أقرأ أيضاً
التاريخ: 1-07-2015
1531
التاريخ: 23-1-2017
1714
التاريخ: 1-08-2015
1637
التاريخ: 5-12-2018
1721
|
قال: ( وقد تؤخذ الماهيّة محذوفا عنها ما عداها بحيث لو انضمّ إليها شيء لكان زائدا ، ولا يكون مقولا على ذلك المجموع ، وهو الماهيّة بشرط لا شيء ، ولا توجد إلاّ في الأذهان ).
أقول : للماهيّة باعتبار العوارض أحوال ثلاث :
الأولى : أن تؤخذ غير مشروطة لا بالمقارنة ولا بعدمها ، وهي المطلقة
والماهيّة لا بشرط شيء.
الثانية : أن تؤخذ بشرط مقارنتها بشيء ، وهي المخلوطة والماهيّة بشرط
شيء.
الثالثة : أن تؤخذ بشرط أن لا يقارنها شيء من العوارض ، وحينئذ تسمّى
المجرّدة والماهيّة بشرط لا شيء ، فمورد القسمة حال الماهيّة بالقياس إلى عوارضها
، لا نفسها حتّى يلزم كون الشيء قسما من نفسه.
والمخلوطة والمجرّدة متباينتان مندرجتان تحت المطلقة.
والمصنّف أشار إلى الحالة الثالثة ، فأفاد أنّ الماهيّة
كالحيوان ـ مثلا ـ قد تؤخذ محذوفا عنها جميع ما عداها بحيث لو انضمّ إليها شيء
لكان ذلك الشيء زائدا على تلك الماهيّة ، ولا تكون الماهيّة صادقة على ذلك المجموع
، وهو الماهيّة بشرط لا شيء ، وهذا لا يوجد إلاّ في الأذهان؛ لأنّ ما في الخارج
مشخّص ، وكلّ مشخّص فليس بمجرّد عن الاعتبارات.
قال : (
و [ قد ] (1) تؤخذ لا بشرط شيء ، وهو كلّ (2) طبيعيّ موجود في الخارج هو جزء من
الأشخاص وصادق على المجموع الحاصل منه وممّا يضاف إليه ).
أقول : هذا اعتبار آخر للماهيّة معقول ، وهو أن تؤخذ الماهيّة من
حيث هي هي لا باعتبار التجرّد ولا باعتبار عدمه ، كما نأخذ الحيوان من حيث هو هو
لا باعتبار تجرّده عن الاعتبارات، بل مع تجويز أن يقارنه غيره ممّا يدخل في
حقيقته.
وهذا هو الحيوان لا بشرط شيء ، وهو الكلّيّ الطبيعي ؛ لأنّه
نفس طبائع الأشياء وحقائقها.
وهذا الكلّيّ موجود في الخارج ، فإنّه جزء من أجزاء الشخص
الموجود في الخارج ، فأجزاؤه موجودة في الخارج ، فالحيوان من حيث هو هو ـ الذي هو جزء
من هذا الحيوان ـ موجود.
وهذا الحيوان جزء من الأشخاص الموجودة ، وهو صادق على
الموجود المركّب منه ومن قيد الخصوصيّة المضاف إليه ، فإنّا إذا رأينا زيدا ـ مثلا
ـ حصل في أذهاننا مفهوم الحيوان مثلا ، وكان هناك أمور ثلاثة : زيد ـ وهو شخص
موجود في الخارج لا يمكن أن يوصف بالكلّيّة ـ والصورة العقليّة لمفهوم الحيوان ،
وهي أيضا لا تتّصف بالكلّيّة ؛ لأنّها صورة جزئيّة في نفس جزئيّة ، ومفهوم الحيوان
وهو غير صورته العقليّة ، لأنّه معلوم لا علم ، وصورته العقليّة علم لا معلوم ،
وهو الموصوف بالكلّيّة والاشتراك بين الكثيرين بمعنى حمله عليها إيجابا.
قال : (
والكلّيّة العارضة للماهيّة يقال لها : كلّيّ منطقي وللمركّب عقليّ ، وهما ذهنيّان
، فهذه اعتبارات ثلاثة ينبغي تحصيلها في كلّ ماهيّة معقولة ).
