أقرأ أيضاً
التاريخ: 3-1-2022
2022
التاريخ: 19-1-2022
1267
التاريخ: 11-10-2021
2681
التاريخ: 17-11-2020
11779
|
تحليل النظام الدولي الحالي وفق نظرية تحول القوة :
نظرية "تحول القوة" واحدة من نظريات العلاقات الدولية التي لاقت قبولا داخل مجتمع علماء السياسة، حيث نجحت في إعطاء إجابات لعدد من المشاكل التي تواجه صناع السياسة في أوقات السلم والحرب. أنها بحق نظرية القرن الحادي والعشرين، حيث احتوت على اختبارات تجريبية عظيمة النفع في عالمنا المعاصر. تقدم نظرية تحول القوة (Power Transition) ثلاث فرضيات منطوية ضمن الرؤية الواقعية للسياسات الدولية كما حددها أستاذ العلوم السياسية الأمريكي من أصل ايطالي ( Kenneth Organski) في كتابه (politics World) الصادر عام 1958 .
الأولى: ترى أن النظام الدولي هو, عالم محكوم بقواعد عدة، ,عالم كدولة ذات فوضى جزئية أو كلية, هذه النظرية لا ترى العالم فوضوي بكليته بل ,عالم منظم بطريقة تسلسل هرمي مشابه للنظام السياسي القائم ضمن أي دولة. في هذا النظام كل فاعل يقبل بموقعه ويعترف بنفوذ الآخرين القائم على توزيع القوة بين الأمم، وحول هذه النقطة بالذات تختلف نظرية تحول القوة عن النظرية الواقعية التقليدية المسماة نظرية توازن القوى.
الثانية: ترى أن القواعد التي تحكم نظام السياسات الدولية والداخلية أو المحلية متشابهة على الرغم من غياب دستور ساري المفعول للقانون الدولي (مع الأخذ بعين الاعتبار تاريخ ظهور هذه النظرية(، فانه لا يوجد فرق جوهري بين القواعد التي تحكم ميدان السياسة الدولية أو المحلية. فالأمم، كما المجموعات السياسية المحلية، تسير في ننافس محموم للحصول على المصادر في النظام الدولي.
الثالثة: إن ما يوجه المنافسة بين الدول هي الفوائد أو المكاسب النهائية المحتملة من التعاون أو من الصراع. وتعتبر أن غاية الأمم ليس زيادة قوتها قدر المستطاع كما تزعم نظرية توازن القوى عام 1948، بل زيادة المكاسب قدر الإمكان. تحصل المنافسة السلمية عندما تتفق مختلف الأطراف أن الفوائد الصافية لأي صراع أدنى من المكاسب الناتجة عن التعاون.
تتفق نظرية تحول القوة مع النظرية الواقعية في إعطائها أهمية كبيرة لدور القوة في السياسات الدولية حيث أنها تحدد طريقة عمل هذا النظام. المقارنة تتوقف هنا، حيث أن المحدد الثاني لطريقة عمل النظام الدولي هو قناعة الفاعلين في النظام الدولي، وخاصة القوى العظمى، بطريقة توزيع المنافع وحتى السلع، إذن باختصار درجة القناعة أو الرضا والقوة هما المحددان الحاسمان للسلام أو الحرب.
أن الدول غير الراضية عن وضع النظام الدولي الحالي إذا مرت بتجربة تحول القوة فسوف يوفر ذلك ظروف شبه ضرورية تقود تلك الدول إلى الحرب، وتصف نظرية تحول القوة النظام العالي على اته شكل هرمي تسيطر عليه قوة واحدة، ألا وهي الدولة الأقوى في النظام، وتوزع القوى بشكل غير متكافئ، إذ تتركز القوة في يد عدد محدود من الدول، ولكن الدولة الأقوى تهيمن على اكبر قدر من الموارد، وتحاول أن تدعم مركزها المهيمن عبر تفوقها العسكري والاقتصادي على منافسيها المحتملين، وترضي حلفائها عبر قواعد تخدم مصالحهم، وتعظم من طموحاتها وتطلعاتها القومية.
أن الدولة المهيمنة تنظر بعين الترقب على وضع الدول الكبرى التي تتلو الدولة المهيمنة في تدرج هرم القوى، وتمثل المستوى الثاني في تدرج القوى في النظام الدولي فالقوى الكبرى تملك مقومات الهيمنة وربما تسعى إلى تحدي القوة المهيمنة في المستقبل. فالولايات المتحدة الأمريكية ترى في الصين المتحدي المستقبلي لهيمنتها لان الصين تملك (80%) أو أكثر من متطلبات قوة الدولة المهيمنة، بالإضافة إلى, عدم رضاها عن دور الولايات المتحدة الأمريكية في النظام الدولي، بينما يوجد كل من اليابان والاتحاد الأوربي في مصاف الدول الكبرى، ولكنهما يتفقان مع الولايات المتحدة الأمريكية حول كثير من القضايا و لا يتنازعان الهيمنة مع الولايات المتحدة.
