أقرأ أيضاً
التاريخ: 18-9-2016
2422
التاريخ: 18-9-2016
2025
التاريخ: 19-3-2022
1631
التاريخ: 23-3-2022
1661
|
من القواعد المهمة التي يستفيد منها الفقيه كثيرا قاعدتا الفراغ و التجاوز، و قد جرت عادة الأعلام على جمعهما بالبحث في مورد واحد للتقارب الشديد بينهما.
ونمنهج الحديث عنهما كما يلي:
١- مضمون القاعدتين.
٢- مدرك القاعدتين.
٣- قاعدتان أو قاعدة واحدة.
٤- عموم القاعدتين لغير الصلاة و الوضوء.
٥- استثناء الوضوء من قاعدة التجاوز.
٦- هل يعتبر الدخول في الغير
٧- ما المراد من الغير؟
٨- احتمال الالتفات.
٩- تطبيقات.
------------------------------
١- مضمون القاعدتين :
وقع الاختلاف بين الأعلام في مضمون القاعدتين و كيفية التفرقة بينهما، فذهب جمع منهم الشيخ النائيني الى ان قاعدة الفراغ ناظرة الى الشك في صحة الكلّ، بينما قاعدة التجاوز ناظرة الى الشك في الجزء السابق بعد الدخول في الجزء اللاحق (١).
توضيح ذلك: إنّ شكّ المصلّي في صحة صلاته له صورتان، فتارة يشك بعد فراغه من صلاته في صحتها؟ و أخرى يشك و هو في أثنائها في الجزء السابق بعد الدخول في الجزء اللاحق كأن يشك في الركوع بعد ما سجد مثلا.
فإن شك في صحة صلاته بعد فراغه منها حكم بصحتها. و هذا هو مضمون قاعدة الفراغ.
و إن شك في الجزء السابق بعد الدخول في اللاحق حكم بتحقق ما سبق و عدم الاعتناء بالشك. و هذا هو مضمون قاعدة التجاوز.
هذا ما ذهب اليه جمع من الأعلام.
و ذهب جمع ثان؛ منهم السيّد الخوئي (٢) الى ان المصلي تارة يشك في صحة ما أتى به بعد جزمه بإتيانه به سواء كان ما شك في صحته هو الكل أو الجزء، و أخرى يشك في أصل اتيانه بالشيء.
ففي الحالة الأولى يحكم عليه بصحة ما أتى به. و ذلك هو مضمون قاعدة الفراغ من دون تخصيصها بالشك في صحة الكلّ، بل تعمّ الشك في صحة الجزء أيضا.
وفي الحالة الثانية يحكم بتحقق الجزء المشكوك. و ذلك مضمون قاعدة التجاوز.
وان شئت قلت: انه على الرأي الثاني يكون مضمون قاعدة الفراغ الحكم بصحة ما اتي به، و مضمون قاعدة التجاوز الحكم بتحقق ما شك في اتيانه.
بينما على الرأي الأول يكون مضمون قاعدة الفراغ الحكم بصحة الكلّ بعد الفراغ منه، و مضمون قاعدة التجاوز الحكم بتحقق الجزء السابق عند ما يكون الشك أثناء العمل.
وقد وقع الاختلاف في ان القاعدتين المذكورتين هل ترجعان من حيث الروح الى قاعدة واحدة أو إلى قاعدتين. و سنوضح ذلك فيما بعد ان شاء اللّه تعالى.
٢- مدرك القاعدتين :
الأخبار الواردة في المقام على نحوين فبعضها ناظر الى الحكم بوجود الشيء المشكوك و بعضها الآخر ناظر الى الحكم بصحة الشيء المشكوك.
فمن النحو الأول: صحيحة زرارة: «قلت لأبي عبد اللّه (عليه السلام): رجل شك في الاذان و قد دخل في الاقامة. قال: يمضي.
قلت: رجل شك في الاذان و الاقامة و قد كبّر. قال: يمضي.
قلت: رجل شك في التكبير و قد قرأ. قال: يمضي.
قلت: رجل شك في القراءة و قد ركع. قال: يمضي.
قلت: شك في الركوع و قد سجد. قال: يمضي على صلاته.
ثم قال: يا زرارة اذا خرجت من شيء ثم دخلت في غيره فشكك ليس بشيء» (3).
و بمضمونها صحيحة اسماعيل بن جابر فقد روى عن أبي جعفر (عليه السلام) ما نصه: «ان شكّ في الركوع بعد ما سجد فليمض. و ان شك في السجود بعد ما قام فليمض. كلّ شيء شك فيه مما قد جاوزه و دخل في غيره فليمض عليه» (4).
و من النحو التالي:
أ- موثقة محمد بن مسلم عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: «كل ما شككت فيه مما قد مضى فامضه كما هو» (5).
ب- صحيحة محمد بن مسلم عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: «كل ما شككت فيه بعد ما تفرغ من صلاتك فامض و لا تعد» (6).
و بمضمونها صحيحته الأخرى (7).
ج- موثقة بكير بن أعين قال: «قلت له: الرجل يشك بعد ما يتوضأ.
قال: هو حين يتوضأ أذكر منه حين يشك» (8).
هذا هو المهم من الروايات. و يوجد غيرها كثير.
مستندات أخرى :
و قد حاول البعض تجميع مستندات أخرى للقاعدتين المذكورتين- من قبيل التمسك بتسالم الفقهاء أو اصالة الصحة أو قاعدة نفي العسر و الحرج أو السيرة- إلّا انّها قابلة للمناقشة. و المهم هو الأخبار المتقدمة.
٣- قاعدة واحدة أو قاعدتان :
وقع الاختلاف بين الاعلام في أن القاعدتين المذكورتين هل ترجعان من حيث الروح الى قاعدة واحدة، و الاختلاف بينهما ليس إلّا من قبيل اختلاف مصاديق الشيء الواحد أو ان كلّ قاعدة هي مستقلة عن الاخرى.
وما هي الثمرة لهذا البحث؟ انها تظهر في بعض النقاط الآتية كما سيتجلى ان شاء اللّه (9).
والآراء في هذا المجال ثلاثة :
١- ما يظهر من الشيخ في الرسائل في الموضع السادس من المواضيع السبعة التي بحثها في قاعدة الفراغ و التجاوز (10)، حيث ذكر ان القاعدتين ترجعان الى التعبد بشيء واحد و هو التعبد بوجود العمل الصحيح.
فمن شك في صحة العمل بعد الفراغ منه يكون شاكّا في وجود العمل الصحيح، و قاعدة الفراغ تعبده بوجود العمل الصحيح، و من شك في الاتيان بالجزء السابق بعد دخوله في الجزء اللاحق يكون شاكا في الاتيان بالجزء الصحيح و قاعدة التجاوز تعبده بوجوده.
اذن المجعول في كليهما هو التعبد بمفاد كان التامة، أي التعبد بأصل وجود الشيء.
واذا قيل بأن التعبد في قاعدة التجاوز انما هو بأصل وجود الجزء و ليس بوجوده الصحيح.
كان الجواب: ان التعبد بأصل وجود الشيء دون وجوده الصحيح لغو.
ولم يذكر الشيخ وجها للاستدلال على ذلك.
والميرزا (قدّس سرّه) أورد على مختار الشيخ أربع مناقشات ثم أخذ بدفعها فراجع أجود التقريرات (11).
٢- ما اختاره الميرزا من ان المجعول من قبل الشارع هو قاعدة الفراغ فقط، أي الحكم بصحة العمل بعد الفراغ منه، غايته ان الشارع نزّل جزء العمل بمنزلة تمام العمل في الحكم بصحته و عدم الاعتناء بالشك من ناحيته.
