أقرأ أيضاً
التاريخ: 19-9-2019
2048
التاريخ: 2-7-2017
2330
التاريخ: 19-6-2017
2674
التاريخ: 3-11-2021
1827
|
العوامل الاجتماعية ودورها في البنية الداخلية للمدن
إن أكثر من نصف سكان العالم يقطنون المدن، ولذلك فإن للمدينة أهمية كبيرة في عالمنا المعاصر، وتشكل هذه المدن المركز الرئيس لمعيشة السكان وممارسة أنشطتهم الاقتصادية والاجتماعية والسياسية. والمدينة هي مركز الحضارات الإنسانية على امتداد المراحل الزمنية، لاسيما وأن الحضارات الأولى للبشرية أقيمت في المدن(1).
والمدينة ظاهرة اجتماعية معقدة تولدت نتيجة تفاعل عدد من العوامل المتشابكة، ومن هنا اختلف العلماء في تعريفهم لها، لذلك ظهرت تعريفات مختلفة حسب وجهة نظر كل باحث(2)، فيذهب بعضهم إلى أن المدينة عبارة عن مستوطنة بشرية تطور نمط الحياة فيها فأصبحت صيغة حديثة للحياة الاجتماعية. وهي امتداد طبيعي للقرى الزراعية الأولى، وتعد جرمو أقدم المستوطنات الزراعية التي سكنها الفلاحون في العراق، بل في الشرق الادنى، وتقع هذه القرية على بعد (11 كيلو متر) شرقي بلدة جمجمال العراقية.
وباعتبار المدينة حيزاً مكانياً ومركزاً لتفاعل الإنسان مع البيئة، فإنها تعد المسرح الجغرافي والاجتماعي الذي يظهر فيه الإنسان إبداعاته وابتكاراته واكتشافاته، ويظهر عبقريته في التصنيع والتخطيط والعمران وشق الطرق وإنشاء الجسور والمجسمات والتماثيل والمتاحف. وبالتالي فالمدينة هي النموذج الأهم للمدرسة الإمكانية بسبب ما يحدثه الإنسان من تغييرات في بيئته، وبعبارة أخرى، هي بيئة أنتجها الإنسان لنفسه وتعايش معها. وبسبب ما تقدمه المدينة من حياة صحية آمنة تمتاز بالتنوع الثقافي والفكري وإمكانية التمتع بالتعليم والخدمات والاتصالات، يميل الناس لسكنى المدن.
كما تعد المدينة ظاهرة اجتماعية يدخل فيها العامل الاجتماعي كعامل مهم ومؤثر في نظريات نمو المدن وتركيبها وتفاعلها، وله أثر واضح في ضوابط التركيب الداخلي من حيث العلاقات المكانية التي تظهر في التباين المكاني لاستعمالات الأرض.
إن للعامل الاجتماعي تأثيراً واسعاً على مواقع استعمالات الأراضي داخل المدينة وتنظيمها، ويتداخل هذا العامل مع العوامل الاقتصادية بطريقة معقدة يصعب على الباحث إيجاد معايير لكل منهما على حدة. فالمتخصص في الجغرافية الاجتماعية أو الباحث الاجتماعي ينظر إلى المدينة ككائن حي، وإلى البيئة المحيطة به نظرة إيكلوجية (Urban Ecology)، أخذاً بنظر الاعتبار النواحي الطبقية الاجتماعية والمكانية والمادية لحياة الحضر. إذ يرى أن هذه الرؤيا تتداخل مع الهيكل الاجتماعي القائم في المدينة، فضلاً عن القيم الإنسانية، بما تحتويه من عادات وتقاليد وسلوكيات وأسلوب حياة ومعاملات سائدة في المجتمع الحضري. ومن الطبيعي أن هذه القيم بما تشمله، لها أثر مباشر على المؤسسات الاجتماعية كالمدرسة والمنزل ومكان العبادة والنادي الرياضي والاجتماعي وأماكن الترفيه والتنزه.
إن المجتمع الحضري داخل المدينة يتكون بفعل عمليات متعددة يمكن تسميتها بعمليات التتابع، فمثلاً يوجد في المراكز التجارية القائمة في وسط المدينة (نواة المدينة) نشاط رئيسي ونشاط ثانوي تابع له خارج المركز الرئيس. كما يوجد تمركز للخدمات العامة والسكان، وفي الوقت نفسه يوجد انتشار لها، أو بمعنى آخر، مركزية ولامركزية للتجمع السكاني(3). كما يوجد داخل المدينة مناطق هي عبارة عن مجتمعات أو طبقات اجتماعية غير متجانسة مع ما يحيط بها، وقد يكون هذا المجتمع عبارة عن نشاط سكني أو تجاري أو غير ذلك. مثل وجود حي سكني ذي مستوى عال من المعيشة ويحيط به مساحة متواضعة من الأرض، كما توجد في منطقة ما أنشطة رئيسة سرعان ما تهجر المنطقة وتحل محلها أنشطة أخرى، أو مجتمع آخر ذو مستوى اقتصادي مقارب للمجتمع الأم الذي أثر عليه، ومن الطبيعي أن يحتاج هذا التتابع إلى مراحل زمنية متباينة بحسب عوامل ومحددات مختلفة.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) K. Boulding, (1963), The death of a city, In handling and buchard, The historian and the city, Boston, M.I.T., pp.75-89.
(2) حسين عبد الحميد أحمد رشوان، مشكلات المدينة، دراسة في علم الاجتماع الحضري، المكتب العربي الحديث، الاسكندرية 2002، ص5.
(3) علي سالم الشواورة، جغرافية المدن، دار المسيرة للنشر والتوزيع والطباعة، عمان، 2011، ص313.
|
|
علامات بسيطة في جسدك قد تنذر بمرض "قاتل"
|
|
|
|
|
أول صور ثلاثية الأبعاد للغدة الزعترية البشرية
|
|
|
|
|
مدرسة دار العلم.. صرح علميّ متميز في كربلاء لنشر علوم أهل البيت (عليهم السلام)
|
|
|