أقول : هذان اعتباران آخران للكلّي :
أحدهما : الكلّيّة العارضة له ، وهو الكلّيّ المنطقي ؛ لأنّ المنطقي
يبحث عنه من غير أن يشير إلى طبيعة من الطبائع.
والثاني (3)
: العقلي ، وهو المركّب من الماهيّة ومن الكلّيّة
العارضة لها ، فإنّ هذا اعتبار آخر مغاير للأوّلين.
وهذان الكلّيّان عقليّان ، ولا وجود لهما في الخارج.
أمّا المنطقي : فلأنّه لا يتحقّق إلاّ عارضا لغيره ؛ إذ
الكلّيّة من ثواني المعقولات ليست متأصّلة في الوجود ؛ إذ ليس في الخارج شيء هو
كلّيّ مجرّد.
فالكلّيّة إذن عارضة لغيرها ، وكلّ معروض للكلّيّ من حيث هو
معروض له فهو ذهنيّ ؛ إذ كلّ موجود في الخارج شخصيّ ، وكلّ شخصيّ ليس بكلّي ،
فالكلّيّ ذهنيّ ، وكذا الكلّيّ العقلي ؛ لهذا ، فهذه اعتبارات ثلاثة في كلّ معقول
ينبغي تحصيلها :
أحدها : الكلّيّ الطبيعيّ ، وهو نفس الماهيّة.
الثاني : الكلّيّ المنطقيّ ، وهو العارض لها.
الثالث : الكلّيّ العقليّ وهو المركّب منهما.
فإذا عرفت مراد المصنّف ; ممّا ذكره ، فاعلم أنّ
العلماء اختلفوا في وجود الكلّيّ الطبيعي حقيقة، وعدمه ـ بمعنى أنّ الموجود هو
أشخاصه ـ على قولين :
الأوّل : أنّ الكلّيّ الطبيعيّ موجود في الخارج ، بمعنى كونه جزءا
عقليّا للذات الموجودة في الخارج بتحليل العقل للذات إلى ذلك الكلّيّ والتشخّص
نظير الجنس والفصل ، لا جزءا خارجيّا موجودا بوجود على حدة وراء موجود الشخص ليلزم
وجود أفراد غير متناهية ، وهو المحكيّ(4) عن جمع منهم العلاّمة التفتازاني (5).
الثاني : أنّه غير موجود ، كما عن بعض ، كالسيّد الجرجاني (6).
حجّة
الأوّل أوّلا : أنّ الكلّيّ الطبيعي ما يحلّل العقل إليه ذات
الموجود في الخارج ، وكلّ ما هو كذلك فهو موجود بوجود تلك الذات.
وثانيا : أنّ الشخص ـ الذي هو عبارة عن الماهيّة بشرط شيء ـ إن كان
موجودا ، كانت الماهيّة لا بشرط شيء أيضا موجودة ، لكنّ الشخص موجود.
وثالثا : أنّ الكلّيّ الطبيعيّ ماهيّة للشخص الموجود في الخارج ،
وكلّ ما هو كذلك فهو موجود في الخارج.
أما الصغرى : فلأنّ الصورة المجرّدة المنتزعة عن التشخّص
ظلّ لما هو ماهيّة للفرد ؛ فإنّ ماهيّة الشيء ما به الشيء هو هو.
وأمّا الكبرى : فلبداهة استلزام وجود الشيء وجود ما به هو
هو.
ورابعا : أنّ الكلّيّ الطبيعيّ لو لم يكن موجودا في الخارج ، لما وقع
من ذوات الأشخاص المتّحدة نوعا صورة متّحدة ، وتكون مشاهدتها كمشاهدة أشخاص نوع
آخر.
وخامسا : أنّ الكلّيّ الطبيعيّ لو لم يكن موجودا لما كان الشخص
موجودا ؛ لأنّ التشخّص عرض لا بدّ له من محلّ يتقوّم به.
وحجّة القول الثاني أوّلا : أنّ وجود الكلّي الطبيعيّ بعينه في الأفراد مستلزم للمحال ،
وهو اتّصاف الشيء الواحد بالصفات المتضادّة ونحوه.
وفيه : أنّ وجود الماهيّة المجرّدة من حيث إنّها متّحدة الوجود مع
التشخّص ، والصفات للأشخاص من جهة أنّها لازمة للوجود لا الماهيّة.