وذكر في توجيه ذلك: ان موثقة ابن أبي يعفور عن أبي عبد اللّه (عليه السلام) تقول: «إذا شككت في شيء من الوضوء و قد دخلت في غيره فليس شكك بشيء انّما الشك إذا كنت في شيء لم تجزه» (12)، و المستفاد من قوله: «إذا كنت في شيء لم تجزه» ان المدار على الفراغ من الشيء و الخروج عنه من دون فرق بين الوضوء و الصلاة، فمتى ما فرغ المكلف من الشيء بكامله فشكّه ليس بشيء، و اذا لم يفرغ منه بالكامل فلا بدّ ان يعتني لشكه.
هذا و لكن في باب الصلاة بالخصوص و لمثل صحيحة زرارة الواردة في أجزاء الصلاة و التي قيل في آخرها: «كلّ شيء شك فيه مما قد جاوزه و دخل في غيره فليمض عليه» استفدنا ان الشارع نزّل في خصوص باب الصلاة كلّ جزء منها منزلة تمام العمل في عدم الاعتناء بالشك بعد الانتهاء عنه، و ان كان المناسب لو لا التنزيل المذكور الاعتناء بالشك لفرض عدم الفراغ من العمل بالكامل (13).
٣- ما اختاره جمع من الأعلام منهم السيد الخوئي من أن المجعول من قبل الشارع هو قاعدة التجاوز فقط، فالشارع حكم بأن الشك في وجود الجزء بعد تجاوز محله لا يعتنى به، و اما الشك في الصحة بعد الفراغ فهو مسبب دائما عن الشك في وجود الجزء أو الشرط للمركب، فالتعبد بالصحة بعد الفراغ يرجع الى التعبد بمنشإ الصحة و هو وجود القيد المشكوك (14).
عالم الاثبات و عالم الثبوت :
ثم ان البحث في وحدة القاعدتين و تعددهما تارة يلحظ بالنسبة الى عالم الثبوت بأن يقال: هل يمكن ثبوتا و واقعا اتحاد القاعدتين أو لا؟
وكلامنا السابق كان ناظرا الى هذا العالم. و تقدم ان الميرزا قال:
المجعول هو قاعدة الفراغ فقط، و السيد الخوئي قال: ان المجعول هو قاعدة التجاوز فقط.
وأخرى يلحظ بالنسبة الى عالم الاثبات و الأدلة بأن يقال اننا لو رجعنا الى الروايات فهل يستفاد منها وحدة القاعدتين أو تعددهما.
و بلحاظ هذا العالم اختلف الميرزا و السيد الخوئي أيضا، فالميرزا (15) ذكر ما نصه: «ان روايات الباب آبية عن حملها على جعل قاعدتين مستقلتين، فان الرجوع اليها يشرف الفقيه على القطع بكون المجعول فيها أمرا واحدا ينطبق على موارد الشك في الأجزاء و الشك بعد العمل، فان اتحاد التعبير في موارد الأخبار الواردة في موارد التجاوز عن الأجزاء و الفراغ عن العمل يوجب القطع بوحدة القاعدة المجعولة، فالمقصود هو ضرب قاعدة كلية و هو عدم الاعتناء بالشك في تحقق المشكوك بعد تجاوز محله من دون فرق بين كون المشكوك وجود الجزء بعد تجاوز محله أو الكل بعد الفراغ عنه».
بينما السيد الخوئي ذكر ما نصه: «المستفاد من ظواهر الأدلة كون القاعدتين مجعولتين بالاستقلال، و ان ملاك إحداهما غير ملاك الأخرى، فان ملاك قاعدة الفراغ هو الشك في صحة الشيء مع احراز وجوده، و ملاك قاعدة التجاوز هو الشك في وجود الشيء بعد التجاوز عن محله» (16).
الصحيح من الاحتمالين :
ولا يبعد كون الصحيح ما أفاده الشيخ الأعظم من كون المجعول قاعدة واحدة و هي البناء على صحة العمل الواقع خارجا أعم من كونه تمام العمل أو جزأه و أعم من كون الشك في أصل الوجود أو في صحة الموجود.
هكذا نقول. و لا نقول كما قاله الميرزا من كون المجعول هو قاعدة الفراغ فقط، أي البناء على صحة تمام العمل، كما و لا نقول بما ذكره السيد الخوئي من كون المجعول هو قاعدة التجاوز فقط و البناء على تحقق الوجود المشكوك.
أجل الشيخ الأعظم يظهر منه ان متعلق التعبد هو البناء على وجود العمل الصحيح بنحو مفاد كان التامة، و نحن نقول: ان بالامكان ان يدعى ان متعلق التعبد هو البناء على صحة العمل الواقع بنحو مفاد كان الناقصة، فلا يرد الاشكال بأن التعبد بوجود العمل الصحيح بنحو مفاد كان التامة ليس محلا للآثار، فان الآثار الشرعية مترتبة على صحة العمل الواقع لا على وجود العمل الصحيح.
وعلى أي حال: ان ظاهر الروايات هو ما أفاده الشيخ الأعظم؛ خصوصا لو قرأنا موثقة محمد بن مسلم التي تقول: «كل ما مضى من صلاتك و طهورك فذكرته تذكرا فأمضه و لا إعادة عليك فيه» (17) فانها ظاهرة في لزوم البناء على الصحة في الجزء و الكل معا.
٤- عموم القاعدتين لغير الصلاة و الوضوء :
وقع البحث في عموم القاعدتين لغير باب الصلاة و الوضوء، فالحج مثلا هل يمكن تطبيق ذلك عليه؟ سؤال اختلفت الاجابة عنه.
والمناسب أن يقال :
اما بالنسبة الى قاعدة الفراغ فينبغي الجزم بعمومها، فان موثقة محمد بن مسلم عن أبي جعفر (عليه السلام) قالت: «كل ما شككت فيه مما قد مضى فامضه كما هو» (18)، تشمل بعمومها مثل الحج.
وهكذا موثقة بكير بن أعين «هو حين يتوضأ أذكر منه حين يشك» (19)، فان النكتة المذكورة للزوم الحكم بالصحة بعد الفراغ تعم مثل الحج.
وعليه فلا ينبغي التشكيك في عمومها لبقية العبادات غير الصلاة و الوضوء، بل يمكن ان يقال بشمول موثقة ابن مسلم لباب المعاملات أيضا.
واما بالنسبة الى قاعدة التجاوز فيمكن أن يقال بعمومها أيضا فيما اذا بني على أحد الأمور التالية:-
أ- القول بوحدة القاعدتين بالشكل الذي أفاده الشيخ الأعظم (قدّس سرّه)، فانه بناء على ان الكبرى المجعولة فيهما واحدة، و ان الاختلاف بين قاعدة الفراغ و التجاوز ليس إلا من قبيل اختلاف مصاديق الشيء الواحد، انّه بناء على هذا يلزم بعد البناء على عمومية قاعدة الفراغ البناء على عمومية قاعدة التجاوز أيضا. و هذا من أحد ثمرات البحث عن تعدد القاعدتين و وحدتهما.
ب- القول بأن وجود القدر المتيقن في مقام التخاطب لا يمنع من انعقاد الاطلاق، فانّه بناء عليه يمكن التمسك بإطلاق القاعدة التي ذكرها الامام (عليه السلام) في آخر صحيحة زرارة (20) حيث قال (عليه السلام): «يا زرارة اذا خرجت من شيء ثم دخلت في غيره فشكك ليس بشيء».
ج- القول بوجود عموم لموثقة ابن مسلم: «كلّ ما شككت فيه مما قد مضى فامضه كما هو» للشك في صحة الجزء أو أصل وجوده و عدم اختصاصه بالشك في صحة المركب بعد الفراغ منه.
٥- استثناء الوضوء من قاعدة التجاوز :
بعد البناء على شمول قاعدة التجاوز لجميع العبادات وعدم اختصاصها بالصلاة نعود لنستدرك من ذلك الوضوء، فإن من شك في الجزء السابق من الوضوء بعد الانتقال الى الجزء اللاحق يلزمه العود اليه والاتيان به بشكل صحيح، سواء كان شكّه في أصل الاتيان به أو في صحته.
