﺡ ﺍﻟﺠﻤﻞ ﻻ ﻧﻄﻮﻝ ﺑﺬﻛﺮﻩ ﻫﻬﻨﺎ. ﻭﺃﻣﺎ ﺍﻟﻜﻔﺮ ﻓﻘﺪ ﻗﻠﻨﺎ ﺃﻧﻪ ﻋﻨﺪ ﺍﻟﻤﺮﺟﺌﺔ ﻣﻦ ﺃﻓﻌﺎﻝ ﺍﻟﻘﻠﻮﺏ، ﻭﻫﻮ ﺟﺤﺪ ﻣﺎ ﺃﻭﺟﺐ ﺍﻟﻠﻪ ﺗﻌﺎﻟﻰ ﻣﻌﺮﻓﺘﻪ ﻣﻤﺎ ﻋﻠﻴﻪ ﺩﻟﻴﻞ ﻗﺎﻃﻊ ﻛﺎﻟﺘﻮﺣﻴﺪ ﻭﺍﻟﻌﺪﻝ ﻭﺍﻟﻨﺒﻮﺓ ﻭﻏﻴﺮ ﺫﻟﻚ، ﻭﺃﻣﺎ ﻓﻲ ﺍﻟﻠﻐﺔ ﻓﻬﻮ ﺍﻟﺴﺘﺮ ﺃﻭ ﺍﻟﺠﺤﻮﺩ، ﻭﻓﻲ ﺍﻟﺸﺮﻉ ﻋﺒﺎﺭﺓ ﻋﻤﺎ ﻳﺴﺘﺤﻖ ﺑﻪ ﺍﻟﻌﻘﺎﺏ ﺍﻟﺪﺍﺋﻢ ﺍﻟﻜﺜﻴﺮ، ﻭﻳﻠﺤﻖ ﺑﻔﺎﻋﻠﻪ ﺃﺣﻜﺎﻡ ﺷﺮﻋﻴﺔ ﻛﻤﻨﻊ ﺍﻟﺘﻮﺍﺭﺙ ﻭﺍﻟﺘﻨﺎﻛﺢ ﻭﺍﻟﻌﻠﻢ ﺑﻜﻮﻥ ﺍﻟﻤﻌﺼﻴﺔ ﻛﻔﺮﺍ ﻃﺮﻳﻘﻪ ﺍﻟﺴﻤﻊ ﻻ ﻣﺠﺎﻝ ﻟﻠﻌﻘﻞ ﻓﻴﻪ، ﻷﻥ ﻣﻘﺎﺩﻳﺮ ﺍﻟﻌﻘﺎﺏ ﻻ ﺗﻌﻠﻢ ﻋﻘﻼ، ﻭﻗﺪ ﺃﺟﻤﻌﺖ ﺍﻷﻣﺔ ﻋﻠﻰ ﺃﻥ ﺍﻻﺧﻼﻝ ﺑﻤﻌﺮﻓﺔ ﺍﻟﻠﻪ ﺗﻌﺎﻟﻰ ﻭ ﺗﻮﺣﻴﺪﻩ ﻭﻋﺪﻟﻪ ﻭﺟﺤﺪ ﻧﺒﻮﺓ ﺭﺳﻠﻪ ﻛﻔﺮ، ﻻ ﻳﺨﺎﻟﻒ ﻓﻴﻪ ﺇﻻ ﺃﺻﺤﺎﺏ ﺍﻟﻤﻌﺎﺭﻑ ﺍﻟﺬﻳﻦ ﺑﻴﻨﺎ ﻓﺴﺎﺩ ﻗﻮﻟﻬﻢ. ﻭﻻ ﻓﺮﻕ ﺑﻴﻦ ﺃﻥ ﻳﻜﻮﻥ ﺷﺎﻛﺎ ﻓﻲ ﻫﺬﻩ ﺍﻷﺷﻴﺎﺀ ﺃﻭ ﻳﻜﻮﻥ ﻣﻌﺘﻘﺪﺍ ﻟﻤﺎ ﻳﻘﺪﺡ ﻓﻲ ﺣﺼﻮﻟﻬﺎ، ﻷﻥ ﺍﻻﺧﻼﻝ ﺑﺎﻟﻮﺍﺟﺐ ﻳﻌﻢ ﺍﻟﻜﻞ. ﻓﻌﻠﻰ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻤﺠﺒﺮﺓ ﻭﺍﻟﻤﺸﺒﻬﺔ ﻛﻔﺎﺭ، ﻭﻛﺬﻟﻚ ﻣﻦ ﻗﺎﻝ ﺑﺎﻟﺼﻔﺎﺕ ﺍﻟﻘﺪﻳﻤﺔ، ﻷﻥ ﺍﻋﺘﻘﺎﺩﻫﻢ ﺍﻟﻔﺎﺳﺪ ﻓﻲ ﻫﺬﻩ ﺍﻷﺷﻴﺎﺀ ﻳﻨﺎﻓﻲ ﺍﻻﻋﺘﻘﺎﺩ ﺍﻟﺼﺤﻴﺢ ﻣﻦ ﺍﻟﻤﻌﺮﻓﺔ ﺑﺎﻟﻠﻪ ﺗﻌﺎﻟﻰ ﻭﻋﺪﻟﻪ ﻭﺣﻜﻤﺘﻪ.