وثانيا : أنّ وجود الكلّيّ الطبيعي مستلزم لعدم الاحتياج إلى شيء ،
مع أنّه ما لم يتشخّص لم يوجد.
وفيه ما
فيه.
وثالثا : أنّ الكلّيّ الطبيعيّ لو كان موجودا في الخارج لكان العمى ـ
الذي هو جزء هذا الأعمى ـ موجودا فيه ، مع أنّه ليس بموجود فيه.
وفيه : أنّ العمى جزء لمفهوم هذا الأعمى الذي هو عرضيّ بالنسبة إلى
ذات الأعمى ، وليس ماهيّة له.
فالحقّ وجود الكلّيّ الطبيعيّ ؛ لما مرّ ، بل الظاهر أنّه
بديهيّ ؛ لاستلزام عدمه جواز اعتبار صدق الحمار على أفراد الإنسان.
ويشهد عليه ظاهر الآيات والأخبار ؛ لقوله تعالى : {خَلَقَ الْإِنْسَانَ مِنْ صَلْصَالٍ
كَالْفَخَّارِ * وَخَلَقَ الْجَانَّ مِنْ مَارِجٍ مِنْ نَارٍ } [الرحمن: 14، 15] لكون اسم الجنس المحلّى باللام حقيقة في تعريف الماهيّة ،
مع أنّ الماهيّة ـ بمعنى ما به الشيء هو هو ـ إذا لم تكن موجودة يلزم عدم وجود ذلك
الشيء ، فيلزم كون الموجود معدوما.
وأيضا : إنّا إذا رأينا زيدا ، حصل في أذهاننا صورة
إنسانيّة معرّاة عن اللواحق الخارجيّة ، وهي بعينها حاصلة من رؤية عمرو وخالد
وغيرهما ، بخلاف ما إذا رأينا فرسا وغيره.
وكونها باعتبار أنّها صورة كالظلّ في عدم التأصّل وماهيّة
كلّيّة غير قادح في وجودها الخارجي باعتبار ضمّ الأعراض المشخّصة.
فتوهّم أنّ الماهيّة صورة كلّيّة ينتزعها العقل من ذوات
الأشخاص أو أعراضها المكتنفة بها بحسب استعدادات مختلفة من غير أن تكون موجودة في
الخارج حكم وهميّ عن حكم العقل خارج.
__________________
(1)
الزيادة أثبتناها من « كشف المراد » و « تجريد الاعتقاد ».
(2)
كذا في النسخ ، ولعلّ الصحيح : « كلّيّ » بدل « كلّ ».
(3)
اعلم أنّ المفهوم ـ الذي هو عبارة عمّا حصل في الفهم والذهن ـ إن لم يكن نفس
تصوّره مانعا عن وقوع الشركة بين الكثيرين يسمّى كلّيّا.
والكلّي باعتبار أنّه مقول على الكثيرين يسمّى كلّيا منطقيا ،
وباعتبار أنّه صورة كلّية منتزعة بانتزاع العقل من ذوات الأشخاص لا من الأعراض
المكتنهة بحسب استعدادات مختلفة واعتبارات متشتّتة أو صورة عقلية مطابقة لها يسمّى
كلّيا طبيعيّا.
فالكلّي الطبيعي عبارة عن الماهيّة لا بشرط شيء ، وهو معروض
الكلّي المنطقي ، ومجموع العارض والمعروض الذي لا يوجد إلاّ في العقل يسمّى كلّيا
عقليّا.
والكلّي الطبيعي باعتبار الوجود الخارجي يسمّى طبيعة وحقيقة وذاتا. (
منه ; ).
(4)
حكاه اللاهيجي في « شوارق الإلهام » المسألة الثالثة من الفصل الثاني.
(5)
انظر : « شرح المقاصد » 1 : 408 ـ 409.
(6)
حكاه اللاهيجي ـ أيضا ـ في « شوارق الإلهام » المسألة الثالثة من الفصل الثاني ؛
وما في « شرح المواقف » و « حاشية الشمسية » خلافه. راجع « شرح المواقف » 3 : 30 ؛
« شروح الشمسية » 1 : 293.
|
|
5 علامات تحذيرية قد تدل على "مشكل خطير" في الكبد
|
|
|
|
|
لحماية التراث الوطني.. العتبة العباسية تعلن عن ترميم أكثر من 200 وثيقة خلال عام 2024
|
|
|