أجل اذا فرغ من الوضوء و طرأ عليه الشك بعد ذلك فلا يعتدّ بشكّه.
اذن الوضوء شذّ عن قاعدة التجاوز و لم يشذّ عن قاعدة الفراغ.
والمستند في استثناء الوضوء من قاعدة التجاوز صحيحة زرارة عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: «اذا كنت قاعدا على وضوئك فلم تدر أ غسلت ذراعيك أم لا فأعد عليهما و على جميع ما شككت فيه أنّك لم تغسله أو تمسحه مما سمى اللّه ما دمت في حال الوضوء، فاذا قمت من الوضوء و فرغت منه و قد صرت الى حال أخرى في الصلاة أو في غيرها فشككت في بعض ما سمّى اللّه مما أوجب اللّه عليك فيه وضوءه لا شيء عليك فيه ...» (21).
الوضوء و قاعدة الفراغ :
و بعد أن عرفنا عدم جريان قاعدة التجاوز في باب الوضوء فهل الأمر في قاعدة الفراغ كذلك، أي لا تجري في الوضوء كما لم تجر قاعدة التجاوز؟
المناسب جريانها لعدم الموجب لاستثناء الوضوء من عمومها، و المفروض ان عمومها- المستفاد من موثقة محمد بن مسلم كل ما شككت فيه مما قد مضى فامضه كما هو (22)- شامل للوضوء.
الغسل والتيمم :
وهل الغسل و التيمم ملحقان بالوضوء في عدم جريان قاعدة التجاوز في أجزائهما؟
المنسوب الى الشيخ الأعظم الإلحاق بتقريب ان النكتة التي من أجلها لم تجر قاعدة التجاوز في الوضوء هي ان الواجب في باب الوضوء هو الطهارة المسببة عن الغسلات و المسحات، و الغسلات و المسحات ما هي إلّا محصّل لتحقق الطهارة، و حيث ان الطهارة الواجبة أمر بسيط و ليست مركبة من أجزاء فلذا لم يجر الشارع فيها قاعدة التجاوز.
وان شئت قلت: اذا أريد اجراء قاعدة التجاوز في باب الوضوء ففيم تجري؟ هل تجري في نفس الطهارة، و هذا لا معنى له لأنها أمر بسيط، أو في الغسلات و المسحات، و هذا لا معنى له أيضا لأنها ليست بنفسها واجبة بل هي محصلة للواجب. و عليه فالشك في حصول بعض الغسلات و المسحات يستلزم الشك في تمامية تحقق المحصّل للواجب، و واضح ان الشك في المحصّل مجرى للاحتياط.
هذه هي النكتة التي من أجلها لم تجر قاعدة التجاوز في الوضوء، و هي عامة للتيمم و الغسل أيضا و لا تختص بالوضوء، و معه فالمناسب عدم جريان قاعدة التجاوز في الغسل و التيمم أيضا.
والصحيح عدم إلحاق الغسل و التيمم بالوضوء لأنّه حتى لو سلمنا بالمبنى الذي يرتكز عليه هذا البيان و هو ان الواجب في باب الطهارات الثلاث هو الطهارة المسببة دون نفس الغسلات و المسحات، فبالامكان ان نقول ان كون الغسلات و المسحات محصلا للطهارة الواجبة و ليست بنفسها مركز الوجوب لا يشكّل مانعا من جريان قاعدة التجاوز فيها، لأن مجرد كونها ليست واجبة بل محصلة للواجب لا يمنع من جريان القاعدة فيها.
و معه فاذا كان لدليل قاعدة التجاوز اطلاق يشمل الغسل و التيمم- كما هو المفروض- فلا ينبغي التوقف عن إعمالها فيهما.
و اذا قلت: إذا لم يكن ما ذكر صالحا لتشكيل مانع من جريان قاعدة التجاوز في الوضوء فلما ذا اذن لم يجر الشارع قاعدة التجاوز في الوضوء.
كان الجواب: ان ذلك لنكتة لا يلزم أن نكون مطلعين عليها.
٦- و هل يعتبر الدخول في الغير؟
وقع الكلام في انه هل يلزم لجريان قاعدة التجاوز و الفراغ الدخول في الغير؟ فمن شك في الركوع و بعد لم يسجد هل تجري في حقه قاعدة التجاوز؟ و من شك في صحة الكل أو صحة الجزء و بعد لم يدخل في غيره هل تجري في حقه قاعدة الفراغ؟
والجواب :
اما بالنسبة الى قاعدة التجاوز- أي الشك في الاتيان بالجزء السابق- فلا اشكال في اعتبار الدخول في الجزء اللاحق لصراحة صحيحة زرارة المتقدمة في ذلك حيث قال (عليه السلام) في آخرها: «اذا خرجت من شيء ثم دخلت في غيره فشكك ليس بشيء» (23).
و اما بالنسبة الى قاعدة الفراغ فقد يقال باعتبار الدخول في الغير أيضا، فمن شك في صحة الجزء السابق- الذي يجزم بتحققه- فلا يجوز أن يا بني على صحته إلا بعد الدخول في الجزء اللاحق.
ويمكن توجيه ذلك بعدّة وجوه نذكر اثنين منها:
أ- ما أفاده الشيخ النائيني من ان عنوان المضي هو من قبيل الكلي المشكك فصدقه مع عدم الدخول في الغير ليس في درجة صدقه مع الدخول في الغير بل صدقه مع فرض الدخول في الغير أوضح، ومعه فلا يكون المضي مع عدم الدخول في الغير مشمولا لأدلّة قاعدة الفراغ لانصراف المطلق عنه، و لا أقل من كون حالة الدخول في الغير هي القدر المتيقن في مقام التخاطب (24).
وفيه: ان اختلاف الأفراد في درجة الوضوح لا يمنع من شمول الدليل لجميعها، فمثلا صدق العالم على الأكثر علما أوضح من صدقه على الأقلّ علما و لكن ذلك لا يمنع من شمول أكرم العالم لجميع الأفراد.
أجل اذا كان صدق العنوان على بعض الأفراد خفيا جدا أمكن أن يكون ذلك موجبا للانصراف عنه، اما اذا لم يفرض مثل هذا الخفاء و انما كان الصدق على البعض أوضح و أظهر فلا يمنع ذلك من الشمول له.
ب- انه حيث اعتبر في قاعدة التجاوز الدخول في الغير فيلزم أن يكون ذلك معتبرا في قاعدة الفراغ أيضا بناء على وحدة القاعدتين و عدم اختلافهما في المجعول.
وهذا ما يمكن عدّه من أحد ثمرات البحث عن وحدة القاعدتين و تعددهما.
وفيه: ان قاعدة التجاوز لو كان يعتبر فيها الدخول في الغير فاعتباره في قاعدة الفراغ جيد، لاستظهار وحدة القاعدتين، إلا ان اعتبار ذلك في قاعدة التجاوز محل تأمل.
والوجه في ذلك: ان الملاك لعدم الاعتناء بالشك هو المضي عن الشيء، فإن موثقة محمد بن مسلم قالت: «كل ما مضى و شككت فيه ...» بيد ان المضي عن الشيء يختلف محققه باختلاف كون الشك في أصل وجود الشيء أو في صحته، فمتى ما كان الشك في أصل وجود الشيء فالمضي عنه لا يتحقق إلا بالانتقال الى الجزء المتأخر عنه، إذ ما دام أصل وجود الشيء مشكوكا فكيف يصدق المضي عن الشيء؟ انه لا يصدق إلا باعتبار المضي عن محله- و إلا فالمضي عنه نفسه لا يمكن صدقه ما دام أصل وجوده مشكوكا- و المضي عن محل الجزء لا يتحقق إلا بالدخول في الجزء اللاحق.