ﻭﺃﻣﺎ ﺍﻟﻔﺴﻖ ﻓﻬﻮ ﻓﻲ ﺍﻟﻠﻐﺔ ﻋﺒﺎﺭﺓ ﻋﻦ ﺧﺮﻭﺝ ﺍﻟﺸﺊ ﺇﻟﻰ ﻏﻴﺮﻩ، ﻭﻟﺬﻟﻚ ﻳﻘﻮﻟﻮﻥ " ﻓﺴﻘﺖ ﺍﻟﺮﻃﺒﺔ " ﺇﺫﺍ ﺧﺮﺟﺖ ﻋﻦ ﻗﺸﺮﻫﺎ، ﻭﺳﻤﻴﺖ ﺍﻟﻔﺎﺭﺓ ﻓﻮﻳﺴﻘﺔ ﻣﻦ ﺫﻟﻚ ﻟﺨﺮﻭﺟﻬﺎ ﻣﻦ ﻧﻘﺒﻬﺎ، ﺇﻻ ﺃﻥ ﺑﺎﻟﻌﺮﻑ ﺻﺎﺭ ﻣﺘﺨﺼﺼﺎ ﺑﺎﻟﺨﺮﻭﺝ ﻣﻦ ﺣﺴﻦ ﺇﻟﻰ ﻗﺒﺢ. ﻭﺃﻣﺎ ﻓﻲ ﻋﺮﻑ ﺍﻟﺸﺮﻉ ﻓﻬﻮ ﻋﻨﺪﻧﺎ ﻋﺒﺎﺭﺓ ﻋﻦ ﻛﻞ ﻣﻌﺼﻴﺔ ﺳﻮﺍﺀ ﻛﺎﻧﺖ ﺻﻐﻴﺮﺓ ﺃﻭ ﻛﺒﻴﺮﺓ، ﻭﻷﻥ ﻣﻌﺎﺻﻲ ﺍﻟﻠﻪ ﺗﻌﺎﻟﻰ ﻛﻠﻬﺎ ﻛﺒﺎﺋﺮ ﻭﺇﻧﻤﺎ ﻧﺴﻤﻴﻬﺎ ﺻﻐﺎﺋﺮ ﺑﺎﻹﺿﺎﻓﺔ ﺇﻟﻰ ﻣﺎ ﻫﻮ ﺃﻛﺒﺮ ﻣﻨﻬﺎ، ﻭﻫﻲ ﻛﺒﻴﺮﺓ ﺑﺎﻹﺿﺎﻓﺔ ﺇﻟﻰ ﻣﺎ ﻫﻮ ﺃﺻﻐﺮ ﻣﻨﻬﺎ. ﻭﺷﺒﻬﺔ ﺍﻟﻤﻌﺘﺰﻟﺔ ﻓﻲ ﺃﻥ ﺍﻟﻤﺆﻣﻦ ﻻ ﻳﺴﻤﻰ ﺑﻪ ﺍﻟﻤﺼﺪﻕ ﻭﺇﻥ ﻗﺎﻟﻮﺍ ﻛﺎﻥ ﻳﻨﺒﻐﻲ ﺃﻥ ﻻ ﻳﺴﻤﻰ ﺑﻌﺪ ﺇﻳﻤﺎﻧﻪ ﺑﺰﻣﺎﻥ ﺃﻧﻪ ﻣﺆﻣﻦ ﻛﻤﺎ ﻻ ﻳﺴﻤﻰ ﺑﺄﻧﻪ ﺿﺎﺭﺏ ﻟﻤﺎ ﺗﻘﺪﻡ ﻣﻦ ﺍﻟﻀﺮﺏ ﻷﻥ ﺍﻷﺳﻤﺎﺀ ﺍﻟﻤﺸﺘﻘﺔ ﺇﻧﻤﺎ ﺗﻄﻠﻖ ﻓﻲ ﺣﺎﻝ ﻭﻗﻮﻉ ﻋﻠﻰ ﻣﺎ ﺍﺷﺘﻘﺖ ﻣﻨﻪ. ﺑﺎﻃﻠﺔ، ﻷﻧﺎ ﻧﻘﻮﻝ ﺃﻥ ﺍﻻﻋﺘﻘﺎﺩ ﺑﺎﻟﻘﻠﺐ ﺍﻟﺬﻱ ﻫﻮ ﺍﻹﻳﻤﺎﻥ ﻳﺘﺠﺪﺩ ﺣﺎﻻ ﻓﺤﺎﻻ، ﻟﺌﻼ ﻳﺒﻘﻰ ﻓﻴﻤﺎ ﺧﺮﺟﻨﺎ ﻋﻦ ﻃﺮﻳﻘﺔ ﺍﻻﺷﺘﻘﺎﻕ. ﻭﻗﻮﻟﻬﻢ: