أقرأ أيضاً
التاريخ: 1-07-2015
2632
التاريخ: 7-2-2018
1496
التاريخ: 13-2-2018
1578
التاريخ: 5-12-2018
1790
|
قال : ( وهي مغايرة لما هي شرط فيه ؛ لاستحالة الدور ).
أقول : لمّا كانت النفس الإنسانيّة مرقاة
لمعرفة الصانع وصفاته ، أراد بيان أحوالها.
اعلم أنّه ذهب المحقّقون إلى أنّ النفس
الناطقة مغايرة للمزاج (1) ، خلافا لما حكي عن بعض الناس (2) من أنّ النفس عين
المزاج الذي ينتفي بتلاشي البدن.
واستدلّوا (3) عليه بثلاثة أوجه :
الأوّل : ما ذكره الأوائل ، وهو أنّ النفس
الناطقة شرط في حصول المزاج ؛ لأنّ المزاج إنّما يحصل من حصول العناصر المتضادّة
المتسارعة إلى الانفكاك المجبورة على الاجتماع ، فعلّة ذلك الاجتماع يجب أن تكون
متقدّمة عليه ، وكذا شرط الاجتماع وهو النفس الناطقة ، فلا تكون هي المزاج
المتأخّر عن الاجتماع ؛ لاستحالة تقدّم الشيء على نفسه وتأخّره عنها. مع أنّ
المزاج إذا كان موقوفا على الاجتماع ، والاجتماع موقوفا على النفس التي هي شرط له
، يستلزم كون النفس عين المزاج الأوّل.
وفي هذا الوجه نظر ؛ لأنّهم علّلوا حدوث
النفس بالاستعداد الحاصل من المزاج ، فكيف جعلوا الآن علّة حدوث الاجتماع النفس؟!
قال : ( وللممانعة في الاقتضاء ).
أقول : هذا هو الوجه الثاني.
وتقريره : أنّ المزاج قد يمانع النفس في
مقتضاها ؛ فإنّ النفس قد تقتضي الحركة إلى جانب ويقتضي المزاج [ الحركة ] إلى جانب
آخر ، كالصعود والهبوط ، وتضادّ الآثار يستدعي تضادّ المؤثّر ، فها هنا الممانعة
بين النفس والمزاج في جهة الحركة.
وكذلك قد تقع الممانعة بينهما في نفس
الحركة ، بأن تكون الحركة نفسانيّة لا يقتضيها المزاج ، كما في حال حركة الإنسان
على وجه الأرض ؛ فإنّ مزاجه يقتضي السكون عليها ، ونفسه تقتضي الحركة ، أو بأن
تكون طبيعيّة تقتضيها ، كما في المتردّي من الهواء.
قال : ( ولبطلان أحدهما مع ثبوت الآخر ).
أقول : هذا هو الوجه الثالث الدالّ على أنّ
النفس مغايرة للمزاج.
وتقريره : أنّ الطفل له مزاج يبطل في سنّ
الشباب ونحوه مع ثبوت النفس ، ولا شكّ أنّ الباقي غير الزائل.
وقد يقرّر بأنّ الإدراك إنّما يكون بواسطة
الانفعال ، فاللامس إذا أدرك شيئا لا بدّ وأن ينفعل عن الملموس ، فلو كان اللامس
المزاج لبطل عند انفعاله وحدثت كيفيّة مزاجيّة أخرى ، وليس المدرك هو الكيفيّة
الأولى ؛ لبطلانها ووجوب بقاء المدرك عند الإدراك ، ولا الثانية ؛ لأنّ المدرك لا
بدّ وأن ينفعل عن المدرك ، والشيء لا ينفعل عن نفسه.
قال : ( ولما تقع الغفلة عنه ).
أقول : ذهب من لا تحصيل له إلى أنّ النفس
الناطقة هي البدن (4).
وقد أبطله المصنّف ; بوجوه ثلاثة :
الأوّل : أنّ الإنسان قد يغفل عن بدنه
وأعضائه وأجزائه الظاهرة والباطنة ، وهو متصوّر لذاته ونفسه ، فيجب أن يغايرها ،
فقوله : « لما يقع الغفلة » عطف على قوله : « لما هي شرط فيه» أي والنفس مغايرة
لما يقع الغفلة عنه ، أعني البدن.
قال : ( والمشاركة به ).
أقول : هذا هو الوجه الثاني الدالّ على أنّ
النفس ليست هي البدن.
وتقريره : أنّ البدن جسم ، وكلّ جسم على
الإطلاق فإنّه مشارك لغيره من الأجسام في الجسميّة، فالإنسان يشارك غيره من
الأجسام في الجسميّة ويخالفه في النفس الإنسانيّة ، وما به المشاركة غير ما به المباينة
، فالنفس غير الجسم. فقوله : « والمشاركة به » عطف على قوله : « الغفلة عنه »
والمعنى أنّ النفس مغايرة لما تقع المشاركة به.
قال : ( والتبدّل فيه ).
أقول : هذا هو الوجه الثالث.
وتقريره : أنّ أعضاء البدن وأجزاءه تتبدّل
كلّ وقت ويستبدل ما ذهب بغيره ؛ فإنّ الحرارة الغريزيّة تقتضي تحليل الرطوبات
البدنيّة ، فالبدن دائما في التحلّل والاستخلاف ، والهويّة باقية من أوّل العمر
إلى آخره ، والمبدّل مغاير للباقي ، فالنفس غير البدن. فقوله : « والتبدّل فيه »
عطف على قوله : « والمشاركة به » أي النفس مغايرة لما يقع التبدّل فيه.
__________________
(1) انظر : « شرح الإشارات والتنبيهات » 2
: 298 وما بعدها ؛ « المباحث » : 67 / 92 ؛ « التحصيل » : 729 وما بعدها.
(2) كما في « الشفاء » 2 : 15 ، الفصل
الثاني من المقالة الأولى في النفس ؛ « شرح المواقف » 7 : 250 ؛ « شرح المقاصد » 3
: 305.
(3) لاستيفاء البحث حول النفس والمناقشة
فيها راجع « الشفاء » 2 : 14 ـ 21 ، الفصل الثاني من المقالة الأولى في النفس ؛ «
شرح الإشارات والتنبيهات » 2 : 298 وما بعدها ؛ «التحصيل » : 729 ـ 739 ؛ « شرح
المقاصد » 3 : 303 ـ 316.
(4) نسب إلى جمهور المتكلّمين كما في «
المحصّل » : 538 ؛ « المطالب العالية » 8 : 35؛ « شرح المواقف » 7 : 250.
|
|
دراسة يابانية لتقليل مخاطر أمراض المواليد منخفضي الوزن
|
|
|
|
|
اكتشاف أكبر مرجان في العالم قبالة سواحل جزر سليمان
|
|
|
|
|
المجمع العلمي ينظّم ندوة حوارية حول مفهوم العولمة الرقمية في بابل
|
|
|