ومن هنا اعتبر في قاعدة التجاوز- أي عند الشك في أصل تحقق الجزء- الدخول في الجزء اللاحق.
ان اعتبار ذلك ليس لاعتبار الدخول في الجزء اللاحق بعنوانه بل لكون ذلك طريقا لتحقق المضي.
هذا في قاعدة التجاوز.
و اما بالنسبة الى قاعدة الفراغ- أي الشك في صحة الشيء المتحقق سواء كان جزءا أم لا- فبما ان الشيء المشكوك صحته يتيقن بوجوده فالمضي عنه لا يتوقف صدقه على الدخول في جزء لاحق بل بالانتهاء عنه يصدق المضي.
و الخلاصة: ان الشارع ألغى الشك بعد المضي عن الشيء و لم يعتبر في إلغاء الشك سوى المضي عن الشيء، إلا ان تحقق المضي عن الشيء يختلف باختلاف كون الشك في أصل الوجود و كونه في صحة الشيء الموجود، فعدم الاعتناء بالشك في أصل الوجود يشترط فيه الدخول في الجزء اللاحق، لأنّه لا يصدق المضي إلا بذلك، بينما عدم الاعتناء بالشك في صحة الموجود لا يلزم فيه ذلك لصدق المضي بدونه.
وهذه من النكات المهمة التي يلزم الالتفات اليها، و هي انه في قاعدة التجاوز يعتبر الدخول في الغير، بخلافه في قاعدة الفراغ فانّه لا يعتبر ذلك بالرغم من وحدة القاعدتين، و ما ذاك إلا للبيان المتقدم.
٧- ما المراد من الغير؟
ذكرنا ان شرط جريان قاعدة التجاوز- أي عدم الاعتناء بالشك في أصل الوجود- الدخول في الجزء الثاني، و ليس ذلك إلّا من باب توقف تحقق المضي عليه. و هنا نتساءل عن ذلك الغير.
وفي هذا المجال نطرح عدّة أسئلة لنجيب عنها:-
الدخول في جزء الجزء :
أ- من شك في القراءة بعد الدخول في الركوع لا يعتني بشكه، لأنّه شك في الجزء السابق بعد الدخول في الجزء اللاحق. و نسأل عمّن شك في الحمد بعد الدخول في السورة فهل لا يعتني لشكه أيضا بعد الالتفات الى ان مجموع القراءة جزء واحد و ليست الفاتحة جزءا مستقلا في مقابل السورة؟ نعم لا يعتني لشكه؛ لأن عنوان المضي صادق.
هذا مضافا إلى ان مجموع القراءة اذا كان جزءا فأبعاضه أجزاء أيضا. و لم يفرض في قاعدة «اذا خرجت من شيء و دخلت في غيره ...»
ان يكون الشيء جزءا مستقلا.
لا يقال: ان صحيحة زرارة مثّلت بالشك في القراءة بعد الدخول في الركوع، و لم تمثّل بالشك في ابعاض القراءة.
فانه يقال: ان ذلك من باب فرض الشك في مجموع القراءة، وهذا لا يدلّ على عدم صحة الفروض الاخرى؛ خصوصا اذا التفتنا الى ان الأمثلة قد ذكرت في كلام زرارة دون الامام (عليه السلام).
ثم ان من الغريب ما نسب الى جماعة؛ منهم الشهيد الثاني، و الميرزا (25) من اعتبار الدخول في الأجزاء المستقلة، و لا يكفي الدخول في أجزاء الأجزاء.
و وجه الغرابة: ان ذلك خلف اطلاق كلمة الجزء المذكورة في صحيحة زرارة. و سيأتي تقريب الميرزا لعدم الشمول.
الدخول في آية أخرى :
ب- هل الشك في آية بعد الدخول في آية أخرى لا يعتنى به أيضا؟
ذكر الميرزا في أجود التقريرات (26) عدم جريان قاعدة التجاوز في مثل ذلك، لأن المجعول حسب مبناه هو قاعدة الفراغ فقط، أي عدم الاعتناء بالشك بعد الفراغ من تمام المركب؛ غايته ان الشارع نزّل أجزاء المركب منزلة تمام المركب في عدم الاعتناء بالشك بعده، و القدر المتيقن من التنزيل المذكور هو تنزيل الأجزاء المستقلة كما تشهد به الأمثلة.
وفيه: انه لو سلم المبنى فيمكن ان يقال: ان اطلاق كلمة «شيء» في صحيحة زرارة شامل للجزء غير المستقل، و بذلك يثبت التنزيل في الأجزاء غير المستقلة أيضا.
الدخول في كلمة ثانية :
ج- اذا شك في كلمة بعد الدخول في كلمة أخرى فهل لا يعتنى للشك أيضا؟
و الجواب: ان لفظ «شيء» و ان كان صادقا على الكلمة بحسب الدقة، إلا انه منصرف عنها عرفا. و أولى من ذلك الشك في الحرف السابق بعد الدخول في حرف جديد، فان الانصراف فيه أوضح.
هذا كلّه لو لاحظنا القاعدة المذكورة في صحيحة زرارة بلسان «كلما دخلت في شيء و خرجت ...»، و اما لو لاحظنا موثقة محمد بن مسلم التي تقول «كلّ ما مضى و شككت ...» فالأمر أوضح، لعدم صدق المضي عرفا في مثل الحالات المذكورة.
الدخول في الأجزاء المستحبة :
د- اذا شك في بعض الأجزاء الواجبة السابقة بعد الدخول في بعض الأجزاء المستحبة- كمن شك في القراءة بعد الدخول في القنوت- فهل يمكن التمسك بقاعدة التجاوز؟
ذكر السيد اليزدي في العروة الوثقى، و وافقه جملة من المحشين، عدم الاعتناء بالشك.
وفي مقابل ذلك ذهب جماعة منهم السيد الخوئي الى عدم الاعتداد بالدخول في الجزء المستحب.
و يمكن توجيه ذلك حسبما يستفاد من مصباح الاصول (27) بالبيانين التاليين (28):-
البيان الأول :
ان الجزء المستحب ليس معقولا في نفسه، بل الجزء اما أن يكون واجبا أو لا يكون جزءا أصلا، اما كونه جزءا مستحبا فهو غير معقول، لأن القنوت مثلا ان كان مقوما لماهية الصلاة و معتبرا فيها فهو واجب، و إلا لم يكن جزءا أصلا.
و عليه فإطلاق الجزء على مثل القنوت المستحب مشتمل على المسامحة. و واقع الحال هو ان مثل القنوت مأمور به بأمر استحبابي مستقل، غاية الأمر هو مستحب في ظرف الصلاة و بعد القراءة في الركعة الثانية فهو مستحب باستحباب نفسي في ظرف الواجب، و معه فيكون الدخول فيه كالدخول في أي فعل آخر ليس هو جزء من الصلاة، فكما انه لا يتحقق التجاوز عن المحل بذلك كذلك في المقام.
وفيه: ان مرتبة القنوت ما دام قد قررها الشارع بعد مرتبة القراءة، فالداخل في القنوت بعد شكّه في القراءة يصدق عليه انه دخل في غيره.
و دعوى: انه لا يكفي مطلق الدخول في الغير إلّا فيما اذا كان جزءا.
مدفوعة: بان اعتبار كون الغير جزءا غير لازم بعد ما قرر الشارع له محلا متأخرا عن القراءة.