ﺇﻧﻪ ﻟﻮ ﻛﺎﻥ ﻛﺬﻟﻚ ﻟﻮﺟﺐ ﺃﻥ ﻻ ﻳﺴﻤﻰ ﻣﻦ ﻫﻮ ﻓﻲ ﻣﻬﻠﺔ ﺍﻟﻨﻈﺮ ﺑﺄﻧﻪ ﻣﺆﻣﻦ، ﻷﻧﻪ ﻣﺎ ﺻﺪﻕ ﺑﺎﻟﻠﻪ ﻭﻻ ﺑﺼﻔﺎﺗﻪ. ﻓﺎﺳﺪ، ﻷﻥ ﻣﻦ ﻫﻮ ﻓﻲ ﻣﻬﻠﺔ ﺍﻟﻨﻈﺮ ﻗﺪ ﺻﺪﻕ ﺑﺠﻤﻴﻊ ﻣﺎ ﺗﺠﺐ ﻋﻠﻴﻪ ﻓﻲ ﺗﻠﻚ ﺍﻟﺤﺎﻝ ﻓﻠﺬﻟﻚ ﻳﺴﻤﻰ ﻣﺆﻣﻨﺎ.
ﻭﻣﺘﻰ ﻗﺎﻟﻮﺍ: ﻳﻠﺰﻡ ﻣﻦ ﻛﻞ ﻣﻦ ﺻﺪﻕ ﻣﺎ ﻗﻠﺘﻤﻮﻩ ﻳﺴﻤﻰ ﻣﺆﻣﻨﺎ ﻭﺇﻥ ﻟﻢ ﻳﺘﺮﻙ ﺷﻴﺌﺎ ﻣﻦ ﺍﻟﻘﺒﺎﺋﺢ ﺇﻻ ﺍﺭﺗﻜﺒﻪ ﻭﻻ ﺷﻴﺌﺎ ﻣﻦ ﺍﻟﻮﺍﺟﺒﺎﺕ ﺇﻻ ﺗﺮﻛﻪ، ﻭﻫﺬﺍ ﺷﻨﻴﻊ ﻣﻦ ﺍﻟﻤﻘﺎﻝ. ﻗﻠﻨﺎ: ﺫﻟﻚ ﻳﻘﻮﻟﻪ ﺍﻟﻤﺮﺟﺌﺔ، ﻏﻴﺮ ﺃﻥ ﺍﻟﺬﻱ ﻧﺨﺘﺎﺭﻩ ﺃﻥ ﻳﻌﺘﻘﺪ ﺫﻟﻚ ﻟﺌﻼ ﻳﻮﻫﻢ ﻓﻴﻘﻮﻝ ﻫﻮ ﻣﺆﻣﻦ ﺑﺘﺼﺪﻳﻘﻪ ﺑﺠﻤﻴﻊ ﻣﺎ ﻭﺟﺐ ﻋﻠﻴﻪ ﻓﺎﺳﻖ ﺑﺘﺮﻛﻪ ﻣﺎ ﻳﺠﺐ ﻋﻠﻴﻪ ﻣﻦ ﺃﻓﻌﺎﻝ ﺍﻟﺠﻮﺍﺭﺡ ﻓﻴﻌﺘﺪ ﻟﻪ ﺍﻷﻣﺮﻳﻦ ﻟﺌﻼ ﻳﻮﻫﻢ ﺍﺭﺗﻔﺎﻉ ﺃﺣﺪﻫﻤﺎ ﺇﺫﺍ ﺃﻃﻠﻘﻨﺎ ﺍﻵﺧﺮ. ﻭﻣﺎ ﻳﺘﻌﻠﻘﻮﻥ ﺑﻪ ﻣﻦ ﺍﻟﻈﻮﺍﻫﺮ ﺗﻜﻠﻤﻨﺎ ﻋﻠﻴﻪ ﻓﻲ ﺷﺮﺡ ﺍﻟﺠﻤﻞ ﻻ ﻧﻄﻮﻝ ﺑﺬﻛﺮﻩ ﻫﻬﻨﺎ. ﻭﻗﻮﻝ ﻣﻦ ﻗﺎﻝ ﻣﻦ ﺍﻟﺰﻳﺪﻳﺔ ﺃﻧﻪ ﻛﺎﻓﺮ ﻧﻌﻤﺔ. ﺑﺎﻃﻞ، ﻷﻧﻪ ﻣﻌﺘﺮﻑ ﺑﻨﻌﻤﺔ ﺍﻟﻠﻪ ﺗﻌﺎﻟﻰ ﻣﻌﺘﻘﺪ ﻟﻬﺎ، ﻓﻜﻴﻒ ﻳﻜﻮﻥ ﺟﺎﺣﺪﺍ.
