- سطح الأرض:

لسطح الأرض دور كبير فى تقدير قيمة الدولة وفى النواحي الإنتاجية والعسكرية والسياسية، فالسهول تساعد إلى حد كبير مع توافر المياه فيها على الإنتاج الزراعي، وبالتالي تؤدى إلى كثرة السكان كما هو الحال فى سهول الهند، وباكستان، وسهول النيل فى مصر والسودان، وسهول المسيسبي فى الولايات المتحدة، وسهول البو فى إيطاليا. فتركيز نشاط الإنسان يكون عادة فى السهول إذا لم تكن هناك ظروف مناخية تعوق ذلك، كما تساعد السهول على تسهيل حركة النقل والمواصلات. مما يؤدى إلى سهولة انتقال السكان والتجارة. ويؤدى ذلك إلى الوحدة الثقافية والترابط الفكري بين المواطنين فى مختلف مناطق الدولة, كما يساعد على سيطرة الحكومة على أجزاء الدولة.

وليست السهول دائما عامل تقدم فهناك سهول واسعة فى سيبيريا وفى كندا، ولكن الظروف المناخية تقلل من أهميتها أما المناطق الجبلية فهي أقل صلاحية للتوطن البشرى باستثناء المناطق الاستوائية، وذلك رغم غناها بالمعادن، ولذلك نجد الدول الجبلية فقيرة فى إنتاجها الزراعي, وقد سعت اليابان للتوسع بحثا عن السهول فى الحرب العالمية الثانية للحصول على مناطق منتجة زراعيا، ولإيجاد أسواق لمنتجاتها حيث يكثر السكان فى السهول. كما كان للطبيعة الجبلية فى كل من لبنان واليونان والنرويج أن سعى سكان هذه الدول إما للهجرة مثل اللبنانيين واليونانيين، أو للاتجاه صوب البحر عوضا عن عدم توفر السهول المنتجة كما فى النرويج.

وتؤثر مظاهر سطح الأرض فى حياة السكان بالدولة، حيث لها دور كبير فى تماسك الدولة وتفككها، وفى نوع نظام الحكم الذى يناسب طبيعة الدولة, فسهولة سطح الأرض تساعد على الترابط والانصهار حيث يكونون ثقافة واحدة تميزهم عن غيرهم، كما يتشابهون فى عاداتهم وتقاليدهم، وذلك بخلاف تعقد سطح الأرض الذى يعوق الاختلاط ويمنع التلاحم والامتزاج، كما يساعد الأقليات على الانفصال، ويعوق تنفيذ القوانين وسيادة الأمن والطمأنينة بين أجزاء الدولة، ولكنها فى نفس الوقت تساعد على الدفاع عن الدولة إذا تعرضت لغزو خارجي، فقد استطاعت الجزائر مقاومة الاستعمار الفرنسي بمساعدة الطبيعة الجبلية للبلاد، كما كان للطبيعة الجبلية دورها الهام فى نجاح أفغانستان أمام الغزو السوفيتي.

وتضرس الأرض يؤدى إلى تنوع النبات تبعا لاختلاف ارتفاع الأرض وتبعا لتعرضها لأشعة الشمس واتجاه الرياح وكمية الأمطار الساقطة، فالجانب الأكثر تعرضا للشمس والأغزر مطرا يكون أوفر نباتا من الجانب الآخر من المرتفعات، ويبدو ذلك بوضوح من مقارنة السفوح الشمالية والجنوبية لجبال الهيمالايا فى شمال الهند حيث تتميز الجهة الشمالية للجبال بوجود منطقة الاستبس الصحراوية بينما

تتميز الجهة الجنوبية بغناها بالغابات الموسمية، هذا بالإضافة إلى تنوع النبات رأسيا تبعا للارتفاع إلى أن يصل إلى خط الثلوج الدائم حيث تختفى النباتات تماما؛ ولهذا انعكاسه على مستوى الدخل القومي للدولة.

ولظاهرات السطح أثر كبير فى اتجاه الحدود السياسية، فالحدود السياسية المثالية هى تلك التى تطابق الحدود الطبيعية، وهذا ما تفتقر إليه دول المناطق السهلية التى تجد صعوبة فى تخطيط حدودها السياسية مما اضطر بعض الدول إلى إقامة الأسوار لتفصل بينها وبين الدول المجاورة كما حدث فى سور الصين العظيم. وبصفة خاصة فى المناطق المكتظة بالسكان.