أما المستوى الثالث من تدرج القوى في النظام الدولي فهي القوى المتوسطة، وهي تلي القوى العظمى، ويوجد عدد من الدول يمكن اعتبارها دول متوسطة القوى كروسيا والهند والبرازيل، وهي دول لا يستهان بمواردها، ولكن مازالت بعيدة عن تحدي هيمنة القوة المهيمنة المتربعة على النظام الدولي، ومن ثم يلزمها بعض الوقت كي تحقق التحول في القوة.
وفي المستوى الرابع، وهو المستوى الأخير من الهرم، يقبع العدد الأكبر من الدول، وتعرف باسم القوى الصغيرة، وهي دول ذات موارد محدودة بالنسبة للقوى المتوسطة أو القوى الكبرى، وهذه الدول لا تشكل تهديدا للدول المهيمنة في النظام الدولي، فهي دول غير راضية ولكنها لا تملك الموارد اللازمة لتغيير ترتيب القوى في النظام الدولي.
وعليه، تصف نظرية تحول القوة النظام الدولي بانه مكون من:
1- قوة واحدة مهيمنة ( الولايات المتحدة الأمريكية ).
٢- وحولها توجد قوى كبرى ثانوية تعتبر من المنافسين المحتملين (الصين، اليابان، الاتحاد الأوربي ).
٣- ومن ثم قوى متوسطة القوة ( روسيا، الهند، البرازيل ).
4- وأخيرا عدد كبير من القوى الصغرى ذات النفوذ الإقليمي ( تركيا، إيران، إسرائيل، فنزويلا).
شكل (94 ) هياكل التدرج الهرمي للقوى في النظام الدولي وفقا لنظرية تحول القوة
السؤال الذي يطرح نفسه: كيف يمكن للقوة المهيمنة أن تؤمن استقرار النظام الدولي؟ يمكنها القيام بذلك من خلال اقتراح أو فرض المعايير الدولية النني تؤمن الاستقرار على الصعيد الدولي، أما الوسائل الغني تساعدها على تحقيق ذلك فهي:
- قوتها الديمغرافية أو عدد سكانها الكبير.
- قوتها الاقتصادية أو إنتاجيتها الاقتصادية الضخمة.
- قوتها العسكرية.
- استقرار نظامها السياسي وسلطتها السياسية القادرة على الاستفادة من مصادرها الداخلية من أجل دعم مشروعها على الساحة الدولية.
تستند هذه القوة في تحقيق سيطرتها على القوى الكبرى الثانوية في النظام الدولي، والتي تكون بدورها مقتنعة بالحفاظ على الوضع القائم وقادرة على كبح جماح القوى الأخرى الثانوية الراغبة في التغيير. لكن هذا الوضع لا يمكن أن يستمر إلى ما لا نهاية كما تبين الدراسات، إذ أن تاريخ الدول يتميز بصعودها وانحطاطها عبر الزمن، بعبارة أخرى، يمكن للقوة الوحيدة المسيطرة أن تدخل في انحطاط نسبي وذلك في مواجهة القدرات الديمغرافية والاقتصادية والسياسية لأي من القوى العظمى الثانوية الصاعدة، وعندها يدخل النظام الدولي في مرحلة تحول تكون فيها قدرات الدولة المسيطرة وقدرات الدولة الصاعدة متكافئة تقريبا، هذا التكافؤ يؤدي بالضرورة إلى ولادة نظام دولي جديد تنظمه و تقوده دولة مهيمنة جديدة.
لكن من المهم الإشارة هنا إلى أن تحولا سلميا في النظام الدولي أو تحولا من خلال الحرب يعتمد على طبيعة القوة المنافسة الجديدة، أي هل هي مقتنعة أو مكتفية بالوضع القائم أم لا، فإذا كانت هذه الدولة غير مقتنعة باستمرار الوضع القائم فان احتمال قيام الحرب بين القوتين يصبح قائما. أما أسباب عدم الاكتفاء فيمكن أن تكون اقتصادية أو تاريخية أو إيديولوجية أو دينية أو إقليمية أو حتى شخصية أو ثقافية.
يمكن أن نوضح ما سبق بأمثلة حية عن طبيعة التحول في النظام الدولي منذ بداية القرن العشرين، فألمانيا النازية حاولت مرتين أن تضع حدا للهيمنة البريطانية مما كانت النتيجة؟ النتيجة أن قوة ثالثة هي الولايات المتحدة استطاعت أن تأخذ زمام المبادرة وأن تصبح القوى الأولى عالميا على حساب القوة البريطانية.