ﻭﺃﻣﺎ ﻗﻮﻝ ﺍﻟﺤﺴﻦ ﺃﻧﻪ ﻣﻨﺎﻓﻖ. ﺑﺎﻃﻞ، ﻷﻥ ﺍﻟﻤﻨﺎﻓﻖ ﻫﻮ ﻣﻦ ﺃﻇﻬﺮ ﺧﻼﻑ ﻣﺎ ﻓﻲ ﺑﺎﻃﻨﻪ، ﻭﻣﻦ ﻛﺎﻥ ﻣﻈﻬﺮﺍ ﻟﻠﻤﻌﺼﻴﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﻳﺴﺘﺤﻖ ﺑﻬﺎ ﺍﻟﻌﻘﺎﺏ ﻻ ﻳﻜﻮﻥ ﻣﻨﺎﻓﻘﺎ. ﻭﻗﻮﻝ ﺍﻟﺨﻮﺍﺭﺝ ﻭﺍﺣﺘﺠﺎﺟﻬﻢ ﻋﻠﻰ ﺃﻥ ﻣﻦ ﻳﺮﺗﻜﺐ ﺍﻟﻜﺒﻴﺮﺓ ﻛﺎﻓﺮ ﺑﻘﻮﻟﻪ {وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ} [المائدة: 44] ﻣﺒﻨﻲ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻘﻮﻝ ﺑﺎﻟﻌﻤﻮﻡ ﻭﺍﻟﺬﻱ ﺑﻴﻨﺎ ﻓﺴﺎﺩﻩ. [ﻭﻟﻨﺎ ﺃﻥ ﻧﺨﺺ ﺫﻟﻚ ﺑﻤﺎ ﺗﻘﺪﻡ ﻣﻦ ﺍﻷﺩﻟﺔ ﺍﻟﻤﻮﺛﻘﺔ]. ﻭﻗﻮﻟﻪ {فَأَنْذَرْتُكُمْ نَارًا تَلَظَّى* لَا يَصْلَاهَا إِلَّا الْأَشْقَى * الَّذِي كَذَّبَ وَتَوَلَّى} [الليل: 14، 16] ﻳﻔﻴﺪ ﻧﺎﺭﺍ ﻣﺨﺼﻮﺻﺔ، ﻭﻟﺬﻟﻚ ﺧﺺ ﺑﻬﺎ ﺍﻟﺬﻱ ﻛﺬﺏ ﻭﺗﻮﻟﻰ ﻭﻫﻢ ﺍﻟﻤﺮﺗﺪﻭﻥ، ﻓﺄﻣﺎ ﻣﻦ ﻛﺎﻥ ﻛﺎﻓﺮﺍ ﺍﺑﺘﺪﺍﺀﺍ ﻓﻼ ﻳﺪﺧﻞ ﻓﻴﻬﺎ. ﻭﻗﻮﻟﻪ {وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ مُسْفِرَةٌ * ضَاحِكَةٌ مُسْتَبْشِرَةٌ * وَوُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ عَلَيْهَا غَبَرَةٌ } [عبس: 38 - 40] ﻻ ﻳﻤﻨﻊ ﺃﻥ ﻳﻜﻮﻥ ﻫﻨﺎﻙ ﻗﺴﻢ ﺛﺎﻟﺚ ﻭﺇﻥ ﻟﻢ ﻳﻜﻦ ﻣﻨﻄﻮﻗﺎ ﺑﻪ ﻭﻳﻜﻮﻥ ﻋﻠﻴﻬﺎ ﺳﻤﺔ ﺃﺧﺮﻯ.
