السيناريوهات المستقبلية للنظام العالمي - التحول إلى التعددية القطبية |
2277
05:14 مساءً
التاريخ: 1-2-2022
|
أقرأ أيضاً
التاريخ: 11-10-2021
1898
التاريخ: 25-9-2021
1973
التاريخ: 24-1-2016
2153
التاريخ: 25-4-2020
2685
|
السيناريوهات المستقبلية للنظام العالمي :
يمكن حصر السيناريوهات المستقبلية للنظام العالمي انطلاقا من فهم التحولات الراهنة فيه، والمتغيرات المؤثرة في مستقبله، وكذلك انطلاقا من تحليل وضع الصين كقوى صاعدة في النظام العالمي, في ثلاثة سيناريوهات، هي :
السيناريو الثاني : التحول إلى التعددية القطبية :
يرجح هذا السيناريو زوال النظام العالي الأحادي القطبية، الذي جاء نتيجة لانهيار الثنائية القطبية، والذي جعل من الولايات المتحدة الأمريكية محور السياسة الدولية والمهيمنة عليها، حيث يتوقع أن تتراجع مكانة الولايات المتحدة نسبيا، نتيجة فشلها في مواجهة التحديات التي تؤثر على قيادتها للنظام العالمي. ومن ناحية ثانية، يتوقع أن ترتفع مكانة القوى الأخرى (الصين، والهند، والاتحاد الأوروبي، وروسيا، واليابان)، نتيجة لقدرة هذه الدول على تعظيم نقاط القوة لديها ومعالجة نقاط الضعف التي تؤثر على تحولها إلى أقطاب قائدة في النظام الدولي. وبهذا تتقارب تأثيرات هذه القوى ونفوذها، لكن لن تكون لأية قوة واحدة منها ميزة الانفراد والقيادة على الأخريات. ومن ثم تتحول القوى الأخرى إلى أقطاب عالمية مع استمرار الولايات المتحدة كقطب عالمي.
إن هذا التصور الأولي للقوى المستقبلية أخذ في الانتشار في مراكز الأبحاث والإدارات الحكومية في عدد من الدول الكبرى وفي بعض مراكز صنع القرار التي تعمل على مراقبة القوى الكبرى الحالية والمستقبلية. ومن ذلك ( تقرير الاتجاهات العالمية لعام 2025: تحول العالم ( الصادر عن مجلس الاستخبارات الوطني الأمريكي (NIC) ، والذي خلص إلى أنه من المتوقع في عام 2025حدوث تغيير جذري في النظام الدولي الذي تأسس في أعقاب الحرب العالمية الثانية، وذلك بسبب صعود قوى بازغة جديدة وظهور الاقتصاد المعولم، والانتقال التاريخي للثروة النسبية والقوة الاقتصادية من الغرب إلى الشرق، والنفوذ المتنامي للفاعلين غير الحكوميين.
وتوقع هذا التقرير أن يكون النظام الدولي بحلول عام 2025 نظامات متعدد القطبية تضيق فيه الفجوة بين الدول المتقدمة والدول النامية باستمرار، ويواكب ذلك تحول في ميزان القوى بين الدول القومية، حيث تتزايد القوة النسبية لكثير من الفاعلين من غير الدول، كرجال الأعمال والمشروعات التجارية الكبرى، والمنظمات الدينية وشبكات الإجرام. وأضاف التقرير أن الأنظمة متعددة القطبية غير مستقرة مقارنة بالأنظمة ثنائية القطبية او أحادية القطبية.
وعلى الرغم من الأزمات المالية الحديثة، والتي يمكن أن تنتهي بالإسراع من وتيرة الاتجاهات البازغة، فان من غير المتوقع حدوث انهيار كامل للنظام الدولي، كما حدث في الفترة ما بين 1914- 1918، عندما تسببت الحرب العالمية الأولى في توقف مرحلة مبكرة من مراحل العولمة. وعلى أية حال، فان الأعوام القادمة النني سيتم فيها الانتقال إلى نظام جديد سوف تكون ملينة بالأخطار. فمن المتوقع حدوث تنافس استراتيجي حول التجارة والاستثمارات والابتكار التكنولوجي، ولكن لا يدكن استبعاد سيناريو القرن التاسع عشر القائم على سباق التسلح والتوسع الإقليمي والمنافسات العسكرية.