هذا كلّه اذا سلمنا المبنى المتقدم و الحال انه قابل للمناقشة، لأن ما ذكر خاص بالمركبات الحقيقية، و اما الاعتبارية كالصلاة مثلا فيمكن افتراض كون الشيء دخيلا في الماهية بدرجة ضعيفة تقتضي الاستحباب دون اللزوم؛ فان الاعتبار سهل المؤونة. كيف و في المركبات الاعتبارية سلم بامكان أن يكون الشيء جزءا للواجب حالة وجوده و ليس بجزء حالة عدمه- كما في التشهد فانه جزء حالة وجوده و ليس بجزء حالة تركه نسيانا- و لازم ذلك بالأولوية امكان أن يكون الشيء دخيلا في المركب الاعتباري بدرجة ضعيفة تستدعي صيرورته جزءا مستحبا لا واجبا.
البيان الثاني :
ان مثل القنوت و ان اعتبر تأخره عن القراءة، إلا ان القراءة لم يعتبر تقدمها على القنوت، إذ ليس من شرط صحة القراءة ان تتقدم على القنوت، و إلا يلزم عدم صحة القراءة فيما اذا لم يتعقبها القنوت.
و مع عدم اشتراط تعقب القراءة بالقنوت فالآتي بالقنوت لا يصدق عليه انه قد تجاوز عن محل القراءة، إذ محلها غير مشروط بكونه قبل القنوت.
و اذا قال قائل: انه بالرغم من ذلك يصدق التجاوز و الدخول في الغير.
قلنا له: ان لازم هذا ان المكلف لو كان مشغولا بالتعقيب و شك في انه هل صلّى صلاة الظهر أو لا، فبالامكان تطبيق قاعدة التجاوز و الحكم عليه بعدم لزوم الاتيان بالظهر، لأن محل التعقيب متأخر عن الصلاة و ان كانت هي غير مشروطة بالتقدم عليه.
و هكذا لو كان المكلف قد دخل في العصر و هو شاك هل أتى بالظهر أو لا، انه يلزم الحكم بالاتيان بالظهر، لأن العصر متأخرة عن الظهر و ان كانت الظهر غير مشروطة بالتقدم على العصر.
وفيه: ان الشارع ما دام قد أعطى للقنوت رتبة متأخرة عن القراءة فالآتي به يصدق عليه انّه دخل في غيره و قد تجاوز عن محل القراءة.
ودعوى: ان ذلك لا يكفي إلا اذا فرض اعتبار تقدّم القراءة على القنوت.
مدفوعة: بانها غير ثابتة.
والاستشهاد بالمثالين مدفوع بأن قاعدة التجاوز يمكن دعوى اختصاصها باجزاء المركب خاصة، و واضح ان الشك في المثالين ليس من قبيل الشك في أجزاء المركب.
هذا مضافا الى امكان دعوى وجود نص خاص أخرج المثالين المذكورين من قاعدة التجاوز، و هو ما دلّ على ان الشاك في أصل الاتيان بالصلاة لا يعتني بشكه ما دام ذلك بعد خروج الوقت (29)، فانه يدلّ على ان الشك ما دام داخل الوقت فيجب الاحتياط، و باطلاقه يشمل صورة الدخول في التعقيب أو الصلاة الثانية.
الدخول في المقدمات :
ذ- و هل يكفي الدخول في مقدمات الأجزاء لتطبيق قاعدة التجاوز؟ فمن شك في الركوع بعد الهوي الى السجود هل يحكم عليه بعدم الاعتناء بشكّه؟ سؤال اختلفت الاجابة عنه.
و الصحيح عدم تطبيق قاعدة التجاوز، لانصراف كلمة الغير عن مثل الهوي، فانه ليس معتبرا في الصلاة لا بنحو الوجوب و لا الاستحباب و ليس له رتبة متأخرة، بل لو أمكن لإنسان أن يأتي بالركوع و السجود بلا هوي كفاه ذلك، و هو نظير ما اذا كان المصلي من عادته تحريك رأسه بشكل خاص بعد الركوع فهل ترى انّه لو شك في الركوع و هو في حالة يحرّك رأسه فيها عدم اعتنائه لشكه.
و مما يؤكد ما نقول ان الامام الباقر (عليه السلام) في صحيحة اسماعيل بن جابر قال: «ان شك في الركوع بعد ما سجد فليمض ...» (30) فلو كان الهوي كافيا كان من المناسب أن يقول: ان شك في الركوع بعد ما هوى أو سجد.
هذا و لكن ورد في موثقة عبد الرحمن بن أبي عبد اللّه (عليه السلام) قال قلت لأبي عبد اللّه (عليه السلام): «رجل أهوى الى السجود فلم يدر أركع أم لم يركع؟
قال (عليه السلام): قد ركع» (31) فانّه قد يقال بدلالتها على كفاية الهوي.
و فيه: ان التعبير ب «أهوى» يدل على تحقق الهوي و الفراغ منه، و لازم الانتهاء من الهوي تحقق السجود، فتكون دالة على حدوث الشك بعد تحقق السجود أو لا أقل هي مطلقة فتقيد بصحيحة اسماعيل.
و اذا قيل انه مع فرض تحقق السجود لا يعبر باهوى بل بسجد أمكن تقديم جواب ثان هو ان الرواية المذكورة قد رويت بنفس السند بشكل آخر بحيث يمكن تحصيل الاطمئنان بعدم التعدد، فقد نقل الشكل الأوّل في التهذيب (32) و الاستبصار (33) هكذا قال: «و عنه- أي سعد بن عبد اللّه- عن أبي جعفر (34) عن أحمد بن محمد بن أبي نصر عن ابان بن عثمان عن عبد الرحمن بن أبي عبد اللّه عن ابي عبد اللّه (عليه السلام) قال: «قلت لأبي عبد اللّه (عليه السلام): رجل أهوى الى السجود فلم يدر أركع أم لم يركع. قال: قد ركع» (35).
ونقل الشكل الثاني في التهذيب (36) و الاستبصار (37) هكذا: «عن سعد عن أحمد بن محمد عن أحمد بن محمد بن أبي نصر عن ابان بن عثمان عن عبد الرحمن بن أبي عبد اللّه قال: قلت لأبي عبد اللّه (عليه السلام): «رجل رفع رأسه عن السجود فشك قبل أن يستوي جالسا فلم يدر أسجد أم لم يسجد؟ قال يسجد. قلت: فرجل نهض من سجوده فشك قبل أن يستوي قائما فلم يدر أسجد أم لم يسجد؟ قال: يسجد».
فان الرواية اما أن تكون واحدة، و بذلك يلزم عدم العلم بالصادر و يسقطان عن الحجية أو يفترض صدق الجميع- بأن يكون السائل قد سأل ثلاثة أسئلة، و الشيخ الطوسي قطّع الأسئلة- فيحصل التعارض؛ لأن إحداهما تدلّ على كفاية الدخول في مقدمة الجزء لتطبيق قاعدة التجاوز، و الاخرى تدلّ على عدم كفاية ذلك.
واذا قيل ان النقل الثاني يدلّ على ان المرتكز في ذهن السائل كفاية الاستواء في تطبيق قاعدة التجاوز، و حيث ان الامام (عليه السلام) لم يردع عنه فتثبت بذلك حجيته.
كان الجواب: نحن لا نحتاج الى التمسك بهذا الارتكاز و اثبات حجيته بل نحن نلتزم بمضمونه حتى لو قطعنا النظر عنه فإن الاستواء ما بين السجدتين واجب. و القيام من السجدة الثانية واجب أيضا لتتحقق بذلك القراءة الواجبة إذ القراءة تجب حالة الوقوف.
ومع وجوب الاستواء يصح تطبيق قاعدة التجاوز عند تحققه- الاستواء- لصدق عنوان الغير عليه و يكون مشمولا لصحيحة زرارة التي تقول: «اذا خرجت من شيء و دخلت في غيره ...».