ويحسب منطق نظرية تحول القوة (Power Transition) فإن القوى الكبرى الصاعدة، والقوة المهيمنة العالمية التي في طريقها للانحسار، قد تندلع بينهما مواجهات في المناطق الجغرافية الاستراتيجية النني تتقابل وتتقاطع فيها مصالحها. ولذلك، فإن آسيا، خاصة منطقة شرق آسيا، مرشحة بقوة لتكون مسرحا لمواجهة محتملة بين الولايات المتحدة والصين. وهي مواجهة ليست في مصلحة أي من الطرفين، ولا ترغب فيها أو تسعي إليها الصين.
ولأن عبء التعامل مع مراحل التحول التاريخي يقع بشكل أكبر على القوة المهيمنة، وهي في هذه الحالة الولايات المتحدة، فإن حدوث مثل هذه المواجهة بشكل هاجسا بالنسبة للعديد من خبراء السياسة الخارجية الأمريكية، الذين لا يرون أن الصراع بين الولايات المتحدة والصين يصب في مصلحة الأولى. وقد أشارت سوزان شيرك في كتابها ( الصين قوة عالمية هشة) إلى هذه القضية وكيفية تفادي الولايات المتحدة لمثل هذا الصدام. حذرت شيرك من أن هناك وجهين للسياسة الخارجية الصينية: الوجه المتعقل المسؤول الذي يسعي لتفادي الصدام، ووجه آخر أكثر انفلاتا وعصبية، يظهر عندما تندلع أزمة تتعلق بقضايا دساسة مثل اليابان أو تايوان. حيث يشعر القادة الصينيون بأن عليهم إظهار قوتهم والدفاع عن كرامتهم الوطنية وكرامة شعوبهم. في مثل هذه الحالات، قد يتخلى القادة الصينيون عن حذرهم، ويتصرفون بطريقة غير محسوبة تزيد الأزمات اشتعالا. ولذلك يجب علي المسؤولين الأمريكيين تفادي إثارة مثل هذه المشاعر.
إذن المسرح في شرق آسيا يبدو معدا في قلل هذه الظروف لمواجهة مباشرة أو غير مباشرة بين الولايات المتحدة أو أحد حلفائها الإقليميين وبين الصين. الصين من جانبها تعمل جاهدة على احتواء خلافاتها الإقليمية، وتدعيم علاقاتها الاقتصادية مع جيرانها، تحقيقا لسياسة ) الصعود السلمي ). ولكن مسار الأمور لا تحكمه السياسات الصينية وحدها، بل أيضا تصرفات منافسيها من الدول الآسيوية، والمحاولات الأمريكية لحشد الدعم الإقليمي ضد الصين والضغط عليها لتحقيق أهداف أمريكية اقتصادية واستراتيجية.
ويبقى في النهاية الإشارة إلى مقال كتبه المؤرخ المشهور بول كيندي حمل عتوان ) حان الوقت للتهدئة : A Time to Appease)، يشير فيه إلي ضرورة إعادة النظر في المعاني السلبية التي تستدعيها سياسة الاسترضاء، (Appeasement)، والتي اكتسبت شهرتها من ملابسات محاولة القوي الأوروبية تفادي الدخول في حرب مع ألمانيا بقيادة هتلر في القرن الماضي، عن طريق تقديم تنازلات أو إرضاءات له. يذكر كيندي أن هذه الفكرة لم تكن دائما" تحمل دلالات سلبية، فقد قدمت الإمبراطورية البريطانية في القرن التاسع عشر استرضاءات أو تنازلات للولايات المتحدة نفسها، مثل تنازلها عن حقوقها: في ملكية 50ه/ه من قناة بنما، وتنازلات بشأن ترسيم الحدود بين ألاسكا وكندا، وذلك رغم أنها كانت لا تزال القوة البحرية الأولى عالميا. ومهدت هذه التنازلات فيما بعد لتحول سلمي للقوة من بريطانيا إلى الولايات المتحدة، كما وضع أساس علاقة قوية سمحت للولايات المتحدة بمناصرة بريطانيا في حربين - .عالميتين في القرن العشرين.
لذلك، قد يكون من المناسب للولايات المتحدة، من وجهة نظر كينيدي التفكير في تقديم تنازلات، تحت شعار التعاون والمشاركة في المسؤولية، في علاقاتها مع الصين فلن يقلل ذلك، في نظره، من مكانة و الولايات المتحدة، بل سيساعدها على تخفيف حدة التراجع في قوتها، أو انحدارها، والذي يرى كندي أنه الا يزال بعيدا.
|
|
لمكافحة الاكتئاب.. عليك بالمشي يوميا هذه المسافة
|
|
|
|
|
تحذيرات من ثوران بركاني هائل قد يفاجئ العالم قريبا
|
|
|
|
|
العتبة العباسية تشارك في معرض النجف الأشرف الدولي للتسوق الشامل
|
|
|