أن ملامح العالم الجديد المتعدد الأقطاب بدأت تتجلى بالتزامن مع التحديات الاستراتيجية الكبيرة ولعل الملامح الأساسية تتركز في عودة روسيا والصين إلى الميدان بوصفهما قوتين عظيمتين بالإضافة إلى عصر النهضة الأسيوية حيث تلعب الهند والصين اللعبة الاقتصادية ضمن شروط ابتدعها الغرب لكن بالطريقة التي تغلبنا على الغرب في لعبته الخاصة فقد بدأت قوتهما الاقتصادية النامية تترجم إلى قوة سياسية وعسكرية ومع تزايد قوة روسيا الاتحادية بسبب امتلاكها لمصادر الطاقة فان ثمة تفاعل يجري بين اتجاهات رئيسة في السياسة الدولية وهي الصعود الأسيوي والاستحواذ على الطاقة، وبهذا تتشكل ملامح التعددية القطبية الجديدة. وتبرز نتائج التفاعل بين هذه الاتجاهات من خلال تأثير العملاقين الروسي والصيني في قضايا السياسة الدولية.
وتجدر الإشارة إلى أن برغم تمتع الولايات المتحدة بنفوذ هائل سياسيا واقتصاديا وصناعيا وماليا إضافة إلى قدرة عسكرية غير مسبوقة في التاريخ إلا أن واقع العديد من المشكلات الدولية تظهر حجم القيود التي تواجه هذا النفوذ الذي أصبح ضمن محددات معينة واطر محددة لا يمكن تجاوزها ومن هذا الواقع يمكن تفسير لجوء الولايات المتحدة إلى الاستعانة بنفوذ قوى أخرى يمكن أن تساعدها ضمن اطار عمل تشاركي على وفق سياسة مقيدة وغير مطلقة.
وكان صموئيل هنتنجتون قد وصف اطار العلاقات الدولية المعاصر بنظام أحادية التعددية القطبية الذي يتضمن قوة عظمى وحيدة وعددا من القوى الكبرى المختلفة، فقي احد الجوانب هناك قوة الولايات المتحدة كقوة عظمى وحيدة ولديها القدرة والقوة على اتخاذ قرار التحرك الانفرادي ولئن على الجانب الأخر هناك تحركات دولية قوية ناحية تشكيل عالم متعدد الأقطاب حقيقي حيث لا تستطيع أي قوة فيه أن تسود وتهيمن على الأخرى وبين هذين الحدين تتبلور حقيقة أن الولايات المتحدة لديها بالفعل القدرة المادية لمتابعة سياسة خارجية أحادية الطابع ولكنها عمليا" مقيدة سياسيا" من أن تفعل ذلك بحرية كاملة.
المفارقة الواقعية بين القدرة الأمريكية الهائلة وبين القيود التي تواجهها في بعض القضايا الحيوية للعالم وللاستراتيجية الأمريكية نفسها تثير الكثير من الاحتمالات بشان مصير النفوذ الأحادي الأمريكي ومن ثم مصير النظام الدولي نفسه في المدى الزمني المنظور لاسيما أن هناك قوى كبرى أخرى تتطور بمعدلات كبيرة ويتوقع لها أن تكون أقطابا دولية منافسة بدرجة ما للنفوذ الأمريكي وان في مناطق إقليمية معينة تكون خصما من النفوذ الأمريكي العالمي ومن ثم يفرض التساؤل نفسه هل سيتجه النظام الدولي إلى نظام تعددية قطبية حقيقية ذي توازن دولي جديد أم سيبقى على حالة الراهنة حيث قطبية أحادية أمريكية تبلورت بالتزامن مع سقوط الاتحاد السوفيتي وبجانبها عدد من القوى الأساسية التي لا يشكل أي منها منفردة تحديا" جوهريا" للنفوذ الأمريكي لعقد قادم على الأقل وهل ستقف الولايات المتحدة مكتوفة الأيدي وهي ترى صعود قوى هنا وهناك قد تهدد نفوذها العالمي وما هي الآليات التي يمكن أن تلجا إليها من اجل كبح مثل هذا الاحتمال القائل بدخول النظام الدولي مرحلة تعددية قطبية سينتج عنه توازن دولي جديد نصبح فيه الولايات المتحدة لاعبا كبيرا من بين عدة لاعبين كبار.
أن هذه المعطيات التي بدأت تجد مكانها في النظام الدولي سوف تكون مصحوبة بجملة من المتغيرات الكبرى التي ينتج عنها بالفعل أعادة توزيع القوة الدولية، وبهذا المعنى فان تراجع حقبة الأحادية القطبية سيكون متصل بتحولات هيكلية عميقة يمما يتعلق بالنظام الدولي وطبيعة السياسة التي ستمارسها الولايات المتحدة في ظل الواقع الدولي الجديد.