الجزء المترتب :
ز- إذا شك المكلف في جزء سابق فتارة يفرض انه لم يدخل في جزء جديد، و أخرى يفرض دخوله في جزء جديد مترتب على سابقه شرعا، و ثالثة يفرض دخوله في جزء جديد غير مترتب على سابقه شرعا، كمن تشهد في الركعة الأولى غفلة عن كونها أولى و شك في اتيانه بالسجود. ان التشهد حيث لم يؤمر به في الركعة الأولى فالدخول فيه دخول في جزء غير مترتب شرعا على سابقه.
ولا اشكال في عدم جريان قاعدة التجاوز في الحالة الأولى، كما و لا اشكال في جريانها في الحالة الثانية. و وقع الاشكال في جريانها في الحالة الثالثة.
اختار جمع- منهم السيد اليزدي في العروة الوثقى (38)- الجريان تمسكا باطلاق كلمة «غيره» الواردة في صحيحة زرارة «اذا خرجت من شيء ثم دخلت في غيره ...» (39).
واختار آخرون- منهم السيد الحكيم و الخوئي (40)- عدم الجريان.
وقرّب ذلك بأن التجاوز عن الشيء المشكوك حيث لا يمكن تحققه حقيقة- لفرض الشك في أصل الاتيان بالشيء، و التجاوز عن شيء فرع الاتيان به- فلا بدّ من كون المقصود التجاوز عن محله، و واضح ان التجاوز عن محل الشيء المشكوك لا يتحقق إلّا بالدخول في الجزء المترتب شرعا على الشيء المشكوك، إذ غير المترتب حيث لا محل له شرعا فالدخول فيه لا يتحقق به التجاوز عن محل الجزء المشكوك (41).
وفي مقام التعليق نقول: ان كلام الاعلام القائلين بالجريان و القائلين بعدمه مبني على التعامل مع ألفاظ القاعدة، فبعضهم لاحظ لفظ «غيره» و تمسك باطلاقه، و بعض لاحظ لفظ التجاوز و ارتأى عدم صدقه إلّا بالدخول في الجزء المترتب.
والمناسب التعامل مع نكتة القاعدة فان القاعدة المذكورة تبتني على نكتة عقلائية و هي ان المكلف حيث انّه في صدد الامتثال و تحقيق الاتيان بكل جزء في محله الشرعي فيكون ظاهر حاله عند الدخول في جزء جديد الاتيان بالجزء السابق.
وإذا كانت هذه نكتة القاعدة و لا يحتمل كونها قاعدة تعبدية فمن اللازم الحكم بعموم القاعدة لحالة الدخول في جزء غير مترتب على سابقه شرعا لعموم النكتة المذكورة لكلتا الحالتين.
الشك في الجزء الاخير :
و- اذا شك المصلّي في اتيانه بالجزء الأخير كالتسليم فما هو حكمه بعد الالتفات الى عدم وجود جزء آخر بعد التسليم ليتحقق الدخول فيه الذي هو شرط تطبيق قاعدة التجاوز.
وهنا تارة يقصر النظر على الجزء الأخير و يحاول اثبات حصوله وتحققه من خلال قاعدة التجاوز، و أخرى تلحظ الصلاة ككل و يحاول اثبات صحتها من خلال قاعدة الفراغ.
واما حالة الجزم بالاتيان بالتسليم و الشك في صحته فلا اشكال في الحكم بصحته لقاعدة الفراغ.
اما اذا أخذنا بالملاحظة الاولى فالتمسك بقاعدة التجاوز مشكل، لأن التجاوز عن محل الشيء انما يتحقق بالدخول فيما تكون مرتبته متأخرة عن المشكوك، و هو ليس إلا ما كان جزءا واجبا أو مستحبا من الصلاة، اما ما كان خارجا عن الصلاة فتحقق التجاوز عن المحل به غير واضح.
و اما اذا أخذنا بالملاحظة الثانية فالتمسك بقاعدة الفراغ انما يتم فيما اذا صدق عنوان مضي الصلاة و الفراغ عنها، و ذلك لا يكون إلا بالدخول في أ فعال أخرى منافية للصلاة سواء صدرت عمدا أو سهوا كالاستدبار أو نقض الطهارة.
٨- احتمال الالتفات :
تارة يفرض ان الشخص بعد فراغه من العمل و طرو الشك عليه يقطع بكونه حين العمل كان غافلا عن الجزء أو الشرط المشكوك، و أخرى يفترض احتماله الالتفات. فمثلا الشخص الذي يتوضأ و هو لابس للخاتم و بعد اتمامه الوضوء شك هل وصل الماء تحته أو لا؟
في هذه الحالة تارة يقطع بكونه غافلا حالة الوضوء عن وجود الخاتم بيده و عن تحريكه، غايته يحتمل تسرّب الماء تحته بلا التفات منه، و أخرى يحتمل انه كان حالة الوضوء ملتفتا الى الخاتم والى تحريكه و ايصال الماء تحته.
هاتان حالتان و لا ثالثة لهما، إذ الثالثة ليست هي إلا حالة القطع بالالتفات، و لكن مع وجود القطع بالالتفات لا يبقى مجال للشك و احتمال عدم وصول الماء ليحتاج الى تطبيق قاعدة الفراغ.
وباتضاح هذا نقول: اما اذا فرض احتمال الالتفات فلا اشكال في جواز تطبيق قاعدة الفراغ.
واما اذا فرض القطع بالغافلة فهناك من رفض تطبيقها مدّعيا عدم شمولها لمثل ذلك.
ومن جملة هؤلاء السيد الخوئي و السيد الشهيد (قدّس سرّهما)، و ذلك لوجهين:-
أ- ان قاعدة الفراغ و التجاوز لم تشرعا لتأسيس مطلب جديد تعبدي على خلاف المرتكزات العقلائية، بل هما قاعدتان ناظرتان الى ما عليه سيرة العقلاء من عدم الاعتناء بالشك بعد الفراغ من العمل و ترشدان الى ذلك، و واضح ان العقلاء انما يلغون الشك فيما اذا لم يقطع بالغافلة حين العمل بشكل كامل.
ب- التمسك بتعبير الأذكرية و الأقربية، ففي موثقة بكير بن أعين ورد «هو حين يتوضأ أذكر منه حين يشك» (42)، و في رواية محمد بن مسلم الواردة فيمن شك بعد الفراغ من الصلاة انّه صلّى ثلاثا أو أربعا:
«و كان حين انصرف أقرب الى الحق منه بعد ذلك» (43) ، فإن مقتضى التعليل بالأذكرية و الأقربية الاقتصار على الموارد التي يحتمل فيها الالتفات، و اما الموارد التي يقطع فيها بعدم الالتفات فلا مجال للأذكرية و الأقربية (44).
و نترك التعليق على ذلك الى مستوى أعلى.
أبحاث أخرى :
وهناك أبحاث أخرى في قاعدة الفراغ و التجاوز تعرض لها الأعلام نعرض عنها خوف الاطناب و الملل و نقتصر على التطبيقات.
٩- تطبيقات :
١- اذا شك المكلّف أثناء الصلاة أو بعدها انّه توضأ أو لا فما هو حكمه؟
٢- اذا علم المكلف بانه قد توضأ و لكنه شك أثناء الصلاة أو بعدها في انّه هل ترك جزءا من الوضوء أو لا فما هو حكمه؟
٣- الحاج أثناء السعي شك انه طاف بالكعبة المشرّفة سبعا أو ستا فما ذا يفعل؟
٤- اذا أنهى الطائف طوافه، و قبل ان يشرع في صلاة الطواف شك هل توضأ قبل الطواف أو لا فما هو حكمه بلحاظ الطواف؟ و ما هو حكمه بلحاظ صلاة الطواف؟
٥- اذا أنهى المصلّي صلاة المغرب و شك بعدها انّه صلّاها ركعتين أو أربعا فما ذا يفعل؟
٦- اذا انهى المكلّف الظهرين و جزم بفوات الركوع اما من الظهر أو من العصر فهل تجري قاعدة الفراغ بالنسبة الى كلتا الصلاتين أو تجري بلحاظ إحداهما، أو لا تجري في شيء منهما؟
٧- الصورة السابقة مع فرض التشهد بدل الركوع.