ﻭﻗﻮﻟﻪ {يَوْمَ تَبْيَضُّ وُجُوهٌ وَتَسْوَدُّ وُجُوهٌ} [آل عمران: 106]ﻻ ﻳﻤﻨﻊ ﻣﻦ ﺃﻥ ﻳﻜﻮﻥ ﻭﺟﻮﻩ ﺃﺧﺮ ﻻ ﺳﻮﺩﺍﺀ ﺧﺎﻟﺼﺔ ﻭﻻ ﺑﻴﻀﺎﺀ ﺧﺎﻟﺼﺔ. ﻋﻠﻰ ﺃﻥ ﻫﺬﻩ ﺍﻵﻳﺔ ﻣﺨﺼﻮﺻﺔ ﺑﺎﻟﻤﺮﺗﺪﻳﻦ، ﻟﻘﻮﻟﻪ {أَكَفَرْتُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ} [آل عمران: 106]. ﻭﻗﻮﻟﻪ {وَإِنَّ جَهَنَّمَ لَمُحِيطَةٌ بِالْكَافِرِينَ} [التوبة: 49]ﻻ ﻳﻤﺘﻨﻊ ﻣﻦ ﺇﺣﺎﻃﺘﻬﺎ ﺑﺎﻟﻔﺴﺎﻕ ﻛﻤﺎ ﻻ ﻳﻤﺘﻨﻊ ﻣﻦ ﺇﺣﺎﻃﺘﻬﺎ ﺑﺎﻟﺰﺑﺎﻧﻴﺔ ﻭﺧﺰﻧﺔ ﺍﻟﻨﻴﺮﺍﻥ. ﻭﻗﻮﻟﻪ {وَهَلْ نُجَازِي إِلَّا الْكَفُورَ } [سبأ: 17] ﻟﻮ ﺣﻤﻞ ﻋﻠﻰ ﻋﻤﻮﻣﻪ ﻟﻮﺟﺐ ﺍﻻﺛﺒﺎﺕ ﺍﻟﻤﺆﻣﻦ ﺑﺤﺎﻝ ﻋﻠﻰ ﺫﻟﻚ ﻣﺨﺼﻮﺹ ﺑﻌﻘﺎﺏ ﺍﻻﺳﺘﻴﺼﺎﻝ ﻓﻲ ﺩﺍﺭ ﺍﻟﺪﻧﻴﺎ، ﻭﺫﻟﻚ ﻣﺨﺘﺺ ﺑﺎﻟﻜﻔﺎﺭ ﺑﺪﻻﻟﺔ ﺃﻭﻝ ﺍﻵﻳﺔ ﻭﺳﻴﺎﻗﻬﺎ ﺇﻟﻰ ﺁﺧﺮﻫﺎ. ﻭﺍﺳﺘﻘﺼﺎﺀ ﺍﻟﻘﻮﻝ ﻓﻲ ﺫﻟﻚ ﻣﺬﻛﻮﺭ ﺣﻴﺚ ﺃﺷﺮﻧﺎ ﺇﻟﻴﻪ (2) ﻭﻓﻲ ﻣﺴﺄﻟﺔ ﺍﻟﻮﻋﻴﺪ ﻟﻠﻤﺮﺗﻀﻰ ﺭﺣﻤﻪ ﺍﻟﻠﻪ.
________________
(1) " ﺍﻟﻠﻬﻢ ﺇﻻ ﺃﻧﻬﻢ ﻳﺴﻤﻮﻥ ﺍﻟﻜﺒﺎﺋﺮ ﻛﻠﻬﺎ ﻛﻔﺮﺍ ".
(2) ﻣﻦ ﺷﺮﺡ ﺍﻟﺠﻤﻞ ﻟﻠﻤﺆﻟﻒ ﻧﻔﺴﻪ.
|
|
علامات بسيطة في جسدك قد تنذر بمرض "قاتل"
|
|
|
|
|
أول صور ثلاثية الأبعاد للغدة الزعترية البشرية
|
|
|
|
|
مدرسة دار العلم.. صرح علميّ متميز في كربلاء لنشر علوم أهل البيت (عليهم السلام)
|
|
|