وإذا ما سلمنا بإمكانية تحقق هذا الاحتمال نظرا لتقاربه مع معطيات الواقع الدولي السائد فان مظاهر التحولات العميقة تتجلى في تبني الولايات المتحدة لفكرة وجود عالم متعدد الأقطاب بديلا عن الأحادية القطبية، فالاستراتيجية العالمية للدبلوماسية الأمريكية تشهد تغييرات في بعدها العملياتي في العالم منطلقة من صيغة التغيير في الخطاب السياسي الأمريكي الداعي لتشجيع العمل الديمقراطي واعتماد القواعد الدبلوماسية في التعامل مع القضايا الدولية، في المقابل تسجل الحقائق أن الولايات المتحدة مازالت أقوى قوة عسكرية في العالم، لكن العالم لم يعد يعيش عصر الصناعة التي كانت فيها القوة المادية (Hand Power) هي معيار القوة، لأن المعيار في عصر ثورة المعلومات هو للقوة الناعمة (Soft Power), ويسندها مناخ الثقافة، والحرية، والديمقراطية. وهذا هو معيار التغيير المقبل في طبيعة النظام الدولي.
فعلى المستوى السياسي والعسكري، مازالت الولايات المتحدة القوة العظمى الأولى، لكن يجري " حاليا" إعادة توزيع مراكز القوة الأخرى مبتعدة عن مركز السيطرة الأمريكية، والذي كانت للولايات المتحدة الغلبة في كل مجالاته لتشكل مع نمو الثروة في الدول الصاعدة مراكز جذب و تأثير منافسته، وهذا لا يعني
أننا ندخل عالما مضادا لأمريكا، لكننا نتحرك إلى ,عالم ما بعد العصر الامريكي وعالم تشكله وتديره أماكن عديدة وشعوب عديدة، ولابد من التأكيد أن واشنطن أقرت باستحالة او عدم قدرتها وحدها على تامين الاستقرار وضبط النزاعات وهذا بلا شك يمثل اعترافا بوجود عالم متعدد الأقطاب يقوم على التشاركية بين أقطاب القوة، فلم يعد لدى الدولة العظمى شعور قوي يؤكده الواقع العملي بأن بإمكانها أن تحقق سيطرتها وتضمن مصالحها الكبرى والصغرى بوسائلها الخاصة ولا تحتاج لمعونة أحد ومن دون أن تخشى أي رد فعل خطير يردعها عن ذلك.
وبالمقابل تنظر القوى الكبرى الأخرى إلى تحقيق توازن مع الولايات المتحدة في اطار بناء النظام الدولي الجديد من خلال إيجاد البديل للقيادة العالمية القائمة على السيطرة وتأكيد التفوق والقوة من جهة وفرض الإذعان والذي يمكن أن يتمثل في القيادة القائمة على قاعدة المفاوضات متعددة الأطراف وهذا يمكن أن يتحقق في حالة نجاح مجموعة دولية كبيرة، ومن ضمنها بعض الدول الصناعية المهمة في تكوين قطب أو توزيع القوة بين أقطاب عدة قادرة على خلق شروط جديدة من توازن القوى تسمح بإعادة النظر في أسلوب إدارة الشؤون الدولية الذي ربطته؛ واشنطن بتحقيق السيطرة الكلية وهذا هو الطريق للدفع بالعالم نحو التعددية القطبية. إذ كما تشكل القادة الانفرادية والمفردة الحافز الرئيسي لتطوير استراتيجية السيطرة العالمية ومتطلباتها الحربية، يشكل نجاح منهج المفاوضات الدولية المتعددة الأطراف أساسا لبناء قيادة عالمية قائمة على تفهم المصالح الدولية المختلفة لجميع الدول وأخذها بالاعتبار وبالتالي البحث عن التسويات الضرورية بين هذه المصالح للتوصل إلى حلول دائمة وناجعة للمشاكل العالمية.
في ضوء هذه المعطيات فان الولايات المتحدة ستكون بحاجة إلى تطوير استراتيجيات جديدة وتتبنى سياسات من شأنها المحافظة على نفوذها الذي فقدت جزء منه من جراء توزيع جديد للقوة في العالم، ولوصف هذه الحالة يؤكد الفكر الأمريكي ( روبرت كاغان )، إن العالم قد عاد مجددا إلى طبيعته، وهو يقصد بذلك، أن مرحلة الهيمنة والأحادية المطلقة للولايات المتحدة على العالم، قد بدأت بالأفول. بكلام آخر، الولايات المتحدة اليوم أولى بين متساوين. هي المهيمنة نعم، لئن هناك حركية مستجدة للقوى الكبرى لاستعادة الأدوار المفقودة، من دون التحدي الذي قد يوصل إلى مرحلة الصدام.
|
|
تفوقت في الاختبار على الجميع.. فاكهة "خارقة" في عالم التغذية
|
|
|
|
|
أمين عام أوبك: النفط الخام والغاز الطبيعي "هبة من الله"
|
|
|
|
|
قسم شؤون المعارف ينظم دورة عن آليات عمل الفهارس الفنية للموسوعات والكتب لملاكاته
|
|
|