٨- اذا علم المكلف بعد صلاته انّه فاته اما القنوت أو الركوع فهل هناك مجال لتطبيق قاعدة الفراغ؟
٩- اذا علم المكلف بعد الصلاة اما بفوات الركوع منها أو بعدم غسل بعض أعضاء الوضوء فهل بالإمكان تطبيق قاعدة الفراغ على الصلاة أو الوضوء؟
١٠- اذا علم المكلف بعد صلاته اما بفوات التشهد منها أو عدم غسل بعض أعضاء الوضوء فما هو حكمه؟
١١- اذا شك المصلي في الركعة الثانية ان الركوع من الاولى هل أتى به بشكل صحيح أو لا فهل هذا مجال قاعدة التجاوز أو الفراغ؟
١٢- اذا أنهى المصلّي اثناء قراءة الحمد آية معينة، و بمجرد انهائها شك هل أتى بها بشكل صحيح أو ملحون، فهل عليه إعادتها و لما ذا؟
١٣- اذا علم المكلف بعد انهاء وضوئه اما ببطلانه أو بطلان وضوء أحد اصدقائه فما هو الحكم؟
١٤- اذا علم المأموم بعد إكمال صلاته ببطلان اما صلاته أو صلاة المأموم الآخر فما هو الحكم؟
١٥- اذا علم المأموم اما هو لم يتوضأ أو إمامه لم يتوضأ فما هو حكم صلاته التي فرغ منها؟
١٦- اذا علم المكلف بعد انهاء صلاته ببطلان اما صلاته أو وضوئه فما هو الحكم؟
١٧- اذا علم المكلف ببطلان اما وضوء صلاة الصبح أو وضوء صلاة الظهر فما هو الحكم؟
١٨- اذا علم المكلف ببطلان اما وضوء صلاة الظهر أو وضوء صلاة العصر فما هو الحكم؟
١٩- لو علم المكلف قبل دخوله في تشهد الركعة الثانية بأنه قد ترك سجدتين جزما اما من الركعة الأولى أو من الركعة الثانية التي هي بيده فما هو الحكم؟
٢٠- الصورة السابقة مع فرض حصول العلم الإجمالي المذكور بعد الدخول في التشهد.
____________
(١) أجود التقريرات ٢: ٤٦٥.
(٢) مصباح الأصول ٣: ٢٧٧.
(3) وسائل الشيعة: الباب ٢٣ من أبواب الخلل الواقع في الصلاة ح ١.
و الرواية صحيحة السند لأن صاحب الوسائل رواها كما يلي: محمد بن الحسن بإسناده عن أحمد بن محمد عن أحمد بن محمد بن أبي نصر عن حماد بن عيسى عن حريز بن عبد اللّه عن زرارة.
اما محمد بن الحسن فهو الشيخ الطوسي الذي لا يحتاج لشهرته الى توثيق.
و أما أحمد بن محمد فهو أحمد بن محمد بن عيسى الأشعري «شيخ قم و وجيهها و فقيهها غير مدافع».
و أما أحمد بن محمد بن أبي نصر فهو البزنطي الذي قال الشيخ الطوسي في حقه «ثقة جليل القدر».
و اما حمّاد و حريز و زرارة فقد تقدم حالهم.
يبقى علينا ملاحظة سند الشيخ الطوسي الى أحمد بن محمد بن عيسى، و هو محلّ كلام بين الأعلام.
وسائل الشيعة: الباب ١٣ من أبواب الركوع ح ٤.
(4) و الوجه في كونها صحيحة السند: ان الحر رواها هكذا: و باسناده عن سعد عن أحمد بن محمد عن أبيه عن عبد اللّه بن المغيرة عن اسماعيل بن جابر.
و المقصود من قوله «و باسناده» أي و باسناد الشيخ الطوسي عن سعد بن عبد اللّه الأشعري.
و سند الشيخ الطوسي الى سعد صحيح لأنّه ذكر في مشيخة التهذيب ١٠: ٧٤ ان ما أرويه عن سعد فقد أخبرني به الشيخ (رحمه اللّه)- أي المفيد- عن أبي جعفر محمد بن علي بن الحسين- يعني الصدوق- عن أبيه عن سعد بن عبد اللّه.
وأما سعد نفسه فقد تقدّم عن النجاشي انّه «شيخ هذه الطائفة و فقيهها و وجهها».
وأما أحمد بن محمد بن عيسى فقد تقدّم عن الشيخ الطوسي انّه «شيخ قم و وجيهها و فقيهها غير مدافع».
وأما والد أحمد الذي اسمه محمد بن عيسى الأشعري فهو على ما قال النجاشي «شيخ القميين، وجه الأشاعرة، متقدم عند السلطان».
وأما عبد اللّه بن المغيرة فهو على ما قال النجاشي: «ثقة ثقة لا يعدل به أحد من جلالته و دينه و ورعه».
و اما اسماعيل بن جابر فقد قال عنه الشيخ الطوسي في رجاله في أصحاب الباقر «ثقة ممدوح».
(5) وسائل الشيعة: الباب ٢٣ من أبواب الخلل ح ٣.
وانما كانت موثقة لأن في سندها عبد اللّه بن بكير و هو فطحي و لكنه ثقة.
و قد رواها في الوسائل هكذا: و عنه عن صفوان عن ابن بكير عن محمد بن مسلم عن أبي جعفر (عليه السلام).
وضمير «عنه» يرجع الى الحسين بن سعيد المذكور في السند السابق. أي و عن الشيخ الطوسي بإسناده الى الحسين بن سعيد.
اما الحسين بن سعيد فهو ثقة.
و اما عبد اللّه بن بكير فهو على ما قال الشيخ «فطحي إلّا انّه ثقة».
و اما صفوان فهو ثقة سواء كان صفوان بن مهران الجمال أو صفوان بن يحيى.
و اما محمد بن مسلم فهو كما قال النجاشي: «وجه أصحابنا بالكوفة فقيه ورع».
يبقى طريق الشيخ الى الحسين بن سعيد. و هو صحيح. راجع مشيخة التهذيب ١٠: ٦٣.
(6) وسائل الشيعة: الباب ٢٧ من أبواب الخلل الواقع في الصلاة ح ٢.
(7) المصدر السابق ح ٣.
(8) وسائل الشيعة: الباب ٤٢ من أبواب الوضوء ح ٧.
وهي على ما رواه في الوسائل هكذا: و بإسناده- أي الشيخ الطوسي بقرينة ما سبق عليها من الروايات- عن الحسين بن سعيد عن فضالة عن ابان بن عثمان عن بكير بن أعين.
اما الحسين بن سعيد فقد تقدم انّه ثقة.
واما فضالة فهو فضالة بن أيوب و قد قال عنه النجاشي: «كان ثقة في حديثه مستقيما في دينه».
واما ابان بن عثمان فقد عدّه الكشي ممن أجمع على تصديقهم. و لأجل كونه ناووسيا عدت الرواية موثقة.
واما بكير بن أعين فقد ورد بطريق صحيح ان الامام الصادق (عليه السلام) قال عنه لما بلغه موته:
«اما و اللّه لقد أنزله اللّه بين رسول اللّه و أمير المؤمنين (صلوات اللّه عليهما)».
ثم ان موثقة بكير مضمرة، أي لم يذكر فيها الشخص المسؤول و انه الامام (عليه السلام) حيث قيل «قلت له ...». و لعل الضمير يرجع الى غير الامام (عليه السلام)، و معه تسقط الرواية عن الاعتبار.
و هناك كلام بين الأعلام يرتبط بالمضمرات و انّها حجّة أو لا.
والمشهور هو التفصيل بين ما اذا كان الشخص المضمر من أجلاء الرواة الذين لا يليق بهم السؤال من غير الامام (عليه السلام)- كزرارة و محمد بن مسلم و ...- فتكون مضمراته حجّة، وبين غيره فلا تكون حجّة.
والصحيح حجيّة مطلق المضمرات بالبيان التالي: ان العرب لا يذكرون الضمير مجردا عن مرجع يرجع اليه بل متى ما ذكروا الضمير ذكروا معه المرجع الذي يرجع إليه، اما ذكره مجردا عن المرجع فهو أمر غير مألوف، اللّهم إلّا اذا فرض وجود عهد خاص بين الطرفين يستندان إليه في إرجاع الضمير.
و على هذا الأساس نقول ان ذكر بكير بن أعين للضمير من دون مرجع يرجع اليه لا يكون وجيها إلّا اذا افترضنا وجود شخص معهود يرجع اليه الضمير، و من الواضح انه لا يوجد شخص يليق أن يكون معهودا إلّا الامام (عليه السلام) فيتعين رجوع الضمير اليه. و هو المطلوب.
و إذا قيل: لعلّ زرارة مثلا هو المعهود بين الطرفين و يقصدان إرجاع الضمير إليه دون الامام (عليه السلام).
كان الجواب: ان بكير حينما سجل الرواية في أصله أو نقلها للآخرين كان قاصدا بذلك ايصال الرواية الى الأجيال المستقبلية و عدم احتكارها على نفسه و الطرف الثاني الذي وقع طرفا للحوار، و مع افتراض توجّه نظره الى الأجيال فلا بد من تعيين المرجع و عهده لدى الجميع، و ليس هو إلّا الامام (عليه السلام).
ثم ان بعض المضمرات قد يشتمل على نكتة خاصة اضافية تصلح لتشخيص كون المسؤول هو الامام؛ من قبيل: ما ورد في رواية علي بن مهزيار، قال: كتب اليه سليمان بن رشيد يخبره انه بال في ظلمة الليل و انه أصاب كفّه برد نقطة من البول ... فأجابه بجواب قرأته بخطه ... الباب ٤٢ من النجاسات.
ان السيّد الخوئي في التنقيح ٢: ٣٧٦ ذكر ان سليمان بن رشيد حيث اننا لا نعرفه فالرواية ساقطة عن الاعتبار إذ لعلّه كان قاضيا من قضاة الجمهور و سأل من أئمة مذهبه.
ان هذا الكلام يمكن أن يورد عليه بأن الرواية تشتمل على خصوصية تعين كون المسؤول هو الامام (عليه السلام) و هي تعبير ابن مهزيار «قرأته بخطه»، ان تأكيد رؤية خط المسؤول لا معنى له إلّا إذا كان المقصود اني رأيت خط الامام (عليه السلام).
(9) أحد تلك المواضع ما يأتي: ٤٩، ٥٤.
(10) راجع الرسائل: ٤١٤ من طبع رحمت اللّه.
(11) أجود التقريرات ٢: ٤٦٥- ٤٦٧.
(12) وسائل الشيعة: الباب ٤٢ من أبواب الوضوء ح ٢.
(13) أجود التقريرات: ٤٦٨.
(14) مصباح الأصول ٣: ٢٧١.
(15) أجود التقريرات ٢: ٤٦٧.
(16) مصباح الأصول ٣: ٢٧٩.
(17) تقدم في: ٤٢.
(18) المتقدمة في: ٤١.
(19) المتقدمة في: ٤٢.
(20) المتقدمة في: ٤٠.
(21) وسائل الشيعة: الباب ٤٢ من أبواب الوضوء ح ١.
وهي صحيحة السند لأن الحر العاملي رواها هكذا: محمد بن الحسن عن المفيد عن أحمد بن محمد عن أبيه عن أحمد بن إدريس و سعد بن عبد اللّه عن أحمد بن محمد عن الحسين بن سعيد عن حماد عن حريز عن زرارة عن أبي جعفر (عليه السلام).
اما محمد بن الحسن فهو الشيخ الطوسي و هو غني عن التعريف.
واما المفيد فهو غني عن التعريف أيضا.
وأما أحمد بن محمد فهو أحمد بن محمد بن الحسن بن الوليد الذي هو من مشايخ المفيد، و لم يذكر في حقه توثيق، و لذلك وقع محلا للكلام.
و اما محمد بن الحسن بن الوليد فهو «شيخ القميين و فقيههم و متقدمهم و وجههم» على ما قال النجاشي.
وأما أحمد بن إدريس و سعد بن عبد اللّه فيكفينا وثاقة أحدهما، و من حسن الصدفة وثاقة كليهما فان أحمد بن ادريس هو المكنى بأبي علي الأشعري الذي قال النجاشي عنه «كان ثقة فقيها في أصحابنا كثير الحديث صحيح الرواية» و هو شيخ الكليني، و قد أكثر في الكافي الرواية عنه.
و سعد بن عبد اللّه قد تقدمت الإشارة له ص ٢٣.
و اما أحمد بن محمد فهو أحمد بن محمد بن عيسى، و قد تقدمت الاشارة له و بقية رجال السند ص ٢٤.
ثم ان الرواية لها سند ثان ذكره الحر العاملي آخر الرواية. و لئن كانت هي بهذا السند قابلة للتشكيك في صحتها من ناحية أحمد بن محمد بن الحسن بن الوليد و لكنها بالسند الثاني صحيحة.
(22) راجع: ٤١.
(23) المتقدمة: ٤٠.
(24) أجود التقريرات ٢: ٤٧١.
(25) أجود التقريرات ٢: ٤٧٣.
(26) أجود التقريرات ٢: ٤٧٥.
(27) مصباح الاصول ٣: ٣٠٠.
(28) و قد أشير الى البيان الثاني في المستند ٦: ١٣١.
(29) وسائل الشيعة: الباب ٦٠ من أبواب المواقيت ح ١.
(30) وسائل الشيعة: الباب ١٣ من أبواب الركوع ح ٤.
و انما لم نذكر صحيحة زرارة لأن الأمثلة فيها ليس من الامام (عليه السلام) بل من زرارة.
(31) المصدر نفسه ح ٦.
(32) التهذيب ٢: ١٥١.
(33) الاستبصار ١: ٣٥٨.
(34) أي أحمد بن محمد بن عيسى فإن كنيته أبو جعفر.
(35) و يمكن مراجعة الوسائل: الباب ١٣ من أبواب الركوع ح ٦.
(36) التهذيب ٢: ١٥٣.
(37) الاستبصار ١: ٣٦٢ .
(38) العروة الوثقى: مسألة ٥٩ من المسائل المذكورة تحت عنوان «ختام» في نهاية فصل الشكوك التي لا اعتبار بها.
(39) المتقدمة في: ٤٠.
(40) مستمسك العروة الوثقى ٧: ٦٣٢. مستند العروة الوثقى ٧: ٢٩٧.
(41) مستند العروة الوثقى ٧: ٢٩٧.
(42) وسائل الشيعة: الباب ٤٢ من أبواب الوضوء ح ٧.
(43) وسائل الشيعة: الباب ٢٧ من أبواب الخلل في الصلاة ح ٣.
وانما عبرنا عنها بالرواية لأن الصدوق رواها عن محمد بن مسلم، و سنده إليه على ما في مشيخة الفقيه ٤: ٦ ضعيف بعلي بن أحمد بن عبد اللّه البرقي الذي يروي عنه مباشرة حيث انّه مجهول الحال.
(44) مصباح الأصول ٣: ٣٠٦.
|
|
مخاطر عدم علاج ارتفاع ضغط الدم
|
|
|
|
|
اختراق جديد في علاج سرطان البروستات العدواني
|
|
|
|
|
مدرسة دار العلم.. صرح علميّ متميز في كربلاء لنشر علوم أهل البيت (عليهم السلام)
|
|
|